هل تكون معركة أم درمان بداية لخروج الدعم السريع من الخرطوم؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
الخرطوم- في أول يوم من دخول الحرب في السودان شهرها الحادي عشر، حقق الجيش السوداني تقدما في القتال بتمدد قواته من مناطق سيطرتها في شمال أم درمان، إلى مواقع انتشار قوات الدعم السريع وسط المدينة والتحامها مع قوات سلاح المهندسين الزاحفة من الجنوب، في خطوة عدّها خبراء عسكريون تحولا في مسار الحرب يساعد الجيش من طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم، ويعزز مواقفه في جولة المفاوضات المقبلة.
وتعدّ أم درمان أكبر مدن العاصمة السودانية الثلاث، من حيث عدد السكان، وتنفتح على الحدود مع ولايات نهر النيل والشمالية والنيل الأبيض وإقليم كردفان، كما أنها الشِريان الرئيس لإمداد قوات الدعم السريع بالمقاتلين والأسلحة من غرب البلاد، وتوجد فيها أهم مقار أسلحة الجيش، وتشمل قاعدة منطقة كرري العسكرية وقاعدة وادي سيدنا الجوية، والقوات المحمولة جوا والدفاع الجوي، والقوات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة، وسلاح المهندسين.
يقول مستشار في وزارة الدفاع إن "لقاء جيشي كرري والمهندسين في شارع العرضة بوسط أم درمان تطور كبير في مسار الحرب، وبات نحو 90% من المدينة تحت سيطرة الجيش بعدما كان يسيطر على شمال المدينة منذ بداية الحرب، وسيعزز انتشار الجيش نحو الخرطوم والخرطوم بحري".
ويوضح المستشار (الذي فضل عدم الكشف عن هُويته) للجزيرة نت أن جيوب "المليشيا المتمردة"، بأم درمان في الأحياء القديمة ببيت المال وأبو روف والملازمين حيث مقر الإذاعة والتلفزيون، باتت معزولة ومحاصرة في الشريط النيلي، وليس أمامها سوى الاستسلام أو الموت.
ويضيف أن سلاح المهندسين كان شبه محاصر منذ اندلاع القتال، وبتواصله مع منطقة كرري وانتظام الإمداد سيطلق طاقة آلاف المقاتلين الموجودين في مقر السلاح، للانفتاح غربا نحو أحياء أم بدة وجنوبا لتطهير منطقة صالحة، وحتى غرب جبل أولياء من "المتمردين"، وكذلك عبور جسري الفتيحاب والنيل الأبيض نحو الخرطوم.
البرهان مخاطبا ضباط الفرقة الثالثة في شندي بولاية نهر النيل (الإعلام العسكري) البرهان منتشيابعد ساعات من إعلان رئيس هيئة أركان الجيش الفريق محمد عثمان الحسين، "إنجاز المرحلة الأولى والصعبة" من خطة تطهير أم درمان من قوات (الدعم السريع) وتهنئة قواته بذلك، وصل إلى أم درمان رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان إلى منطقة كرري العسكرية، يرافقه نائبه في الجيش الفريق شمس الدين كباشي، والمدير العام لجهاز المخابرات أحمد إبراهيم مفضل.
بدا البرهان منتشيا، وهو يصافح القيادات العسكرية، وتلقى تقريرا عن سير العمليات مهنئا القوات بما حققته من تقدم على الأرض، وذلك بعد 8 أيام من زيارته الخطوط الأمامية في أم درمان.
وفي طريق عودته من أم درمان إلى بورتسودان، أمس السبت، خاطب البرهان ضباط الفرقة الثالثة مشاة في شندي بولاية نهر النيل، مؤكدا أن المعركة مستمرة حتى "دحر التمرد ومن عاونهم نهائيا".
ووجّه البرهان رسالة إلى قيادة الدعم قائلا "ندعوكم إلى تحكيم صوت العقل والخروج من الخرطوم وولايات الجزيرة ودارفور.. لكن طالما أنتم تقتلون وتنهبون وتسرقون فلا مجال للحديث معكم إلا بعد انتهاء المعركة".
واحتفل مواطنون مع قوات الجيش في ضاحية الثورة شمالي أم درمان بالتحام قوات كرري وسلاح المهندسين، وعكست مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مئات المواطنين، وهو يلوحون بعلامات النصر، ويرددون الأغاني الوطنية، ويعانقون قوات الجيش التي تفاعلت معهم، وذرف بعض جنود الجيش الدموع فرحا.
كما وزّع الإعلام العسكري مقطعا يظهر فيه قائد سلاح المهندسين اللواء ظافر عمر وهو محمول على أعناق جنوده يلوح بيديه، ويردد معهم أهازيج النصر والأناشيد الوطنية.
أمدرمان تواجد وسيطرة القوات المسلحة على الارض ✌️✊????#قشم_فوق ✌️ pic.twitter.com/kt8UV7zKTo
— ???????????????????? (@kamalgoga) February 18, 2024
تحول عسكريويرى الخبير العسكري اللواء متقاعد مازن محمد إسماعيل أن ما جرى في أم درمان يُعدّ تحولا عسكريا مهما، سيكون بداية لطرد قوات الدعم السريع من العاصمة بعد محاصرتها في جزر معزولة، كما يحدث لهم في مقري الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري.
وفي حديث للجزيرة نت يقول الخبير إن "الطريق بات سالكا لإمداد قوات الجيش وتعزيزيها واستبدالها في وحداتها المختلفة بالخرطوم، مما سيزيد الضغط على عناصر الدعم السريع ودفعها للانسحاب عشوائيا، ويزيد خلافاتهم ويقود إلى انشقاق في صفوفهم، وسينسحب ذلك على وجودهم في ولايات دارفور وكردفان".
ويضيف مازن أن التحول الجديد سينعكس سلبا على قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، ويفقدها شريان حياتها المرتبط بالخرطوم، وتراجع تهديدها ولايات أخرى؛ مثل: سنار والقضارف ونهر النيل، وسيرافق ذلك تنصل الحواضن الاجتماعية من دعم قائد القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وكذلك القوى الخارجية التي تسانده.
ويخلص الخبير إلى أن زيارة البرهان إلى أم درمان وموقفه الأخير يحمل على الاعتقاد بأنه مع رفقائه قد عقدوا العزم على قيادة شعبه للنصر، عوضا عن تسوية أو صفقة مع "حميدتي" تعيده إلى المشهد السياسي والعسكري، كما تسرب من مفاوضات سرية جرت في البحرين مؤخرا بين نائبي الرجلين.
إحتفالات ايفري وير ????
احتفالات مواطنين مدينة #الفولة مع قواتهم المسلحة بنصر وتحرير مدينة أم درمان وتلاقي جيوش وداي سيدنا مع المهندسين ????????????
و النقطة لكنداكاتنا و ميارمنا ✌????
يا دعامة، شوفوا الشعب كله فرحان بدحركم كيف، و عقبال يفرح كل السودان ????????#الجيش_ينتصر… pic.twitter.com/LUYPHONslF
— Jameela (@Bit_Batoul1417) February 17, 2024
كرّ وفرّفي المقابل نفت قوات الدعم السريع أن الجيش أحرز التقدم، واتهم المكتب الإعلامي لتلك القوات في بيان الجيش بالتحول إلى ما سمّاه "الدعاية وهو على وشك الهزيمة".
يقول مسؤول في الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، والحرب معارك وقد تكسب معركة وقد تخسرها"، مؤكدا أنهم لم يخسروا الحرب، ولا يزالون يسيطرون على 90% من ولاية الخرطوم.
من جانبه توقع الباحث السياسي خالد عبد العظيم تصاعد المواجهات العسكرية خلال الأيام المقبلة لتحسين المواقف التفاوضية لطرفي الصراع، قبل دعوتهما إلى جولة مفاوضات جديدة عبر منبر جدة الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة، بعدما سبقت كل الجولات السابقة تحركات عسكرية مماثلة.
ولم يستبعد الباحث -في تصريح للجزيرة نت- أن تُقدم قوات الدعم السريع على عملية انتحارية للرد على تقدم الجيش في أم درمان، ولتأكيد أنها ما زالت قادرة على تغيير المعادلة العسكرية لصالحها، بعد توقف هجماتها منذ سيطرتها على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكان عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي قال أمام ضباط الفرقة 18 للجيش في كوستي بولاية النيل الأبيض الخميس الماضي، إن "القوات المسلحة تتقدم بخطى ثابتة لإنهاء هذا التمرد وطرده نهائيا، وفي الوقت ذاته تحمل غصن الزيتون بجانب البندقية لمن أراد السلام".
وأكد كباشي أن خروج الدعم السريع من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمؤسسات الحكومية والخدمية العامة والخاصة، هو الشرط الأساسي لاستئناف المفاوضات، وشدد أنه لا فتح لأي ملف سياسي قبل إغلاق الملف العسكري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الدعم السریع من للجزیرة نت أم درمان
إقرأ أيضاً:
أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية
قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، الأربعاء الماضي.
وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".
وأضافت: "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".
ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".
وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور: "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة".
وأضاف ثيودور: "ولحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".
وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".
وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".
وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".
ولم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع حتى الساعة (21:50 ت.غ).
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.