منذ أشهر، انخرط لبنان في الإستعداد للحرب، مع اشتعال الجبهة الجنوبية التي بدأت بمناوشات خفيفة دعمًا لأهالي غزة، ومن ثم تطورت، ليتم خرق قواعد الإشتباك، وتضحي جبهة حرب كبيرة، طالت العمق الجنوبي، من دون أي تفريق بين المدنيين والمسلحين.

ومع إطلاق "خطة الطوارئ"، والتي أتت كاستجابة لقرع جرس الإنذار نسبة إلى توسّع رقعة الإعتداءات، بدأت المؤسسات الصحية والإغاثية العمل على تجهيز فرقها "بالإمكانات المتوافرة" وسط أزمة اقتصادية منهكة تعاني منها المستشفيات،بالتوازي مع إطلاق "حركة أمل" و"حزب الله" خطة الطوارئ لديهما، والتي تمثلت بتجهيز الفرق الإنقاذية والصحية، التي كان لها الدور الابرز بهذه المعارك، إذ شكّلت نقطة تحوّل أساسية في العمليات الإنقاذية، خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب، واستهداف المباني السكنية، فكانت جاهزة لتلبية نداء الإسعاف.



على أرض الواقع، وبحسب المصادر ،لا يعتبر الامر سهلا أبدًا، خاصةً لناحية التجهيزات، أو السرعة في وتيرة العمل، إذ أفادت مصادر ميدانية "لبنان 24" عن صعوبة كبيرة بإتمام عملية الإنقاذ، التي تتم ، في بعض المناطق، باللحم الحي، خاصة عندما يتعلق الأمر بإغاثة مفقودين تحت الركام، وما حصل في النبطية خير دليل على ذلك، إذ إنّ استمرار عمليات الإنقاذ ليومين متتالين بعد سقوط مبنى واحد، ومع تكثيف عمل الفرق ببقعة واحدة، طُرحت علامة استفهام عما إذا كانت الحرب هي في صورة وحجم الحرب التي تهدّد إسرائيل بها لبنان دائمًا، مع دمار كبير، وأبنية متساوية مع الأرض، وركام متناثر هنا وهناك.. فإن الحالة ستكون أكبر من كارثة على عمل الجهات الإنقاذية، التي بدون أدنى شكّ، لن تكون لها المقدرة على مجابهة كافة هذه المخاطر في وقت واحد، إن كان على صعيد العدد أو العتيد.

المناطق قسّمت   المصادر الميدانية أشارت لـ"لبنان24" الى أن الجهات الإغاثية قد قسّمت فعليًا مناطق الجنوب مع ارتفاع وتيرة الحرب، وهذا ما سيسمح لها بأن توزّع القوى البشرية والمعدات اللازمة حسب سخونة كلّ منطقة، إذ تشير المصادر إلى أن المناطق تبدأ من تلك التي يمكن أن تتعرض لقصف دائم ومستمر، وهي ما سيعمل على إخلائها بأسرع وقت من المدنيين بشكل كامل في حال ارتفاع وتيرة الحرب، وهي المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، إذ لحظ فيها استحداث مراكز إيواء مؤقتة وعاجلة للنازحين.

فهذه المنطقة بطبيعة الحال ترتبط بشكل مباشر بعملية تواجد قوات اليونيفيل التي قسّمت القطاعات اساسا الى القطاعين الغربي والشرقي والقطاع الأوسط، الذي تمتد حدوده من بلدة رميش جنوبا حتى بلدة العديسة شمالا، وكان من المفترض أن تكون هذه المناطق حسب القرار 1701 مناطق منزوعة السلاح، إلا ان خرق اسرائيل المستمر للقرار دفع إلى تواجد 3 ألوية للجيش موزعة على القطاعات الثلاثة بالاضافة إلى قوات اليونيفيل، ومجموعات حزب الله.

ولكن لماذا تعتبر هذه المناطق هي الاكثر سخونة؟   جغرافيا، وبالدخول الى العمق، رصد "لبنان24" خلال جولة ميدانية مع خبراء عسكريين حماوة المناطق من الناحية الاستراتيجية، والعسكرية، إذ تأتي بلدة الناقورة في مقدمة هذه البلدات، حيث تتركز فيها قوات اليونيفيل على بعد ما يقارب 3 كيلومترات عن الحدود مع فلسطين المحتلة.   وبالانتقال إلى القطاع الأوسط، أهم منطقة بالنسبة إلى حزب الله، لناحية الوجود الإستراتيجي للعديد من النقاط فيها، أضف إلى الثقل الشعبي الذي يحظى به الحزب هناك؛ فشكّل هذا القطاع نقطة انطلاق مركزية لعمليات الحزب، إذ تبرز منطقة عيتا الشعب أولا، وهي المنطقة الرمزية لنشوء حرب 2006 عندما استطاع الحزب من هناك تنفيذ عملية اعتقال جنديين اسرائيليين.   كما ان القطاع الأوسط يضم أيضا بلدة مارون الراس، والتي تبعد 1 كلم فقط عن الحدود، وتطلّ على مستوطنة أفيفيم، والتي تُعتبر أقرب مستوطنة للحدود اللبنانية، وهي التي تم بالتوازي إفراغها خلال المناوشات. وصولاً إلى القطاع الثالث، أي القطاع الشرقي، والذي يعتبر أكبر القطاعات، إذ يضم تمامًا كالقطاع الأوسط نقاطا استراتيجية، أهمها بلدة كفركلا، الملاصقة للحدود، والتي يوجد فيها بوابة فاطمة، أبرز معالم المقاومة، القريبة من بلدة المطلة والجدار الفاصل، أضافة إلى بلدة الغجر الذي يقع الشطر الشمالي منها داخل الأراضي اللبنانية، والتي شهدت بالتوازي مع منطقة مزارع شبعا وابلا من صواريخ الحزب.

المناطق الأقل سخونة   أما المنطقة الثانية التي تم رصدها فإنها تتراوح بين 50 و60 كلم من الحدود مع فلسطين المحتلة، وهي ستكون، بحسب المسؤولين الميدانيين الذين تحدثوا الى "لبنان24" قادرة على ضم أكبر عدد من النازحين، أضف إلى أنّها ستكون مركزًا مهما تستطيع من خلاله الهيئات الإغاثية وفرق الإسعاف الحصول على الإمدادات العاجلة واللازمة، وتشمل هذه المناطق شرق صيدا والشوف وإقليم الخروب، حيث سيحاول حزب الله بالتعان مع المسؤولين في هذه المناطق إلى حشد أكبر قدر ممكن من الإمدادات، التي من شأنها أن تسهّل عمل الجهات الإنقاذية.   أما المنطقة الأقل سخونة، والتي من المستبعد حسب المصادر أن يتم استهدافها فإنّها تتوزع بين مناطق بعبدا وعاليه، وتحديدًا منطقة عاليه– بحمدون–صوفر، المنطقة التي شهدت تحركًا كبيرًا غير مسبوق على صعيد تجهيز مراكز الإيواء، وتجيهز المستشفيات وتخزين المواد الغذائية، وذلك من خلال توجيهات صارمة وحاسمة من قبل أحزاب المنطقة، التي شدّدت على ضرورة الوقوف إلى جانب ابناء الجنوب حسب المصادر.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القطاع الأوسط هذه المناطق حزب الله

إقرأ أيضاً:

من الذي يبث التوتر داخل الأردن؟

من الذي يبث التوتر داخل الأردن؟ _ #ماهر_أبوطير

تجالس كثرة من مستويات مختلفة، وتسمع من يقول لك إن #الأردن تعرض لتوتير مضاعف على يد نخب سياسية وإعلامية واجتماعية وشعبية بالغت في سياق #الموقف من #الحرب.

يزعم هؤلاء أن المبالغة أدت إلى انجماد الداخل الأردني، لأن ردود الفعل على الحرب تتحدث منذ بدايتها عن حرب ممتدة، وحرب إقليمية، وتهجير من الضفة الغربية، وعن انهيار كل المنطقة، ويؤشر هؤلاء إلى محتوى سياسي، ومفردات ومصطلحات تم استعمالها، وتسييلها شعبيا، ويؤشر هؤلاء بالإضافة إلى ما سبق إلى تأثير الصور المؤلمة التي تتدفق من #غزة عبر التلفزة، ووسائل التواصل، بما أدى اليوم إلى حالة انجماد وتوتر وخوف وقلق وشعور بعدم اليقين بشأن المستقبل، وبحيث التقت موجات التخويف وفقا لتعبيرات هؤلاء مع واقع الحال الذي نراه أصلا داخل غزة، وبما يتزامن مع تصرفات الاحتلال الإسرائيلي وتهديداته لكل المنطقة.

اعتقد بصراحة ان توتر الداخل الأردني لم يكن مصنوعا داخل المختبرات المعتمة، ولا بهدف وظيفي لاستيعاب رد الفعل الشعبي، واستباقه، ولا بهدف إثارة الذعر، وضبط إيقاع الداخل ضمن سياقات محددة، ولا إنزلاقا في لعبة مزاودات بين من هو أعلى سقفا من الجانب الرسمي، أو الجانب الشعبي أو من يتوسطهما، ولا اعتقد أيضا أن المشهد كان قائما على أساس منافسة بين الرسميين وقوى شعبية ترفع شعارات المقاومة، ودعم قطاع غزة، تريد “اختطاف الشارع” وفقا لأراء مسمومة يبثها بعض العباقرة هنا، دون إدراك للأسف لكلف الكلام وتأثيراته الإستراتيجية.

مقالات ذات صلة فاتورة الكهرباء المرتبطة بالزمن بين المزود ودافع الثمن 2024/07/01

المشهد بحد ذاته كان متوترا جدا بطبيعته، والتعبيرات الحادة التي سمعناها بداية الحرب كانت طبيعية، وربما كان المطلوب أكثر من ذلك، أي إجراءات فعلية ضد إسرائيل، حتى لا نبقى هنا ندور حول انفسنا بشأن سقوف حروب الكلام وتأثيراتها على الداخل الأردني، ومن جهة ثانية فإن التعبيرات الغاضبة كانت طبيعية لان المذبحة لا يمكن السكوت عليها، كما أن تأثيرات الحرب المحتملة والممتدة والتي يتم الحديث عنها مرارا، ليست مجرد توهم، والاخطار حقيقية على الأردن أمام جنون المشروع الإسرائيلي، ومساحات تمدد هذا المشروع إستراتيجيا، إذا تمكنت إسرائيل من ذلك، على مستوى الأردن، ودول المشرق، مرورا بالضفة الغربية والقدس.

هذا يقول ان لا توتير متعمداً للداخل الأردني، والخطاب السياسي والإعلامي لو انخفضت مستوياته التي رأيناها في بداية الازمة، لكانت تلك لحظات سيئة للغاية، مع الإقرار هنا أن التعبيرات السياسية والإعلامية والحزبية والشعبية في الأردن بشكل عام أعلى من دول عربية وإسلامية، مع الاعتراف أيضا أن سقف التعبيرات عاد وانخفض بعد مرور كل هذه الأشهر رسميا وشعبيا، ولاعتبارات تتعلق بحسابات ليس هنا محل سردها، ولان الحرب للأسف الشديد باتت مستدامة، ولان هناك بالمقابل آراء لقوى نافذة ومؤثرة تبنت فكرة خفض حدة التعبيرات، تحوطا من قضايا محددة، بعضها يتعلق بالداخل الأردني وخريطته المعقدة جدا، أو بسبب علاقات الأردن الخارجية، والتقييمات التي قد لا تحتمل استمرار مثل هذا السقف في الخطاب.

الذين يقولون إن الأردن أخطأ بتوتير الداخل الأردني بكل السقوف المرتفعة بدايات الحرب، يريدون أن يقولوا فعليا، إن هذا التوتير هو الذي أدى إلى الانجماد والانكماش والتراجعات المعنوية والاقتصادية، وان فك هذا الانجماد لا يتم اليوم، ولا ينجح بسبب هذا التوتير.

الداخل الأردني متوتر أصلا بسبب كل ما يراه يوميا، وبسبب الضخ الإعلامي الهائل الذي يتدفق على بيوت الأردنيين من جهات الأرض، وإذا كان البعض يعتقد أن خفض حدة الخطاب السياسي والإعلامي والحزبي والشعبي يساهم في تهدئة الداخل، واسترداد عافيته العامة، فإن نقطة الضعف في هذا التصور تتعلق بما يجري خارج حدود الأردن من تداعيات يومية لا يمكن عزلها عنا، ولا يمكن أصلا التحكم في تأثيرها المعنوي والاقتصادي والاجتماعي.

الذي يوتر أعصاب الأردنيين حقا هو إسرائيل ومشروعها وهذه الجرائم، حتى لو سكت الرسميون والشعبيون معا، ومن يتوسطهما من قوى، هذا فوق ضغوطات الحياة التي يواجهها الناس حتى قبل الحرب، حتى لا يأتي من يقول إن الأمور كانت سمن على عسل قبل الحرب.

الغد

مقالات مشابهة

  • مياه أسيوط تنظم دورة تدريبية للسلامة والصحة المهنية
  • بلدة في السويد تبيع أراضيها بسعر فنجان قهوة
  • تحذير من منطقة في الحمام يتجاهل الناس تنظيفها.. تنشر البكتيريا
  • طقس الثلاثاء: أجواء حارة إلى شديدة الحرارة.. ورياح مثيرة للأتربة ببعض المناطق
  • من الذي يبث التوتر داخل الأردن؟
  • كرامة الوطن في إعلاء قيمة الكفاءة
  • جيش الاحتلال يقصف مناطق في جنوب لبنان
  • طقس الاثنين: أجواء حارة تعم أنحاء المملكة.. ورياح مثيرة للأتربة بمعظم المناطق
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • طقس المملكة اليوم.. رياح مثيرة للأتربة والغبار على معظم المناطق