أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟ فقد سألني بعض الأصدقاء أنَّه يعتاد وضع بعض أنواع الكريمات على جَسَده بعد الغُسْل، وبعضُ هذه الكريمات ذات رائحةٍ عِطْريةٍ، فهل يجوز له ذلك؟".

ورد دار الإفتاء، م إنه لا يجوز للمُحرِم وضع الكريمات ذات الرائحة العِطْرية التي تُقْصَد للتَّطيُّب خاصة، أمَّا إن كانت لا تُستعمَل للتَّطيُّب بنفسها، فيجوز استعمالها حال الإحرام، ولا حَرَج في ذلك، وليس على المُحرِم حينئذٍ فدية، والأَوْلَى عدم استعمال ذلك إلَّا عند الحاجة خروجًا مِن الخلاف.

متى ليلة النصف من شعبان 2024؟..متبقي 8 أيام انتهز الفرصة قبل رفع الأعمال لماذا تُمهل الملائكة العاصي 6 ساعات قبل كتابة السيئات ؟.. اعرف السر

بيان أن التطيب في البدن أو الثوب من محظورات الإحرام

اتفق الفقهاء على أنَّ مِن محظورات الإحرام: التَّطيُّب في البَدَن أو الثوب؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن رجلٍ سأله عَمَّا يَلْبَس الـمُحرِم: «لَا يَلْبَسُ القَمِيصَ، وَلَا العِمَامَةَ، وَلَا السَّرَاوِيلَ، وَلَا البُرْنُسَ، وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ أَوِ الزَّعْفَرَان» متفق عليه.

ونَقَل الفقهاءُ الإجماعَ على ذلك، كما ذَكَر العَلَّامة أبو الحسن ابن القَطَّان المالكي في "الإقناع" (1/ 258، ط. الفاروق الحديثة).

الحكمة من منع الطيب على المحرم

الحكمة مِن منع التَّطيُّب على المُحرِم أنَّ مِن شأنه تَرْك الزينة حال الإحرام، والتَّطيُّب ينافي ذلك، أَمَّا التطيب للإحرام قَبْل الدخول فيه فهو مِن السُّنَن ولا حَرَج فيه؛ ولذلك تقول أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "كنت أُطيِّبُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحِلِّه قبل أن يطوف بالبيت" متفقٌ عليه.

هل تخفيف المرأة لملابسها يمنع دخول الملائكة للمنزل ؟.. الإفتاء تجيب علاج رباني لمن يعاني من وسواس الموت

حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام ومذاهب الفقهاء في ذلك

المقصود بالطِّيب كما ذَكَره الفقهاء: ما يُقْصَد ريحه غالبًا، بحيث يبقى ريحُه وأَثَرُه، ولذلك ينص العَلَّامة شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 158، ط. دار الفكر) على تفسير الطيب بأنَّه: [ما يظهر ريحه وأثره] اهـ.

وهو ما عَبَّر عنه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "الغرر البهية" (2/ 342، ط. المطبعة الميمنية) بقوله: [ما يُقْصَد ريحه غالبًا] اهـ.

وعلى ذلك فما يُقْصَد للأكل أو الشُّرْب خارج عن ماهية التَّطيُّب المحظور على المُحرِم.

ومما يرتبط بذلك وَضْع الـمُحْرِم للأدهان -ومنه الكريمات محل السؤال- على بَدَنه، والفقهاء قد نصوا على حكم ذلك وفرقوا بين حالتين:

الحالة الأُولَى: أن يكون ما يُدْهَن به البَدَن مُطَيِّبًا، على تفسير الطِّيب كما سَبَق، فالفقهاء متفقون على مَنْع ذلك على المُحْرِم، ولو لعذرٍ، كما أفاده العَلَّامة علاء الدين الكَاسَاني الحنفي في "البدائع" (2/ 190، 191، ط. دار الكتب العلمية)، والعَلَّامة شمس الدِّين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (3/ 156)، والإمام محيي الدِّين النَّووي الشافعي في "روضة الطالبين" (3/ 133، ط. المكتب الإسلامي)، والعَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي الحنبلي في "شرح المنتهى" (1/ 542، ط. عالم الكتب).

والحالة الثانية: أن يكون ما يُدْهَن به البَدَن ليس مُطَيِّبًا، أو الطِّيب فيه غير مقصودٍ، فيرى الشافعيةُ جواز ذلك ولو من غير عُذْرٍ، وهذا هو الصحيح من مذهب الحنابلة، وأحد قولي المالكية إن كان لعذرٍ، وهذا الجوازُ أيضًا هو قول الصاحبين مِن الحنفية إلَّا أنهما أوجبا التَّصدُّق في هذه الحالة ولم يلزموه بالفِدْية، وإيجابُ الصَّدقة لا ينافي الجواز.

ويرى الإمام أبو حنيفة مَنْع ذلك، وأَوْجب فيه الفِدْية، وهو قول المالكية إن كان لغير عذرٍ.

قال العَلَّامة فخر الدين الزيلعي في "تبيين الحقائق" (2/ 53، ط. الأميرية) عند كلامه على الجنايات في الحج: [(أو ادَّهن بزيتٍ) يعني: يجب فيه الدَّم، وهذا عند أبي حنيفة... وقال أبو يوسف ومحمد: يجب عليه الصدقة؛ لأنَّه مِن الأطعمة، إلَّا أَنَّ فيه نوع ارتفاقٍ، بمعنى قَتْل الهوام وإزالة الشعث، فكانت جناية قاصرة] اهـ.

وعند حكاية هذا الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه يُوضِّح العَلَّامة بَدْر الدين العَيْني الحنفي في "البناية" (4/ 329، ط. دار الكتب العلمية) أنَّ في الادِّهان المختلف فيه [لا فَرْق بين الرأس وسائر البدن] اهـ.

وقال العَلَّامة أبو البركات الدَّرْدير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 60، ط. دار الفكر): [(و) حَرُم عليهما (دَهْن الجسد) لغير ضرورة... (بـمُطَيِّبٍ) راجع للجسد وما بعده، وهو متعلق بمقَدَّر، أي: وافتدى في دهنها بمُطَيِّب مطلقًا، (أو) بغير مُطَيِّبٍ (لغير علةٍ)، بل للتَّزيُّن، (و) بغير مُطَيِّبٍ (لها)، أي: للعلة، أي الضرورة مِن شقوق، أو مرض، أو قوة عمل (قولان) بالفدية وعدمها، لكن في الجسد] اهـ.

وفي سياق كلام الإمام النووي الشافعي على محظورات الإحرام، وأنَّ منه وضع الدُّهْن، الذي قد يكون منه المُطَيِّب وغير المُطَيِّب، يقول في "روضة الطالبين" (3/ 133) عند كلامه على الدُّهْن غير المُطَيِّب: [وأَمَّا غيرُه، كَالزَّيْتِ، والشَّيْرَج والسَّمْن والزُّبْد ودُهْنِ الـجَوْز واللَّوْز، فيَحْرُم استعماله في الرأس واللحية... ويجوز استعمال هذا الدُّهْن في سائر البدن شَعْره وبَشَره] اهـ.

وقال العَلَّامة أبو السَّعَادات البُهُوتي الحنبلي في "شرح المنتهى" (1/ 542): [(أو ادَّهن) مُحرِمٌ (بـ) دُهْنٍ (غير مُطَيِّب)، كشَيْرَجٍ وزَيْتٍ نَصًّا، (ولو في رأسه أو بدنه) فلا إثم ولا فدية فيه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فَعَله... ولعدم الدليل على تحريمه، والأصل الإباحة] اهـ.

فالواضح من نصوص الفقهاء السابقة أنَّ الحنفية يحظرون اتفاقًا ادِّهان المُحرِم بالمُطيِّب، فإن كان الدُّهْن غير مُطيِّب، فهو كذلك عند أبي حنيفة، خلافًا للصاحبين.

ويتضح أيضًا أنَّ المالكية يحظرون على المُحْرِم دَهْن جسده بأيِّ مُطَيَّبٍ، سواء لعذرٍ أو لا، فإن كان الدُّهن غير مُطيِّب، فإن كان لغير عذرٍ مُنِع أيضًا، لكن لعلة التَّزيُّن المناقضة لحال المُحْرِم -وهو المعنى الذي من أجله منع دَهْن شَعْر الرأس واللحية عندهم-، وإن كان لعلةٍ فقولان في المذهب.

ويظهر أيضًا مِن هذه النصوص أنَّ الشافعية يحظرون على المُحْرِم دَهْن جسده بالمُطيِّب ولو لعذرٍ، أمَّا غير المُطيِّب فيجوز ولو من غير عذرٍ، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة في هذه الحالة الثانية.

وعلى هذا التأصيل يجري الحكم في الكريمات ذات الرائحة العِطْرية (محل السؤال)، فإن كانت هذه الكريمات ذات الرائحة العِطْرية تُقْصَد للتَّطيُّب خاصة، أي: لا وجه فيها إلا الطِّيْب، فلا يجوز استخدامها للمُحْرِم؛ لأنَّه من التَّرفُّه والزينة المحظورين على المُحْرِم.

أَمَّا إن كانت لا تُستعمَل للتَّطيُّب خاصة، أي: لا يُقْصَد منها عادة الرائحة العِطْرية التي فيها: فلا مانع منها، ولا يحظر استعمالها على المُحْرِم، اختيارًا لمذهب الشافعية والحنابلة وقول الصاحبين من الحنفية، لا سيما وأنه أحد قولي المالكية حال العُذْر، وهذا الاختيار مبناه على السَّعَة في مسائل الحج خاصة، وأنَّ الأصلَ في مسائل العبادات حَمْل أفعال المسلمين على الصِّحة وحصول الثواب ما أمكن ذلك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: محظورات الإحرام على الم ح ر م المالکی فی فإن کان ع ط ریة غیر م ط إن کان

إقرأ أيضاً:

رأى نجاسة على ثوبه بعد الصلاة فهل يُعيدها؟.. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم صلاة من رأى نجاسة على ثوبه بعد الانتهاء من الصلاة؟ فقد صلَّيتُ العشاء ظانًّا طهارة بدني وثوبي ومكان صلاتي، فلمَّا فرغتُ من الصلاة رأيت النجاسة في ثوبي. فهل تصح صلاتي لجهلي بالنجاسة؟

ما حكم قول آمين عند قراءة آية دعاء في الصلاة؟.. الإفتاء تجيبهل كشف القدم فى الصلاة للمرأة حرام؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعيرؤية النجاسة بعد الصلاة

وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن طهارة الثوب والبدن والمكان شرطٌ لصحة الصلاة، ولا تصح صلاة من صلَّى عالمًا بالنجاسة اتِّفاقًا، أمَّا مَن عَلِم بالنجاسة بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحة على المختار للفتوى، إلَّا أنَّه يستحبُّ له إعادتها خروجًا من الخلاف، ومن ثَمَّ فصلاتك صحيحة، لكن يستحب لك إعادتها.

وأكدت أنه مِن المقرَّر شرعًا أنَّ مراعاة طهارة الثوب والبدن والمكان لازمة لمن أراد الصلاة؛ أمَّا طهارة الثوب؛ فلقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، وأمَّا طهارة البدن؛ فلما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبرين، فقال: ««إنَّهما ليعذَّبان، وما يعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنميمة» متفقٌ عليه.

وروى الشيخان أيضًا من حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلِّي».

وأمَّا طهارة المكان؛ فلقوله تعالى: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: 125]، كما رُوي عن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْحَمَّامَ وَالْمَقْبَرةَ» أخرجه أبو داود والترمذي في "السنن"..

طهارة الثوب والبدن

وكذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «نَهَى أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ: فِي المَزْبَلَةِ، وَالمَجْزَرَةِ، وَالمَقْبَرَةِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَفِي الحَمَّامِ، وَفِي مَعَاطِنِ الإِبِلِ، وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ» أخرجه الترمذي في "سننه".

وتابعت: واستنادًا إلى تلك النصوص الشرعية فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية في قولٍ، والشافعية، والحنابلة، إلى أنَّ طهارة الثوب والبدن والمكان شرطٌ من شروط صحة الصلاة، فمن صلَّى بالنجاسة متعمِّدًا عالمًا بها بطلت صلاته، ووجب عليه إعادتها.

واختلف الفقهاء في حكم صلاة من علم بالنجاسة بعد فراغه من الصلاة؛ فذهب الحنفية والشافعية في المذهب والحنابلة في رواية إلى أنَّ صلاته لا تصح، وعليه الإعادة.

وذهب المالكية والشافعية في القديم والحنابلة في الرواية الأخرى -وهي اختيار أكثر المتأخِّرين عندهم- إلى أنَّ صلاته صحيحة ولا يلزم إعادتها، وهو ما اختاره ابن المنذر، غير أن المالكية استحبوا إعادتها إذا كان الوقت باقيًا.

طباعة شارك دار الإفتاء الصلاة نجاسة طهارة الثوب طهارة الثوب والبدن

مقالات مشابهة

  • حكم التصوير أثناء مناسك الحج و العمرة .. الإفتاء تحذر من هذا الأمر
  • هل صلاة الجنازة مقدمة على السنة أو غيرها من الصلوات؟.. الإفتاء تجيب
  • محمد الصاوي: أحمد بدير تكفل بعمرة دون علمي بعد وفاة ابني
  • حكم حج المرأة بدون محرم .. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم عمارة وتزيين المساجد؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم الخلوة بين المرأة وطليقها أثناء فترة العدة.. الإفتاء تجيب
  • رأى نجاسة على ثوبه بعد الصلاة فهل يُعيدها؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما هو بديل سجود التلاوة عند تعذر أداؤه؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم قول آمين عند قراءة آية دعاء في الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • هل الشقة المؤجرة تدخل ضمن تركة المتوفى؟ .. الإفتاء تجيب