فلسطينيو الضفة الغربية يدفعون ثمن الحرب في غزة
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
كان كمال كراجة يكسب ما يصل إلى 3500 دولار شهريا من العمل في البناء بإسرائيل، لكن منذ بداية الحرب انقطع مصدر رزقه، بعد إيقاف الحكومة الإسرائيلية لتصاريح العمل الخاصة بالعمال الفلسطينيين.
يكشف كمال البالغ من العمر 32 عاما، وهو من بلدة دير بزيع، بالقرب من رام الله، لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عن تدهور أوضاعه المادية منذ توقفه عن العمل، قائلا: "انتظرت انتهاء الحرب لكنها لا تزال مستمرة، وقد اضطررت لبيع سيارتي بعد شهر بسبب مشاكل مالية".
وفرضت إسرائيل قيودا صارمة للغاية على دخول الفلسطينيين إلى البلاد وألغت تصاريح عمل نحو 130 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد هجمات حماس، والتي اجتاح فيها مسلحو الحركة جنوبي إسرائيل، وقتلوا حوالي 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، علاوة على اختطاف 240 رهينة.
يضيف كمال، أن ابنته البالغة من العمر 3 سنوات لاحظت أنني لم أعد أشتري الكثير من الطعام والخضروات للمنزل كما كان من قبل، وبدأت تسألني لماذا لم أشتري لها الشوكولاتة ورقائق البطاطس".
ودخل مئات الرجال الآخرين من بلدة كمال، دير بزيع، حالة عطالة اضطرارية بعد الحرب، كما تراجعت حركية الاقتصاد في سائر الضفة الغربية، وفقا لبي بي سي.
بعد أشهر من البحث عن عمل، حصل كمال على عمل لمدة أسبوعين في موقع بناء في الضفة الغربية. لكن صاحب العمل سرحه أيضا بسبب تدهور الوضع المالي.
وقد بدأ الآن في قطع الأشجار وبيع الحطب للسكان المحليين، يقول: "أكسب من بيع الحطب نحو 2 بالمئة من الراتب الذي كنت أتقاضاه من العمل في إسرائيل".
ومثل العديد من العمال الفلسطينيين الآخرين، كان كمال يعمل بدون عقد، ولم يتلق أي تعويض من السلطات أو صاحب العمل الإسرائيلي، بعد إلغاء تصريحه.
ولا يحصل العمال الفلسطينيون على ضمان اجتماعي أو تعويضات بطالة للعمال من إسرائيل، كما هي الحال بالنسبة الى العمال الإسرائيليين. كذلك، لا يوجد أي نظام ضمان اجتماعي يشملهم من السلطة الفلسطينية، وفقا لفرانس برس.
وقبل هجوم حماس والحرب اللاحقة في غزة، كان هناك 150 ألف فلسطيني من الضفة الغربية، و18.500 آخرين من قطاع غزة يعملون في إسرائيل بشكل نظامي، وفقا لمكتب تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق.
ويُعتقد أن آلاف الفلسطينيين يدخلون بشكل غير قانوني للعمل أيضا، وهي ظاهرة تغاضت عنها إسرائيل إلى حد كبير، قبل اتخاذ إجراءات صارمة في السنوات الأخيرة، بسبب مخاوف أمنية، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ويساهم العمال بمبلغ 3.2 مليار دولار سنويا في الاقتصاد الفلسطيني، ويعمل معظمهم في قطاع البناء.
وفي تصريحات، شهر ديسمبر الماضي، قالت وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطينية، منال فرحان، لوكالة فرانس برس، إن الخسائر اليومية جراء توقف عمل الفلسطينيين في إسرائيل، وصلت إلى 24 مليون دولار.
وفي حين ضغطت بعض مجموعات الأعمال الإسرائيلية من أجل السماح للعمال الفلسطينيين بالعودة، فقد أقرت الحكومة خطة لاستبدال العمال الفلسطينيين، عبر استقدام عمال من دول آسيوية، هذا العام.
وقالت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، إنها ستجلب 65 ألف عامل من الهند وسريلانكا وأوزبكستان لاستئناف أعمال البناء المتوقفة.
وكان نحو 72 ألف عامل فلسطيني يعملون في مواقع البناء في إسرائيل قبل الهجوم، ولا يزال هناك نحو 20 ألف عامل أجنبي في إسرائيل، لكن نصف مواقع البناء تقريبا أغلقت بسبب نقص العمالة.
وقال متحدث باسم وزارة الإسكان الإسرائيلية، إن من المتوقع وصول مجموعات جديدة من العمال الأجانب في الأسابيع المقبلة، في ظل سعي الحكومة إلى تجنب نقص المعروض من الوحدات السكنية الذي من شأنه أن يؤدي لرفع أسعار العقارات، مع بدء خفض أسعار الفائدة.
وانتقد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال الفلسطينية، شاهر سعد، الخطة الإسرائيلية الإسرائيلي، مشيرا إلى أن "حوالي 105 آلاف فلسطيني كانوا يعملون في البناء في إسرائيل، قبل أن يصبحوا جميعا عاطلين الآن.
وتابع أن "الاتفاقيات بين النقابات الفلسطينية والإسرائيلية تفرض على أصحاب العمل على دفع تعويضات للعمال بسبب توقف العمل"، "لكن أصحاب العمل الإسرائيليين يتهربون من دفع مستحقاتهم ولا يوجد قانون في إسرائيل يجبرهم على ذلك".
وأضاف سعد، أنه سيكون من "غير الواقعي والصعب" استبدال خبرات العمال الفلسطينيين في قطاعات البناء والزراعة والسياحة والخدمات، بغيرهم من الجنسيات.
من جهته، يقاسي بسام كراجة (لا تربطه علاقة عائلية بكمال)، وهو أب فلسطيني لأربعة أطفال في رام الله، ظروف اقتصادية صعبة بعد إلغاء تصريح عمله، إذ أنه لم يعد قادراً على دفع فواتيره، لذلك انقطعت خدمات الكهرباء والمياه من منزله.
يقول بسام لبي بي سي: "لم أتأخر مطلقا عن سداد مستحقات شركة الكهرباء والماء أثناء عملي في إسرائيل طوال السنوات العشر الماضية.. لكن عندما توقفت عن العمل، أوقفوا خدمتهم".
ويضيف الفلسطيني الذي كان يكسب 4 آلاف دولار شهريا أثناء عمله في إسرائيل، إن الأشهر الأربعة الماضية كانت الأسوأ منذ جائحة كوفيد، والتي كان خلالها على الأقل قادرا على العمل بدوام جزئي.
ويتهم بسام السلطة الفلسطينية بإهمال العمال، ويقول إنه كان بإمكانها تقديم مساعدات مالية أو على الأقل منع شركات المرافق من سحب خدماتها.
ومنذ بداية الحرب، قفزت نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية من 23 بالمئة إلى 47.
كما انكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 35 بالمئة، بحسب وزير العمل، نصري أبو جيش.
وقال أبو جيش، إن السلطة الفلسطينية طلبت المساعدة من الدول المانحة ومنظمة العمل الدولية لكنها "لم تتلق ردا بعد".
وكانت السلطة الفلسطينية تعاني أصلا من الناحية المالية قبل الحرب، لكن الوضع الآن أسوأ.
وتقوم إسرائيل بجمع عائدات الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية، بقيمة نحو 188 مليون دولار شهريا.
وتستخدم السلطة الفلسطينية هذه الأموال لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وتمويل الخدمات العامة في كل من غزة والضفة الغربية.
وكدليل على تفاقم الأزمة، لم تدفع السلطة الفلسطينية رواتب موظفيها لشهر ديسمبر إلا قبل أيام قليلة، بتخفيض قدره 60 بالمئة.
وتشير التقديرات إلى أن السلطة الفلسطينية تنفق حوالي 30 بالمئة من ميزانيتها في غزة، على الرغم من أن حماس تدير المنطقة منذ عام 2007.
وقالت إسرائيل في نوفمبر، إنها لن تسمح بذهاب أي أموال إلى حماس في غزة، وسحبت هذا التمويل. ورفضت السلطة الفلسطينية استلام عائدات الضرائب المخفضة من إسرائيل، مما اضطرها إلى خفض الرواتب.
يقول كمال: "نحمد الله أننا لا نزال قادرين على توفير الغذاء والماء لعائلاتنا" قبل أن يستدرك قائلا: "لكن لا يمكنني أن أتحمل سوى شهر آخر".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العمال الفلسطینیین السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة فی إسرائیل ألف عامل فی غزة
إقرأ أيضاً:
جيش الاحتلال يطلق حملة عسكرية جديدة على الضفة الغربية
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق حملة عسكرية باسم "المطر الأول"، حيث يقتحم منذ يوم الاثنين، مناطق واسعة من شمال الضفة الغربية.
حزب الله ينشر ملخصا لعملياته ضد جيش الاحتلال جيش الاحتلال يرفع حالة التأهب تحسبًا لهجوم إيراني مرتقبوأعربت الولايات المتحدة، الاثنين، عن "قلقها العميق" إزاء التقارير عن تزايد عنف المُستوطنين الإسرائيليين المُتطرفين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، بعد أن أشعل مستوطنون إسرائيليون النار في سيارات في مدينة البيرة، المُلاصقة لرام الله، وسط الضفة الغربية المُحتلة.
وقال ميلر إن الولايات المتحدة أوضحت هذه المخاوف للحكومة الإسرائيلية، مُشددًا على أنه يتعين على السلطات الإسرائيلية أن تفعل كل ما هو مُمكن لتهدئة الأمور، ومُحاسبة جميع الجناة، على حد قوله.
من جانبها، نددت وزارة الخارجية الفلسطينية بـهجوم المستوطنين الوحشي، مؤكدةً أن الذين اقتحموا البيرة ما كان لهم أن يرتكبوا هذه الجريمة البشعة لولا شعورهم بالحماية والإسناد والحصانة من المستوى السياسي الإسرائيلي.
الاحتلال الإسرائيلى يدمر البنية التحتية فى مخيمى طولكرم ونور شمسألحقت جرافات الاحتلال الإسرائيلى اليوم الثلاثاء، دمارا كبيرا فى البنية التحتية وممتلكات المواطنين فى مخيمى طولكرم ونور شمس، خلال عدوانه المتواصل منذ 4 ساعات.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن جرافات الاحتلال اقتحمت حارات المقاطعة وقاقون والفول والمدارس والسلام، وجرفت وخربت الشوارع ودمرت خط المياه الرئيسي المغذي لمخيم طولكرم وسط حصاره من مداخله كافة.
أما في مخيم نور شمس، فقد دمرت جرافات الاحتلال ممتلكات المواطنين من منازل ومحلات تجارية وتحديدا في حارة المنشية، وأحرقت محلا تجاريا يعود للمواطن إبراهيم الشبراوي في المنطقة المذكورة، ما تسبب في اشتعال النيران داخله واحتراقه بالكامل، في الوقت الذي شرعت بإزالة الشوادر في حارة الشهداء في المخيم.
وذكرت مصادر محلية لوكالة "وفا" أن مركبة الإطفاء التابعة للدفاع المدني في بلدة عنبتا، حضرت إلى المخيم وأطفأت النيران وحالت دون امتدادها إلى باقي المحلات المجاورة.
وقالت وكالة "وفا" إن قوات الاحتلال نشرت آلياتها على جميع المحاور المؤدية إلى المخيمين وفرضت حصارا مشددا عليهما، وقناصتها على أسطح البنايات الكاشفة لهما، التي تطلق النيران على كل شيء متحرك،كما اعتقلت الشاب صالح الغانم من منزله في حارة المسقوفة في ضاحية اكتابا شرق طولكرم، واعتدت عليه بالضرب.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت المدينة صباح اليوم بعشرات الآليات وناقلات الجند ترافقها 6 جرافات من النوع الثقيل، بداية من المحور الشمالي، ثم تلتها تعزيزات إضافية من محاورها الغربية والجنوبية والشرقية.
وأفادت "وفا" بأن عددا من آليات الاحتلال العسكرية خرجت من بوابات جدار الفصل العنصري غرب قرى الشعراوية شمال المحافظة، مرورا ببلدات عتيل، ودير الغصون، ومثلث علار، وقفين، والجاروشية، وضاحية شويكة، إلى أن وصلت إلى دوار العليمي "المحاكم"، غرب المدينة،وأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز السام باتجاه المواطنين، في محيط دوار اليونس في الحي الشمالي للمدينة.
وجرفت جرافات عسكرية البنية التحتية في شارع المقاطعة المحاذي للمدخل الشرقي لمخيم طولكرم، ومحيط دوار الشهيد سيف أبو لبدة، وشارع نابلس المحاذي لمداخل مخيم نور شمس، وسط سماع أصوات انفجارات في هذه المناطق.
وفي وقت سابق، جابت آليات الاحتلال وجرافاته شوارع مدينة طولكرم، واعترضت حركة تنقل المركبات والمواطنين، ما تسبب في حدوث اختناقات مرورية في شوارع المدينة الرئيسية.