عربي21:
2024-07-03@04:10:16 GMT

الصراخ الذي لم ينقطع في السودان

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

أصبحت كوارث العالم العربي ومآسيه ترقق بعضها بعضا، فقد أزاح طوفان الأقصى ما دونه من أخبار ومشاكل في العالم العربي خاصة المصيرية منها، وعلى رأسها الحرب الدائرة في السودان التي جعلت ما يزيد عن 25 مليون شخص، هم نصف عدد السكان، يحتاجون إلى كافة أنواع المساعدات والحماية، في وقت لم ينقطع فيه صراخ الشعب السوداني من الحرب الدائرة هناك، ولا أفق لحلها حتى الآن.



لجأ الشعب السوادني إلى كل أنواع الحلول في السنوات القليلة الماضية السياسية منها والثورية، وتدخلت في شئونه كل الدول الإقليمية والقوى الدولية تقريبا، ولم يزد الوضع في السودان إلا سوءا.

لقد كشفت هذه الحرب عن عوار كبير في العمل الدبلوماسي أولا والإعلامي ثانيا، وهو أن ما هو بعيد عن بؤرة النظر الدولي بعيد عن بؤرة الاهتمام. فبوصلة الاهتمام ليست متعلقة بتفاقم الوضع الإنساني والميداني؛ بقدر ما هي متعلقة بتوازنات القوى وتسجيل النقاط السياسية والعسكرية والاستراتيجية في مرمى الخصوم. والأمر ذاته ينطبق على التغطية الإعلامية التي تجاهلت السودان تماما خلال الفترة الماضية.
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة
ولا تتعلق المسألة بمصالح الدول الكبرى وتقديراتها للأمور وحسب، بل بطبيعة تقدير العقل العربي لنوعية الأزمات التي تمر بها البلدان المختلفة والنظرة قصيرة المدى للمصالح والمنافع، ناهيك عما تستوجبه أخلاق المروءة والشهامة.

الوضع المتفاقم في السودان يسترعي بعض الاهتمام الدبلوماسي والإعلامي؛ من زاوية المآسي الإنسانية ومن زاوية تأثيراتها على الوضع الإقليمي ودور الجوار. وإذا كانت الجامعة العربية تتذرع أحيانا بالوضع الدولي وتوازنات القوى فيما يتعلق بفلسطين، فليس لها من عذر في التراخي في التعامل مع هذا الحرب وعدم تقديم أية مبادرات أو تحركات دبلوماسية خاصة في الإطار الأفريقي، بعيدا عن المناشدات والمطالبات الإعلامية العامة.

أثبتت الحرب الدائرة في السودان كارثة تنازع الشرعية بين قوتيين يمتلك كل منهما السلاح العسكري الثقيل والأمني الخفيف داخل دولة واحدة، كما أثبتت ضعف آلية حل النزعات العربية-العربية، والأهم من ذلك أثبتت أنه مهما كانت الكلفة البشرية والإنسانية للمآسي العربية، فإن استحداث مأساة جديدة أفدح منها ثمنا كفيل بأن يحيل المأساة الأخرى إلى مجاهل النسيان. فلا أحد يتذكر مآسي اليمن أو سوريا الآن للأسف؛ الفارق الوحيد ربما هو أن النفوذ الإقليمي والدولي ظاهر وواضح عسكريا ودبلوماسيا وسياسيا وطائفيا في هذين البلدين، والأمر مختلف عن ذلك في السودان.

لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم
إن الحرب في السودان هي جزء أيضا من العلاقات العربية الإسرائيلية الملتهبة، فقد كشفت الحرب في السودان أن الرهان على إسرائيل لنيل الدعم المحلي رهان خاسر، فهرولة كل من البرهان وحميدتي إلى أحضان الاتصالات وإقامة العلاقات مع تل أبيب لم تثمر سوى مزيد من الخراب للبلاد والعباد في السودان.

وملف السودان ليس ملفا عربيا وأفريقيا فقط، بل هو ملف على طاولة إسرائيل ينبغي أن تحاسَب سياسيا عليه باعتبار أنها تملك علاقات متميزة مع كلا الفريقين، بل وقدمت مقترحات مصالحة للطرفين وصلت إلى حد دعوتها لتوقيع اتفاق سلام في تل أبيب.

هناك ما يبرر الآن أن تنشغل إسرائيل عما يجري في السودان، وتنشغل الدول الكبرى أيضا عما يجري فيه، لكن ليس هناك ما يبرر انطفاء وهج الاهتمام العربي بالسودان الذي ما فتئ يصرخ من شدة ما ألمّ به من أزمة سياسية وعسكرية وإنسانية.

لم تدق الحرب في الجنوب سابقا أو الحرب في دارفور ما يكفي من أجراس الإنذار لإيقاظ الاهتمام العربي بالسودان؛ حتى انفصل الجنوب ودخلت البلاد في نفق مظلم من الحرب الأهلية، وأتمنى أن تُسمع أجراس الحرب الحالية العالم العربي فيولي السودان ما يستحقه من اهتمام ودعم.

twitter.com/HanyBeshr

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السودان البرهان السودان صراع حميدتي البرهان سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العالم العربی فی السودان الحرب فی

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية وحزب الله.. ماذا وراء الانفتاح؟

أثارت خطوة جامعة الدول العربية إلغاء تسمية حزب الله اللبناني ككيان إرهابي تساؤلات بشأن دوافع ذلك التحرك خلال هذا التوقيت تحديدا، وسط مخاوف من اندلاع حرب مدمرة بالمنطقة تشمل لبنان.

وفي تصريحات لقناة "القاهرة الإخبارية" من العاصمة بيروت، قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حسام زكي، السبت، إن الدول الأعضاء "توافقت" على إلغاء تسمية حزب الله ككيان إرهابي.

وأضاف: "كان هناك تسمية لحزب الله بأنه إرهابي في قرارات جامعة الدول العربية ولذلك كان التواصل معه منقطع.. عندما توافقت الدول الأعضاء بالجامعة بعدم استخدام هذه الصيغة فإن الطريق فتح أمامنا للتواصل" مع حزب الله.

وتابع أن جامعة الدول العربية "لا تملك قائمة بالمنظمات الإرهابية.. وليس هناك جهد لكي يتم تسمية كيانات معينة في هذا الاتجاه".

ولم يرد زكي على اتصال ورسالة نصية من موقع قناة "الحرة" بغية الحصول على إيضاحات عن دوافع جامعة الدول العربية لاتخاذ مثل هذا القرار حاليا.

وفي تصريحات على لسانه نقلتها وسائل إعلام عربية، أفاد زكي بأن تسمية حزب الله بالإرهابي أسقطت عام 2023 في قمة جدة.

لكن محللين ربطوا التحرك العربي تجاه حزب الله خلال هذا التوقيت بالوضع السياسي الملتهب بالمنطقة، وسط مخاوف من توسع نطاق الحرب في غزة، لتشمل لبنان.

"إنقاذ لبنان"

السياسي المصري البارز، عبدالمنعم سعيد، يرى أن الدول العربية تعمل على "إنقاذ لبنان من محاولة تصعيد قادمة بالإبقاء على خطوط التواصل مفتوحة مع حزب الله".

وقال سعيد، وهو عضو مجلس الشيوخ المصري، في تصريحات لموقع "الحرة" إن الجهود الإقليمية تحاول "خلق جسور يمكن أن تساهم في تبريد الموقف".

ويخوض حزب الله وإسرائيل اشتباكات يومية منذ الحرب التي اندلعت بقطاع غزة قبل ما يقرب من 9 أشهر، لكن مخاوف من اتساع نطاق الصراع تزايدت مؤخرا بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أنه وافق على خطط عملياتية لشن هجوم على لبنان.

بدوره، قال أستاذ دراسات الشرق الأوسط بالجامعة الأميركية في باريس، زياد ماجد، إن إزالة تسمية حزب الله ككيان إرهابي من قبل الجامعة العربية جاء "لتسهيل التفاوض بين أطراف عربية وبين قيادات الحزب مباشرة فيما يتعلق بالحرب على الحدود الجنوبية" للبنان.

وأضاف ماجد أيضا في حديثه لموقع "الحرة" أن السبب الآخر وراء هذه الخطوة أيضا هو "تسهيل التعامل مع الحزب في ملف انتخابات الرئاسة اللبنانية"، على اعتبار أن هذه الجماعة تملك نوابا ووزراء.

وكان الحزب الشيعي الموالي لإيران بدأ بالاشتباكات "إسنادا ودعما" لحركة حماس في غزة التي أشعل هجومها على إسرائيل شرارة الحرب.

وتطلب إسرائيل من مسلحي حزب الله العودة بضعة كيلومترات عن حدودها لما وراء نهر الليطاني فيما يصر الحزب على إنهاء حرب غزة أولا.

وقال المحلل السياسي القطري، علي الهيل، إن تحرك الجامعة العربية للتواصل مع حزب الله يأتي في سياق "ردع إسرائيل"، مضيفا في حديثه لموقع "الحرة" أن الدول العربية تسير في اتجاه خفض التصعيد بين حزب الله وإسرائيل.

ويعتقد الهيل أن المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، يريدون إطالة أمد الحرب من خلال توسيع الصراع ليشمل لبنان.

وتابع قائلا: "نتانياهو شخصيا يريد توسيع الصراع خارج غزة لأنه يعلم أنه إن لم يطل أمد الحرب، فإن عمره السياسي سينتهي".

والجمعة، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن مصدر مطلع لم تكشف عن هويته قوله إن الولايات المتحدة طلبت من قطر المساعدة في عملية وساطة لتجنب الحرب بين إسرائيل وحزب الله.

وحافظت قطر على تواصل مع حزب الله وبقية الأطراف السياسية الفاعلة في لبنان، إذ سبق لها أن لعبت دور الوسيط في الأزمة السياسية اللبنانية عام 2008 برعايتها توقيع اتفاق بين الفرقاء أدى لوضع حد لأعمال العنف وانتخاب رئيس جديد للجمهورية آنذاك، بحسب وكالة فرانس برس.

وقال الهيل إن "قطر تحاول أن توقف التصعيد (في المنطقة) حتى لا يمتد الصراع إلى بيروت".

وحذرت إيران، السبت، إسرائيل من "حرب إبادة" بـ"مشاركة كاملة لمحور المقاومة" الذي يضم طهران وحلفاءها الإقليميين في حال شنت هجوما "واسع النطاق" على حزب الله في لبنان.

وشددت طهران في بيان لبعثتها الأممية على أن "جميع الخيارات ستكون مطروحة، بما في ذلك المشاركة الكاملة لمحور المقاومة" حال شنت إسرائيل حربا على لبنان.

وأعلنت جامعة الدول العربية، الجمعة، أن السفير حسام زكي بحث خلال زيارته لبيروت بحث "احتواء التصعيد الحالي في الجنوب اللبناني"، بالإضافة إلى مسألة "الشغور الرئاسي الممتد لأكثر من 19 شهرا" في لبنان.

دوافع "سياسية"

وكانت جامعة الدول العربية أعلنت في عام 2016 أنها صنفت حزب الله "إرهابيا" بعد قرار مماثل من مجلس التعاون الخليجي، توازيا مع أزمة دبلوماسية عميقة بين طهران ودول الخليج.

وفي هذا الإطار، قال ماجد، وهو أيضا باحث بمركز "كارينغي" للسلام الدولي، إن تصنيف المنظمات الإرهابية هي خطوة غالبا ما تكون ذات دوافع "سياسية وليست بالضرورة قانونية".

وأوضح بقوله إن "القانون الدولي لا يوجد فيه ما ينص على تعريف الإرهاب، والأمم المتحدة لم تتفق على تعريف الإرهاب".

وتابع: "حينما كانت دول الخليج في صراع مع إيران، ضغطت على الجامعة العربية من أجل إدراج حزب الله منظمة إرهابية، وبعدما تصالحت هذه الدول، خاصة السعودية مع إيران، لم يعد من حاجة لهذا النوع من الاستخدام والتوظيف ضمن منظومة جديدة تقوم على المصالحات الإقليمية".

وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والإمارات من جهة وإيران من جهة أخرى إلى مستوى السفراء عام 2022، أعادت السعودية علاقاتها مع إيران بوساطة صينية خلال العام الماضي بعد 7 سنوات من القطيعة.

ومع ذلك، قال سعيد إن العلاقات بين دول الخليج العربية وإيران "لا تزال متوترة"، مشيرا إلى أن عودة العلاقات الدبلوماسية لا تمثل سوى "تهدئة".

وهنا، شكك محللون أن يكون التواصل العربي مع الجماعة اللبنانية "فعالا" لوقف التصعيد على المستوى الإقليمي.

وقال ماجد إن التصعيد في الحرب الدائرة حاليا تصعيد إسرائيلي منذ البداية، مردفا: "لم يكن لدى حزب الله النية لحرب شاملة؛ فهو أراد الدخول في حرب محدودة ضمن أطر جغرافية معينة وأسلحة محددة لإظهار الدعم ضمن حلفه مع إيران، ومحاولة تخفيف الضغط على غزة كما يقول".

لكن سعيد يذهب في اتجاه معاكس قائلا إن "حزب الله وكيل لإيران وسيفعل ما تطلبه (طهران) منه ... لابد من التعامل السياسي مع إيران مباشرة".

وأشار إلى أن طهران ووكلائها يحاولون "خلق منطقة مشتعلة لسنوات طويلة ... تمنع الدول الساعية للتنمية من تحقيق استقرار إقليمي ضروري".

مقالات مشابهة

  • التصعيد وتمهيد الطريق إلي جدة
  • خبراء يحذرون في ندوة بالاتحاد العربي للملكية الفكرية : التكنولوجيا هي القوى النووية القادمة
  • السفيرة أبو غزالة: الظروف التي تمر بها الأسرة العربية  تتطلب حلولاً ابتكاريه
  • "الشورى العماني" يدعو لتعزيز التعاون بين الدول العربية في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
  • سفراء الدول والمنظمات: ثورة 30 يونيو أعادت لمصر مكانتها الإقليمية
  • الجامعة العربية وحزب الله.. ماذا وراء الانفتاح؟
  • أستاذ دراسات إيرانية: رفع صفة الإرهابي عن حزب الله اللبناني توحيد للصف العربي
  • اختتام فعاليات الدورة الـ 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس
  • البرلمان العربي للطفل رافد رئيسي في تأهيل قيادات الطفولة العربية
  • "العسومي": الدبلوماسية البرلمانية تمثل صوت وإرادة الشعوب لتحقيق طموحها وتعزيز مكتسباتها