د. فـرح قـادري تكتب: هل يقلب نصـر الرئيس بوتين الموازين الغربية بعد تحرير بلدة أفدييفكا ؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
يبدو أنّ مخاوف الغرب والاتحاد الأوروبي من قوة روسيا وقدرتها فعليا على الانتصار بدأت تظهر للعلن، لا سيما بعد تحرير الجيش الروسي، بلدة أفدييفكا بالكامل أمس السبت.
ومن أهم التصريحات التي جاءت مباشرة بعد تحرير أفدييفكا، هو تصريح المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي قال: "إنّ انتصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الصراع في أوكرانيا، سيكون له عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبي".
في كل مرة، تؤكد روسيا للعالم أنها أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما النصر أو النصر. وهذا ما أكّده كذلك الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الأحد، في أن الوضع في أوكرانيا لا يشكّل سوى مسألة تحسين الموقف التكتيكي بالنسبة للغرب، ولكنه "مسألة حياة أو موت" بالنسبة لروسيا.
زاخاروفا: أعداء الكرملين "مستاؤون"
من جهتها، صرّحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن سيطرة القوات المسلحة الروسية على مدينة أفدييفكا يثير "ضغينة" جميع أعداء موسكو. وكتبت على قناتها في "تلغرام": "بسبب هذا، جميع أعدائنا مستاؤون للغاية. ليمنحنا الله القوة جميعا!"..
وتعليقا على هذا الموضوع، يقول الخبير في الشؤون الدولية، الدكتور محمد اليمني لجريدة "الفجر": "لقد تم توريط الاتحاد الأوروبي في هذه الحرب بمساعدة أوكرانيا بمليارات الدولارات، وهذا يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية أوهمت الاتحاد الأوروبي بأن الخطر داهم من روسيا، وأن روسيا تهدد أمن الاتحاد، ولكن الحقيقة هي أنه على العكس تماما، فروسيا تعمل بجدية وكان لها شركات واتفاقيات مع الدول الأوروبية وكانت ترسل الغاز بأسعار جيدة، وألمانيا كانت مستفيدة جدا من الاتفاقيات مع روسيا خاصة المشروع الضخم "نورد ستريم".
وأضاف: "في السنتين الماضيتين، بدأت تخسر الدول الأوروبية بعد قطع العلاقات مع روسيا، واليوم هم يذهبون لدول الخليج ليرسلوا لهم النفط والغاز، وتصريح شولتس له عدة دلالات، أمريكا هي فعلا من ورطت معظم الأطراف في هذا التوقيت، وكان الأولى لأمريكا أن تحدث تهدئة في بعض الملفات ولكن ليس هذه السياسية الأمريكية التي تقوم على مبدأ إشتعال المزيد من الأزمات وبؤر الصراعات، هذا يعطيها مزيدا من الهيمنة ومزيدا من تصنيع الأسلحة الذي يدرّ عليها مليارات الدولارات".
وتابع: "الرئيس الروسي بوتين المحنك والذي لديه من العقلية والاستراتيجية والأمور التي تؤهله بأن يحقق نظاما متعدد الأقطاب وليس قطبا واحدا، وأمريكا لم تسمح بذلك، ولكن الأيام القادمة هي من تحدد النتيجة".
استغلال التوقيت
وأشار الخبير إلى أنّ "روسيا اقتربت من النصر قريبا على أوكرانيا والولايات المتحدة وعلى دول حلف "الناتو"، ولكن مازالت هذه الحرب قائمة، ومن وجهة نظري، أعتقد أنه إن تمت بعض التسويات والهدن في قطاع غزة بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي، فهذا قد يعطي الضوء الأخضر للعودة إلى الصراع الأوكراني-الروسي وسنشهد أيضا بعد التطورات، والرئيس الأمريكي جو بايدن يحاول على قدر المستطاع بأن تحدث تهدئة، لأن لديه حربا كونية مع روسيا والصين".
هل تراجعت أمريكا عن دعم زيلينسكي؟
أمّا حول الدعم العسكري المستمر من أمريكا والدول الأوروبية، يقول الدكتور محمد: "هذه الإمدادات العسكرية تؤثر بالطبع على أوكرانيا، والأخيرة تنتظر بشغف حزمة المساعدات من واشنطن، وروسيا تلعب دورا مهما وتحاول استغلال الوقت وما يحدث في الشرق الأوسط، لأن الولايت المتحدة الأمريكية حاليا انخرطت في الحرب الإقليمية الشاملة".
ازدواجية المعايير الغربية
وفيما يتعلق بما يحدث في غزة وكيف كانت نظرة الغرب للحرب في فزة ورفح، يقول الخبير: "يوجد ازدواجية في العايير وغياب للقانون ومنظمات حقوق الإنسان، وأيضا القانون الدولي، لأن هذا هو الوجه الحقيقي للغرب ولواشنطن وبريطانيا الداعمة والحليف والشريك الاستراتيجي للاحتلال الإسرائيلي، الدنيا قامت ولم تقعد بخصوص الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات وقطع للعلاقات وأمور كثيرة فرضت على الجانب الروسي، بالرغم من أن روسيا كانت تحمي حدودها وما كان يرتب من حلف "الناتو"، والاحتلال الإسرائيلي محمي من الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها الركيزة الأساسية لواشنطن في الشرق الأوسط".
وأضاف: "إنّ عدد القتلى تجاوز 30 ألف شخص في قطاع غزة ولم يتحرك ساكنا للدول التي تتبنى مصطلحات الديمقراطية والحرية، وهؤلاء يستخدمون ذلك لمصلحتهم الشخصية ولدولهم، وإذا تعارضت هذه المصالح مع ما يتم في أوكرانيا ولفي بعض الملفات الأخرى والأزمات الموجودة في الشرق الأوسط لم يحركوا ساكنا، ولا ننسى أيضا سيطرة أمريكا على النظم الحاكمة في أوروبا وهناك تهديد على اقتصاداتها، ولن ننتظر من الغرب أن يقف مع القضية الفلسطينية".
وحول تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي، إيلي كوهين، ورفضه إقامة دولة فلسطينية، مقابل توسيع اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية، وقوله "إذا كان ثمن اتفاقيات السلام هو دولة فلسطينية فأنا أتخلى عنها"، يقول الدكتور محمد:
"نتنياهو يريد تصفية القضية الفلسطينية ويريد مزيدا من القتل وتحقيق أهدافه في هذا التوقيت، وإن كان لم يتحقق منها شيئ على مدار الخمسة أشهر تقريبا، إسرائيل تعرضت للإذلال والمهانة يوم السابع من أكتوبر، سواء لقتل جنودها والقضاء على الأدوات العسكرية والمعدات، ونتنياهو يحاول إنقاذ مستقبله السياسي ويتمنى أن ينجح ترامب ليأخذه إلى بر الأمان ويدعمه حتى النهاية، والاحتلال الإسرائيل مستمر في عمليات الإبادة والتطهير العرقي والقتل".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: فلاديمير بوتين حسابات حلف الناتو الخارجية الروسية الاتحاد الاوروبي الرئيس الروسي
إقرأ أيضاً:
كيف يتعامل ترامب مع أوكرانيا عبر فن الصفقة والتخلي لصالح بوتين؟
نشر موقع "ذا هيل" تقريرًا يتناول فيه طريقة تعامل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع القضايا الدولية، مثل حرب أوكرانيا، من خلال مفهومه الخاص بـ "الصفقات"، مشيرًا إلى أن ترامب يفتقر إلى التعاطف والفهم المعقد للوضع، ما يجعله مستعدًا للتخلي عن بعض القيم الأساسية لتحقيق صفقات سريعة.
وأوضح الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن أنصار الرئيس ترامب يزعمون في كثير من الأحيان أن قوته تكمن في براعته التجارية، التي اكتسبها خارج الساحة السياسية التي فقدت مصداقيتها. ويقدمونه كصانع صفقات جريء وذو حدس قوي، قادر على النظر إلى ما وراء الحكمة التقليدية وإيجاد حلول عملية للمشكلات المستعصية.
واستند الموقع في ذلك إلى اتفاقات إبراهيم لسنة 2020، حيث وافقت البحرين والإمارات على إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل، وكان ذلك تحت رعاية ترامب، وربما كان التاجر الكبير قد بدأ مرحلة جديدة وإيجابية في المنطقة.
وأفاد الموقع بأن صورة صانع صفقات هذه مبينة على أسس مشكوك فيها. والواقع أن مفهوم الرئيس نفسه لـ"الصفقة" يمكن أن يكون غامضًا، كما تكتشف أوكرانيا، والتي تدفع ثمنًا باهظًا لذلك. فقد يكون ترامب مهووسًا بالتوصل إلى اتفاق لدرجة أنه قد يتجاهل أي اعتبارات فردية. والجانب الآخر من انغماسه في ذاته هو الافتقار إلى التعاطف، وهي صفة حيوية للمفاوض الفعال.
وذكر الموقع أن سمعة ترامب تستند إلى دليل أعماله/ مذكراته الصادر سنة 1987، "فن الصفقة"، وهو كتاب حقق مبيعات ضخمة وساهم في جعله اسمًا معروفًا. ولكن "فن الصفقة"، سواء بطبيعته أو ما يمثله، يقدم صورة مغرية لكنها مضللة.
وحمل الكتاب اسم ترامب ونُسب إلى "دونالد ج. ترامب مع توني شوارتز". وكان شوارتز، الصحفي في مجلة نيويورك، قد تم تعيينه لكتابة الكتاب بشكل غير رسمي في سنة 1985، وهو عرض كان مغريًا للغاية لدرجة أنه لا يمكن رفضه. وفي سنة 2019، قال إنه أكبر ندم في حياته وأشار إلى أن حقوق الملكية بأنها "مال ملوث بالدم".
ويزعم شوارتز أن ترامب لم يُساهم تقريبًا بأي شيء ذو قيمة في النص، مضيفًا أن الكتاب يجب أن يُعاد تصنيفه على أنه "خيال".
وبحسب الصحيفة؛ فإذا فشلت أي صفقة، فإن ترامب سريعًا ما يتنصل منها. وقد هاجم ترامب سقوط كابول في آب/ أغسطس 2021 ووصفه بأنه "أكثر اللحظات إحراجًا في تاريخ الولايات المتحدة"، محملاً إدارة بايدن مسؤولية ذلك بسبب ضعفها. والحقيقة هي أن بذور الانسحاب المهين من أفغانستان، الذي أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا، كانت قد زرعها ترامب ومستشاروه في شباط/ فبراير 2020.
وأضاف الموقع أن الصفقة التي أبرمتها إدارة ترامب مع طالبان في الدوحة كانت ثنائية، دون مشاركة الحكومة الأفغانية. ونصت على انسحاب القوات الأمريكية بحلول أيار/ مايو 2021 ورفع العقوبات عن طالبان. باختصار، قدمت الصفقة مخرجًا لترامب من الحملة العسكرية في أفغانستان التي استمرت 20 سنة، متجاهلًا الحقائق على الأرض وأملًا في الأفضل.
وفي مفاوضاته بشأن أوكرانيا، يستبعد ترامب الحكومة في كييف لأنه يرى فلاديمير بوتين كبوابة أسهل لتحقيق ما يريد. ولم تتميز المفاوضات الأولية بين الولايات المتحدة وروسيا بحكم متقلب، حيث تم التنازل عن أوراق المساومة دون مقابل.
وقبل أن تبدأ المفاوضات بشكل جدي، استبعد وزير الدفاع بيت هيغسميث فعليًا انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وألمح ترامب بشكل قوي إلى أن روسيا لن تتخلى عن الأراضي التي تسيطر عليها حاليًا في أوكرانيا، كما وضع المسؤولون الأمريكيون لأنفسهم مهلة صعبة بشكل غير ضروري، حيث أعربوا عن أملهم في التوصل إلى تسوية بحلول عيد الفصح.
وأشار الموقع إلى أن هذه تمثل بعض أهداف بوتين من الحرب، لكن ترامب تنازل عنها لأنها بدت غير مهمة له أو للولايات المتحدة. كما أنه مدفوع بكراهية شديدة للرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي وصفه بـ "الدكتاتور" رغم عدم وجود دليل على ذلك. واتهم ترامب أوكرانيا بالتسبب في الحرب قائلاً: "كان يمكن تسويتها بسهولة. ولم يكن يجب أن تبدأوها أبدًا. كان يمكنكم إبرام صفقة."
الواقع أن ترامب يحب بوتن ويكره زيلينسكي. ولم يكن له أي مصلحة في أسباب حرب أوكرانيا، وهو يقدس "الصفقة"؛ ونتيجة لهذا، فمن غير المفهوم بالنسبة له أن تقاوم أوكرانيا روسيا لمدة ثلاث سنوات ملطخة بالدماء. إن احتمال خروج بوتن من الحرب بعدوانه مكافأ أمر لا مفر منه ببساطة في النظام البيئي العقلي لترامب من الأقوياء والفائزين والخاسرين.
وقال الموقع إن ترامب يحب بوتين ويكره زيلينسكي، ولم يكن له مصلحة في أسباب حرب أوكرانيا. فهو يقدس "الصفقة"، لذا يصعب عليه فهم مقاومة أوكرانيا لروسيا. بالنسبة له، من المحتمل أن يخرج بوتين من الحرب منتصرًا على عدوانه، وهو أمر متوقع في رؤيته للعالم الذي يفضل الأقوياء والفائزين.
واعتبر الموقع أن انتهاء الحرب بالشروط التي وافقت عليها الولايات المتحدة بالفعل سيكون نجاحًا باهرًا في السياسة الخارجية لبوتن.
وبين الموقع أن ضابط سابق في جهاز الاستخبارات السوفيتي يتفوق بشكل مريح على مطور عقاري متهور لعب دورًا كاريكاتيريًا لنفسه في برنامج "ذا أپنتيس". ولا يولي ترامب أي قيمة لأوكرانيا سوى ما يمكنه استخراجه منها. ببساطة، هو يريد أن تنتهي الحرب مهما كان الثمن.
واختتم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن أوكرانيا قد تدفع هذا الثمن في البداية، ولكن ستكون هناك عواقب طويلة الأمد جراء إظهار أن العدوان العسكري ينجح. وربما يجب أن نسمّي ذلك "الصفقة الجديدة" لترامب.