كابل– في خطوة مفاجئة، رفضت الحكومة الأفغانية المشاركة في الجولة الجديدة من اجتماع الدوحة بشأن أفغانستان والذي انطلق اليوم الأحد ويستمر ليومين، بحضور ممثلي 25 دولة وآخرين عن المجتمع المدني الأفغاني، وبرئاسة الأمين العام للأمم المتحدة أنتوني غوتيريش.

وهذا الاجتماع الدولي الأول الذي ترفض حركة طالبان حضوره بعد وصولها إلى السلطة في أغسطس/آب 2021.

وبررت الخارجية الأفغانية، في بيان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه، غياب وفدها بالقول "لقد حققنا تقدما جيدا في العلاقات مع دول المنطقة، وأجرينا مناقشات منظمة مع الأمم المتحدة والدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة عبر قنوات متعددة".

كانت الحكومة الأفغانية تعتقد أن اجتماع الدوحة سيوفر فرصة لإجراء مناقشات واضحة وحاسمة حول النقاط الخلافية، وأن قرارها بالمشاركة سيكون "في حال موافقة الأمم المتحدة باعتبار الحكومة الأفغانية الحالية الجهة المسؤولة الوحيدة في الاجتماع". كما جاء في بيان خارجيتها.

سبل الحل السلمي

ونظرا للعزوف الدولي عن الاعتراف بالحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة طالبان بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021، يُعتقد أن الأمم المتحدة تستطيع أن تلعب دورا مركزيا في تخفيف الأزمة الأفغانية والبحث عن سبل الحل السلمي في البلاد.

ويقول وزير الداخلية الأفغاني الأسبق والأستاذ في جامعة الدفاع الوطنية الأميركية علي أحمد جلالي للجزيرة نت إن "رفض حركة طالبان المشاركة في اجتماع الدوحة الذي يُعقد بإشراف الأمم المتحدة، من شأنه تعميق عزلتها الدولية، وقد يؤدي الموقف الأخير إلى إضعاف مصداقية النظام كطرف في تسوية سياسية مع الأطراف الأخرى".

وبرأي جلالي، فإن "إنكار طالبان يزيد أهمية تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة إلى أفغانستان لقيادة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تحقيق السلام في البلاد".

ومن ناحيته، يقول الكاتب والباحث السياسي شفيع أعظم للجزيرة نت إن "جهات أجنبية مثل روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة تنوب عن أفغانستان في الاجتماعات الدولية، وكان حضور الأفغان في الحكومات السابقة شكليا لا أكثر، وقد رأينا أن نتائج هذه الاجتماعات عقّدت المشهد الأفغاني، وعلينا أن نفكر بطريقة أخرى، ونعتقد أن الحل يأتي من الداخل، ولا يُستورد من الخارج".

قيادات من حركة طالبان خلال مباحثات سابقة بالدوحة مع مفاوضين أميركيين (مواقع التواصل) تواطؤ دولي

تنظر الحكومة الأفغانية الحالية إلى الأمم المتحدة على أنها متواطئة مع المجتمع الدولي وخاصة مع الولايات المتحدة في فرض عقوبات دولية عليها، وتطلب من الأمم المتحدة لعب دور الوسيط المحايد، إضافة إلى تشكيل ممثلين مناسبين لها في الملف الأفغاني.

ويقول المستشار الرئاسي السابق طارق فرهادي للجزيرة نت "ليس باستطاعة الأمم المتحدة حل المشكلة الأفغانية.. كما أن دور الأمم المتحدة لا يتعدى كونه نقطة وصل بين أفغانستان والمجتمع الدولي، وعلينا ألا نتوقع منها الحل السحري للمشكلة الأفغانية".

ولكنه في الوقت نفسه يرى أن "احتكار طالبان السلطة في ظل التدهور الوضع المعيشي معناه أنها تفكر بمستقبلها، ولا تفكر في عزلة أفغانستان وتجويع الشعب، بينما عليها العمل للحصول على الاعتراف الدولي ورفع العقوبات". 

واقترن اسم الأمم المتحدة بالملف الأفغاني منذ ثمانينيات القرن الماضي، ومنذ عقود يتردد ممثل الأمين العام إلى أفغانستان للتوسط بين أطراف الصراع وبحث سبل السلام والاستقرار في البلاد.

الحكومة الأفغانية الحالية تطالب الأمم المتحدة بلعب دور الوسيط المحايد في أفغانستان (رويترز) ممثلو أفغانستان

حتى اليوم، عينت الأمم المتحدة 6 ممثلين، وستعلن السابع في الجولة الحالية لاجتماع الدوحة. والممثلون الذين عُيّنوا لأفغانستان هم كما يلي:

خافيير بيريز دي كويلار

عُين في 27 فبراير/شباط 1979، وكيلا للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية الخاصة، وعمل بدءا من أبريل/نيسان 1981 ممثلا لشؤون أفغانستان، وزارها إلى جانب باكستان لمواصلة المفاوضات التي كان بدأها الأمين العام قبل ذلك ببضعة أشهر.

خافيير بيريز دي كويلار ممثل الأمين العام الخاص الأسبق لشؤون أفغانستان (رويترز) دييغو كور دوفيز

تفاوض دوفيز بصفته الممثل الخاص للأمين العام على انسحاب القوات السوفياتية من أفغانستان في الثمانينيات، وتمكن من تفعيل دور الأمم المتحدة، والتقى رؤساء الحكومات الأفغانية والباكستانية والإيرانية.

ويُعد مهندس اتفاق جنيف الذي مهد الطريق لانسحاب القوات السوفياتية السابقة من أفغانستان. وبعد 41 جولة من المفاوضات على مدار 6 سنوات، وقع ممثلو الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وباكستان وأفغانستان الاتفاقية التي قدمت إطارا لمغادرة القوات السوفياتية في 14 أبريل/نيسان 1988. رغم أن هذه العملية لم تؤدّ إلى السلام في أفغانستان واستمرت الصراعات.

دييغو كور دوفيز الممثل الخاص للأمين في أفغانستان في الثمانينيات (الصحافة الأميركية) بينيان سيوان

كان كبير مستشاري الأمين العام للأمم المتحدة بشأن أفغانستان، وعلى رأس بعثة الأمم المتحدة عام 1993 لوقف إطلاق النار فيها. واقترح تشكيل حكومة مؤقتة تضم الشيوعيين والمجاهدين والمستقلين آنذاك، لكن جهوده لم تكلل بالنجاح، وقدم الاستقالة من منصبه.

محمود المستيري

عُيّن رئيس لجنة التحقيق وإعداد التقرير حول الأزمة الأفغانية ومفاوضات السلام، وأعدّ خططه لتشكيل الحكومة والمفاوضات بين أطراف الصراع في أفغانستان، لكن لم تقبلها الجماعات المسلحة، وقدم استقالته في مايو/أيار 1996.

محمود المستيري رئيس لجنة التحقيق حول الأزمة الأفغانية ومفاوضات السلام 1996 (مواقع التواصل) نوربرت هول

تولّى قيادة عملية السلام الأفغانية، لكنه اعتبر لاحقا أن إحلال السلام هناك أمر غير مرجّح وقدم استقالته.

نوربرت هول شغل منصب رئيس بعثة الأمم المتحدة الخاصة إلى أفغانستان من عام 1996 إلى 1997 (مواقع التواصل) الأخضر الإبراهيمي

عُين ممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة إلى أفغانستان 1997، وتركّز عمله في 3 اتجاهات وهي:

 تقييم مطالب الأطراف المتصارعة، حيث زار قندهار مرات عدة، وتفاوض مع مؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر وقادة التحالف الشمالي.  تنظيم المفاوضات بين الأطراف المتنازعة.  اقتراح قطع التدخل الأجنبي ووقف إرسال الأسلحة إلى أفغانستان.

واستقال الإبراهيمي عام 1999، وأوضح أن سبب استقالته "تدخل دول الجوار، وإن إرسال الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة هو سبب عدم الاستقرار في أفغانستان والمنطقة"، وأعيد انتخابه 2001 ممثلا خاصا للأمين العام.

الأخضر الإبراهيمي: الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى أفغانستان 1997 (رويترز)

وبعد عقدين من هذه السلسلة، تحتاج أفغانستان مرة أخرى إلى تعيين ممثل خاص، ولكن نجاحه يعتمد على تعاون الأطراف الثلاثة وهي: حركة طالبان، ومعارضوها، والدول المعنية بالقضية الأفغانية.

يقول الكاتب والباحث السياسي يما بارز للجزيرة نت "ما يميّز تعيين الممثل هذه المرة أن الخطة موجودة، وهي اتفاق الدوحة، وسيحاول الممثل الجديد تطبيقها لإحلال السلام في أفغانستان، وعلى الولايات المتحدة وحركة طالبان الالتزام بتطبيقها كاملة، حتى يسود السلام في البلاد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العام للأمم المتحدة الحکومة الأفغانیة اجتماع الدوحة الأمم المتحدة إلى أفغانستان الأمین العام فی أفغانستان للأمین العام حرکة طالبان للجزیرة نت السلام فی فی البلاد

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تدعو إلى خلق مساحة لحل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

دعا نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط مهند هادي، إلى خلق مساحة لحل سياسي وليس حلا عنيفا للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وحذر من أنه إذا نجحت القوى التي تسعى إلى تقويض حل الدولتين، فإن انهيار المبادئ والهياكل المؤسسية ذات الصلة سيكون له تأثير مضاعف يمكن أن ينتشر إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال مهند هادي، في كلمته أمام مجلس الأمن - عبر الفيديو - نيابة عن المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، إنه لا ينبغي السماح بتكرار هجمات 7 أكتوبر، ويجب التعامل مع غزة والضفة الغربية بشكل موحد كأساس لدولة فلسطينية مستقلة والحفاظ على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.

وشدد نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط مهند هادي، على أن مستقبلا أكثر سلاما وأمانا في المنطقة يتطلب دعما متجددا من المجتمع الدولي، وخاصة من المنطقة، لخلق الظروف المواتية لتكون الدبلوماسية فعالة.

وأضاف هادي: نحن بحاجة إلى وقف إطلاق النار، وإخراج الرهائن، وتقديم الدعم المنقذ للحياة بأمان الآن، وضمان سلامة وأمن الفلسطينيين والإسرائيليين على المدى الطويل.

وقال هادي إن الرعب في غزة لا يزال مستمرا دون نهاية في الأفق، وأشار إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت تكثيفا مدمرا لعمليات الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، مما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا بشكل متكرر ومثير للقلق.

وأضاف: بالإضافة إلى المذابح اليومية، نستمر في مشاهدة النزوح والدمار، بما في ذلك البنية التحتية المدنية، في حين يظل الوصول إلى المساعدات الإنسانية صراعا يوميا، سواء نتيجة لتكثيف عمليات النهب المنظم والعنيف من قبل الجماعات المسلحة الفلسطينية أو بسبب عدم السماح لدخول مستويات كافية من المساعدات إلى القطاع.

وقال المسؤول الأممي، إن تسليم المساعدات الحيوية في جميع أنحاء غزة متوقف تماما وبقاء مليوني شخص على قيد الحياة على المحك، وحث إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها بتسهيل المرور السريع وغير المقيد للإغاثة الإنسانية إلى غزة وفي جميع أنحائها، وأن تحترم جميع الأطراف التسليم الآمن للمساعدات.

وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، شدد نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، على أن العنف استمر هناك أيضا بمعدل ينذر بالخطر حيث تتكشف ديناميكية خطيرة بشكل متزايد، وقال إن الحكومة الإسرائيلية واصلت أيضا تقدمها في بناء المستوطنات وسياستها المتمثلة في إخلاء وهدم المباني المملوكة للفلسطينيين.

وبشأن الوضع في لبنان، أشار هادي إلى استمرار الاشتباكات المستمرة بين حزب الله وإسرائيل عبر الخط الأزرق وفي جنوب لبنان، مؤكدا أن الوضع لا يزال خطيرا جدا في جميع أنحاء المنطقة.

ورحب "هادي" بالجهود الدبلوماسية الجارية للتوصل إلى وقف للأعمال العدائية، وحث الأطراف على قبول وقف إطلاق النار على أساس التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

اقرأ أيضاًالأمم المتحدة: نزوح 540 ألف شخص من لبنان إلى سوريا.. واستشهاد أكثر من 200 طفل لبناني

مفوضية الأمم المتحدة: عدد طالبي اللجوء إلى الكونغو الديمقراطية تراجع من 1920 إلى 1155

الأمم المتحدة تؤكد أهمية إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها في السودان

مقالات مشابهة

  • اتهامات لطالبان باعتقال مئات الصحافيين تعسفياً
  • الأمم المتحدة تدعو إلى خلق مساحة لحل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • روسيا: نريد المساعدة في إحلال سلام دائم بأفغانستان
  • مسؤول أممي يدعو إلى اهتمام دولي بـ«الأزمة مذهلة الأبعاد» في السودان
  • موسكو تريد المساعدة في إحلال سلام دائم بأفغانستان
  • شويغو يعلن رفع حركة طالبان من القائمة السوداء في روسيا قريبا
  • هجوم سياسي على مبعوث الأمم المتحدة: محاولات للالتفاف على الشرعية اليمنية
  • مؤتمر المناخ يذيب جليد العزلة عن طالبان
  • أزمة الأقليات في أفغانستان: 10 قتلى إثر هجوم دموي استهدف تجمعًا صوفيًّا
  • مبعوث الأمم المتحدة من دمشق: من “الضروري للغاية” التهدئة لعدم “جر” سوريا إلى النزاع