عاجل.. رفض طعن 22 متهم بـ "فض اعتصام النهضة" وتأييد الأحكام الصادرة ضدهم
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
قررت دائرة الأحد "أ" بمحكمة النقض رفض الطعن المقدم من 22 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "فض اعتصام النهضة"، وتأييد الأحكام الصادرة ضدهم من محكمة الجنايات.
صدر القرار برئاسة المستشار حمد عبد اللطيف، وعضوية المستشارين خالد مقلد ومحمد قنديل ورافع أنور ومصطفى الحميلي، وسكرتارية هشام عبد القادر وأحمد حسن جوده.
وجاء أسماء المتهمين الطاعنين كالأتي:
شعبان سعيد محمد علي وعبد الكريم حافظ احمد ومحمود عبد الرحمن محمد عبد الرحمن وابو بكر الصديق فراج ومحمد خليفه محمد خليفه وعبد الله محمد علي محمد وهاني محمد محمد حسنين ورجب عبد الحميد ابراهيم ومحمد مصطفى ابو بكر احمد ومجدي عبده الشبراوي واحمد عبد الرحيم احمد وعمرو شوقي كيلاني وشفيق سعد شفيق سيد واحمد السيد عبد الرحيم الجاويش وعمر شعبان زيدان ورياض احمد محمد محمد والصاوي رمضان محمد واحمد حسن ابراهيم فوده وحسني علي علام وماهر مبروك عبد الحميد ومحمود عبد الجليل عبد الرازق والسيد محمد ابراهيم طه.
كانت محكمة جنايات الجيزة قد أصدرت حكمها في القضية المعروفة إعلاميًا بـ " فض اعتصام النهضة " والقاضي بمعاقبة 17 متهما بالسجن المؤبد ومعاقبة 223 آخرين بالسجن المشدد 15 سنة، ومعاقبة 22 آخرين بالسجن 3 سنوات، كما قضت المحكمة ببراءة 115 متهمين وانقضاء الدعوى الجنائية لمتهمين لوفاتهما كما قضت المحكمة بتغريم جميع المتهمين 39 مليون جنيه عما أتلفوه بحديقة الحيوان والأورمان ومحافظة الجيزة وكلية هندسة جامعة القاهرة.
كانت نيابة الجنايات أحالت المتهمين إلى محكمة الجنايات بتهمة التجمهر هدفه تكدير الأمن والسلم العام وتعريض حياة المواطنين للخطر، ومقاومة رجال الشرطة المكلفين بفض تجمهرهم والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقطع الطرق ومناهضة ثورة 30 يونيو.
وتضمن أمر إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات عدة تهم تفيد تدبيرهم تجمهرا هدفه تكدير الأمن والسلم العام، وتعريض حياة المواطنين للخطر، ومقاومة رجال الشرطة المكلفين بفض تجمهرهم والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقطع الطرق ومناهضة ثورة 30 يونيو.
كما جاء بأمر الإحالة: المتهمون ألفوا وتولوا قيادة عصابة هاجمت طائفة من السكان قاطنى ومرتادى محيط ميدان النهضة وقاومت رجال السلطة العامة القائمين على إبلاغهم أمر وجوب تفرق تجمهرهم نفاذا للأمر القضائى الصادر من النيابة العامة بتاريخ 31 يوليو 2013 بتكليف الشرطة باتخاذ اللازم قانونا نحو ضبط الجرائم التى وقعت بمحيط دوائر ميادين ورابعة العدوية والنهضة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: فض اعتصام النهضة إعتصام النهضة
إقرأ أيضاً:
رجال من تاريخنا.. علي بن محمد الصليحي
يُعد الملك علي بن محمد الصليحي أحد أبرز الشخصيات في تاريخ اليمن، إذ نجح في توحيد البلاد تحت راية واحدة بعد عقود من الانقسامات السياسية والصراعات القبلية.
في هذا المقال، الذي يأتي ضمن سلسلة “رجال من تاريخنا”، المكوّنة من أربعة مقالات، نسلط الضوء على دوره المحوري في تأسيس الدولة الصليحية، ونهجه في الحكم، وتأثيره العميق على المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن.
لا يهدف هذا المقال إلى تقديم تقييم شامل لحكم الصليحي أو تناول سلبياته، بل يركز على إنجازاته وتأثيره كقائد وطني واجه تحديات عصره، وترك بصمة في تاريخ اليمن، وذلك بهدف استلهام الدروس من تجربته، خاصة في ظل تشابه بعض تحديات الماضي مع واقعنا اليوم.
دوره في التاريخ اليمني
ربما تكون الملكة أروى بنت أحمد الصليحي أكثر شهرة من عمها الملك علي بن محمد الصليحي، على الأقل عند الأجيال الجديدة، لكن ما قد يغيب عن البعض أنه لولاه لما اشتهرت، ولما أصبحت مؤهلة للقيادة.
لم يكن علي الصليحي (المتوفى سنة 459 هـ الموافق 1066م) مجرد حاكم يسعى إلى توسيع نفوذه، بل زعيم حقيقي تمكن من تأسيس دولة وحدّت معظم مناطق اليمن بعد عقود من الانقسام السياسي وتميز عهده الذي استمر ٢٠ عاما بالإصلاح الإداري والتعايش المذهبي، والاستقرار الاقتصادي، وهي العوامل التي ساعدت دولته للاستمرار لأكثر من سبعة عقود بعد وفاته.
النشأة والصعود السياسي
وُلد الصليحي في حراز، وفق بعض المصادر، وينتمي إلى قبيلة الأصلوح، إحدى بطون حاشد (همدان الكبرى)، لكن نشأته كانت في الأخروج بالحيمة حيث كان والده قاضيا سنّي المذهب، يتمتع بنفوذ في قومه، مما وفر له قاعدة اجتماعية متينة ساعدته لاحقًا في صعوده السياسي.
وفي ريعان شبابه، تأثر الصليحي بالمذهب الإسماعيلي على يد آخر دعاته، سليمان بن عبد الله الزواحي، الذي أُعجب بشخصيته المؤهلة للقيادة لنشر الدعوة الفاطمية في اليمن.
على هذه الخلفية، شق الصليحي طريقه نحو حياته السياسية، في مناخ بالغ التعقيد، إذ كانت البلاد تعاني من الانقسامات وهو مما عزز قناعته بضرورة تحقيق الوحدة، في وقت كان القادة الآخرون يعززون الانقسام ويكتفون بإدارة مناطقهم، وهو نفس المشهد تقريبا اليوم، حيث يسعى أمراء الحرب إلى الحفاظ على مكاسبهم وتكرّيس التمزيق بدلًا من استعادة سلطة الدولة الواحدة.
التمهيد للدعوة وتأسيس القاعدة السياسية
قبل وفاته، أوصى سليمان الزواحي بأمواله وكتبه للصليحي، بعد موافقة الإمام الفاطمي المستنصر بالله (معد بن الطاهر العبيدي)، مما منحه شرعية دينية استثمرها بذكاء في التخطيط لإعلان دعوته ضمن استراتيجية طويلة المدى، استمرت خمسة عشر عامًا قضى فيها يعمل دليلًا للحجاج، ما أتاح له فرصة لفهم أوضاع اليمنيين، والتواصل مع العلماء والزعماء المحليين، حتى اكتسب خبرة واسعة في دراسة نفسية المجتمع اليمني، ساعدته لاحقا في التعامل مع مختلف الفئات خلال فترة حكمه.
بعد تكوين قاعدة صلبة من المؤيدين، أنشأ جيشا قويا لمواجهة خصومه، بمن فيهم بعض معارضيه من زعماء قبيلته همدان، وفي عام 439هـ (1047م)، أعلن دعوته من أعلى جبل مسار في حراز، فكان ذلك ميلاد الدولة الصليحية.
الصراع مع القوى المناوئة
لم يكن طريق الصليحي في البداية سهلا، إذ واجه مقاومة شرسة من القوى القبليّة والسياسية السنية والزيدية على حدٍ سواء، لكنه تفوّق بفضل تحالفاته الذكية وقدرته على احتواء خصومه، حيث سعى أولا لتأمين دعم القبائل الكبرى، واستخدم السياسة قبل المواجهة العسكرية، مما يدل على فهمه العميق للبنية القبلية.
من أبرز هؤلاء المناوئين الذين واجههم، الأمير جعفر العياني، الذي حاول الاستيلاء على حصن الأخروج لكنه فشل وجعفر الشاوري، الذي قاد جيشًا من 30 ألف مقاتل، لكنه هُزم في معركة عبرى دعاس إضافة إلى أبو النور بن جهور، الذي تمرد في حصن لهاب، لكن الصليحي حاصره حتى استسلم.
بعد انتصاراته، عقد الصليحي مؤتمرا سياسيا في “عبرى دعاس” بحراز، أكد خلاله على مبادئ العدالة، ومحاسبة الولاة وتحقيق الوحدة، ونبذ الفتن، وكان ذلك مؤشرا على رؤيته للاستقرار السياسي والتنظيم الإداري.
توحيد اليمن وإدارته السياسية
شهد اليمن خلال القرنين الرابع والخامس الهجري حالة من الانقسام السياسي بين عدة دويلات، مثل بني معن في عدن ولحج، وبني الكرندي في الجند، وبني أصبح في الشرق والشمال، والزيديون في صعدة، وبنو نجاح في تهامة، وآل الضحاك في صنعاء.
تباينت ولاءات هذه الكيانات بين العباسيين والفاطميين، مما أضعف البلاد وجعلها عرضة للتدخلات الخارجية، ليستغل الصليحي، هذه المتغيرات بذكاء، ويبدأ بتثبيت حكمه في حراز والمناطق المجاورة ثم التوجه إلى صنعاء والاستيلاء عليها، وبعد أربع سنوات ذهب لقتال الإمام الزيدي أبي الفتح الديلمي وهزمه في معركة نجد الجاح شرقي رداع، بالإضافة إلى توسّعه نحو زبيد وتهامة، وإخضاع بني نجاح عام 1060م، وبني يعفر ومدّ نفوذه إلى المرتفعات الشمالية.
وإلى جانب ذلك، فرض سيطرته على عدن، أهم مركز تجاري، مما جعل اليمن لاعبًا رئيسيًا في التجارة بين الهند وإفريقيا وشبه الجزيرة العربية.
اتسم حكمه بالمركزية المرنة بفضل العديد من الإصلاحات الإدارية التي قام بها، مثل منح بعض الصلاحيات لمشائخ القبائل، لضمان استقرار دولته وتجنب النزاعات المحلية، وتعيين ولاة محليين لإدارة الأقاليم، مما حقق توازنا بين السلطة المركزية والحكم المحلي، فضلا عن إصلاح نظام الضرائب، ما أسهم في استقرار الاقتصاد وتعزيز موارد الدولة وأخيرا تعزيز دور القضاء لضمان العدالة والإنصاف.
التعايش المذهبي والاجتماعي
رغم أن الدولة الصليحية كانت إسماعيلية، إلا أنها لم تضطهد أهل السنة، حيث كانت الشافعية تتمتع بحرية النشاط، وتنطبق سياسة التسامح والانفتاح في تعامل الصليحي مع القبائل المخالفة له، حيث عفى عن بعض زعمائها بعد هزيمتهم، واستمال بعضهم بالمناصب والهبات، كما سعى إلى دمج آخرين في إدارته، ونتج عن ذلك تقليل التمردات.
العلاقة مع الفاطميين في مصر
كان الصليحي حليفا للدولة الفاطمية، حيث سافر إلى مصر والتقى بالخليفة المستنصر بالله، ليحصل على دعم سياسي وعسكري، إضافة إلى شرعية دينية عززت موقفه في مواجهة خصومه المحليين الموالين للخلافة العباسية.
ومع ذلك، لم يكن الصليحي مجرد تابع للفاطميين، بل حافظ على استقلال قراره السياسي، مما جعله أكثر قدرة على إدارة شؤون دولته. وهنا تتجلى حنكة ووطنية الصليحي الذي يستفيد من دعم حلفائه دون أن يكون تابعا لهم، كما هو حاصل اليوم، مع الأطراف المحلية التي أصبحت مجرد أدوات تخدم مصالح حلفائها الخارجيين.
إنجازاته وتأثيره على اليمن
تمكّن الصليحي من توحيد البلاد وإنهاء حالة التمزق السياسي، وبذلك أسس دولة مستقرة قائمة على التوازن بين المصالح القبلية والسياسية، مما عزّز شعبيته ورسّخ نفوذ دولته.
على الصعيد الاقتصادي، فرض سيطرته على ميناء عدن، مما جعل اليمن لاعبا مهما في النشاط التجاري الإقليمي، وفي المجال العمراني والثقافي، أولى اهتماما خاصا بتشييّد المساجد والقصور ودعم العلماء والشعراء، ما أسهم في نهضة فكرية وتعليمية بارزة.
وبفضل سياسته الرشيدة، مهد الطريق لحكم الملكة أروى، التي واصلت مسيرته في البناء والتطوير، وأصبحت نموذجا يُحتذى به في الحُكم الرشيد وإثبات قدرة المرأة على القيادة.
اغتياله ونهاية حكمه
في عام 1067م، وأثناء رحلته للحج، تعرض علي الصليحي لعملية اغتيال في مكة على يد بني نجاح، أعدائه السياسيين، مما شكّل صدمة كبيرة لأنصاره، ومع ذلك، لم تنهَر دولته، بل استمرت بقيادة ابنه المكرم أحمد الصليحي وزوجته الملكة أروى، التي لعبت دورا محوريا في تعزيز إرثه السياسي.
هذا الإرث السياسي جعل الصليحي واحدا من أعظم حكام اليمن في التاريخ الإسلامي، ورمزا للوحدة والاستقرار.
المراجع:
التاريخ العام لليمن، الجزء الثاني – المؤرخ اليمني محمد يحيى الحداد
التعايش السلمي في المجتمع اليمني: عهد علي الصليحي نموذجًا- للدكتور وسن سمين محمد أمين، جامعة بغداد