غزة – خرج الطفل الفلسطيني محمد صالح (14 عاما)، من بيته في شمال قطاع غزة، منذ ساعات الصباح الأولى، محمّلاً بالأمل والعزيمة، للبحث عن الحطب لطهي الطعام، في ظل انعدام الغاز والكهرباء بالقطاع.

مهمة محمد كانت برفقة والده بسام صالح، وشقيقته منة، وأبناء عمه ميرال وشقيقها.

بدأوا مهمتهم اليومية وهم لا يعلمون أنها ستتحول إلى مأساة بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل الذي استهدفهم، محوّلًا أجسادهم الغضة إلى هدف مشتعل.

فبينما كانوا يحاولون البحث عن الحطب لإشعال النيران لطهي الطعام وسد جوعهم، جاءت قذيفة إسرائيلية غادرة، فقتلت والدهم بسام وأحرقت جسد محمد وشقيقته منة وأبناء ميرال وشقيقها.

على أسرّة مستشفى كمال عدوان ببلدة بيت لاهيا شمال غزة، تستلقي أجساد الأطفال الرقيقة الذين أحرقتهم نيران إسرائيل دون أي ذنب سوى البحث عن حطب لإيقاد نار طهي الطعام بعد أن نال منهم الجوع.

**** إصابات وحروق

بين الحين والآخر، يتجلى أنين الأطفال من شدة الحروق التي مزقت أجسادهم والإصابات الأخرى التي تعرضوا لها.

وعلى وجوه أولئك الأطفال، تتجلى بوضوح الآثار المؤلمة لتلك الحروق القاسية العميقة، التي لم تسلم منها براءة وجوههم، بل تحولت إلى ندوب مظلمة تروي قصتهم بفعل الغارة الإسرائيلية.

بينما يواجه الأطفال ألمًا آخر، حيث يجدون أنفسهم في معركة جديدة لتعافيهم من الحروق والإصابات التي لحقت بهم، والتي تزداد تعقيدًا بسبب نقص الدواء والطعام الضروري المخصص لهم.

هذا المعركة تأتي في ظل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على شمال قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما يجعل توفير الرعاية الطبية والمواد الغذائية الأساسية أمرًا صعبًا للغاية لجميع المرضى والسكان.

وصف الطفل صالح ظروفهم بأنهم كانوا يعيشون في بيت خالٍ من المياه والكهرباء والغاز، وكانت الحاجة ماسة لطهي الطعام لتجنب الجوع.

حيث كانوا يبحثون عن حطب في منطقتهم بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، لتوفير وسيلة لإشعال النيران وطهي الطعام في ظل ما تعانيه عائلته من ظروف صعبة.

**** رحلة الحطب

وقال الطفل صالح الأناضول: “كنا جالسين في المنزل، لا مياه، ولا كهرباء، ولا أي شيء، كل ما كنا نريده هو طهي الطعام لإشباع جوعنا”.

وبينما يظهر على صوته التعب والإرهاق، أضاف صالح: “أمي ترغب في طهي الأرز، ولكن لم نجد حطبا في المنزل، فذهبنا للبحث عنه في ظل عدم توفر غاز الطهي والكهرباء”.

وتابع: “بقينا نتجول بحثاً عن الحطب، وفجأة سمعنا صوت طائرة وانفجار عنيف، لم نكن نعلم ماذا حدث، وفوجئنا بتفرقنا في كل اتجاه”.

وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي أدى إلى فقدانه للوعي، وعندما استعاد وعيه، وجد نفسه مغطى بالحطام وشعر بآلام الحروق التي تنتشر في جسمه.

وأوضح أن تلك الغارة أسفرت عن استشهاد والده وإصابتهم جميعاً بحروق شديدة وكسور وإصابات أخرى.

وقال: “كنا نبحث عن الحطب لكي نطهو الطعام ونحاول البقاء على قيد الحياة”.

بدورها، تقول السيدة الفلسطينية الأربعينية، وهي والدة الجريحة ميرال محمد صالح، وزوجة عم محمد: “قام أطفالنا بالخروج من المنزل للبحث عن حطب من أجل طهي الطعام في ظل نقص الغاز والكهرباء”.

وأضافت: “عندما خرجوا، لم يكونوا قد تناولوا الطعام لفترة، فما ذنب هؤلاء الأطفال في ما يحدث لهم”.

**** علاج عاجل

الطبيبة المشرفة على علاج الأطفال راوية طنبورة، قالت للأناضول: “يعاني الأطفال من حروق في أجسادهم بشكل شامل، ويحتاجون رعاية طبية عاجلة”.

وذكرت طنبورة: “بعضهم يعاني من كسور في أيديهم تمنعهم من الحركة، وبحاجة ماسة لعمليات جراحية، ونحتاج إلى نقل الحالات إلى مستشفيات أخرى لتلقي العلاج اللازم”.

وأضافت: “الطفلة ميرال تعاني من ثقب في الأمعاء، ومنذ وصولها إلى المستشفى، تم منعها من تناول الطعام والشراب لأن حالتها قد تزداد سوءًا إذا تناولت الطعام”.

وتابعت: “نحن بحاجة ماسة لعلاجات وأدوية لعلاج الحروق التي تغطي جسد الأطفال، ولكن معظم هذه الأدوية غير متوفرة هنا، وتزيد المشكلة تأزمًا بسبب نقص الوقود والكهرباء، مما يعيق عملية العلاج والإسعاف”.

ولفتت إلى أن “سوء التغذية للأطفال يزيد من سوء وضعهم، ويؤخر عملية تعافيهم”.

ودعت الطبيبة الفلسطينية إلى “توفير العلاج بأسرع ما يمكن للأطفال في المستشفى، وكذلك لباقي المرضى”.

وخلال الحرب المستمرة في غزة، استهدف الجيش الإسرائيلي العديد من المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف، وقام بمنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود لمستشفيات شمال القطاع، وفقا لتقارير وزارة الصحة في غزة.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن شمال غزة يتعرضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.

ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من “انعدام الأمن الغذائي”، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

 

الأناضول

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: طهی الطعام قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بانتهاك معاهدة لحماية أطفال غزة

نددت لجنة تابعة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل لاتفاقية حقوق الطفل، قائلة إن عملياتها العسكرية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان لها تأثيراً كارثياً عليهم.

وقالت اللجنة المكونة من 4 أعضاء في وثيقة: "تندد اللجنة بأشد العبارات بالانتهاكات الجسيمة، للحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، والتي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، من بينها الخسائر الهائلة في الأرواح، بسبب الأعمال العسكرية التي تنفذها إسرائيل".

LIVE: UN committee presents findings on Israel's treatment of children in Gaza war https://t.co/VKqMBYQNEU

— Reuters (@Reuters) September 19, 2024

وقال الوفد الإسرائيلي في سلسلة من جلسات الاستماع في الأمم المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر، إن الاتفاقية لا تنطبق على غزة والضفة الغربية، وأضاف الوفد أن "إسرائيل ملتزمة باحترام القانون الدولي الإنساني". 

مقالات مشابهة

  • لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تندد "بالانتهاكات الجسيمة" التي ترتكبها إسرائيل في غزة للمعاهدة العالمية لحماية الأطفال
  • الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بانتهاك معاهدة لحماية أطفال غزة
  • استشهاد 11 فلسطينيياً جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
  • احتفالات المولد النبوي مع أطفال "أهالينا"
  • “أمنية” تُحقق أمنيات 21 طفلاً من أطفال غزة المرضى بالتعاون مع مدينة الإمارات الإنسانية
  • لعبة غميضة تتحول إلى مأساة بعد مصرع أربعة أطفال اختناقا داخل ثلاجة
  • هل يرفض طفلك تناول وجبة الغداء بالمدرسة؟ اكتشفي الأسباب
  • مقتل 4 أطفال خلال لعبهم الغميضة في ناميبيا الأفريقية.. هذا ما جرى
  • أطفال المحافظات الحدودية يواصلون إبداعاتهم بمطروح ضمن أسبوع "أهل مصر"
  • الأنبا رافائيل يرسم شمامسة جدد بأكاديمية مفرح القلوب