موقع النيلين:
2025-01-29@05:46:29 GMT

غيرنيكا الفلسطينية

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT


هل كانت اللوحة الشهيرة لبيكاسو عن المذبحة البشعة التي ارتكبها النازيون في المدينة الإسبانية غيرنيكا وحملت، أي اللوحة، اسم المدينة ذاتها، ستكون بالشهرة التي حظيت بها لو أن الظروف التي رسم فيها بيكاسو لوحته أشبه بظروفنا اليوم؟ كانت اللوحة إدانة للجريمة، لبشاعة الفاشية وقبحها ودمويتها وتجردها من القيم الإنسانية، بل إن اللوحة إدانة لفكرة الحرب على وجه الإطلاق، لما تجرّه على البشر من أهوال ومصائب وفواجع ودمار وتهجير.

كان العالم قد صعق في عام 1937 بما ارتكبه النازيون نصرة لحليفهم فرانكو في حربه الشرسة ضد الجمهوريين الإسبان، وكانت غيرنيكا بمثابة العاصمة الثقافية والروحية لإقليم الباسك الإسباني، حين قرر هتلر بالتواطؤ مع فرانكو أن يجعل من معاقبتها عبرة لمن يريد أن يعتبر، فبالغ في تدميرها حين ألقت قاذفاته على المدينة الوادعة أطناناً من القنابل التي أوقعت أعداداً هائلة من الضحايا لا لهدف استراتيجي محدد، وإنما لإخافة العالم من المنتظر، من الجزاء الذي ينتظر كل من يقف ضد الفاشية التي كانت تبلورت على شكل مشروع انتحاري جهنمي عرف العالم فيما بعد نتائجه المروعة.

سجل بيكاسو في خالدته تلك المأساة. إن الألم يكاد ينطق في كل تفصيل من تفاصيل اللوحة التي تدفعنا إلى أجواء المأساة عبر الوجوه والأعناق المشرئبة للسماء، وهي تصرخ من الألم، والجثث الملقاة على الأرض وتفاصيل أخرى نراها بارزة في اللوحة.

هل كانت لوحة بيكاسو ستنال كل هذا الخلود لو أنها رسمت في ظروف أخرى غير ظروف تلك الأيام يوم أراد الفنان ذو الأصل الإسباني المهاجر إلى باريس أن يوثق الجريمة شاهداً على بشاعة الحرب وأربابها؟ هل كنا سنحافظ على نفس المقدار من الانفعال ونحن نشاهد لوحة مشابهة لفنان معاصر في وزن بيكاسو وهو يوثق جريمة أخرى من جرائم الحروب المعاصرة في غزّة وكامل فلسطين؟ نطرح هذا السؤال لنقول إن التطور المذهل في وسائل الاتصال قد جعلنا شهوداً على الحروب لحظة وقوعها، فالصور التي تبث مباشرة من موقع هذه الحروب تنقل إلينا مقدار البشاعة والوحشية في فكرة الحرب والإبادة الجماعية وقتل الأبرياء.

ليس علينا أن ننتظر شهوراً أو سنوات حتى نرى لوحة توثق ما يجري في خان يونس أو رفح أو سواهما.. ما نراه من فيديوهات على مدار الساعة عن هول ما يجري يعني أن «غيرنيكا» ليست ماضياً فقط. إن «غيرنيكا» الفلسطينية بأطنان القنابل التي تلقى عليها، لا تقل بشاعة ودموية ووحشية عن «غيرنيكا» الإسبانية، التي ربما ما كانت الأجيال ستعرف هول ما جرى فيها، لولا لوحة بيكاسو الخالدة.

حسن مدن – جريدة الخليج

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)

يناير 26, 2025آخر تحديث: يناير 26, 2025

محمد الربيعي

تصبح المؤسسة الأكاديمية مؤسسة بارزة عندما تنمو وتتطور مع مرور الزمن وعبر المساهمة في التنشئة والتغيير، والتكيف مع هذا التغيير مع القدرة على الحفاظ على تراثها الجوهري عبر الزمن. جامعة أكسفورد هي إحدى هذه المؤسسات.

بصرف النظر عن أن أكسفورد من أشهر الجامعات العالمية فهي تحتل مرتبة عالية في أي تصنيف عالمي للجامعات، ودائما ما تكون في المراكز الخمسة الأولى في العالم وتحتل المرتبة الأولى أو الثانية في التصنيف العالمي لجامعات المملكة المتحدة.

الجامعة قديمة جدا ويمكن اعتبارها موقعا تراثيا، نظرا لمرموقية ابنيتها التاريخية. والدخول إلى أكسفورد يعد أمرا مهما، لان الجامعة ليس فقط رمز ثقافي واسم مألوف بل لأن تعليمها ككل هو ظاهرة تنعكس في تصنيفاتها ومكانتها وما إلى ذلك.

على مر العصور، دافع اساتذة وطلاب أكسفورد عن الحقيقة وليس عما يكسب المزيد من القوة والمكانة. لذا تكمن رؤية الجامعة في توفير الحقيقة “عن طريق البحث والتعليم على مستوى عالمي وبطرق تعود بالنفع على المجتمع الوطني والعالمي”.

وعلى مر العصور ساهم اساتذة أكسفورد في نمو مواضيع متعددة من الدراسات والتخصصات التي اصبحت برامج ومناهج اساسية في الجامعات العالمية. وكان الالتزام بدفع المعرفة الانسانية إلى الأمام هو المحور الأساسي للحصيلة الفكرية العالية لكل طلابها. لذلك شغل الذين درسوا فيها مناصب نخبوية في أوروبا وحول العالم.

يعتبر خريج اوكسفورد مفكرا ومثقفا مستقلا للغاية وعقلانيا يهتم بعمق بالمجتمع ومشاكله ككل. جامعة أكسفورد التي لا تزال أقدم جامعة كلاسيكية ناطقة باللغة الإنجليزية على وجه الأرض هي حقا مكان للاذكياء والمثفقين.

لماذا أكسفورد مرموقة جدا؟ يعزي البعض السبب لطريقة التدريس الفريدة والتي تشجع الطلاب الذين لديهم دوافع ذاتية. لذلك يجد المتفوقون بيئة يتركون فيها لمتابعة اهتماماتهم الشخصية في مكتبات ممتازة وفي صحبة المتفوقين الآخرين ذوي الدوافع العالية. اساتذتها علماء على مستوى عالي من المعرفة والعلم ويقدم فيها محاضرات زوار مرموقين وقادة عالميين من الذين كانوا في الغالب باحثين جيدين جدا. ثم هناك غرفة النقاش في اتحاد أكسفورد والحياة الاجتماعية المفعمة بالحيوية في أماكن تاريخية رائعة بحيث تجعل درجة أكسفورد بمثابة جواز سفر للعمل، ولا يندم احد على قضاء وقته بين رحابها على الإطلاق.

باختصار تتصدر أكسفورد جامعات العالم للأسباب التالية:

– لديها أكثر من 1000 عام من الخبرة كمركز للتعلم والبحث العلمي

– يتم جذب الأفضل والألمع من جميع أنحاء العالم كطلاب وباحثين ومدرسين

– تستخلص طريقة البرنامج التعليمي أفضل ما في الطلاب (جلسات مرة واحدة في الأسبوع مع متخصص في مجالك يقوم بمراجعة ورقة بحثية قمت بإعدادها خلال الأسبوع).

– نظام البرنامج التعليمي، جنبًا إلى جنب مع عبء الدراسة تم تطويره من خلال التأثير التعزيزي لمعظم ألطلاب ليكونوا أذكياء جدًا. فعندما تتحدث دائما إلى أشخاص أذكياء، ستصبح أكثر ذكاءً.

– يحاضر فيها علماء حصل كثير منهم على جوائز نوبل  (69 عالما) وعلى جوائز عالمية مرموقة

– في السنة المالية 2018/19، بلغ إجمالي الدخل البحثي للجامعة  769.2 مليون باوند إسترليني. منها 624.7 مليون باوند من المنح والعقود البحثية الممولة من الخارج.

– تشتهر عالميا بالتميز البحثي وهي مكان لافضل وأكثر الموهوبين من جميع أنحاء العالم. تساعد بحوثها في تحسين حياة الملايين، وتحل مشاكل العالم الحقيقي من خلال شبكة ضخمة من الشراكات والتعاون. وثتير الطبيعة الواسعة لابحاث الجامعة رؤى وحلول إبداعية ومبتكرة.

– جمال معماري لا يصدق يجعلك تشعر أنك محظوظ بما يكفي للدراسة في مثل هذا المكان.

– مكتبات رائعة بالإضافة إلى مرافق بحث حديثة مفتوحة لك مع قيود قليلة جدًا

– الوقت متاح للانضمام إلى انشطة اخرى (الرياضة والموسيقى والمناظرة والمسرح) أو لتناول مواضيع أخرى.

– يمكن الوصول بسهولة إلى بعض أعظم الأساتذة في العالم، ويمكن ان تحضر دروسا في فصول مفتوحة لأي طالب في الجامعة

– كليات منفصلة تنتمي جميعها إلى الجامعة ولكن لها ثقافات وتقاليد متميزة.

– بالاضافة للجلابيب السوداء الطويلة والقبعات المضحكة تجعل الجميع يبدون متميزين بشكل خاص.

مقالات مشابهة

  • الثورة الرأسمالية التي تحتاجها إفريقيا
  • دير البلح.. المدينة الهادئة التي استقبلت مليون نازح تعود لـالنوم باكرا
  • وزير الخارجية: العالم مستاء من ازدواجية معايير حقوق الإنسان لدى الغرب
  • وزير الخارجية: استياء بين الرأي العالمي بشأن ازدواجية المعايير بشأن حقوق الإنسان
  • جينيفر لوبيز تحتفل باللحظة التي كانت تنتظرها طوال حياتها
  • علي زين: مواجهة الرأس الأخضر كانت صعبة.. والفوز كان الأهم
  • القائد العام: المغادرة 24 أغسطس 2023م – العودة 26 يناير 2025م
  • عروس تنتقم من ضيوف زفافها بطريقة غريبة بعد فشل هدية الحب
  • برلمانية: مصر كانت ولا تزال داعمة للقضية الفلسطينية.. وتهجير الفلسطينين انتهاك صارخ
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (1)