عربي21:
2025-02-05@17:41:46 GMT

الصراخ الذي لم ينقطع في السودان

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

أصبحت كوارث العالم العربي ومآسيه ترقق بعضها بعضا، فقد أزاح طوفان الأقصى ما دونه من أخبار ومشاكل في العالم العربي خاصة المصيرية منها، وعلى رأسها الحرب الدائرة في السودان التي جعلت ما يزيد عن 25 مليون شخص، هم نصف عدد السكان، يحتاجون إلى كافة أنواع المساعدات والحماية، في وقت لم ينقطع فيه صراخ الشعب السوداني من الحرب الدائرة هناك، ولا أفق لحلها حتى الآن.



لجأ الشعب السوادني إلى كل أنواع الحلول في السنوات القليلة الماضية السياسية منها والثورية، وتدخلت في شئونه كل الدول الإقليمية والقوى الدولية تقريبا، ولم يزد الوضع في السودان إلا سوءا.

لقد كشفت هذه الحرب عن عوار كبير في العمل الدبلوماسي أولا والإعلامي ثانيا، وهو أن ما هو بعيد عن بؤرة النظر الدولي بعيد عن بؤرة الاهتمام. فبوصلة الاهتمام ليست متعلقة بتفاقم الوضع الإنساني والميداني؛ بقدر ما هي متعلقة بتوازنات القوى وتسجيل النقاط السياسية والعسكرية والاستراتيجية في مرمى الخصوم. والأمر ذاته ينطبق على التغطية الإعلامية التي تجاهلت السودان تماما خلال الفترة الماضية.
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة.

الوضع المتفاقم في السودان يسترعي بعض الاهتمام الدبلوماسي والإعلامي؛ من زاوية المآسي الإنسانية ومن زاوية تأثيراتها على الوضع الإقليمي ودور الجوار. وإذا كانت الجامعة العربية تتذرع أحيانا بالوضع الدولي وتوازنات القوى فيما يتعلق بفلسطين، فليس لها من عذر في التراخي في التعامل مع هذا الحرب وعدم تقديم أية مبادرات أو تحركات دبلوماسية خاصة في الإطار الأفريقي، بعيدا عن المناشدات والمطالبات الإعلامية العامة.

أثبتت الحرب الدائرة في السودان كارثة تنازع الشرعية بين قوتيين يمتلك كل منهما السلاح العسكري الثقيل والأمني الخفيف داخل دولة واحدة، كما أثبتت ضعف آلية حل النزعات العربية-العربية، والأهم من ذلك أثبتت أنه مهما كانت الكلفة البشرية والإنسانية للمآسي العربية، فإن استحداث مأساة جديدة أفدح منها ثمنا كفيل بأن يحيل المأساة الأخرى إلى مجاهل النسيان. فلا أحد يتذكر مآسي اليمن أو سوريا الآن للأسف؛ الفارق الوحيد ربما هو أن النفوذ الإقليمي والدولي ظاهر وواضح عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا وطائفيا في هذين البلدين، والأمر مختلف عن ذلك في السودان.

لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم
إن الحرب في السودان هي جزء أيضا من العلاقات العربية الإسرائيلية الملتهبة، فقد كشفت الحرب في السودان أن الرهان على إسرائيل لنيل الدعم المحلي رهان خاسر، فهرولة كل من البرهان وحميدتي إلى أحضان الاتصالات وإقامة العلاقات مع تل أبيب لم تثمر سوى مزيد من الخراب للبلاد والعباد في السودان.

وملف السودان ليس ملفا عربيا وأفريقيا فقط، بل هو ملف على طاولة إسرائيل ينبغي أن تحاسَب سياسيا عليه باعتبار أنها تملك علاقات متميزة مع كلا الفريقين، بل وقدمت مقترحات مصالحة للطرفين وصلت إلى حد دعوتها لتوقيع اتفاق سلام في تل أبيب.

هناك ما يبرر الآن أن تنشغل إسرائيل عما يجري في السودان، وتنشغل الدول الكبرى أيضا عما يجري فيه، لكن ليس هناك ما يبرر انطفاء وهج الاهتمام العربي بالسودان الذي ما فتئ يصرخ من شدة ما ألمّ به من أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية.

لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السودان البرهان السودان صراع حميدتي البرهان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی فی السودان الحرب فی

إقرأ أيضاً:

الحرب ليست قدرًا.. أوقفوا نزيف الوطن!

في زمن القيد والدم

يا رفيقي، وكيف نبكي جراحًا؟ كلُّ جرحٍ على المدى يستغيثُ
أين صوتُ الأحرار؟ هل ماتَ صوتٌ كان يومًا على الدُجى لا يخيفُ؟

في بلادي تُباعُ روحُ الرجالِ ثم يُرمَون في القيودِ صِغارًا
كلُّ حرٍّ متّهمٌ بالخيانةِ والمآسي تُقامُ فيها الديارا

هذه الأرضُ، هل تظلُّ رهينًا؟ بينَ نارٍ، بينَ سيفٍ يُذابُ؟
أيُّ دينٍ يُبَاعُ في سوقِ ظلمٍ؟ أيُّ عدلٍ إذا الرصاصُ يُجابُ؟

إنها فتنةٌ، ترى الناسَ فيها باسمِ ربٍّ يُقتلونَ طوائفْ
كم بريءٍ قد سُمّيَ اليومَ خائنًا؟ وهو في الحقِّ وحدَهُ قد يُنافحْ

يا رفيقي، متى نرى النيلَ يجري ليس يلطُخْ ضفَافَهُ دمُ قاتلْ؟
متى يولدُ النهارُ في أرضِ شمسي حيثُ لا يغربُ الضياءُ العادلْ؟

أيها القاتلونَ، كُفّوا يدَ الحقدِ دعوا النيلَ من دماءِ الذبيحِ
كلُّ جرحٍ سيورقُ الحقُّ فيهِ رغمَ سوطِ الطغاةِ رغمَ الجريحِ

يا بلادي، أما كفاكِ عذابًا؟ أنتِ أمٌّ لكلِّ قلبٍ شريفِ
فلنحيِ القِيَمْ، نعيدُ الضياءَ قبلَ أن يُطفئَ الخنوعُ الخريفَ

بينما تتساقط القذائف على البيوت، ويُدفن الأطفال تحت أنقاض المدن، ويجوع الشيوخ في أرضهم، لا بد أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا: إلى متى ستظل الحرب تحكم مصيرنا؟ إلى متى ستبقى القوة الغاشمة هي لغة التعامل بين أبناء الوطن الواحد؟

لقد أدركت الشعوب الحية أن السلاح لا يبني الأوطان، وأن الدم لا يكون أبدًا مدادًا لمستقبلٍ مشرق. فلماذا نختار المسار الذي يقتل حاضرنا ويدمر مستقبلنا؟ لماذا يصرُّ البعض على الزجِّ بالبلاد في نفق الكراهية والدمار بينما الحلول السياسية لم تُستنفد بعد؟

أوقفوا الحرب من أجل أطفالنا!
كل يوم يموت أطفال أبرياء تحت القصف أو من الجوع والعطش والمرض، بينما العالم يكتفي ببيانات الشجب والإدانة. هؤلاء الأطفال ليسوا أرقامًا في نشرات الأخبار، إنهم مستقبل السودان، فإن استمرت الحرب فلن يكون لنا وطن نعود إليه.

النساء في دائرة النار!
الحرب لا ترحم أحدًا، لكنها تكون أكثر قسوة على النساء اللواتي يُجبرن على الفرار، أو يُتركن لمصير مجهول وسط الفوضى. كم من أمٍّ فقدت أبناءها؟ كم من فتاةٍ أصبحت لاجئةً في وطنها؟ هذا الخراب لا يمثّل قيمنا، ولا يمتّ لأخلاق السودانيين بصلة.

شيوخنا الذين صنعوا هذا الوطن يموتون من الجوع والخذلان!
هل يعقل أن يتحول كبارنا – الذين أفنوا أعمارهم في بناء هذه البلاد – إلى متسولين على أبواب الإغاثة؟ أي شرف تبقى لنا إن كنا عاجزين عن توفير أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة؟ الحرب لا تحترم شيبة الحكيم، ولا تسأل عن تاريخ من ضحوا من أجل السودان، لكنها تصرُّ على إذلالهم في أواخر أيامهم.

السودان أرض القيم والكرامة، لا أرض العرقية والطائفية!
تاريخ السودان لم يُكتب بالسلاح، بل بعرق الرجال والنساء الذين آمنوا بوحدة ترابه وعدالة قضيته. اليوم يُراد لنا أن نتحول إلى قبائل متناحرة، وإثنيات متصارعة، وطوائف متقاتلة. يُراد لنا أن ننقسم على أساس العرق والدين والولاء السياسي، لكننا أبناء هذه الأرض قبل كل شيء، وعلينا أن نرفع راية الإنسانية فوق كل الرايات.

الحوار هو الحل الوحيد!
لا نحتاج إلى المزيد من الدماء لنصل إلى حقيقة واضحة: لا منتصر في هذه الحرب، الجميع خاسرون. الحلّ الوحيد هو طاولة المفاوضات، حيث يكون السلاح هو العقل، والرصاص هو الكلمة، والمعركة الوحيدة هي معركة البناء والتنمية والسلام.

نناشد الجميع، من قادة سياسيين وعسكريين ومثقفين ورجال دين وشباب، أن يقفوا وقفة وطنية تاريخية، أن يقولوا بصوت واحد: كفى للحرب، كفى للدمار، كفى لقتل السودان بأيدينا!

السودان ليس أرضًا للحرب، السودان وطن الشمس التي لا تغيب، والنيل الذي لا يتوقف عن العطاء. فلنجعل السلام خيارنا، قبل أن نصبح جميعًا مجرد ذكرى في صفحات الحروب المنسية.

مرثية في زمن الحرب#

يا رفيقي، وهل تُرى الليل يمضي؟ أم تُرى باتَ في الدُجى لا يغيبُ؟
كيف نشكو وجُرحُنا غير يُشفى؟ والمآسي كأنها لا تَطيبُ؟

قد سَلبنا العِدى بَريقَ الديارِ ثم ألقوا بنا هُنا نستغيثُ
كلما قلتُ سوف يأتي ربيعٌ **عَصفَ الظُلمُ وانحنى بي خريفُ

أنتَ في السجنِ والقيودُ قيودٌ ليس فيها سوى الأسى والدموعِ
وأنا في الضياعِ أنبشُ صمتًا **فوقَ رملٍ، فوقَ الدمارِ الفظيعِ

أين أضواءُ شارعٍ كان يسري فيه طيفُ الأحبة المستضامِ؟
أين خبزُ الفقير، ماءُ اليتامى؟ كل شيءٍ تطايرَ الآنَ حامِ

أيها الصحفيُّ كيف احتِمالُك؟ هل أتاك المماتُ من غيرِ سيفِ؟
حين جاعَ اليراعُ ماتَ المعاني **وأتى القهرُ بالسوادِ الكثيفِ

إن يكن قد دنا الرحيلُ فإني شاهدٌ أنكم رجالُ الندى
في دروبِ العذابِ كنتمْ ضياءً لم يغيرْ جوعٌ ضياكمْ صدى

يا رفيقي، وإن بَقينا كأشباحٍ ترامت على مفازِ الخرابِ
سوفَ يأتي النهارُ لا شكَّ فيهِ وسنمضي على طريقِ الصوابِ

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الحرب ليست قدرًا.. أوقفوا نزيف الوطن!
  • العالم العربي بين نموذج ديب سيك وشات جي بي تي
  • الأمن العربي من غزة إلى السودان
  • جامعة الدولة العربية تدعم السودان وتؤكد وحدة وسيادة أراضيه 
  • السودان وجنوب السودان يتفقان على مراقبة الحدود
  • ما الذي ورط الجمهوريون أنفسهم فيه؟!
  • درع السودان، الذي انخرط تحت قيادة عسكرية بدا أكثر انضباطاً وحيوية
  • تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية".. جامعة الدول العربية تفتتح دائرة الحوار العربي حول الذكاء الاصطناعي في الإسكندرية
  • البرلمان العربي يدعو لتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية
  • البرلمان العربي يدعو لتوطين صناعة الذكاء الاصطناعي