أوتاوا-سانا

فيما يمهد كيان الاحتلال الإسرائيلي لارتكاب مجازر جديدة أكثر بشاعة وعلى نطاق أوسع في مدينة رفح جنوب قطاع غزة المحاصر، ويطلق التهديدات العلنية بالتحضير لاجتياح المدينة بدأت أبعاد جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” بحق الفلسطينيين تتضح، وفصولها تكتمل، وآخر هذه الفصول هو التجويع حتى الموت وفقاً لما أكده الكاتب والصحفي الأمريكي كريس هيدجيز.

هيدجيز تحدث في سياق مقال نشره موقع غلوبال ريسيرتش الكندي عن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح التي تضعها “إسرائيل” في صلب مخطط الإبادة الجماعية الممتد الذي أعدته للقضاء على الفلسطينيين، فبعد أن أجبرت أكثر من مليون و400 ألف فلسطيني على النزوح من غزة والاتجاه إلى المدينة دون طعام أو مياه أو أي مكان آمن أمعنت أكثر في إبادتها بوابل من القصف المتواصل عليهم.

وتابع هيدجيز: إنه لم يكن هناك ولا بأي مرحلة من مراحل العدوان على غزة أي احتمال ولو بعيد بأن توافق حكومة الاحتلال الإسرائيلي على وقف إطلاق النار ولو بشكل مؤقت في غزة، فالمؤامرة الإسرائيلية الأمريكية لتنفيذ الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين دخلت مرحلتها الأخيرة وهي مرحلة التجويع حتى الموت.

ووصف الكاتب الأمريكي وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بأنه ليس فقط جريمة حرب ترتكبها “إسرائيل” وداعمتها الرئيسية الولايات المتحدة بل هو تحد واضح وسافر لقرارات محكمة العدل الدولية التي صدرت قبل أسبوعين، والتي أقرت تدابير عاجلة تتضمن وقف أي خطوات يمكن اعتبارها أعمال إبادة جماعية، والسماح الفوري للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى أهالي غزة المحاصرين.

قطع المساعدات الأساسية عن أكثر من مليوني مدني أكثر من نصفهم أطفال داخل غزة وأكثر من مليون مهجر فلسطيني في أنحاء المنطقة كان هدفاً رئيساً بالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي كما أكد هيدجيز، مشيراً إلى أن الأونروا لطالما أثارت حنق رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتينياهو فهي تعتبر الشريان الأساسي لهذه المساعدات والموثق الأكبر لجرائم الإبادة بحق الفلسطينيين، وبالتخلص منها تبدأ “إسرائيل” بتنفيذ الخطوة الأخيرة في حرب إبادتها وهي القتل عن طريق التجويع.

وأشار هيدجيز إلى أن الدول التي استجابت لإيعازات “إسرائيل” وأوقفت تبرعاتها للأونروا تعامت عن حقيقة ما تمثله هذه المنظمة بالنسبة للفلسطينيين الذين يعتمدون بشكل رئيسي عليها من أجل الحصول على الطعام، كما تعامت هذه الدول عن حقيقة أن كيان الاحتلال قتل أكثر من 152 عاملاً في الأونروا وفقاً لما أعلنته الأخيرة قبل أيام ودمر عشرات المنشآت التابعة لها منذ تشرين الأول الماضي وقصف شاحناتها وسيارات خاصة بها في أنحاء قطاع غزة.

وفي الوقت الذي دفعت فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي بأهالي قطاع غزة إلى مدينة رفح جراء القصف المتواصل أطلقت فيه العنان لسلسلة مجازر جديدة في المدينة التي يوجد فيها مليون فلسطيني يعيشون في ظروف لا يمكن تخيلها، فهم مشردون مع أطفالهم في الشوارع دون طعام أو مياه نظيفة وفي البرد القارس.

أليكس ديوال المدير التنفيذي لمنظمة السلام العالمي في جامعة توفتس الأمريكية ومدير الأبحاث في برنامج أبحاث الصراع في كلية لندن للاقتصاد قال: إنه “ما من حادثة مشابهة منذ الحرب العالمية الثانية نشهد فيها تجويع شعب بأكمله حتى الموت وبهذه الفترة الزمنية القصيرة كما يجري الآن في غزة دون أن يتحرك المجتمع الدولي قيد أنملة لوقف ذلك”.

خياران اثنان منحهما كيان الاحتلال للفلسطينيين وفقاً لـ هيدجيز فإما (الرحيل أو الموت) وليس هناك خيار ثالث، مؤكداً أن التجويع حتى الموت هو خطة “إسرائيل” الكبرى لإبادة الفلسطينيين.

باسمة كنون

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی حتى الموت أکثر من

إقرأ أيضاً:

خبير هولوكوست إسرائيلي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في غزة بدعم أمريكي

في حوار مع صحيفة "إل موندو" الإسبانية، حذّر الأكاديمي البارز راز سيغال، المتخصص في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، من المنعطف الخطير الذي تشهده كلٌّ من "إسرائيل" والولايات المتحدة، مؤكدًا أنه يخشى على سلامته الشخصية بسبب مواقفه العلنية من الحرب على غزة.

ويشغل سيغال، الذي يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، منصب أستاذ دراسات الإبادة الجماعية الحديثة في جامعة ستوكتون بولاية نيوجيرسي، وكان من أوائل من وصفوا ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية وفق التعريف الكلاسيكي"، وذلك في مقال نشره بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بعد أيام فقط من هجوم حماس في السابع من نفس الشهر.

وقال سيغال للصحيفة: "نعم، أخشى أن يأتوا من أجلي. قد يبدو هذا التصريح من زمن آخر، لكنه يعكس الواقع الراهن. إذا بدأ النظام يستهدف أشخاصًا مثلي، فسنكون قد دخلنا مرحلة جديدة وخطيرة. نحن نشهد انزلاقًا نحو استيلاء فاشي على السلطة".



ورغم إدراكه لحساسية الظرف السياسي، شدد سيغال على تمسكه بمواقفه، تمامًا كما فعل حين أعرب مبكرًا عن إدانته لما وصفه بجريمة جماعية ترتكبها "إسرائيل" في غزة، متقدمًا بذلك على الاتهامات الرسمية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية، والتي اعتبرت في ثلاث مناسبات العام الماضي أن هناك "احتمالًا معقولًا" لارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تقارير مماثلة صادرة عن خبراء أمميين، من بينهم المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي.

ويذكّر سيغال بأن خلفيته العائلية، كحفيدٍ لناجين من الهولوكوست، هي ما يدفعه إلى رفع صوته: "التاريخ لا يغفر، ومن واجبنا ألا نكرره، لا كضحايا ولا كصامتين".

وحين سُئل عن المؤشرات التي دفعته إلى التحذير المبكر من إبادة جماعية في غزة، قدّم البروفيسور راز سيغال إجابة حاسمة مستندة إلى خبرة تمتد لأكثر من عشرين سنة في دراسة الإبادة والهولوكوست.

قال سيغال: "من واجبنا التعرّف على علامات الإبادة مبكرًا وأخذ شعار لن يتكرر أبدًا على محمل الجد. الاعتراف المتأخر لا يكفي، فالاتفاقية الدولية تهدف إلى المنع لا التوثيق بعد فوات الأوان".

وأشار إلى أن نزع الإنسانية من أبرز المؤشرات، واستشهد بتصريحات وزير الحرب الإسرائيلي يؤاف غالانت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر، حين وصف الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، ثم كررها في اليوم التالي الجنرال غسان عليان دون تمييز بين مدني ومقاتل.

ويضيف أن الخطاب الإبادي اجتاح الإعلام، وترافق مع فرض حصار كامل على غزة، وتنفيذ حرفي للوعيد، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت.

ويؤكد أن "النية عنصر جوهري"، وغالبًا ما تكون مستترة، "لكن في الحالة الإسرائيلية، التصريحات واضحة ومتكررة". ويشير لتصريح إسرائيل كاتس، في 19 آذار/ مارس، حين هدد سكان غزة بدمار شامل.

ويضيف أن الأهم من التصريحات هو تنفيذها، ولدينا آلاف الفيديوهات لجنود يوثّقون جرائمهم بفخر، ما يعكس الوعي الكامل بنوايا القيادة.

وعن أهمية استخدام مصطلح "إبادة جماعية" رغم صدور مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت بتهم جرائم حرب، أوضح البروفيسور راز سيغال أن الفرق جوهري، لأن الإبادة جريمة منفصلة بتعريف قانوني خاص، والأدلة على وقوعها باتت قوية.

وقال إن محكمة العدل الدولية أصدرت ثلاثة قرارات – في كانون الثاني/ يناير وآذار/ مارس وأيار/ مايو – تفيد بأن من "المعقول" أن تكون هناك إبادة جارية.

وأضاف أن هناك إجماعًا متزايدًا بين باحثي الهولوكوست وخبراء القانون، بمن فيهم أكاديميون إسرائيليون مثل عمر بارتوف وعاموس غولدبرغ، وكذلك وليم شاباس، الذي يرى أن الحالة تمثل إبادة واضحة.

وأشار إلى أن استمرار تراكم الأدلة سيجبر القضاة في نهاية المطاف على الاعتراف بذلك، ما سيحدث هزة كبرى في بنية القانون الدولي.

وعن سبب اعتبار توصيف الإبادة مفصليًا، قال سيغال إن تعريفها بعد الحرب العالمية الثانية صيغ لخدمة المنتصرين، وتجاهل جرائم الاستعمار. وأضاف أن "إسرائيل" تأسست على فكرة "فرادة" الهولوكوست، ما منحها حصانة قانونية دولية، واستخدام مصطلح "إبادة" اليوم يهدد تلك الحصانة.

وبشأن 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وصف سيغال ما جرى بأنه جريمة حرب ومجزرة لا تُبرر، لكنه دعا لفهم السياقات. وقال: "إذا وُضع شعب تحت نظام قمعي وحصار طويل، فستظهر تمردات عنيفة. هكذا علّمنا التاريخ".

وأكد أن أحداث غزة تمثل منطق "إسرائيل الكبرى" والمشروع الاستعماري. "بعد خطة ترامب، أيد 70 بالمئة من الإسرائيليين – ومعظمهم يهود – التطهير العرقي، وهذا يشمل الضفة أيضًا".

ويرى أن ما يحدث ليس انتقامًا فقط، بل نتيجة إيديولوجيا استعمارية، وأن "إسرائيل" ليست استثناء، بل تكرر أنماطًا استعمارية سابقة.

وأشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي بدأ ينهار: اضطرابات ما بعد الصدمة، وعنف متزايد، وتفكك أسري، ونزوح أطباء، وانهيار النظام الصحي، مع تقديرات بهجرة 100 ألف يهودي إسرائيلي لا ينوون العودة. "لا يمكن لدولة أن تبقى إذا كان بقاؤها قائمًا على العنف المستمر".

تصريحات سيغال تتقاطع مع تحذيرات سابقة أطلقتها شخصيات إسرائيلية بارزة، حتى قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، من بينها الرئيس إسحاق هرتسوغ الذي قال في آذار/ مارس 2023 إن البلاد 'على شفا هاوية' وإن خطر 'الحرب الأهلية' بات ملموسًا.

وقد تصاعدت التحذيرات بعد بدء العدوان على غزة، مع تفاقم الاستقطاب بين التيارات الدينية المتطرفة التي تؤمن بمشروع "إسرائيل الكبرى" وبين التيارات العلمانية. وعبّر رؤساء وزراء سابقون مثل إيهود أولمرت وإيهود باراك عن هذه المخاوف، والتي أيدها مؤخرًا 60 بالمئة من الإسرائيليين، وفق استطلاع حديث أصدره معهد سياسة الشعب اليهودي.

ويقول سيغال: "أسأل عائلتي دومًا: هل تشعرون الآن بالأمان أكثر؟ والجواب دائمًا: لا. فكرة أن الحل الوحيد لأمن اليهود هو العيش في دولة يهودية لم تعد صالحة. لا يمكن أن تنعم بالأمان إذا كنت تضطهد ملايين البشر، وتصادر أراضيهم، وتخضعهم للاحتلال".

وعن أهمية مفهوم "مجتمع المتفرجين" في دراسات الإبادة الجماعية، وسؤال حول ما إذا كان يمكن تصنيف موقف الحكومات الغربية من الحرب على غزة ضمن هذا الإطار، قدّم سيغال إجابة حاسمة:



"في حالة الولايات المتحدة، لا يمكننا الحديث عن مجرد متفرج. نحن أمام شريك في الجريمة. ما يجري هو إبادة جماعية تُرتكب بشكل مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة. لولا الدعم الأمريكي – سواء من حيث تزويد الأسلحة أو توفير الغطاء الدبلوماسي – لما تمكنت إسرائيل من تنفيذ هذا المستوى من العنف".

ويضيف سيغال، في ختام الحوار، أن المسؤولية لا تقع على واشنطن وحدها، بل تشمل أيضًا دولًا أوروبية بارزة: "ألمانيا، على سبيل المثال، تُعد أيضًا شريكًا في الجريمة. فبحسب القانون الدولي، كل من يزود دولة ترتكب إبادة جماعية بالسلاح، هو طرف مشارك في ارتكاب الجريمة. هذه ليست مسألة أخلاقية فقط، بل مسألة قانونية واضحة".

مقالات مشابهة

  • السيد القائد: العدو الإسرائيلي اتجه إلى النكث بالاتفاق في قطاع غزة بتشجيع ودعم أمريكي كامل ومفتوح
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 50.886 شهيدًا
  • تقرير: أكثر 100 موظف في ميتا خدموا في الجيش الإسرائيلي
  • صنعاء تعلن حصيلة جديدة لضحايا الغارات الأمريكية الأخيرة على الحديدة
  • خبير هولوكوست إسرائيلي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ممنهجة في غزة بدعم أمريكي
  • خبراء أمميون: الممارسات “الإسرائيلية” تؤدي إلى مذبحة بحق الفلسطينيين
  • إيران: العقبة الأخيرة في خطة إسرائيل للهيمنة على الشرق الأوسط
  • أطفال غزة.. حُبٌّ للحياة يغالب صُنّاع الموت
  • كاتب إسرائيلي: “لا تستغربوا .. هذه عقيدة قوات الاحتلال”
  • وراء القضبان.. كيف يقضى المحكوم عليهم بالإعدام أيامهم الأخيرة؟