أظهرت نتائج مهمة: دراسة عمانية عن الصناعات الثقافية والإبداعية تقدم 20 مقترحًا
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
مسقط- أثير
أطلقت وزارة الثقافة والرياضة والشباب مشروع الدراسة البحثية بعنوان “خارطة الصناعات الثقافية والإبداعية”، وتُعد الخارطة المبادرة الأولى التي أطلقتها الوزارة، لتسليط الضوء على الصناعات الثقافية والإبداعية في سلطنة عُمان، والتي انطلقت في نوفمبر 2021م، واستمرت لمدة عامين من العمل البحثي الممنهج، الذي تضمن رصد آراء ومدخلات العاملين في القطاعات الثقافية والإبداعية، وأفضل الممارسات العالمية، وفتح قنوات تواصل تفاعلية.
وتُعرف الصناعات الإبداعية بحسب تعريف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية على أنها “دورات إنشاء وإنتاج وتوزيع سلع وخدمات تقوم على الإبداع ورأس المال الفكري، باعتبارهما مدخلين رئيسيين، وتضمم مجموعة من الأنشطة القائمة على المعرفة والتي تنتج سلعاً ملموسة وخدمات فكرية أو فنية غير ملموس ذات محتوى إبداعي وقيمة اقتصادية وأهداف سوقية”.
ويوضح فريق المشروع عبر المستند الخاص بالخارطة، بأن هذه الصناعات تؤدي دورا مهما في دعم الاقتصاد العالمي؛ فوفقا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الاقتصادية وفرت هذه الصناعات 50 مليون وظيفة عالميا ويُشكل الشباب من 15- 29 عاما النسبة الأكبر من شاغلي هذه المهن الإبداعية، كما بلغت صادرات الخدمات الإبداعية أكثر من ترليون دولار.
وقدم المشروع نظرة تحليلية علمية لواقع الصناعات الثقافية والإبداعية من خلال سبعة محاور أساسية تحفز المنظومة في سلطنة عُمان، والتي تشمل السياسات والتشريعات، والاقتصاد الإبداعي، والمواهب الوطنية، والتعليم والمهن الإبداعية، بالإضافة إلى التكنولوجيا والابتكار والملكية الفكرية والإبداع والمجتمع.
وحلل فريق المشروع ما يقارب من 20 تجربة دولية في هذا المجال، بالإضافة إلى إجراء استشارات دولية. كما قام بتحليل واقع الصناعات الثقافية والإبداعية، عبر إجراء مختبرات، ومقابلات مع الخبراء في القطاعات، ومن أبرز النتائج التي تم التوصل إليها مثلت محافظة مسقط التكتل الإبداعي الأكبر للمؤسسات والمبدعين المشاركين، وتشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة النسبة الأكبر من شركات الصناعات الثقافية والإبداعية. كما أن قرابة 30% من المشاركين لا يملكون إطارا قانونيا لأعمالهم الإبداعية كسجلات تجارية مثلا، وهذه إحدى الخواص التي تميز الصناعات الثقافية والإبداعية عن غيرها من الصناعات التقليدية.
أما عن الدخل الشهري من العمل الثقافي الإبداعي، فقد بلغ أقل من 250 ريالا عمانيا لـ 27%، يليه الدخل الشهري من 501- 1000 ريال عُماني بنسبة 23%، ويتأثر الدخل بصورة كبيرة بحجم المؤسسة وخبرة الفرد ومكانها الجغرافي وسمعتها ضمن أسواق الشبكات الاجتماعية، وأوضحت هذه النتيجة بأن 67% من المبدعين لا يستطيعون الاستقلال المادي من العمل الإبداعي، نتيجة عدم وجود دخل ثابت ومستمر.
وقدم الفريق 20 قطاعا مقترحا في خارطة الصناعات الثقافية والإبداعية في سلطنة عُمان، ومنها الموسيقى، وفنون الأداء، والصناعات الحرفية، والسياحة، والمكتبات، والتلفزيون والإذاعات، والنشر الإلكترونية والمطبوع، والتراث الثقافي والطبيعي وغيرها.
ويتكون فريق المشروع من ثلاث فرق، الأول الفريق الرئيسي، وتترأس نهاد الهادية فريق الخارطة، وحنين اللواتية مسؤولة التخطيط الإستراتيجي، وشيخة المديلوية مسؤولة الفريق البحثي، بالإضافة إلى الفريق الفني المكون من سليمان الرواحي وأحلام الهنائية، والفريق البحثي المكون من الشفاء الهاشمية وملاك الحبسية وطيف العامرية.
للاطلاع على مستند المشروع كاملًا :
أثير-خارطة الصناعات الثقافية والإبداعية
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الصناعات الثقافیة والإبداعیة
إقرأ أيضاً:
وهب رومية: الأعمال الإبداعية موازاة رمزية للواقع الاجتماعي
فاطمة عطفة (أبوظبي) رحل عن عالمنا، أمس الثلاثاء، الثامن والعشرين من يناير الجاري، الدكتور وهب رومية، عضو لجنة تحكيم برنامج «أمير الشعراء»، في موسمه الحادي عشر، وذلك عن عمر ناهز 81 عاماً، وكانت «الاتحاد» قد أجرت معه هذا الحوار قبل وفاته بأيام، ويمتاز د. وهب أحمد رومية بمخزون تراثي زاخر في الأدب والنقد العربي، إضافة إلى عمله أستاذاً في كلية الآداب بجامعة دمشق وعميداً لها، كما كان أستاذاً زائراً في جامعات الجزائر واليمن والكويت، وباحثاً محكِّماً في: «سلسلة عالم المعرفة، ومؤسسة البابطين للإبداع الشعري بالكويت»، وأشرف على عدد من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق، وانتخب عضواً عاملاً في مجمع اللغة العربية في دمشق، وله العديد من الدراسات والبحوث النقدية. كما كان قبل رحيله عضو لجنة التحكيم في «أمير الشعراء» بأبوظبي في موسمه الحادي عشر. وفي حواره الأخير هذا مع «الاتحاد»، انطلق الحديث معه حول تأخر النقد عندنا عن الإبداع، قائلاً: «إن الأعمال الإبداعية موازاة رمزية للواقع الاجتماعي، فهي تقدم صورة فنية له تصوره وتضيف إليه وتكمله، وهي تفسره، وتقترح بديلاً له، وتتنبأ به. والنقد هو قراءة موضوعية ذاتية للعمل الإبداعي تحاول تفسيره، وتقريبه، بعبارة أخرى: إن النقد هو تعقيد وهوامش على الأعمال الإبداعية، ولولا وجود هذه الأعمال لكان وجود النقد مستحيلاً. ويضيف د. رومية أنه يعلم أن هذا الرأي قد يغضب بعض النقاد، ويظنونه استخفافاً بهم وبما يكتبون، وقد يستظهرون على غضبهم بأسماء لامعة في تاريخنا النقدي كالجرجاني والآمدي من القدماء، وفلان وفلان من المعاصرين. وأنا لا أنكر أهمية هؤلاء النقاد، ولكن كيف كان سيكتب الجرجاني «وساطته» لولا المتنبي؟ وكيف كان سيكتب الآمدي «موازنته» لولا وجود أبي تمام والبحتري؟ والحديث قياس كما يقول الفقهاء.ويستطرد: إن من طبائع الأمور أن تتقدم الأعمال الإبداعية على النقد، وهذا شأن الإبداع والنقد في كل آداب العالم. أما لماذا لم يواكب النقد العربي الأعمال الإبداعية العربية؟ فالإجابة عن هذا السؤال تستدعي الظروف التاريخية للثقافة العربية المعاصرة، وعن اضطراب مفهوم «الهوية» وعلاقته بالآخر، وهو اضطراب ظهر منذ بداية عصر النهضة العربية. إن النقد خطاب تصوري يتصل بالثقافة اتصالاً وثيقاً، أما الإبداع فخطاب تخييلي – ولا سيما الشعر- مرهون بالموهبة الفردية أولاً، ثم بالثقافة ثانياً. وما تزال الثقافة العربية ثقافة مأزومة تبحث عن «هويتها» في خضم متلاطم الأمواج من صراع الهويات. وهذا موضوع شاسع ينبغي أن تعقد له المؤتمرات. وعلى الرغم من كل ما تقدم، أرى أن النقد العربي يحاول بدأب مواكبة الأعمال الإبداعية.
وينتقل الدكتور وهب رومية للحديث عن برنامج «أمير الشعراء» وتأثيره في حركة الشعر في الوطن العربي، قائلاً: علاقة الإنسان العربي بالشعر علاقة عريقة ترجع إلى الأيام الأولى التي اشتعلت فيها ناره فوق رمال الجزيرة العربية. وهو «هويته» التي تظهر فيها رؤيته للفرد والمجتمع والكون. وهو فنه المعبر عن أشواقه وأحلامه ومخاوفه. ولذا لم يكن غريباً أن تحتفل القبيلة إذا نبغ فيها شاعر، وأن يغلب الشعر على كثير من الأسواق الجاهلية والإسلام كسوق عكاظ، وسوق دومة الجندل، وسوق ذي المجاز، وسوق المشقر، وسوق الرابية، وسوق المربد، وسوق الكناسة، وغيرها. وتابع موضحاً: إذاً نحن نتحدث عن أهم ركيزة من ركائز الثقافة العربية على امتداد العصور، في وقت تتعرض فيه هذه الثقافة ل «تسونامي» العولمة، وتبدو القلعة الأخيرة التي لم تسقط بأيدي الغزاة بعد، وهي تقاتل قتالاً تراجعياً عن «هويتها» التي تتقاذفها العواصف والأمواج. في هذه المرحلة اليباب من مراحل الثقافة العربية، تطل أبوظبي على الوطن العربي ببرنامج «أمير الشعراء»، فتحيي تقليداً ثقافياً عريقاً هو تقليد الأسواق الشعرية القديمة، وتطبع هذا التقليد بطابع العصر الحاضر، وتبث فيه روح هذا العصر، وتجمع بين الأصالة والحداثة، وبين الحرص على «الهوية» وتنميتها. وحسب القارئ أن يعرف أن هذا البرنامج استقبل هذا العام قرابة ألف قصيدة لقرابة ألف شاعر من أرجاء الوطن العربي قاطبة، ومن عدد من البلاد غير العربية كنيجيريا وتشاد وألمانيا وغيرها. وتشرف على هذا البرنامج وتحدد خطواته المتدرجة صعوداً حتى الوصول إلى نهايته لجنة إدارية ذات كفاية عالية، كما تشرف عليه لجان علمية متخصصة مشهود لها بكفايتها النقدية والثقافية وبموضوعيتها. باختصار، إنه أضخم برنامج للشعر العربي عرفه التاريخ، وإنه حلم الشعراء يلتقون فيه ويتعارفون وينشدون أشعارهم أمام لجنة التحكيم، وأمام جمهور من عشاق الشعر ومحبيه، وينالون جوائز نقدية ممتازة.
وقد أحسنت هيئة أبوظبي للتراث المنظمة لهذا البرنامج حين جعلت الجمهور طرفاً من أطراف الخطاب الشعري، وأعطته حق تأهيل شاعر واحد من كل أربعة شعراء يتأهلون للمرحلة الأعلى، وبذلك يزداد جمهور البرنامج على مستوى البلاد المشاركة فيه، وتقوى روح المنافسة والتحدي بين الشعراء المتسابقين. ولذا فنحن لا نجاوز الحقيقة إذا قلنا إن برنامج أمير الشعراء هو برنامج الشعر العربي الذي يجعل من الشعراء نجوماً تظهر على شاشات التلفزيون في الحلقات العشر التي تبث على الهواء مباشرة.