نواكشوط – وقعت موريتانيا والسنغال قبل 6 أعوام على القرار النهائي لاستثمار حقل غاز "السلحفاة/أحميم الكبير" المكتشف على حدودهما البحرية المشتركة، والذي تبلغ احتياطاته نحو 25 تريليون قدم مكعب.

حينها توقعت شركتا "كوسموس" وبريتش بتروليوم "بي بي" الموقعتان على عقد استغلال الحقل أن يبدأ الإنتاج فيه بشكل فعلي نهاية العام 2021، ورفعت شعوب البلدين المتجاورة والمتعطشة للثراء سقف الآمال عاليا، وترقبت آفاقا وفرصا واعدة.

لكنها اليوم أصيبت بخيبة أمل بعد أن سجل المشروع تأخرا واضحا عن موعد الإنتاج لأكثر من سنتين، وتضاعفت تكاليف تطويره، وأصبح البعض يقلل من قيمته الاقتصادية وفوائده التنموية، خصوصا في موريتانيا التي صرح وزير اقتصادها أكثر من مرة بأن عائدات بلده من حقل السلحفاة/أحميم الكبير "لن تنعكس مبكرا على الاقتصاد الموريتاني".

وكانت شركة "بي بي" البريطانية، المالكة لنسبة 56% من المشروع، قد أعلنت عن تأخير في بدء الإنتاج في الموقع عدة مرات، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف الذي أثار استياء المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين، الذين وجدوا أنفسهم في حرج بعد أن دمجوا بالفعل العائدات المتوقعة من المشروع في مشاريع قوانين المالية لعام 2023.

تراجع العائدات

تقدر العائدات التي كانت ستدخل خزينة الدولة الموريتانية وحدها من مشروع السلحفاة/أحميم الكبير بـ100 مليون دولار سنويا في المرحلة الأولى من الإنتاج، في حين كانت ستبلغ في المرحلة الثانية والثالثة مليار دولار سنويا، حيث ستتجاوز قدرة الإنتاج عتبة 10 ملايين طن سنويا.

العائدات الموريتانية وحدها من المشروع قدرت بـ100 مليون دولار سنويا في المرحلة الأولى من الإنتاج (شترستوك)

لكن هذه الأرقام قد تتقلص بنسبة 50% بعد التعثرات المتكررة للمشروع والارتفاع الجنوني لتكاليفه، الذي وصف بأنه انقلاب جرى في الخفاء على المشروع دفع المسؤولين الموريتانيين والسنغاليين للتوحد للضغط على الشركة المنفذة لمراجعة التكاليف.

الصحفي الموريتاني سيدي محمد بلعمش، رئيس تحرير موقع "مراسلون" الإخباري، يصف للجزيرة نت ما جرى بأنها "خيبة أمل موريتانية سنغالية كبيرة"، مؤكدا أن "تكاليف المشروع ارتفعت من 3.8 إلى 10 مليارات دولار، مما يؤثر على المداخيل السنوية التي يترقبها الشارع، فبدلا من 100 مليون دولار سنويا في المراحل الأولى، سنجني الآن في أحسن الأحوال 60 مليون دولار سنويا، وهو أقل مما نجنيه من اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوروبي".

ويعتبر ولد بلعمش أن "الخلاصة المؤسفة هي أنه لا أفق الآن اقتصاديا للغاز، والآمال من هذا المشروع بالذات قد تبخرت ونحن في غفلة من أمرنا".

تحقيق وتدقيق

وبعد التأخر الكبير الذي عرفته الأشغال في هذا الحقل وارتفاع تكاليفه وتراجع التوقعات بخصوص العائدات المادية، كثفت موريتانيا والسنغال الجهود من أجل تدارك الوضع.

وقال وزير البترول والمعادن والطاقة في تصريح سابق "إن استخراج الغاز تأخر لأسباب فنية تتعلق بطبيعة المشروع المعقدة، فضلا عن جائحة كورونا، غير أن هذه الأسباب لا تبرر كل هذا التأخر".

وأكد الوزير أن موريتانيا والسنغال تدرسان أسباب ارتفاع التكلفة التي أعلنت عنها الشركات.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول مستشار وزير الطاقة الموريتاني أحمد فال محمدن إن "تصدير الغاز من حقل أحميم تأخر عن الموعد 28 شهرا، وإن مسؤولي البلدين لاحظوا ارتفاعا في تكاليفه، ولجؤوا بالفعل لاكتتاب مكتب دولي للدراسة والتدقيق المالي في التكاليف وتقييم الأثر الإجمالي لهذا التأخر المسجل في تنفيذ المشروع وارتفاع تكلفته".

ونفى المستشار أن يكون هناك نزاع أو خلاف بين شركة "بي بي" والدولة الموريتانية، مضيفا أن الشركة ما زالت عند التزاماتها المتعلقة بتطوير المشروع واستخراج الغاز، والعمل متواصل ووصول المنصة العائمة لتسييل الغاز الطبيعي الخميس الماضي للمنشأة دليل واضح على قرب انتهاء الأشغال التي تخطت نسبتها حاجز 90%.

ولا يخفي الصحفي ولد بلعمش تشاؤمه من المراجعات والمفاوضات الجارية، ولا يتوقع أن تكون لها نتائج ملموسة كإبقاء المداخيل على ما كانت عليه سابقا، مضيفا أن شركة بريتش بتروليوم حينما تعلن أن هناك تكاليف إضافية، فمعناه أنها حضرت جيدا لهذا الملف وأعدت للسؤال جوابا، ولا يمكن أن تؤتى من هذا الجانب وجميع تبريراتها ستكون مقنعة.

وإضافة إلى هذه العوامل لدى الشركتين العاملتين في الحقل، هناك خيار آخر باللجوء لاستعمال الضغوط الدولية، وستميل لصالحهما خاصة أنهما تنتميان للقوتين العالميتين البريطانية والأميركية.

أمل باق رغم التحديات

وفي غضون هذه التحديات، تواصل السلطات الموريتانية والسنغالية مشاوراتهما لضمان الاستدامة والجدوى الاقتصادية للمشروع مع المحافظة على مصالح مواطني البلدين.

وحسب ما قال المستشار ولد محمدن، فإن الدولة الموريتانية رغم التحديات "ما زالت تسعى للاستثمار في هذا المشروع لدعم تنميتها المحلية وتحسين الظروف المعيشية لمواطنيها، وتخطط لتنفيذ مشاريع هامة في مجال الغاز والطاقة واستغلال الكمية المخصصة للاستهلاك المحلي التي تقدر بـ35 مليون متر مكعب والتي ستخصص لإنتاج الكهرباء والطاقة النظيفة".

كما أن موريتانيا -وفق المستشار ذاته- "اعتمدت رؤية إستراتيجية للطاقة من أجل خلق تكامل بين القطاعات الثلاثة الغاز والكهرباء والمعادن، تتمثل في تثمين موارد الغاز واستغلالها من أجل إنتاج كهرباء قوية ذات جودة عالية وبأسعار مخفضة وتوجيهها نحو الأقطاب المعدنية من أجل إتاحة الفرصة للصناعات التحويلية، مما سيحقق الهدف العام المنشود وهو خلق نقلة اقتصادية واجتماعية للبلد".

ويعد حقل أحميم المشترك مع السنغال باكورة المشاريع الغازية المستغلة لموريتانيا التي تملك منفردة حقولا باحتياطات ضخمة تبلغ 100 تريليون قدم مكعبة، من ضمنها احتياطات حقل "السلحفاة" الذي تتقاسمه مع جارتها السنغال.

وسيصل حجم تصدير الغاز من السلحفاة في المرحلة الأولى من الاستغلال إلى نحو 2.5 مليون طن سنويا، خصص نحو 70 مليون قدم مكعب منها يوميا للاستهلاك المحلي داخل للبلدين.

ومع اقتراب اكتمال الأشغال في مشروع السلحفاة وتصدير أول شحنة من الغاز الموريتاني نهاية العام الجاري، يراهن الموريتانيون على الغاز ويمنون النفس بنجاح هذه التجربة من أجل تغيير أوضاعهم المعيشية وتنمية بلدهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ملیون دولار سنویا فی المرحلة من أجل

إقرأ أيضاً:

مصر تعلق على “شائعة” جديدة عن أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط

مصر – أكدت وزارة البترول المصرية تواصل العمل في حقل ظهر، أكبر حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط، مع شركة إيني الإيطالية دون أي تأخير للجدول الزمني، وذلك بعد عدة شائعات لاحقت الحقل.

وعلقت الوزارة على تقارير أشارت إلى تأجيل شركة إيني الإيطالية الإنتاج لكميات جديدة من الغاز بحقل ظهر حتى مايو 2025 بدلا من شهر يناير الجاري بسبب عدم استقرار الطقس في البحر خلال فصل الشتاء، وعبرت الوزارة عن “استيائها الشديد من نشر وتداول الأخبار المغلوطة” دون التحقق من المصادر المعنية.

وأشارت الوزارة إلى إعلان الشركة في نهاية ديسمبر الماضي، أن سفينة الحفر تستعد للوصول إلى مصر لبدء أعمال الحفر في يناير الجاري باستخدام التقنيات الحديثة بهدف زيادة الإنتاج والعودة إلى مخططات الإنتاج المعتمدة.

وتراجع إنتاج حقل ظهر خلال الأشهر الأخيرة ولجأت الحكومة إلى استيراد الغاز المسال لأول مرة منذ عام 2018، ما دفع البعض إلى الزعم بتضرر الحقل ونضوب مخزونه من الغاز نتيجة تسرب المياه إليه، لكن الحكومة نفت هذه الشائعات وقالت إن انخفاض الإنتاج يعود لتراجع عملية تنمية الحقل.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مناسبات عدة إن انخفاض إنتاجية الغاز في مصر سببه تأخر الحكومة في سداد فاتورة الشريك الأجنبي، مؤكدا أن الحقل سيعود لمستويات الإنتاج السابقة خلال الأشهر القادمة.

كما صرح المدير المالي لشركة إيني الإيطالية فرانشيسكو جاتي، في وقت سابق، بأن الشركة تعتزم تنفيذ أعمال في حقل ظهر مع بداية عام 2025 لاستعادة مستوى إنتاج الغاز الطبيعي السابقة.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • المجلس التصديري للجلود: نستهدف وصول صادرات الجلود لمليار دولار سنوياً
  • مصر تعلق على “شائعة” جديدة عن أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط
  • «البترول» تنفي تأجيل إنتاج الغاز من حقل ظهر
  • زيلينسكي يتحدث عن "أكبر الهزائم" التي منيت بها موسكو
  • زيلينسكي يتحدث عن "أكبر الهزائم" التي منيت بها موسكو
  • وكيل محافظة مأرب يفتتح فندق واجنحة برج موك السياحي بكلفة مليون دولار امريكي
  • بدء إنتاج الغاز من مشروع حقل السلحفاة في السنغال وموريتانيا
  • البدء بإنتاج الغاز من حقل السلحفاة المشترك بين موريتانيا والسنغال
  • موريتانيا والسنغال تباشران بإنتاج الغاز من حقل “السلحفاة” المشترك
  • سجلت رقما قياسيا سنويا جديدا.. ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية 8.2% خلال 2024