سودانايل:
2024-07-08@04:47:48 GMT

الراهن السياسي ونموذج الغرب الدامي أو الرواندي !

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

عدنان زاهر

( كلما أطلت بصرك امعانا فى الماضى أزدادت بصيرتك خبرة بالمستقبل )
ونستون تشرشل

“ the longer you can look backward, the further you can see forward “
My Early Life, also known in the US as A Roving Commission – 1930

1

لا تمر ساعة من الزمن على أى سودانى فى أى بقعة من هذا العالم المترامى الأطراف دون التفكير فى الحرب الجارية و مآلاتها الآتية أو ما قد تسفر عنه، و للأسف الشديد فان كل القراءات و بناء على ما يحدث فى الواقع السودانى تقود الى بقعة واحدة فى الافق البعيد و هى بقعة المستقبل القاتم الملئ بالمطبات و الاخاديد، ذلك مع اصرار الأطراف على مواصلة الحرب و انزلاقها نحو استخدام العرق.

. الجهة و القبيلة فى الصراع ، ستتحول الساحة السودانية الى حرب أهلية
فى بلد لا زالت قوميته لم تكتمل بعد، بل لا تزال تخطو فى بطء نحوتحقيقها و بشكل متعرج ، و لا تزال هويته مفقودة يحتدم الصراع حولها بين العربى و الافريقى.
لعل ما حدث فى أمريكا فى القرن الثامن عشر أو بما حدث فى رواندا فى أواخر القرن العشرين
يمكن استخدامهما للمقاربة طالما نحن نتحدث عن الناتج عن تلك الحروب، ففى أمريكا أسفرت نهاية الحرب الأهلية عن تفكك المجتمع الأمريكى الجنوبى و ضعفت السلطة فى ذلك الجزء حتى أصبحت العصابات هى التى تدير الحياة فى الواقع ، أما فى رواندا فقد أسفر الصراع بين الهوتو و التوتسى عن إبادة عرقية تجاوز عدد ضحايها 800000 فى أقل من سته أشهر !!

2
لا بد لنا و نحن نتحدث عن المقاربه لنموذجين عملت الحرب على تدميرهما قبل نهضتهما من جديد ،إيراد بعض مجريات و أحداث تلك الحروب.
فقد اندلعت الحرب الأهلية فى أمريكا بين الأعوام 1860 – 1864 بين الولايات المتحدة الأمريكية فى الشمال و ولايات الكنفدرالية فى الجنوب الأمريكى، و قد كانت حربا متعددة الاسباب اختلط فيها السياسى مع الأقتصادى و الأجتماعى. بيد ان الاقتصادى كان هو العامل الأهم و الذى تمثل فى شكل الانتاج الرأسمالى الذى تتبعه الزراعة فى الجنوب، المعتمدة فى الأساس على عمل و جهد العبيد و الذى وقف حجر عثرة أمام التطورالرأسمالى الصناعى الذى يتبعه الشمال الأمريكى ، لذلك و نتيجة لتلك الحرب تم تحرير العبيد قانونا بواسطة القرار الذى اطلقه ابراهام لونكن.
بعد انتهاء الحرب بانتصار الشمال على الجنوب و هزيمة الولايات الكنفدرالية ، تفكك المجتمع الأمريكى و صارت تحكمه عصابات الجنود المهزومه و العائدة من الحرب، و هنا فى هذه الفترة ظهرت أخطر العصابات التى عاثت فسادا فى الجنوب الأمريكى و ظهرت أسماء فى تلك الفترة مثل " جسي جيمس "، " بيلى كيد "....الخ تم تجسيدهم فى كثير من أفلام السينما الأمريكية.
لقد اتسمت تلك الفترة بقدر من الفوضى و حكم الغاب ،أخذ زمنا ليس باليسير حتى استطاعت السلطة المركزية السيطرة على الاوضاع فى الجنوب الأمريكى ، و لا زالت أثاره باقية بما نشاهد الآن فى المشاكل التى تجرى أحداثها فى تكساس.
أما الحرب الرواندية فقد بدأت فى العام 1994 و فى خلال 100 يوم أى خلال ثلاث أشهرقتل الهوتو و اغتصبوا ما يقارب مليون شخص من التوتسى ، و هذا لم يحدث حتى فى أيام الهلوكوست فى المانيا النازية !
من الاسباب الأساسية لتلك الابادة البشرية تعامل التوتسى مع الهوتو و اضطهادهم باعتبار الهوتو أقل درجة منهم من ناحية العرق، و قد شارك فى تلك المذبحة حتى اساتذة الجامعات من الهوتو، ما يعنى ان التعصب العرقى عامل يتطغى بقوته حتى على عامل التعليم و المعرفة الرفيعة. و ذلك يشابه تماما ما قامت به مليشيا الجنجويد فى دارفور قديما مع القبائل ذات الاصول الافريقية و حديثا مع المساليت فى الجنينه و تمت ادانته من قبل المنظمات الدولية لحقوق الأنسان.

3
خلاصة القول أن الواقع السياسى فى السودان يشهد عدة ظواهر أولها الخطاب العنصرى الذى يسود منصات التواصل الاجتماعى و الذى صار الأعلى صوتا، تأججه و تزيد من اشتعاله الثقافة العنصرية التى درج نظام الاسلاميين طيلة ثلاثين عاما على بثها و زرعها بين المواطنين، بل ظل الاسلاميون يحرضون ويشجعون الجنجويد الذين خرجوا من رحمهم على ممارساتهم العنصرية فى دارفور.
الظاهرة الثانية الملفته للنظر و الباعثة للخوف و الانزعاج، الاعتداء بالعنف على بعض المواطنين فى بعض الولايات الشمالية من خلال البعد العرقى باعتبارهم من الأعراق المكونة لمليشيا الجنجويد.
الظاهرة الثالثة هى التوجه الأنفصالى الذى يتم طرحه فى بعض الولايات الشمالية و الشرق.
الظاهرة الرابعة هى الترهل و التفلت الذى أصاب جنود الأطراف المتصارعة ( جز الرؤوس الذى قامت به القوات المسلحة )، و ضعف القيادة لدى الجنجويد، و الذى انعكس فى شكل سلوك جنودهم الذى أصبح يشابه شغل القبضايات مثل الأتاوات التى تفرض على المواطنين، مع السرقة و " الهنبته " و الأعتداء على العزل.
ما قمنا بسرده أعلاه هى بعض من العوامل التاريخية التى سبقت أحداث الغرب الدامى فى أمريكا و مذابح الابادة الجماعية فى روندا.....ما لم يتدارك الطرفان ذلك التدهور و التصعيد المتبادل بوقف الحرب فوراً، سيتحول السودان اذا أردنا أو لم نرد لنسخة أخرى من النموذجين....نموذج الغرب الدامى أو نموذج الإبادة الجماعية فى رواندا أو الأثنين معاً !

عدنان زاهر
14 فبراير 2024

elsadati2008@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فى الجنوب فى أمریکا

إقرأ أيضاً:

الصراع السياسي القائم في السودان هو بين خونة وآخرين فاشلين

“زوبعة” القاهرة !
رشان اوشي
على إثر “زوبعة ” القاهرة ، و رغم تمنياتنا لمؤتمر الحوار السوداني بالتوفيق؛ لأن مبدأ الحوار يعني أن يتخلى النادي السياسي عن نهج عدائي بين تياراته ، و ضبط مواقفه، ومنعها من الإضرار بأمن السودانيين ، وضبط علاقاته الخارجية من أجل التصالح مع الشعب السوداني .
رغم جزمي أن هذه الأحزاب ليس باستطاعتها إحداث تغيير ملحوظ في الملفات المعقدة الآنية واهمها ملف (الحرب) ، فهذه الملفات في يد كفيل بعضهم “الامارات” ، ولن تدعها أبداً لغيرها، فهي مصدر قوة ابتزازها للقيادة السودانية ، وكذلك مصدر رزقها المنتظر في (الفشقة، ميناء ابو عمامة ، وذهب السودان) .

النادي السياسي السوداني ما زال معجون بالفشل بكل حمولته السلبية ، و مثقل بأعباء التاريخ و صراعاته، و إِحِن الماضي و خلافاته، ، وما زالت “الاجندة الخارجية ” تعمل فيه بكامل طاقتها وتأثيرها، وفهم هذا البعد والوعي به هما طريق الخلاص منه نحو المستقبل.
ما زال النادي السياسي بعيد عن تجاوز الماضي، فضلاً عن القطيعة التي تسبب فيها صراع المصالح ، بينما الخلط بين المواقف الوطنية و اجندة الكفيل سيكون معوقٌ عن تحقيق أي تقدمٍ أو إنجاز وطني.

الصراع السياسي القائم في السودان هو بين خونة وآخرين فاشلين ، وكله يدور في بوتقة نظامٍ واحدٍ، قائده واحدٌ، وهو مَن يسمح بتقدم طرفٍ على طرفٍ حسب الأوضاع السياسية دولياً وإقليمياً، بينما السياسيين الوطنيين الحقيقيين في ميادين القتال ضد الغزو الاجنبي ، يعانون من التشتت و الاستهداف المتكرر بشكل منهجي.

“وطنيو السودان ” تعبر عنهم مواقف مرئية ، وشخصيات تظهر من الخنادق وليس الفنادق ، مثل (شباب الإسلاميين ، المقاومة الشعبية المسلحة ، أبناء ديسمبر الأوفياء ..الخ) .. وعلى الرغم من أنهم يعبِّرون عن اختلافاتٍ حقيقية مع النظام، وانهم قُمعوا كثيراً بعد انتهاء مدة الاستفادة الظرفية منهم في مراحل ما من عمر السودان ما بعد ١١/ابريل/٢٠١٩م.
يجب وضع الأمور في نصابها وإبعاد أي توهمٍ قد يوحي بموقفٍ مختلفٍ أو سياسات مغايرة فضلاً عن أي تحولٍ مهم في المشهد السياسي العام .

تحدث المؤتمرون في القاهرة لوقف الحرب حول كل شئ، ما عدا آليات وقف الحرب ، لأنهم على يقين بأن “حميدتي” في غيابه لم يتابع ثرثرتهم ، ولا تعنيه في شئ، ربما وصفها بحالة فصام مستفحلة، الجميع يعلم أن “حميدتي” نفسه لا يستطيع ايقاف وحوشه عن القتل والنهب وتهجير السكان ، هؤلاء تحركهم قيادات عسكرية أجنبية مستأجرة ، تقود العمليات الميدانية ، بتعليمات إماراتية ،لن يستطيع “حمدوك” مخالفتها ، لأن المطلوب منه العودة ب(الفشقة، الموانئ، الذهب) وليس اتفاق مبادئ مع “مبارك الفاضل” أو “برمة ناصر”.

السودانيون في اللجوء والنزوح يؤمنون بأن هذه المرحلة الصعبة من عمر بلادهم لن تحل إلا بأمرين؛ إما بالتفريط في أرضهم وسيادتهم ، وإما بمواجهة شاملة مع المليشيات التي تستعين بها “الامارات” لإخضاع الشعب السوداني .
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • د. نادر مصطفى يكتب: حكومة مقرها الشارع
  • الصراع السياسي القائم في السودان هو بين خونة وآخرين فاشلين
  • التغيير وارتياح الشارع ‏
  • «حمدوك» لـ«الوطن»: نسعى لوقف الحرب لحقن دماء السودانيين
  • ديوان المظالم
  • الحكومة الجديدة بين الأمل و الرجاء
  • دفتر أحوال وطن «278»
  • حول رواية أشلاء.. تأملات عابرة
  • مؤتمر القاهرة ليومى 7/6 .. هما أمرأن مهمان لا ثالث لهما إيقاف الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية ولا شئ غير ذلك!!
  • السودان الذى كان