صفحاتٌ مضيئةٌ في شخصية وحياة الشهيد الصماد..حديث عن قرب.. (2)
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
يمانيون/ بقلم/ فضل أبو طالب|
(الصفحة السادسة)
المرة الوحيدة التي طلب مني فيها الشهيد الصماد تغطية إعلامية عندما نزل لزيارة بني صريم في مديرية خمر بعمران في تاريخ 19 مارس 2018 وكان لقاء شعبيًّا؛ فعندما انتهى من اللقاء اتصل لي مباشرة، قال لقد نزلت بني صريم والتقيت بالناس هناك وكلهم مسلحون ولو يجي تغطية إعلامية لهذه الزيارة فسيكون لهذا أثر على دول العدوان؛ ذلك أن هاشم الأحمر قال للعدوان بأنهم إذَا عينوّه قائداً للمنطقة السادسة فسوف يحشد بني صريم وبقية مناطق عمران للانضمام إليهم والقتال في صفوفهم وأن كُـلّ هذه المناطق في يده، ونحن نريد أن نثبت للعدوان من هذه الزيارة أنه لا يوجد أحد معهم ولا مع هاشم، وأن الجميع ضد العدوان، وأنه لا يوجد معهم حتى واحدٌ يرفع لهم بلاغًا عن الزيارة لاستهدافنا؛ فما بالك بالتحَرّك معهم والقتال في صفهم؟، هذا سوف يشكل لهم ضربة وانتكاسة.
هكذا كان يفهم الشهيد الصماد أهميّةَ الإعلام كجبهة هجومية مهمة ضد الأعداء وليس روتيناً اعتيادياً.
كما كان يقول الشهيد الصماد: إن الحرصَ على تلميع النفس في وسائل الإعلام يعتبر مؤشراً على عدم الإخلاص لله فهناك من يتحَرّك؛ مِن أجل تلميع نفسه وهناك من يشتغل بعيدًا عن الأضواء إلا ما تقتضيه ضرورة المواجهة مع العدوّ.
(الصفحة السابعة)
ذاتَ مرةٍ، أُرسِلَت للشهيد الصماد مظلوميةُ امرأة يتناقلها البعض في الواتس، فقال لي: قل لها تأتي يوم كذا، أنا خصصت هذا اليوم من كُـلّ أسبوع لكل من لديه مظلومية من عامة الناس ولأي شخص يريد مقابلتي سواءٌ أكان مسؤولاً أَو من عامة الناس.
كان الشهيدُ الصماد يهتمُّ بأية قضية مظلومية تصل إليه سواءٌ أكانت لشخص يعرفه أو لا يعرفه، ومن ذلك القصة التي ذكرتها في المقابلة التي أجرتها معي قناة المسيرة لفيلم الصماد أنني جئت يوماً للمكتب وعاد الشهيد الصماد وصل للمكتب، كان شكله جاداً ومتعباً، فقلت له يا أُستاذ شكلك عادك وصلت، قال: أيوه رحت أنصف واحد مسكين كان يشكي من شخص يدّعي أنه من أنصار الله أخذ عليه أرضيته، وكنت أرسلت بالشكوى حقه للجهات المعنية لكن ما جاء اهتمام وتفاعل؛ فرحت بنفسي أنصفه وأرد الأرضية حقه.
لم تكن القضايا الكبيرة تنسيه الاهتمام بهذه القضايا مهما كانت في نظر الآخرين صغيرة إلا أنها في نظر الشهيد الصماد مهمة ولا يمنعه أي مانع من أن يتولى هو بنفسه مباشرتها والاهتمام بها.
وكان ذلك استجابةً لتوجيهات السيد القائد -حفظه الله- التي طالما وجَّه بها وحثَّ عليها في خطاباته العامة وفي تعليماته الداخلية، فقد تم إرسال تعميم من السيد -يحفظه الله- إلى كُـلّ الجهات يلزم الجميع فيها بالاهتمام بأية مظلومية، والتحَرّك في إنصاف الناس، وعدم تجاهل أية قضية أَو مظلومية، والرفع إليه بما عجزنا نحن عن حلها؛ فكان الشهيد الصماد أحد الذين استجابوا لله وللقيادة في التحَرّك لإنصاف الناس.
كان أحد الإخوة يشرح للشهيد الصماد الحال السيئة التي عليها بعض السجون فلم يتمالك نفسه أن دمعت عينه ألماً وحسرة، وقال ما عندي علم بهذا لكن حدّدوا أيش تحتاجوا مني وإن شاء الله نعمل على توفيرها وسنعمل على معالجة أوضاعهم.
لقد كان الشهيد الصماد من أهل الخير والإحسان، وقد تجلى ذلك في قربه من الناس، وحرصه عليهم، وتلمسه لحاجاتهم، وسعيه في إنصافهم وقضاء حوائجهم.
ذات مرة قال لي: قل لفلان يدي لنا شوية دبات عسل أصلي باندي له قيمتهن وشلهن من عنده وسلمهن لفلان، قلت حاضر لمن تشتيهن، قال يا أخي زرتُ مجموعةً من المجاهدين في الموقع العسكري الفلاني وتغثَّيت [حزنتُ] على المجاهدين ذي هناك شكلهم أن حالتهم تعبانة وقد وعدتهم بعسل.
لقد توج الشهيد الصماد إحسانه بأن قدم نفسه وروحه في سبيل الله ونصرة لقيم الحق والخير، ودفاعاً عن الشعب، ورفعاً للظلم عنهم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الشهید الصماد
إقرأ أيضاً:
كيفية تمجيد الله والثناء عليه .. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الحمد قد يكون باللسان، وقد يكون بالجنان، وقد يكون بالأركان.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن َمِنْ حمد اللسان: الذكر بصريح الحمد (الحمد لله).
وَمِنْ حمد اللسان: أن تنزهه، وأن تطهره، كما طهرته بالماء في الوضوء؛ استعدادًا لمناجاة الله، وكما طهرته بالسواك، تطييبًا له؛ استعدادًا لملاقاة الله في الصلاة. وكان النبي ﷺ يحب السواك، حتى إنه طلبه من السيدة عائشة عندما دخل أخوها في حالة انتقاله ﷺ إلى الرفيق الأعلى، فنظر إليه، فعرفت أنه يريد السواك ﷺ، فبللته بريقها وأعطته لسيدنا رسول الله ﷺ فاستاك.
وكانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تفتخر بأن الله تعالى جعل ريقها مع ريقه الشريف آخر شيء، فقد فاضت روحه الكريمة الشريفة إلى ربها بعد هذا.
فاللهم صَلِّ وسلم على سيدنا محمد، الذي علمنا الأدب مع الله، والحمد قد يكون أيضًا بالجنان؛ فالقلب يشكر ربه.
ومن وسائل هذا الشكر أن يتعلق قلبك بالمسجد؛ شوقًا إلى الصلاة:
«ورجلٌ قد تعلق قلبه بالمساجد». والمساجد هنا هي مواطن السجود، وليست فقط الجوامع.
فقلبه معلقٌ بصلاة الظهر، ينتظرها ليصليها في وقتها، فإن انتهت تعلق قلبه بالعصر، ثم تعلق قلبه بالمغرب، تعلق قلبه بمواطن السجود؛ شوقًا لله.
وكان النبي ﷺ إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة، ضاقت به الحال، ضاقت به نفسه من نكد الدنيا، فإنه يفزع إلى الصلاة، فيجد راحته فيها. وكان يقول لبلال: «أرحنا بها يا بلال».
بعض الناس يصلي على نمط: (أرحنا منها)، يؤدي الواجب فقط، ويصلي ولكنه يريد أن ينتهي من الفرض.
لابد أن تأتي العبادة بشوق، وهذا نوعٌ من أنواع الحمد: تعلق القلب بالله، تعلق القلب بالمساجد للقاء الله، تعلق القلب بلقاء الله عن طريق الصلاة، وهكذا، تعلق القلب بالله هو حقيقة الحمد بالقلب.
والحمد قد يكون بالأركان، وفي ذلك يقول سيدنا رسول الله ﷺ شيئًا غريبًا، يقول: «مَنْ لم يشكر الناس، لا يشكر الله».
وكأنه يأمرك أن تشكر الناس على ما قدموه من معروف؛ لأن الله سبحانه وتعالى إذا أجرى المعروف على يد أخيك إليك، فكأنه أمرك أن تقول له: "جزاك الله خيرًا".
«وَمَنْ قال لأخيه: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ له في الثناء».
فإذا أنكرت عليه المعروف، فكأنك أنكرت على الله سبحانه وتعالى إجراء ذلك المعروف على يديه. ولذلك لا تشكر الله هكذا، عندما تنكر إجراء المعروف على يد أخيك إليك، كأنك تكذب. عدم الاعتراف هنا كأنه كذب. بل يجب عليك أن تشكر مَنْ أجرى الله المعروف على يديه؛ اعترافًا بفضل الله أنه خَصَّهُ بذلك.
فإن أنكرت، فأنت تتكلم عن حسد، عن حقد، عن غيرة، وهي قلة ديانة.
ولذلك الحديث واضح: «مَنْ لم يشكر الناس، لا يشكر الله».
إذن، فالحامدون لا يتم حمدهم لله رب العالمين إِلَّا إذا شكروا أهل المعروف من البشر؛ حيث ساق الله المعروف إليهم، فهو نعمةٌ مسداة من قبل الرحمن على يد هذا الذي أصبح واسطةً للخير. و«الدال على الخير كفاعله».
لا يَكْمُل الحامد، ولا يبلغ مبلغ الكمال، إِلَّا إذا شكر الناس.