نشر موقع "ميديا سكوب" التركي، مقالا للصحفي رشوان تشاكر، تحدث فيه عن موقع الأحزاب السياسية التي أسستها أسماء بارزة انشقت عن حزب "العدالة والتنمية" بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، في ظل دخول البلاد أجواء الانتخابات المحلية المقبلة واحتدام المنافسة بين الفرقاء.

وقبل أعوام، انشق كل من رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، عن حزب "العدالة والتنمية" بعد خلافات حادة مع أردوغان، ليقررا على إثر ذلك شق طريقهما السياسي بمفردهما عبر تأسيس أحزابهما الخاصة.



وفي حين أسس داود أوغلو حزب "المستقبل"، قام باباجان بالإعلان عن إنشاء حزب "الديمقراطية والتقدم"، المعروف باختصار "ديفا - DEVA"، قبل أن ينضم السياسيان إلى جبهة المعارضة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العامة، الأمر الذي أسفر عن نجاحهما في دخول البرلمان عبر سياسة "المساومة" التي انتهجها حزب "الشعب الجمهوري" حينها على أمل الإطاحة بأردوغان.

وقال تشاكر في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن حزب "المستقبل" بقيادة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، لا يريد أن يتم النظر إليه على أنه جزء من تكتل المعارضة كما كان الحال قبل الانتخابات العامة في 2023، رغم الانتقادات الحادة التي يوجهها داود أوغلو لأردوغان كل أربعاء في اجتماعات حزبه.



وأشار الصحفي التركي إلى إعلان النائب عن حزب المستقبل في مدينة إسطنبول، سليم تيمورسي، أنه يدعم مرشح تحالف الجمهور وحزب العدالة والتنمية مراد كوروم لرئاسة بلدية إسطنبول في الانتخابات المقرر إجراؤها في 31 آذار/ مارس المقبل.

في المقابل، قال سلجوق أوزداغ، رئيس الكتلة النيابية لحزب المستقبل، والمرشح لمنصب رئيس بلدية مانيسا الكبرى، إن كلمات تيمورسي ليست ملزمة للحزب. رغم أن تيمورسي، وهو أحد الأسماء الأقرب لزعيم الحزب أحمد داود أوغلو، يشغل منصب عضو مجلس إدارة المقر ونائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس المنظمة في الحزب العام، بحسب المقال.

وفقا للكاتب، فإن دعم تيمورسي لكوروم، تسبب في موجة حادة من الانتقادات التي قالت إنه "تم انتخابه عضوا في البرلمان بفضل حزب الشعب الجمهوري، وهو الآن يدعم خصمه بدلا من أكرم إمام أوغلو".


وأوضح تشاكر أن أصحاب مثل هذه الانتقادات يتجاهلون حقيقة أنه من الصعب الآن منح تيمورسي، بل وحزب المستقبل بأكمله، توصيف "المعارضة".

وبرهن الكاتب على رأيه، بالإشارة إلى قرار حزب داود أوغلو دعم مرشح "العدالة والتنمية" عبد الله إيرين في مدينة ماردين، الذي يعد أقوى منافس لمرشح حزب المساواة الشعبية والديمقراطية "ديم"، أحمد تورك.

وقال إن حزب "المستقبل" أوضح موقفه هذا بالقول إن "مجلس الإدارة اتخذ هذا القرار بالإجماع، بغض النظر عن الهويات الحزبية، وشعارنا هو أولا الأمة، ثم الحزب، ثم أنا".

حزب باباجان
قال الصحفي التركي رشوان تشاكر، إن حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) الذي أسسه أشخاص انفصلوا عن حزب العدالة والتنمية مثل حزب "المستقبل"، أثار الكثير من الانتباه في البداية لكنه فقد نفوذه بمرور الوقت، موضحا أن الحزب بقيادة علي بابا جان يحرص الآن على التحرك بشكل مستقل بعد انتخابات عام 2023.



وبرهن تشاكر على رأيه، بالقول إن حزب "ديفا" لم يقبل دعوة حزبي "السعادة" و"المستقبل" لتشكيل مجموعة مشتركة في البرلمان، وهو الآن يدخل الانتخابات المحلية بمرشحيه الخاصين.

ومع ذلك، فإنه من غير الممكن أن يُقال إن حزب "ديفا" وزعيمه علي باباجان، لهما أي تأثير على خارطة الأجندة السياسية في الوقت الراهن، على حد قول الصحفي التركي.

ولفت المقال إلى أن باباجان يحاول جاهدا الابتعاد عن حزب "الشعب الجمهوري"، لاعتقاده أن الاقتراب من الحزب المعارض في الانتخابات الأخيرة عاد بآثار سلبية عليه وعلى حزبه. نتيجة لذلك، فإنه يحاول وزير الاقتصاد الأسبق ألا يُنظر إليه على أنه جزء من كتلة المعارضة.

وكان باباجان تحدث في وقت سابق، عن "مدى سوء التعاون" مع "الشعب الجمهوري" خلال الانتخابات السابقة، موضحا أن الكوادر القيادية في حزبه رفضت الخوض في أي تحالف بالإجماع.


وشدد السياسي التركي على أن الانتخابات المحلية المقبلة ستكون بمثابة إنذار لحزب "العدالة والتنمية"، زاعما أن أصوات هذا الأخير ستشهد تراجعا خلال الاستحقاق الانتخابي القادم.

ورغم ابتعاد حزبي "ديفا" و"المستقبل" بقيادة السياسيين البارزين عن جبهة المعارضة، إلا أن الصحفي التركي رأى أنهما سيجتمعان مجددا، وباقي أحزاب المعارضة، بجانب أكرم إمام أوغلو وحزبه "الشعب الجمهوري" في حال تمكن هذا الأخير من حماية مدينة إسطنبول وأنقرة اللتين انتزعهما عام 2019 من "العدالة والتنمية" لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة.

لكن إذا استعاد أردوغان إسطنبول وأنقرة، أو أحدهما على الأقل، فإنه سيكون قد اتخذ خطوة كبيرة جديدة في تحييد المعارضة ولن يكون لديه أي قلق بشأن الانتخابات العامة عام 2028، بحسب تشاكر.

وتقترب تركيا من موعد إجراء الانتخابات المحلية المقررة في 31 آذار/ مارس القادم، حيث ستفتح صناديق الاقتراع في 81 ولاية وقضاء أمام الناخبين، من أجل انتخاب رؤساء البلدية الكبرى والفرعية وأعضاء المجالس المحلية.

وتحظى الانتخابات المحلية في تركيا باهتمام عال من الأحزاب السياسية؛ لكونها أولى درجات سلم الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كما يرى مراقبون.

وشهدت الأشهر الأخيرة، انفراط عقد المعارضة وإعلانها تباعا نيتها دخول سباق الانتخابات المحلية المقبلة عبر تقديم مرشحيها الخاصين للمدن الكبرى والأقضية التركية دون الانضواء تحت مظلة أي تحالف.

في المقابل فإنه لا يزال "تحالف الجمهور" الذي يتزعمه الرئيس التركي ويضم أحزاب "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" و"هدى بار"، محافظا على تماسكه إلى حد كبير مقارنة بالمعارضة، رغم إعلان زعيم حزب "الرفاه من جديد" فاتح أربكان انشقاقه ودخوله الانتخابات بمفرده.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي منوعات تركية أردوغان تركيا تركيا أردوغان اسطنبول الانتخابات التركية سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات المحلیة المقبلة العدالة والتنمیة الشعب الجمهوری فی الانتخابات الصحفی الترکی داود أوغلو عن حزب إن حزب

إقرأ أيضاً:

المعارضة التونسية بين رهان السياسي ووجدان القاضي

المعارضة التونسية بين رهان السياسي و"وجدان" القاضي
عادل بن عبد الله
بصرف النظر عن التوصيف الدستوري لإجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 25 يوليو 2021 -هل هي انقلاب أم قراءة ما فوق دستورية- فإن تلك الإجراءات قد أعادت هندسة المشهد العام بصورة تجاوزت المستوى السياسي الصرف. ولأسباب يمكن ردها إلى ضعف المعارضة وهشاشة مخرجات الانتقال الديمقراطي من جهة، وإلى الدعم النشط من القوى الإقليمية المتوجسة من نجاح التجربة التونسية من جهة ثانية، استطاع الرئيس -بالتعامد الوظيفي مع النواة الصلبة للمنظومة القديمة وأذرعها المختلفة- أن يجمّع كل السلطات بين يديه، خاصة بعد القرار 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وهو ما أعطى للمراسيم والقرارات الرئاسية سلطة لا تقبل الطعن أمام أية جهة قضائية، كما خوّل ذلك المرسوم للرئيس "حصريا" سلطة إصدار القوانين لتنظيم المحاكم وكذلك مراجعة إجراءات التقاضي.

بدخول الدستور التونسي الجديد حيز التنفيذ إثر الاستفتاء الشعبي العام سنة 2022، أصبحت "السلطة" القضائية مجرد "وظيفة" مثلها في ذلك كمثل السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولم يكن تغير التسمية مجرد مسألة لغوية، بل كان تعبيرا عن رهان سياسي مداره شرعية "التأسيس الثوري الجديد". فالرئيس لا يعتبر "تصحيح المسار" تأسيسا لسلطة جديدة، بل هو إعادة لها إلى صاحبها الأصلي، أي الشعب. وهذا الشعب -حسب أنصار تصحيح المسار- هو الذي فوّض "الخبير الدستوري" قيس سعيد ليمارس السلطة باسمه مرتين: مرة أولى سنة 2019 عند انتخابه رئيسا من خارج النخب السياسية التقليدية ومن خارج الأحزاب، ومرة ثانية عند تأييده لإجراءات 25 تموز/ يوليو 2021.

ومهما كان موقفنا من الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 ومن مدى التزامها بالمعايير الدولية للانتخابات النزيهة، فإن فوز الرئيس قيس سعيد قد جاء ليُشرعن سردية التفويض الشعبي وليدفع بـ"حرب التحرير الوطني" إلى مرحلة اللا عودة، خاصة من جهة علاقة المنظومة الحاكمة بأغلب الفاعلين الاجتماعيين المعارضين، أي بأولئك الذين جاء "تصحيح المسار" لإنهاء الحاجة إليهم وإلى أجسامهم الوسيطة وديمقراطيتهم التمثيلية.

في ظل سردية "حرب التحرير الوطني"، لا يكون توحّد الجبهة الداخلية ضد "الخونة" و"المتآمرين" و"الفاسدين" خيارا، بل هو واجب وطني لا يمكن لأي "وظيفة" من الوظائف الثلاث ألا تنخرط فيه دون أن تكون عرضة هي الأخرى لتهمة الخيانة/ العمالة. وهو ما وضع الوظيفة القضائية أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاشتغال بمنطق "الوظيفة" التابعة للوظيفة التنفيذية، لا بمنطق السلطة المستقلة، وهو ما يعني أن يتخلى القاضي عن وجدانه ثقةً في وجدان السياسي والأمني حتى إن لم يكن ذلك الوجدان مسنودا بأدلة وبراهين، وإما أن يحافظ على استقلال "وجدانه" فيصبح عندها محل استهداف مباشر من السلطة التنفيذية كما وقع لعشرات القضاة المعزولين أو المعاقبين بنقلات تعسفية وغيرها. فتبرئة من وقر في وجدان السياسي و/أو الأمني أنهم مذنبون يجب "تطهير" البلاد منهم، تعني أنّ القاضي "شريك لهم" كما صرّح بذلك الرئيس نفسه.

للرد على بيان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الداعي إلى "وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير"، لم يجد النظام التونسي ممثلا في وزارة الخارجية تعبيرا أفضل من "بالغ الاستغراب". فالمفوض الأممي فولكر تورك يبني انتقاداته للنظام التونسي على "مغالطات"، ذلك أن الرواية الرسمية للنظام ما زالت متمسكة باستقلال القضاء وبتوفير الضمانات القضائية للمتهمين، كما أن النظام ينكر الطبيعة السياسية للقضايا ويعتبرها مجرد "قضايا حق عام" لا علاقة لها بأنشطة أصحابها الحزبية والسياسية والإعلامية ولا بممارستهم حرية الرأي والتعبير. وإذا قرأنا هذا الموقف الرسمي في سياق المحاكمات السياسية الحالية التي قد تصل بعض العقوبات فيها إلى الإعدام، سيكون من الواضح أن لا نية للسلطة للتراجع عن المقاربة الأمنية-القضائية لحل القضايا السياسية.

بمعنى من المعاني، يبدو أن النظام قد اختار المضيّ في المحاكمات الحالية ردا على دعوات الحوار الوطني وإظهارا لقدرته على فرض خياراته السلطوية الأحادية. فما لا يفهمه العديد من السياسيين والمحللين هو أن الحوار والتشاركية والاعتراف بتعدد الشرعيات والرمزيات والإقرار بدور الأجسام الوسيطة.. كل ذلك يعني نهاية "تصحيح المسار" وفقدانه لعلة وجوده أمام منظومة الاستعمار الداخلي ورعاتها في الخارج. ولذلك يواصل النظام سياسة الهروب إلى الأمام ويرفض الاعتراف بأي حاجة لتعديل خياراته الكبرى سواء في السياسة (الديمقراطية المباشرة) أو في الاقتصاد (الشركات الأهلية).

إن إدارة ملف المعارضة السياسية بمقاربة أمنية-قضائية مسنودة بإعلام مدجّن ليس خيارا جديدا في الساحة التونسية، بل هو إعادة إنتاج لخيارات سابقة منذ بناء ما يسمى بالدولة الوطنية. ولا شك في أن التعامد الوظيفي بين "تصحيح المسار" وبين الرأسمال البشري/الفكري للمنظومة القديمة يجعل من التفكير في بدائل للمقاربة الأمنية أمرا مستبعدا.

عندما كان القضاء "سلطة" فإنه كان نظريا محكوما بجملة من القواعد مثل أن القاضي لا يحكم بعلمه، وأن الإدانة أو التبرئة يكونان بما "استقر في وجدان المحكمة". ولكن انتقال القضاء من سلطة إلى وظيفة في ظل سردية "التأسيس الثوري الجديد" وسردية "حرب التحرير" تجعل القاضي محمولا على الحكم بعلم السلطة وما يستقر في وجدان السياسي والأمني بصرف النظر عما يستقر في وجدانه بعد الاطلاع على ملف الإحالة. فالقاضي -مثل جميع موظفي الدولة- هو الآن في خدمة "مشروع سياسي"، وإلا في معارضته إذا ما خالف انتظارات المنظومة الحاكمة منه.

ولا شك في أن لكل احتمال من الاحتمالين كلفة أخلاقية وقانونية يتحملها القضاء وسائر المواطنين سواء في الوضع الراهن أو في المستقبل. وإذا كان وجدان القضاء قبل "تصحيح المسار" غير مطابق للقلب السليم -أي خاضعا لاعتبارات وتدخلات من خارج الملفات ذاتها- فإنه على الأقل كان قادرا على ضمان نوع من الاستقلالية بحكم تعدد مراكز السلطة والسلطة المضادة. ولكنّ تمركز السلطة وغياب السلطات المضادة في ظل "تصحيح المسار" يجعلان من ذلك الوجدان القضائي مسيجا بوجدان السياسي والأمني، وخاضعا للسلطة التنفيذية التي تجعل الوجدان الصافي للمحكمة خيارا لا يستطيع إلا القليل من القضاة تحمل كلفته.

x.com/adel_arabi21

مقالات مشابهة

  • لوموند: تركيا شريك لا غنى عنه لأوروبا الضعيفة
  • المفوضية تعلن أعداد الناخبين في الانتخابات النيابية المقبلة
  • عمدة إسطنبول يرد على ادعاءات تزوير شهادته الجامعية
  • حمى التزكيات الحزبية تستعر مع اقتراب الإنتخابات و”لقاءات رمضان” تناقش بروفايلات المرشحين
  • إمام أوغلو يطلق حملته الانتخابية في إزمير
  • الحكومة اليونانية تنجو من حجب الثقة
  • الاسكان والتنمية المحلية يتعاملان مع 24 ألف شكوى في شهر
  • المعارضة التونسية بين رهان السياسي ووجدان القاضي
  • جمعية "كاف" العمومية تعقد بالقاهرة لمناقشة الانتخابات المقبلة
  • نجوم الإسماعيلي القدامى ومنتخب مصر في سهرة رمضانية اليوم