علي جمعة: الصد عن سبيل الله ورسوله دأب المنافقين
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل قال فى كتابه الكريم : ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [ محمد :1]. فهم بكفرهم وصدهم عن سبيل الله وعصيانهم لرسوله صلى الله عليه وسلم لن يضروا الله، فلن يبلغ أحد من الخلق ذلك سبحانه وتعالى عما يصفون، قال تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد :32].
فالصد عن سبيل الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم دأب المنافقين، فهم يبالغون في الصد عن سبيل الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾ [النساء :61]
وإذا ما دعونا هؤلاء المنافقين للتوبة والإقبال على الله اتبعوا سبيل أسلافهم الذين كانوا على عهد رسول الله، حيث وصف ربنا في كتابه بالإعراض عن تلك الدعوة فقال سبحانه : ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ﴾ [المنافقون :5].
وبعد هذه الآيات التي تتكلم عن صراط العزيز الحميد، وصفات الكافرين الذين يصدون عن سبيل الله ويستحبون الحياة الدنيا يؤكد ربنا سبحانه على الحقيقة المطلقة إذ يقول سبحانه : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ وَهُوَ الَعَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [إبراهيم :4] هذه الحقيقة المطلقة بأن الهدى من عند الله يهدي إليه من يشاء، والضلال من عند الله يضل به من يشاء وهو أحكم الحاكمين لابد أن تكون تلك الحقيقة راسخة في الأذهان وأنتم في نشاطكم اليومي وأنتم تسمعون وسائل الإعلام، وأنت تقرءون الصحف التمسوا من الله النور.
كانت هذه الآيات الأولى من سور إبراهيم توضح طريق النور وصفاته، وتبين طريق الظلمات وصفات السائرين فيه، رزقنا الله وإياكم طريق النور، وجنبا الظلمات في الدنيا والآخرة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عن سبیل الله
إقرأ أيضاً:
جمعة: الصوفية عبادة خالية من المشقة وشوق دائم إلى الله
في حديثٍ مؤثر، تناول الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الديار المصرية السابق، المفاهيم العميقة التي يصل إليها السادة الصوفية في طريقهم إلى الله. وأوضح الدكتور علي جمعة أن الصوفية في مسيرتهم الروحية يصلون إلى مرحلة تتلاشى فيها المشقة، حيث يصبح التعبد والذكر طبعًا وسجيَّةً، فلا يشعرون بتلك الصعوبات التي يواجهها عامة الناس.
في بداية الطريق، قد يجد السالك الصوفي مشقة في قيام الليل، ومقاومة لنفسه عند وضوئه بالماء البارد في الشتاء، لكنه مع مرور الوقت، تتحول هذه الأعمال إلى مصدر لذة روحية وسكينة داخلية، فلا يشعر بأي ثقل أو تعب أثناء عبادته.
بين فهم الأكابر وسوء الفهمتحدث جمعة عن هذا التحول الإيماني العميق لدى السادة الصوفية، موضحًا كيف أن البعض قد يسيء فهمهم ويعتقد خطأً أنهم يسقطون التكاليف الدينية. فبعض الناس يظنون أن زوال المشقة يعني زوال التكليف نفسه، وهذا الفهم القاصر يُشوّه صورة الصوفية. يوضح الدكتور علي جمعة أن الأكابر حين يقولون إنهم لا يجدون مشقة في العبادة، فهم يقصدون أنهم لا يشعرون بأي تعب أو ملل، بل إن قلوبهم تزداد شوقًا ومحبةً لله في كل صلاة وفي كل عمل عبادي، دون أي شعور بالسآمة، تطبيقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن الله لا يمل حتى تملوا».
حال السالك الصادق في العبادةوأكد جمعة أن السالك الصادق في طريق الله يصل إلى حالٍ من العبادة تكون فيها علاقته بالله بعيدةً عن المشقة. فكلما أقبل على الصلاة أو ذكر الله، ترفَّع قلبه وتعمّقت محبته، وأصبحت تلك العبادة جزءًا طبيعيًا من حياته، تلهمه وتمنحه السكينة. فهذا التحول الروحي هو ما يجعل الصوفي يقف في عبادة صادقة خالية من مشاعر الملل والتعب، مع الامتلاء بمعانٍ رفيعة تميزه عن حال عامة الناس الذين قد يجاهدون أنفسهم في القيام بأعمال العبادة.
الرد على الاتهامات الموجهة للصوفيةواختتم جمعة بالرد على من يتهمون الصوفية بإسقاط التكاليف، موضحًا أن هذه الادعاءات تفتقر إلى الفهم العميق لطبيعة السلوك الصوفي، وأنها لا أساس لها. فالصوفي يؤدي العبادات كجزءٍ أساسي من مساره الروحي، لكنه يصل بها إلى درجة من الإخلاص، حيث تتحول تلك العبادات إلى شغف وارتباط بالله، فتسقط عنهم مشقة الأفعال، لا الأفعال نفسها.