قُتل في اجتياح جنين.. عائلة فلسطينية تتلقى نتيجة الثانوية لابنها الشهيد على قبره
تاريخ النشر: 21st, July 2023 GMT
جنين- في تمام التاسعة صباح اليوم الخميس، تلقى هاتف أميرة عرعراوي رسالة نصية تفيد بنجاح ابنها مجدي في امتحان الثانوية العامة وبتقدير ممتاز. لم يكن الخبر عاديا رغم انتظارها النتيجة، فقد جاء بعد أسبوعين من استشهاد نجلها الشاب في أثناء تصديه للاحتلال في اجتياح مخيم جنين.
وأمام قبره الذي لم ينتهِ بناؤه بعد، في مقبرة الشهداء الجديدة بمخيم جنين، جلست الأم أميرة تنادي نجلها في نحيب يشابه اليوم الأول لاستشهاده.
وفي مقبرة الشهداء، كان ألم الوالدة يزداد مع وصول أفراد العائلة، ورغم محاولات قريباتها تهدئتها، فلم تتوقف دموعها. في حين وصف قريبها محمود العرعراوي هذا اليوم بأنه "أصعب من اليوم الذي استشهد فيه مجدي.. والله، إن هذه اللحظة أصعب من لحظة دفنه، كأنه استشهد من جديد".
حلم بدراسة الهندسة
كان مجدي عرعراوي قد أنهى امتحانات الثانوية العامة في تخصص الفرع الصناعي منتصف يونيو/حزيران الماضي، وكان ينتظر النتائج متوقعا نجاحه بمعدل مرتفع يمكنه من دراسة هندسة الإلكترونيات، وقد وعد والدته بذلك، لكنه استشهد في اجتياح مخيم جنين الأخير بداية يوليو/تموز الجاري.
واستهلّت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إعلان نتائج الثانوية وقائمة المتفوقين في كل الفروع، بذكر اسم الشهيد مجدي عرعراوي. وقال المتحدث باسم الوزارة إنه "رحل بعد أن قدّم الامتحان الأصعب في الوفاء وحظي بالشهادة قبل الشهادة الثانوية.. رحمه الله".
مجدي عرعراوي ارتقى شهيدا في التصدي لقوات الاحتلال بمخيم جنين (مواقع التواصل الاجتماعي)تقول والدته إن مجدي كان من الطلاب المجتهدين في كل مراحل دراسته، وكان يعدها بأن يفرح قلبها بنجاحه بمعدل يرضيها، وهو ما حدث "قال لي سأرفع رأسك يا أمي، وها هو قد رفع رأسي، نال شهادة الآخرة قبل شهادة الدنيا".
شبّ مجدي يتيم الأب، حيث فقد والده عام 2017، وكان حينئذ يبلغ من العمر 12 عاما، ربّته والدته مع إخوته الأربعة في مخيم جنين، وكانت تحلم أن يكبر ليصبح مهندسا كما يريد. وقالت "كان ملتزما جدا في دراسته، يقسّم وقته ويرتب أموره وفق جدول محدد لدراسة كل مادة على حدة، كان يثق بنفسه كثيرا، ويؤمن أنه سيكون مهندسا، اختار التخصص الذي ينوي إكمال دراسته الجامعية فيه والجامعة التي سيسجل فيها، لكنه لم ينل كل ذلك، لم يحقق شيئا من هذه الأمنيات".
وتضيف الأم المكلومة "ذهب وتركني، كنت أحلم بتخرجه مهندسا من الجامعة، ذهبت أحلامي معه".
مهندس الكتيبة
إلى جانب دراسته في الثانوية العامة، كان مجدي واحدا من مقاتلي "كتيبة جنين" التي تضم عشرات المقاومين في مخيم جنين، ووفق الروايات المحلية، استشهد في "حارة الدمَج" بعد اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي اقتحمت المخيم بالآليات العسكرية وقصفت أبنيته بالطائرات.
يقول مقاتل من كتيبة جنين، كان يزور الأم أميرة العرعراوي لتهنئتها بنتيجة مجدي في الثانوية العامة، إن "مجدي كان أحد مهندسي العبوات في كتيبة جنين، نحتسبه شهيدا عند الله، استشهد بعد اشتباكه مع قوات الاحتلال من مسافة قريبة".
وبعد إعلان نتائج الثانوية العامة، تجمّع عدد من مقاتلي كتيبة جنين أمام منزل العرعراوي في "حارة الدمج" لمواساة والدته، وقراءة الفاتحة على روحه، ووزعوا الحلويات احتفاء به.
ورغم عدم معرفة والدته بانضمامه لكتيبة جنين، فإن الكتيبة نعته يوم استشهاده وقالت -في بيانها- إنه أحد مقاتليها. وقالت الأم "لم أعلم أنه من ضمن المقاتلين، يوم استشهاده أخبروني أنه حاول إسعاف الشهيد علي الغول هو وابن عمه، لكن رصاص قناص أصابهم بشكل مباشر، ولم يُسمح لسيارات الإسعاف بالوصول إليهم حتى استشهد ثلاثتهم، بعد خروج قوات الاحتلال، عرفت أنه كان يشتبك مع الاحتلال، وكان يعدّ العبوات الناسفة مع المقاتلين، هذا فخر آخر يضاف لفخري بنجاحه"، تقول الأم.
وداخل غرفته، راحت الأم تتفقد كتبه وأوراقه المليئة بملاحظاته، بالإضافة لورقة كتب عليها جدول الامتحانات النهائية، ومجموعة من الأدعية التي تركها على طاولته ومنها "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحفظ إذا شئت سهلا"، و"اللهم إني استودعتك ما درست وحفظت فردّه لي عند حاجتي له، وأنت خير الحافظين".
دفنته مرة أخرى
تقول والدة الشهيد متعبة "وكأن جرح مجدي عاد وانفتق مرة أخرى، هذا يوم صعب جدا، يوم حزين جدا، ولا يمكن لي أن أشعر بأي فرح فيه، على العكس كأني دفنته مرة أخرى". وتضيف "أنا راضية بقضاء الله، راضية عن مجدي، لكنني فقدته".
وتذكر الأم أن مجدي كان يحرص على البقاء بجانبها دائما، خاصة بعد زواج شقيقه الأكبر وانتقاله للسكن في منزل آخر، وبعد زواج شقيقاته، إذ تقول: "في البداية، قرر دراسة الهندسة في جامعة خضوري بمدينة طولكرم، لكنه تراجع عن قراره خشية تركي وحدي، وقال لي سأسجل في الجامعة العربية الأميركية في جنين لأظل قربك، ولا أضطر للمبيت في سكن للطلاب بعيدا عنكِ".
ومنذ بداية العام، استشهد 6 من طلاب الثانوية العامة في مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية، 3 منهم من محافظة جنين، وواحد من محافظة طوباس استشهد أيضا داخل مخيم جنين خلال اقتحامه من قبل قوات الاحتلال يونيو/حزيران الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الثانویة العامة قوات الاحتلال کتیبة جنین مخیم جنین
إقرأ أيضاً:
هيئة حقوقية فلسطينية: الاحتلال يُمعن في جرائمه بغزة على كافة المستويات
أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أمجد الشوا، أنه بالرغم من التقارير الدولية عن الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة خلال 15 شهرا من العدوان، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يُمعن في ارتكاب جرائم الإبادة بمختلف مستوياتها، في ظل الكارثة الإنسانية والقيود التي يفرضها على دخول المساعدات بكافة أشكالها.
وقال الشوا في مداخلة مع قناة "النيل" للأخبار اليوم الأربعاء، "إنه في ظل الاستهدافات الإسرائيلية للمستشفيات والعاملين في القطاع الصحي والمدنيين، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ أي إجراءات جدية تجاه وقف العدوان بكافة أشكاله، سوى مجرد بيانات وتقارير دون تحركات للضغط على الاحتلال وإنقاذ الضحايا ووقف الممارسات التي تتناقض مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أن العدوان على غزة أثبت الازدواجية في التعامل من قِبل الغرب تجاه إنفاذ القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، ومن يدعي تبنى تلك المنظومة ولكن في إطار اتجاهات محددة، كذلك ما تتعرض له وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من حظر عملها بالرغم من كونها وكالة أممية هو أمر غير مسبوق، وتزويد إسرائيل بالسلاح وتبرير استهداف المدنيين، كلها أمور تكشف مدعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان.
وأوضح الشوا أن الأوضاع في قطاع غزة قاسية وصعبة، وما يتم نشره هو جزء من المعاناة التي هي أكبر في ظل البرد القاسي والخيام الضعيفة وعدم توفر الأغطية ووسائل التدفئة، وشح المواد الغذائية الأساسية التي أدت إلى انتشار حالات سوء التغذية الشديدة خاصة بين الأطفال، وخروج معظم المستشفيات عن الخدمة مع نفاد الأدوية.