ستموت بموت المريض.. الأطباء في العراق يصبحون ضحايا
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
حادثتا قتل طالتا طبيبين بالعاصمة العراقية بغداد، لم يكن بينهما أقل من شهر، حيث كانت آخرها التي أحدثت ضجة في البلد الذي يعاني من السلاح المنفلت، هو قتل طبيب الأطفال خالد زهير نعمة من قبل مسلحين في الأسبوع الأول من شهر شباط الجاري.
الأدلة الجنائية، وفق وثيقة صادرة عن نقابة الأطباء، أكدت أن "الحادث اغتيال واضح جدا"، حيث وقعت الجريمة في وضح النهار، من خلال إطلاق النار على الطبيب الذي يعمل في مستشفى حماية الطفل في مدينة الطب في شارع المغرب شرقي العاصمة.
ويبدو أن بيانات نقابة الأطباء التي تشعر من خلالها بـ "القلق" على مقتل كوادرها أو تعرضهم للخطف والتهديد لا ترقى إلى وضع حد لاستهداف الطواقم الطبية من قبل أصحاب السلاح.
العام الماضي، قامت نقابة صيادلة محافظة ديالى العراقية بتعليق عمل الصيدليات لفترة زمنية احتجاجا على مقتل الطبيب المعروف أحمد المدفعي، ونددت "العمل الإجرامي" الذي يستهدف الكوادر الطبية.
وعلى الرغم من إلقاء القبض على غالبية منفذي اغتيالات الأطباء من قبل وزارة الداخلية، إلا أن الردع لم يترجم على أرض الواقع.
87 بالمئة من الأطباء تعرضوا للعنف
أفاد تقرير بريطاني حديث أن نسبة 87٪ من أطباء بغداد قد تعرضوا لأعمال عنف خلال النصف الأول من العام 2022، وكشفت غالبية هؤلاء الأطباء أن العنف قد ازداد منذ بداية تفشي وباء كورونا، حيث أشاروا إلى أن ثلاثة أرباع الهجمات جرت على يد المرضى وأفراد عائلاتهم.
وأشار التقرير إلى أنه في العراق، يعتبر من الأمور الاعتيادية أن يتلقى المريض الدعم من قِبَل الأصدقاء وأفراد عائلته، وفي بعض الأحيان يأتون حتى من قِبَل مجموعات تصل إلى 15 شخصا يدخلون إلى داخل المستشفى.
وأضاف تقرير "الغارديان" أن عدم قدرة الطبيب على علاج مريض يشعر بالتوتر أو يعتقد أن هناك خطأً طبيا قد يؤدي إلى تحول الأجواء المتوترة إلى أعمال عنف.
ونقل التقرير عن أستاذ علم الوبائيات في جامعة المستنصرية، رياض لفتة، قوله: "عندما يتوجه المرضى إلى المستشفى وهم متوترين وقلقين، يواجه الأطباء صعوبة في التعامل معهم، حيث يتسبب التوتر في غضب المرضى وتصاعد الاعتداءات".
وأشار التقرير إلى أن "التراخي الأمني" يعني أن هذه الاعتداءات يمكن أن تشمل استخدام الأسلحة في بلد يمتلك نحو 20٪ من المدنيين فيه سلاحا ناريا.
وقال لفتة ان "الناس قلقون ومسلحون، وهناك مشكلات في نظام الرعاية الصحية، وكل هذه العوامل تساهم في تصعيد العنف".
"تهجير ممنهج"
العاملون في مجال حقوق الإنسان، يرون بأن هذه الاستهدافات ليست في غالبيتها ناجمة عن "غضب" أو رد فعل، بل إنها تدخل ضمن سياق استهداف العقول، بغرض ضرب الكفاءات في البلد الذي يعاني من الهجرة بشكل مستمر.
في السياق، يقول الناشط في حقوق الإنسان، أنس العزاوي قتل الأطباء تدخل ضمن مخطط يهدف لتفريغ البلاد من الملاكات العملية والفنية.
وذكر لـ "عربي21"، أن علميات الاستهداف التي تشمل الأساتذة الجامعيين أيضا، لا تتم بدافع طائفي أو مذهبي، إنما تطال الاغتيالات كافة المكونات في العراق بلا استثناء.
وحذر من أن استهداف الأطباء والكوادر يهدد بإغلاق المستشفيات نظرا لنفص الملاكات ذات الكفاءة.
في نهاية شهر كانون الثاني الماضي، اندلعت اشتباكات مسلحة بين جماعتين مسلحتين في محيط مستشفى الناصرية التركي وسط محافظة ذي قار.
ويعود سبب الحادثة إلى أن أفرادا مسلحين حاولوا اقتحام المستشفى لكن طاقم الحماية قاموا بمنعهم مما أسفر عن سجال واعتداء بالضرب تطور لاحقا إلى نزاع مسلح.
ورأى العزاوي أن جزءا من الحل يكمن في ضبط السلاح المنفلت بيد الدولة وإنزال عقوبات قاسية بحق الجناة، إضافة إلى تعزيز الثقافة بين الأوساط الشعبية والعشائرية.
وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن نحو 400 من الكوادر الطبية العراقية قد تعرضوا للقتل والإصابة، إضافة إلى هجرة ما لا يقل عن 20 طبيب قبل وبعد إسقاط حكم النظام السابق برئاسة صدام حسين عام 2003، إثر الاضطرابات والحروب التي شهدتها البلاد، وعلى رأسها العنف.
"العقوبة العشائرية"
في المجتمع العراقي الذي تغلبه العشائرية، فإن دور القبيلة أو العشيرة أساسي في أي ظاهرة ويكون لها أثر سواء كان إيجابيا أو العكس.
لكن تظهر حالات الاستهداف أن العشيرة تلعب دورا "ابتزازيا" بهذا الجانب، كون المسألة تدخل في إطار قانون العشيرة بدلا من القضاء الرسمي.
وتترواح قيمة "العقوبة العشائرية" ما بين 50 مليون إلى 145 مليون دينار عراقي، علما أن الممتنع عن الدفع قد يُهدر دمه أو يخسر عمله.
هذا الدور يعد ابتزازا للأطباء من قبل بعض أهالي المرضى، الذين يتوفون بعد العمليات الجراحية أو في حال تعرضهم لمضاعفات مرضية خلال العلاج، وفقا للمرصد العراقي لحقوق الأطباء.
وسط هذه الاستهدافات، تتوالى الدعوات إلى تفعيل الدور الحكومي من أجل حماية الكوادر الطبية، داعين إلى تخصيص لجان حماية واعتبار وزير الصحة مسؤولا مباشرا عن هذا الملف الذي بات يهدد القطاع الصحي في العراق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراقية بغداد الأطباء العراق بغداد الأطباء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی العراق من قبل إلى أن
إقرأ أيضاً:
نصيحة الأطباء لفتيات مصر.. طريقة واحدة لإبطال مفعول مخدر الاغتصاب
فى الفترة الأخيرة، تصدرت الأخبار قضية الإعلامية داليا فؤاد التى تم ضبطها وبحوزتها عقار GHB المعروف بـ «عقار الاغتصاب»، ما آثار موجة من الجدل حول الاستخدام المتزايد لهذا العقار.
يعتبر GHB، الذى بدأ كعقار طبى يستخدم فى المستشفيات لعلاج اضطرابات النوم وبعض الحالات العصبية، من المخدرات التى تُثير قلقًا شديدًا فى الأوساط الطبية والأمنية، وفقًا للدكتور أيمن ثروت استشارى التخدير، يُعرف هذا المخدر بقدرته الفائقة على التأثير فى الجهاز العصبى المركزى، حيث يبدأ تأثيره بعد دقائق قليلة من تناوله، مما يؤدى إلى فقدان الوعى الكامل، شلل الحركة، وعجز الضحية عن المقاومة.
المثير فى الأمر أن هذا العقار عديم الطعم والرائحة، مما يجعله سهل الإضافة إلى المشروبات دون أن يُكتشف، الأمر الذى حوله إلى أداة تُستخدم فى الجرائم الجنسية، وبالإضافة إلى GHB، هناك مادة أخرى تُستخدم فى تهريب المخدرات وهى ١٫٤-بيوتان دايول (BDO)، وهى مادة صناعية تُستخدم فى الصناعات الكيميائية، لكنها تتحول داخل الجسم إلى GHB بمجرد تناولها.
حسب الدكتور على عبد الله، مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية، تعتبر هذه المادة أخطر من GHB بسبب أنها ليست مصممة للاستخدام البشرى، وعند تناولها يمكن أن تؤدى إلى آثار جانبية مدمرة، مثل توقف التنفس، الغثيان الشديد، وحتى الوفاة بسبب الجرعات الزائدة.
لا يقتصر استخدام GHB وBDO على أوساط الحفلات والمجتمع الشبابى فقط، بل أصبحت هاتان المادتان جزءًا من الأسلحة المستخدمة فى الجرائم المنظمة. ففى العديد من الحوادث الموثقة، حيث تم استخدام GHB لإسقاط الضحايا فى حالة من الغيبوبة أو فقدان الوعى التام، مما يُتيح للمجرمين ارتكاب الجرائم الجنسية والسرقة دون أن يكون للضحية أى ذاكرة تُذكر عن الحادثة.
ما يزيد من خطورة هذا الوضع هو أن هذه المواد يمكن أن تظل فى الجسم لمدة ٢٤ ساعة تقريبًا، مما يصعب اكتشافها أو إثبات استخدامها فى الجرائم.
قضية داليا فؤاد كانت بمثابة جرس إنذار حول انتشار هذه المواد بشكل غير قانونى. فقد أظهرت التحقيقات أنها لم تكن أول من يمتلك هذا العقار لأغراض غير مشروعة، وهو ما يعكس تزايد استخدام GHB وBDO فى أوساط المجرمين، وهذا ما دفع العديد من الخبراء إلى المطالبة بتشديد الرقابة على هذه المواد وتشريع قوانين أكثر صرامة لمكافحة تهريبها.
فى ظل خطر انتشار هذه المخدرات، أشار مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية إلى ضرورة تعزيز الوعى العام حول كيفية التعامل مع هذه المواد، وأوضح أنه من أبرز النصائح الوقائية التى يجب على أى فتاة تجنبها هو عدم قبول مشروبات من الغرباء مع التأكد من أن المشروبات لا تُترك دون مراقبة واستخدام أغطية خاصة للأكواب خاصة فى الأماكن العامة والمزدحمة.
وأشار إلى أن أى فتاة كانت عرضة لمؤامرة من أى شخص وتناولت أى مشروب مضاف له هذا العقار يجب عليها الوعى بالأعراض المبكرة مثل الدوار أو فقدان التوازن، قائلًا: «أى بنت شكت أنها شربت تلك المادة عليها شرب كمية كبيرة من المياه تجعلها تتقئ أو تدخل الحمام وهذا الأمر هيأخر ظهور الأعراض عليها وتطلع على أقرب مستشفى».
وأضاف أنه يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من تهريب المخدرات مثل BDO، والتى تُصنف ضمن المواد المخدرة الصعبة المراقبة بسبب استخدامها فى الصناعات الكيميائية، مؤكدًا على ضرورة التعاون الدولى بين الدول لوضع أنظمة رقابة أكثر فاعلية لتتبع ومكافحة تهريب هذه المواد قبل أن تُصبح جزءًا من المخاطر اليومية التى تهدد الأفراد.
وأشار إلى أن فهم خطورة هذه المواد وطرق الوقاية منها قد يساعد فى حماية الأفراد والمجتمع من مخاطرها، لذلك، يجب على السلطات المختصة تعزيز الرقابة على هذه المواد المخدرة، وكذلك تكثيف التوعية العامة حول طرق الحماية من الاعتداءات الجنسية التى قد تُستخدم فيها هذه المواد.