فضائل شهر شعبان.. ولماذا خصص الرسول هذا الشهر للصيام؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
فضائل شهر شعبان، مع قدوم شهر شعبان تصبح الأرواح عطشى لاكتساب الثواب والحسنات في مثل هذه الأيام المباركة، وذلك لأن فضائل شهر شعبان تشعرنا بروحانيات شهر الصيام، ومن أعظم فضائل شهر شعبان تأهيل النفس لشهر رمضان من خلال الصيام والدعاء والتضرع وصلة الرحم وما إلى ذلك من الأعمال الصالحة، والتي على كل مسلم أن يستغلها خير استغلال حتى يتطهر من المعاصي ويدخل شهر رمضان خالي من أي ذنوب.
يصعب إحصاء فضائل شهر شعبان لكثرتها والتي منها استحباب الصيام حتى يهيئ المرء نفسه وجسده وعقله لصيام شهر رمضان الكريم، وكذلك من فضائل شهر شعبان أنه شهر ترفع الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يغتنم هذه الفرص مثل فضائل شهر شعبان وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وقضاء ليل شهر شعبان في الطاعات والاستغفار والقيام وقضاء نهاره في الصيام وقراءة القرآن.
من فضائل شهر شعبان أن الله جعل هذا الشهر ظرفًا لحدث عظيم والذي هو تحويل القبلة من المسجد الأقصى ببيت المقدس إلى المسجد الحرام، وجعل الله هذا الحدث العظيم إكراما للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتمنى ذلك حيث كان يقلب وجهه في السماء يرجو من الله أن يحقق أمنيته، فكان الرد من الله بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام لتحقيق رغبة النبي صلى الله عليه وسلم. ورد في القرآن الكريم هذا الحدث الجليل في القرآن الكريم، قال الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون) وتعد هذا من أعظم فضائل شهر شعبان، كذلك من فضائل شهر شعبان أن الله أمر المسلمين فيه بالجهاد وجعل الله الجهاد أيضا واجبًا عليهم، ومن فضائل شهر شعبان وقوع غزوة بدر الصغرى فيه.
فضائل شهر شعبان مكتوب
فضائل شهر شعبان مكتوب، يرفع الله الأعمال ومعنى رفع الأعمال في فضائل شهر شعبان مكتوب هي الأعمال السنوية للعباد، ويستحب لكل مسلم في شهر شعبان أن يكثر من الاجتهاد حتى تكون خاتمة أعماله التي سترفع إلى الله حسنة، لأن حسن الخواتيم من المسائل التي يجب على المرء الإلحاح في دعائه بها راجيًا من الله أن يجعلها حقيقة، ففي الأدعية المأثورة هذا الدعاء: (اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك)
جاءت الكثير من الأحاديث في فضائل شهر شعبان مكتوب والتي منها- عن أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها- قالت: (ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان) رواه البخاري ومسلم.
كان الصحابة رضوان الله عليهم يصبون اهتمامهم بشهر شعبان قدوة وأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فحين يقدم عليهم شهر شعبان تجدهم منكبين على القرآن يقرأوه ويدرسونه فيما بينهم، ويعطون الصدقة من أموالهم، ويتسارعون في فعل الصالحات، كل ذلك من أجل تهيئة أنفسهم لشهر رمضان الكريم، فإذا أقبل رمضان تجد قلوبهم عامرة بالإيمان وألسنتهم رطبة بذكر الله سبحانه وتعالى، وجوارحهم عفيفة تتجنب كل ما هو حرام، وبسبب كل ذلك يشعرون لذة الصيام وحلاة القيام، فهم لا يملون ولا يكلون ولا يتعبون من فعل الخير والبعد عن كل ما نهى الله عنه من المنكرات، قال الله عز وجل في القرآن الكريم: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فعل الصالحات في أوقات الغفلة هي بمثابة تقويم للنفس فهي أشق وأصعب على النفس من الأوقات التي تكون النفس فيها متيقظة، فترى ثواب ركعتين في جوف الليل أفضل من مثلهما في منتصف الليل، فقد جاء في السنة النبوية عن فضائل شهر شعبان مكتوب: (أن الله يغفر فيها لكل عباده إلا المشرك)، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لنا فضل شهر شعبان لما رأى الناس ينتبهون ويتيقظون لشهر رجب ويعظمونه ويبجلونه على بقية الأشهر، فقد جاء ذلك كتنبه لهم على اغتنام فضائل جميع الشهور وكون هذا الفضائل متفاوتة في الدرجات.
من فضائل شهر شعبان مكتوب، الصيام والذي يعتبره المسلمون كمرحلة تدريبية لاقتراب شهر رمضان، حتى لا ندخل شهر رمضان فنلاقي مشقة في تحمل الصيام، بل نكون اعتدنا على مشقة الصيام فيكون صيام شهر رمضان سهلًا كالماء يجري في القنوات، ويجعلنا أيضا مستعدين لشهر رمضان بروح عالية ونشاط كبير، فقد جاء في أسامة بن زيد رضيَ الله عنهما أنَّه سأل النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم فقال: يا رسول الله، لم أركَ تصوم شهرًا منَ الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: (ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يُرْفعَ عملي وأنا صائم) رواه الترمذي والنسائي.
يوجد الكثير منا يصوم الإثنين والخميس من النصف الأول من شعبان، ونجد من يكتفي بصيام النصف من شعبان لما يتضمنه هذا اليوم من روحانيات كثيرة، وتعتبر ليلة النصف من شعبان واحدة من أهم الأيام التي تكثر فيها العبادات ويستجيب الله فيها للدعوات، حيث كان المصطفى صلى الله عليه وسلم حريص على أن يكثر من الصيام في شهر شعبان حيث أنه شهر رفع الأعمال، بالإضافة إلى أن الصوم من السنن عظيمة الأجر التي لها مكانة كبيرة عند المولى عز وجل.
من المستحب على المسلم في شهر شعبان أن يبتعد عن الذنوب والمعاصي، وأن يكثف من فعل الطاعات ويكثر منها من أجل التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، والإكثار من ترديد الأدعية التي سيستجيب الله لنا بها بكرمه وعفوه عز وجل.
تخصيص الرسول شهر شعبان للصيام
تخصيص الرسول شخر شعبان للصيام، خصص لنا النبي صلى الله عليه وسلم شهري شعبان والمحرم للصيام، فقد قال الإمام ابن رجب رحمة الله عليه في بيان التفضيل بين صيام نبي الله داوود وصيام شهر شعبان وكذلك صيام اللإثنين والخميس من كل أسبوع بقوله:( أن الرسول بين أن صفة صيام داود كانت لنصف الدهر فقط، وكان الرسول يفرق بين أيام صيامه تحريًا للأوقات والأيام الفاضلة).
ذكر الحافظ بن رجب الحنبلي رحمة الله عليه في بيان حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في سبب الإكثار من الصوم في شهر شعبان: (أن شهر شعبان يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، حيث يكتنفه الناس شهران عظيمان، الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفول عنه، وكثير من الناس يظن أن صيام شهر رجب أفضل من صيامه، لأن رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك في شعبان).
شهر شعبان هو منحة إيمانية من الله عيز وجل، يجب على كل فرد مسلم أن يغتنم وينتهز ليالي هذا الشهر وأيامه في القرب من الله وفعل الخيرات بشتى أنواعها، قيام وصدقات وصيام وتلاوة قرآن وصلة رحم ودعاء واستغفار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فضائل شهر شعبان شهر الصيام النبی صلى الله علیه وسلم فی شهر شعبان شهر رمضان صیام شهر إلى الله فی شعبان من الله ذلک من صیام ا
إقرأ أيضاً:
«المال العام وحرمة التعدي عليه».. موضوع خطبة الجمعة المقبلة
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة المقبل بعنوان «المالُ العَامُّ وَحُرْمةُ التَّعَدِّي عَلَيْهِ»، موضحة أنّ الخطبة تهدف إلى توعية جمهور المسجد بأنّ المال العام منفعة عامة للجميع، وبيان حرمة التعدي عليه بأي صورة من الصور.
وجاء نص خطبة الجمعة: «يبدأ بالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بَدِيعِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ، وَنُورِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهَادِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، أَقَامَ الكَوْنَ بِعَظَمَةِ تَجَلِّيه، وَأَنْزَلَ الهُدَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيه، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ».
وأضافت الوزارة في نص خطبة الجمعة: «المُتَأَمِّلَ فِي البَيَانِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ يَجِدُ وَعِيدًا شَدِيدًا وَتَرْهِيبًا حَادًّا مِنَ التَّعَدِّي عَلَى المَالِ العَامِّ بِأَيِّ صُورَةٍ مِنَ الصُّوَرِ، حَيْثُ يَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَوَاتُ ربِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ)، أَرَأَيْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ قُدْسِيَّةَ المالِ العَامِّ وَعَظَمَتَهُ؟! أَرَأْيْتُمْ مَاذَا سَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ إِنَّ المالَ العَامَّ هُوَ مَالُ اللهِ تَعَالَى».
وتابع نص خطبة الجمعة: «أَيُّهَا المُعْتَدِي عَلَى المالِ العَامِّ أَفِقْ! أَنْتَ لَا تَعْتَدِي عَلَى مَالِ الوَطَنِ وَالمُوَاطِنِينَ فَقَطْ، أَنْتَ تَعْتَدِي عَلَى مَالِ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ! أَعَلِمْتَ هَوْلَ الأَمْرِ وَشِدَّتَهُ وَعَظَمَتَهُ؟! إِنَّ المالَ العَامَّ هُوَ المالُ المُقَدَّسُ، إِنَّ التَّعَدِّي عَلَى المالِ العَامِّ جَوْرٌ وَبَغْيٌ عَلَى المالِ الَّذِي نُسِبَ إِلَى اللهِ تَعَالَى نِسْبَةَ صِيَانَةٍ وَحِمَايَةٍ وَحِفْظٍ! أَيُّهَا المُعْتَدي عَلَى المَالِ العَامِّ تَأَمَّلْ عِقَابَ الَّذِينَ يَعْتَدُونَ عَلَى مَالِ اللهِ بِتَضْيِيعِهِ وَسُوءِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالأَخْذِ مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، إِنَّ الجَزَاءَ نَارٌ حَامِيَةٌ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ)، وَيَقُولُ صَلَوَات رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: (أَيُّمَا لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ)».
وأكمل: «وَهُنَا يَتَحَرَّكُ فِي عُقُولِنَا جَمِيعًا سُؤَالٌ: مَا هُوَ المَالُ العَامُّ؟ وَنُجِيبُ فَنَقُولُ: المَالُ نَوْعَانِ، مَالٌ خَاصٌّ وَمَالٌ عَامٌّ، أَمَّا المال الخَاصُّ فَهُوَ مُمْتَلَكَاتُكَ أَنْتَ الشَّخْصِيَّةُ، مِثْلَ مَنْزِلِكَ، وَثَوْبِكَ، وَكِتَابِكَ، وَمَكْتَبِكَ، وَأَغْرَاضِكَ وَمُتَعَلّقَاتِكَ الشَّخْصِيَّةِ، وَهَذِهِ لَهَا حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ؛ حِمَايَةً مِنَ الشَّرْعِ لَكَ وَلِحُقُوقِكَ، حَيْثُ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ}، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ)، وَقَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: (كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)، فَهَذَا هُوَ المالُ الخَاصُّ».
وأوضح: «وَأَمَّا المالُ العَامُّ فَهُوَ الَّذِي لَا تَمْلِكُهُ وَحْدَكَ، وَلَا يَخُصُّكَ وَحْدَكَ، وَلَا يَقْتَصِرُ نَفْعُهُ عَلَيْكَ وَحْدَكَ، بَلْ يَمْلِكُهُ النَّاسُ جَمِيعًا، وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ جَمِيعًا، مِثْلَ المُوَاصَلَاتِ العَامَّةِ، وَالشَّوَارِعِ، وَالكَهْرُبَاءِ، وَالماءِ، وَالمَدَارِسِ، وَالمُسْتَشْفَيَاتِ، وَالمَرَافِقِ العَامَّةِ المُخْتَلِفَةِ، فَرُبَّما يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَمْلَاكِهِم الخَاصَّةِ، فَيَتَجَرَّأُونَ عَلَيْهِ وَيَعْتَدُونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَسْهِلُونَ أَمْرَهُ، أَلَا إنَّ هَذَا الأَمْرَ عَظِيمٌ! وَإِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى عَظَّمَ أَمْلَاكَكَ الخَاصَّةَ وَحَرَّمَ عَلَى النَّاسِ العُدْوَانَ عَلَيْهَا، فَهَلْ يُبَاحُ لَكَ أَنْتَ العُدْوَانُ عَلَى مَالِ النَّاسِ جَمِيعًا؟! وَهَلْ أَمْلَاكُكَ الخَاصَّةُ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِمَّا هُوَ مَمْلُوكٌ لِلنَّاسِ جَمِيعًا وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ جَمِيعًا، وَأَنْتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؟!».
وأضاف: «مِنْ أَعْظَمِ الغَفْلَةِ عَنِ اللهِ وَعَنْ حُرُمَاتِ اللهِ أَنْ يَخْتَلَّ مِيزَانُكَ، وَأَنْ تَنْعَكِسَ الأُمُورُ وَتَلْتَبِسَ عَلَيْكَ، فَتُعَظِّمَ حُرُمَاتِ أَمْوَالِكَ وَأَمْلَاكِكَ أَنْتَ، وَتَسْتَبِيحَ مَا يَمْلِكُهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ جَمِيعًا، إِنَّ المالَ العَامَّ أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَأَشَدُّ حِمَايَةً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُرْمَةِ المالِ الخَاصِّ، مَعَ شِدَّةِ تَعْظِيمِ حُرْمَةِ المالِ الخَاصِّ، يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَدْرُونَ مَا المفلِسُ؟ قَالُوا: المفلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فقال: إنَّ المفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِه، فَإن فَنِيَتْ حَسَنَاتُه قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ أَخَذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ)، فَإِذَا كَانَ هَذَا الوَعِيدُ فِيمَنْ أَكَلَ مَالَ فَرْدٍ وَاحِدٍ (وَأَكَلَ مَالَ هَذَا)، فَكَيْفَ بِمَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ شَعْبٍ، وَضَيَّعَ مُقَدَّرَاتِ وَطَنٍ؟! إِنَّ المِيزَانَ النَّبَوِيَّ فِي التَّعَدِّي عَلَى الأَمْوَالِ الخَاصَّةِ يُعَظِّمُ غُصْنًا ضَئِيلًا مَقْطُوعًا مِنْ شَجَرَةٍ، فَمَا الحالُ إِذَا كَانَ المالُ المُتَعَدَّى عَلَيْهِ عَامًّا مُتَعَلِّقًا بِذِمَمٍ كَثِيرَةٍ وَحُقُوقٍ مُتَعَدِّدَةٍ؟! يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ)».