في شباط /فبراير 2019، اشترط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمقابلة رئيس النظام المصري عبدالفتاح  السيسي، أو مصافحته إخراج كافة المعتقلين السياسيين من السجون بعفو عام، مؤكدا أنه "طالما لم يخل سبيلهم فلا يمكننا لقاء السيسي".

لكن؛ وبعد 5 سنوات، من تصريح أردوغان، هذا، وفي نفس الشهر الذي أطلق فيه تصريحه، حضر إلى القاهرة، الأربعاء الماضي، والتقى بالسيسي، في قصر الاتحادية بالعاصمة المصرية القاهرة، وسط آمال الكثير من المصريين بأن يكون ملف المعتقلين السياسيين إحدى الملفات التي جرى الحديث بشأنها.



"أمل ضائع"
"أم ضياء"، سيدة مصرية معتقل زوجها وابنها، أكدت لـ"عربي21"، أن "أسر المعتقلين تحلم باليوم الذي يعود فيه ذويهم إلى حياتهم الطبيعية"، مبينة أنها وغيرها يتمنون أن أردوغان الذي نصر الرئيس محمد مرسي، ينصر المعتقلين، أيضا".

أحد شباب الصف الثاني من جماعة الإخوان المسلمين، قال: "ضاعت 11 عاما من أعمار أغلب المعتقلين وتوقفت حياتهم نهائيا، وتوفي الكثيرين في الزنازين، ومرض منهم من مرض، وفقد بعضهم الأمل في استعادة حياتهم ما قبل الاعتقال"، داعيا عبر "عربي21"، "كل من يملك كلمة أو فعلا أو موقفا أو دورا أو تأثيرا، أن ينقذهم من الموت".

وتمنى البعض بأن يكون ثمن وجود أردوغان في القاهرة ولقاءه السيسي، "الإفراج عن كل المعتقلين والعمل على إسقاط الأحكام عنهم أو العفو عنهم".


ورأى البعض أنه بعد تلك الزيارة لم يتبق غير الإفراج عن المعتقلين وعودة المهجرين لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر.

بزيارة الرئيس التركى #اردوغان إلى القاهرة اليوم ولقائه #السيسى لم يتبقى غير الإفراج عن المعتقلين وعودة المهجرين لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في #مص — احمد السلوتى (@ahmedsasas) February 15, 2024
ودعا البعض أردوغان لمطالبة السيسي الإفراج عن المعتقلين، معتبرا أن "هذا أقل شيء يقوم به وفاء لقيمه ومبادئه التاريخية السابقة، ولمن أيدوه وناصروه ودافعوا عنه، ولدينه ولأصدقاءه
وللحق والعدل".

هل يمكن لنا أن نطلب من أردوغان - بعد أن قام بكل هذه التنازلات والمراجعات والتخاذلات - أن يطلب من السيسي الإفراج عن المعتقلين ؟ هذا أقل شيء يقوم به وفاء لقيمه ومبادئه التاريخيه السابقه ولن أيدوه وناصروه ودافعوا عنه ولدينه ولأصدقاءه وللحق والعدل . — dr_ahmed_arrahim (@ArrahimDr) February 14, 2024
لكن، بعض المصريين المعارضين لم يبدوا تفاؤلا بلقاء أردوغان والسيسي، وبينهم الأكاديمي الدكتور عصام عبدالشافي، الذي قال عبر موقع "إكس"، إن أردوغان "لن يحقق أي هدف مما يسعى إليه من هذا النظام من ناحية، ولأن هذه الزيارة تتعارض وكل القيم والمبادئ التي تحدث عنها أردوغان بعد انقلاب 2013".

"بين الإنكار والإصرار"
مع الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، ضد أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في العصر الحديث محمد مرسي، في 3 تموز/ يوليو 2013؛ أطلق السيسي، حملة أمنية بجميع أنحاء البلاد، واعتقل الآلاف من قيادات وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، والمعارضين لنظامه.

وأتبع حملته الأمنية، بمخالفات واسعة لحقوق الإنسان، بينها القتل خارج إطار القانون، والاخفاء القسري، والتعذيب، والمحاكمات أمام القاضي العسكري، وأمام محاكم استثنائية، مع حرمان المعتقلين من كافة حقوقهم التي يكفلها القانون في الدفاع عن أنفسهم، وهو ما كشفت عنها مئات التقارير الحقوقية.

وفي 20 آب/ أغسطس 2018، قالت منظمة العفو الدولية إن "قمع حرية التعبير في عهد الرئيس السيسي، وصل مستويات مروعة، لم يشهد لها مثيل في تاريخ مصر الحديث"، كما أطلقت حملة تدعو إلى الإفراج فورا، ودون قيد أو شرط، عن المعتقلين.

وأصرت السلطات المصرية لسنوات على نفي وجود معتقلين سياسيين، ففي 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، نفى السيسي، في حوار مع "فرانس24"، وخلال أول زيارة له إلى فرنسا وجود معتقلين سياسيين في بلاده، مؤكدا أن الموقوفين هم على خلفية أحداث أمنية.

وقال: "لا وجود لمعتقلين سياسيين في مصر"، و"لا يوجد لدينا سجناء سياسيون" مؤكدا أنه في مصر "هنالك إجراءات قضائية حقيقية يتم من خلالها مراعاة كافة الإجراءات القانونية طبقا للقانون المصري".


وفي 13 كانون الثاني/ يناير 2022، رد السيسي على سؤال أحد الصحفيين الأجانب  حول الانتقادات الموجهة لملف حقوق الإنسان في مصر خاصة التي تتحدث عن الأعداد الكبيرة للمعتقلين السياسيين، قائلا: "أحضروا البيانات والأعداد الكبيرة وقوائم الاختفاء القسري التي تتحدثون عنها، ويتم عمل لجنة للوقوف عليها".

لكن السيسي، وفي 14 حزيران/ يونيو الماضي، اعترف أخيرا بوجود معتقلين في سجونه، التي تصل 91 سجنا رئيسيا في البلاد، بُنى منها في عهد السيسي 48 سجنا، وذلك إلى جانب مقرات الاحتجاز في الأقسام والمراكز الشرطية التي تصل لـ 382 مقرا، بخلاف السجون العسكرية والأخرى السرية، مجهولة العدد والأماكن.

وقال السيسي، خلال المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية، ردا على مطالبة أحد النواب المعارضين بالإفراج عن المعتقلين أن ما قام به كان "إنقاذ وطن"، زاعما أنه لن يحاسبه عليه أحد سوى الله.

حينها، أعلن عن موقفه الرافض للإفراج عن أكثر من 60 ألف معتقل في سجونه،  ومر عليهم نحو عقد كامل بلا حقوق وبلا معاملة إنسانية، قائلا: "(أحد الحضور) يقول لي الناس الموجودة (المعتقلين)، ده (هذا) إنقاذ وطن، اللي (الذي) يحاسبني عليه مش (ليس) أنت، اللي يحاسبني عليه ربنا".

#السيسي عن المعتقلين: الناس اللي موجودة ده إنقاذ وطني ومحدش هيحاسبني عليه غير ربنا http://pic.twitter.com/vxjfORhtgR — omar elfatairy (@OElfatairy) June 14, 2023
وقدرت منظمة العفو الدولية في كانون الثاني/ يناير 2021، عدد المعتقلين في مصر بنحو 114 ألف سجين، فيما أكدت أن مسؤولي السجون بمصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواع سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمدا من الرعاية الصحية عقابا على معارضتهم.

وبرغم الانتقادات التي وجهتها منظمات حقوقية محلية ودولية وانتقادات الاتحاد الأوروبي والرئيس الأمريكي جو بايدن قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية يصر نظام السيسي، على غلق الملف الذي يزداد خطورة يوما بعد يوم خاصة مع وفاة الكثيرين بالإهمال الطبي، بينهم الرئيس الراحل محمد مرسي، 17 حزيران/ يونيو 2019.

وهو ما أشار إليه الباحث في "فورين بوليسي" عمرو مجدي، في أيلول/ سبتمبر 2021، بقوله: "بعد وفاة الرئيس السابق محمد مرسي في محبسه المخالف لأبسط القواعد، كتب خبيران من الأمم المتحدة أن ظروف الاحتجاز في مصر (قد تعرّض صحة آلاف السجناء الآخرين وحياتهم لخطر شديد).

ووثق تقرير لـ"منظمة العفو الدولية" روايات احتجاز 67 معتقلا في 16 سجنا، وأكد أن "مسؤولي السجن يبدون استهتارا تاما بحياة السجناء وسلامتهم"، وأن السلطات تتعمد حرمان المعتقلين السياسيين من "الرعاية الصحية والطعام والزيارات العائلية الكافية".

وحول أدق الإحصائيات عن عدد وفيات المعتقلين منذ العام 2013، بالسجون المصرية، أكد رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري، لـ"عربي21"، في 28 أيار/ مايو الماضي، أنهم "نحو 1024 معتقلا منذ العام 2013، وحتى نهاية 2022"، هذا غير وفيات مقرات الاحتجاز والمراكز والأقسام الشرطية.

"ملف حرج ومؤلم"
أحد المصريين المعارضين من المقيمين في تركيا، أكد لـ"عربي21"، أن "رسالتنا للرئيس أردوغان، بشأن ملف المعتقلين في مصر وصلت منذ زمن، وتم التأكيد عليها أكثر من مرة".

وقال مفضلا عدم ذكر اسمه، إن "حقيقة الأمر حول التطرق لهذا الملف خلال زيارته لمصر، عند الرئيس أردوغان"، مضيفا: "لكن أتصور أنه لم يحدث حوار في هذا الموضوع خلال زيارة القاهرة".

وأعرب عن أمله في أن "يكون هناك جديد ما بعد زيارة أردوغان، وأن يكون هناك بالمستقبل القريب حديث حول هذا الموضوع، والملف الحرج جدا، والمؤلم جدا لكل حر".

"أمنية غير واقعية"
وحول احتمالات أن تكون زيارة أردوغان، بداية لحلحلة أصعب الملفات السياسية والحقوقية وأطولها في مصر، قال الحقوقي المصري خلف بيومي: "لم يقف أحد على كواليس المحادثات التي تمت قبل الزيارة وأثناءها".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أعرب مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، عن أمنيته بأن "تكون لقاءات أردوغان والسيسي، تطرقت إلى ملف المعتقلين المصريين".

وأضاف: "ورغم أمنيتي الشديدة لكن لا أظن أن ذلك حدث"، مبينا أن "كلاهما يحتاج الآخر في ملفات وقضايا اقتصادية وسياسية وإقليمية، وأهمها بالطبع الوضع الراهن في فلسطين وغزة وما يحدث في رفح".


وأشار إلى إصرار نظام السيسي على عدم إغلاق ملف المعتقلين أو مناقشته، قائلا إن "النظام المصري مازال يصر على استغلال تلك الظروف والملفات لصالحه دون حلحلة لملف الحريات في مصر".

وختم مؤكدا أن "أرقام المختفيين قسريا والمعتقلين في مصر منذ منتصف 2013، تؤكد على استمرار النظام على موقفه وإصراره على عدم غلق الملف"، مبينا أن "الأرقام شبه المؤكدة تؤكد أن عدد المختفين تخطوا 18 ألفا، بينما يزيد عدد المعتقلين عن 60 ألف".

"حياة أو موت"
من جانبه، يعتقد الحقوقي المصري هيثم أبوخليل، في حديثه لـ"عربي21"، أن "الزيارة ليس لها أي دور في حلحلة ملف المعتقين، وأنها تأتي في إطار المصالح المشتركة بين تركيا ومصر".

وأضاف أن "موضوع بحث ملف المعتقلين والإفراج عنهم كان يمكن منذ سنوات فله أكثر من 11 عاما منذ الانقلاب العسكري في مصر، والآن هناك أولويات أخرى طفت على السطح، وتعاون مشترك بملفات البحر المتوسط، وليبيا، والقضية الفلسطينية، والملف الاقتصادي، والتبادل التجاري والاستثمارات التركية بمصر".

ولفت إلى أن "كل هذا الكلام الذي قاله الرئيس التركي، في 2019، تراجع لأن الزمن للأسف الشديد يعالج بعض الأمور ولا يقف في صف الضعفاء للأسف الشديد، والذين لا يفعلون شيئا لحل أزمتهم".

وأشار إلى دور "تغيرات الأوضاع الإقليمية والدولية والوضع الاقتصادي والسياسي في تركيا لم تجعل من هذا الملف أولوية لدى الدولة التركية".

ويعتقد أن "ملف المعتقلين السياسيين غير مدرج من الأساس في مباحثات أردوغان والسيسي، كون اللقاء يخص السياسة الخارجية، وملف المعتقلين ملف داخلي، وذلك الملف في مصر يحركه الشعب المصري ولا يحركها غيره".

وأكد أن "النظام في مصر يرى أن ملف المعتقلين السياسيين يمثل له بالنسبة له حياته، لأنه يقدم نفسه للعالم بأنه نظام قوي مسيطر قامع، ويروج أن الـ60 ألف معتقل هم مجموعة إرهابيين من تيار الإسلام السياسي".

وختم بالقول: "ولهذا فهذا الملف سيظل مغلقا، ورأينا نتيجة الحوار الوطني وأنه لا يتم الإفراج إلا عن عشرات المعتقلين في ملف يمثل للسيسي حياة أو موت".

"آمال مع التقارب"
من جانبه، قال السياسي المصري والبرلماني السابق، محمد عماد صابر، لـ"عربي21"، إننا "ولا شك نقدر ونثمن أي جهد يبذله أي طرف لحلحلة قضية المعتقلين في مصر سواء كانت تركيا أو قوة إقليمية أو دولية".

رئيس المنتدى المصري "برلمانيون من أجل الحرية"، أضاف: "وبالتالى نأمل أن يكون التقارب المصري التركي دافعا للنظام المصري للتوجه نحو تحسين ملفه الحقوقي، والتوجه نحو قيم الديمقراطية، وإنهاء ملف الاعتقال السياسي، وفتح المجال العام والحريات العامة".

"ليس ولي الأمر"
من جانبه، لام الكاتب الصحفي جمال سلطان، على بعض المعارضين المصريين، تعاملهم مع الرئيس التركي، "كما لو كان ولي أمره، أو أميره، أو في أحسن التصورات كما لو كان خليفة المسلمين المسؤول عن ولاية مصر وشعبها، وليس رئيسا لدولة أخرى وشعب آخر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية أردوغان المصري السيسي تركيا مصر السيسي تركيا أردوغان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإفراج عن المعتقلین المعتقلین السیاسیین المعتقلین فی مصر ملف المعتقلین محمد مرسی مؤکدا أن أن یکون

إقرأ أيضاً:

محاكمة المعتقلين السياسيين بتونس اختبار للقضاء وسط اهتمام دولي

تونس- أطلقت عشرات المنظمات الحقوقية حملة دولية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في تونس، والموقوفين منذ عامين في قضية التآمر على أمن الدولة، تزامنا مع انطلاق الدورة 58 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف في 24 فبراير/شباط المنصرم، مما يمنحها زخما دوليا، وفق مراقبين.

وكثف القائمون على الحملة نشاطهم مع اقتراب أول جلسة محاكمة لهؤلاء المعتقلين يوم 4 مارس/آذار الجاري بالمحكمة الابتدائية بتونس، والتي ستجرى بتقنيات الاتصال عن بعد بدلا من أن تكون علنية، مما أثار استياء واسعا لدى المعارضة وشكوكا حول نزاهتها.

وتروج للحملة في الخارج عديد المنظمات الحقوقية على غرار "جمعية ضحايا التعذيب"، و"مواطنون ضد الانقلاب في الخارج"، ومنظمة "الزيتونة"، ومنظمة "نجدة لحقوق الإنسان"، ومنظمة "العدالة من أجل حقوق الإنسان"، ومنظمة "زرانيق للعدالة والتنمية"، وغيرها.

تدويل القضية

حول أهداف الحملة الدولية يقول عادل الماجري، نائب رئيس جمعية ضحايا التعذيب ومنسق الحملة الدولية للإفراج عن المعتقلين السياسيين، للجزيرة نت إن "الحملة تأتي في سبيل تدويل قضية المعتقلين السياسيين والتعريف بمظلمتهم وحجم الاتهامات الباطلة في حقهم".

إعلان

ويبين أن الحملة تتزامن، خلال الشهر الجاري، مع انعقاد الدورة 58 لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة الذي سيناقش في جلساته تقارير تتعلق بواقع حقوق الإنسان بعدد من دول منها تونس. وسيقدم المفوض السامي تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالعالم.

وتشكل المحاكمة اختبارا حقيقيا للقضاء في ظل اهتمام دولي متزايد بملف حقوق الإنسان في البلاد. فبينما تؤكد السلطات أن المحاكمات تسير وفق الإجراءات القانونية، ترى منظمات حقوقية أنها محاكمات ذات طابع سياسي تستهدف استئصال المعارضين.

ويأمل الماجري أن يسلط الرأي العام الدولي ضغطا على السلطات التونسية لإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.

وقبل أيام أفرجت السلطات عن 3 سجناء وهم رئيس هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين ووزير البيئة الأسبق رياض المؤخر والصحفي محمد بوغلال.

وجاء الإفراج عنهم عقب بيان أصدره المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، في 18 فبراير/شباط المنصرم، ودعا فيه إلى إطلاق سراحهم. ونظر مراقبون لتلك الخطوة بأنها تشكل بداية انفراج في ملف المعتقلين السياسيين الموقوفين على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة.

غير أن آخرين خاب أملهم في حصول أي انفراجة بعد إصدار وزارة الخارجية التونسية بيانا ترد فيه على المفوضية السامية لحقوق الإنسان بلغة حادة وتتهم بيانها بنشر المغالطات وتنفي وجود أي سجناء سياسيين في تونس وإنما "سجناء ارتكبوا جرائم حق عام".

فضح المحاكمات

ويفيد الماجري بأن الحملة الدولية تسعى إلى لفت أنظار الرأي العام الدولي "إزاء الانتهاكات التي يرتكبها نظام الرئيس سعيد في حق خصومه السياسيين وفضح المحاكمات الجائرة والانتهاكات والمغالطات التي يرتكبها النظام".

واعتبر منسق الحملة الدولية أن القضاء التونسي "بات يعمل وفق تعليمات السلطة التنفيذية وليس وفق معايير العدالة".

ومطلع الشهر الماضي أصدر القضاء التونسي أحكاما ابتدائية مشددة ضد عشرات السياسيين من ضمنهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي فيما يعرف إعلاميا بقضية "أنستالينغو" وهي شركة خاصة تعمل في مجال إنتاج المحتوى الرقمي والاتصالي، وُجهت إليها تهم بالتآمر على أمن الدولة.

إعلان

وحول أنشطة هذه الحملة يقول الماجري إن النشاطات المبرمجة تشمل تنظيم معارض في ساحات أوروبية لعرض قضايا المعتقلين السياسيين وإبراز مظلمتهم، مع إبراز رسائلهم من سجونهم وشهادات عائلاتهم ونشر فيديوهات ومواد إعلامية توضح ملابسات اعتقالهم وسجنهم.

قضية عادلة

من جهته، يقول القيادي بحركة النهضة بلقاسم حسن إن الحملة الدولية للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين "ليست مجرد حملة مؤقتة وإنما التزام أخلاقي وحقوقي مستمر لمواجهة الممارسات القمعية للسلطة والإفراج عن المساجين وإعادة الاعتبار لمبادئ الحرية والعدالة".

ويضيف للجزيرة نت أن الحملة نجحت في تعبئة العشرات من الجمعيات المدنية التي تعتبر أن قضية المعتقلين السياسيين في تونس هي قضية عادلة، معتبرا أن دورهم كمنظمات حقوقية "مهم للغاية في تعبئة الرأي العام الدولي لرفع المظلمة عنهم والانتصار لقيم العدالة".

ويرجع حسن الزج بعشرات المعارضين والنشطاء خلف القضبان، رغم اختلافاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية، إلى مساعيهم للانخراط في حوار وطني سلمي يهدف إلى توحيد صفوف المعارضة ضد ما يعتبرونه انقلابا للرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021.

ونشرت المنظمات المنخرطة في هذه الحملة الدولية رسائل كتبها عدد من المعتقلين السياسيين من داخل سجونهم على غرار الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي.

وتحدث المعتقلون السياسيون في رسائلهم عن الأسباب السياسية وراء سجنهم متهمين نظام قيس سعيد بالعمل على استئصال كل معارضيه ومحاصرة الحياة السياسية والمدنية وزرع مناخ من الخوف والرعب في المجتمع لإحكام السيطرة على مفاصل الدولة، وفق تعبيرهم.

وقدروا قرار القضاء بمحاكمتهم عن بعد وبشكل غير علني بأنه دليل على خوف السلطة من فضح مزاعمها وكشف ادعاءاتها الباطلة لدى الرأي العام. كما شددوا في رسائلهم على براءتهم من جميع التهم الموجهة إليهم من السلطة وعلى مضيهم قدما في الدفاع عن الديمقراطية والحرية.

إعلان

ويقول معارضو سعيد إنه "يستخدم أجهزة الدولة ويوظف القضاء لتلفيق التهم بالتآمر على أمن الدولة لخصومه وإرساء حكم فردي"، بعدما أقر جملة من التدابير الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 قام بموجبها بحل البرلمان وإلغاء الدستور السابق وحل مجلس القضاء وصاغ دستورا جديدا وسع بموجبه صلاحياته.

سجناء بارزون

وتنتمي الشخصيات السياسية الموقوفة في قضية تكوين مجموعة إرهابية والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي إلى عائلات سياسية وتوجهات فكرية متنوعة، لكن أغلبهم ينتمون لحركة النهضة ومنهم زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي (83 عاما) الذي كان يترأس البرلمان من 2019 إلى 2021.

وفي أبريل/نيسان 2023، تم اعتقال الغنوشي بتهم مختلفة منها التحريض على الأمن والتآمر ضد الدولة، وذلك بعد تصريحات اعتُبرت تهديدا للوحدة الوطنية. كما يواجه قضايا تتعلق بتمويلات مشبوهة وشبكات مرتبطة بالإرهاب وحكم عليه بأحكام متفاوتة في عدد من القضايا.

ومن بين المعتقلين البارزين من حركة النهضة نور الدين البحيري وهو محام في الأصل. تقلد منصب وزير العدل عام 2011 عندما كان حزبه يقود حكومة الترويكا. وكان رئيس كتلة حركة النهضة بمجلس نواب الشعب. وتم إيقافه قبل عامين في قضية التآمر على أمن الدولة.

والقائمة طويلة لقيادات حركة النهضة المعتقلين بتهمة بالتآمر على أمن الدولة كرئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير الفلاحة الأسبق محمد بن سالم، والنائب بالمجلس التأسيسي الحبيب اللوز، ومنذر الونيسي رئيس الحركة بالنيابة، والعجمي الوريمي أمين عام الحركة.

وليست قيادات حركة النهضة المعنية فقط بحملة الاعتقالات في قضية التآمر على أمن الدولة إذ استهدفت الاعتقالات في فبراير/شباط 2023 عددا هاما من النشطاء من عائلات سياسية مختلفة من بينهم غازي الشواشي (الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي)، ورضا بالحاج (القيادي بجبهة الخلاص المعارضة)، وجوهر بن مبارك (القيادي بجبهة الخلاص المعارضة)، وخيام التركي (رجل أعمال وسياسي مستقل).

إعلان

ولا يستبعد مراقبون أن يقاطع المساجين محاكمتهم في 4 مارس/آذار الجاري، مما سيدفع هيئة الدفاع بدورها لمقاطعة المحاكمة إذا أصر القضاء على إجرائها عن بعد وهذا يجعل القضية محطة مفصلية في المواجهة الساخنة بين المعارضة والسلطة، ويزيد من الجدل حول محاكمتهم.

مقالات مشابهة

  • التاريخ هو ما يحدث اليوم.. مراد مرادي وتحديات المؤرخ بملف الكورد الفيليين
  • ماجد المصري: سيف الحديدى فى مسلسل آدم كان من أصعب الأدوار التي قدمتها
  • أحمد موسى عن تشكيل حكومة موازية: جهات معينة تعبث بملف السودان
  • تعرف على الأغنية التي تسببت في شهرة عبد المطلب بأولى حلقات «رمضان المصري وأصحابه»
  • محافظ الجيزة يتابع العمل بملف التصالح بالمركز التكنولوجي بإمبابة والمنيرة
  • دعوات أممية لإطلاق سراح موظفي الإغاثة المعتقلين في سجون الحوثيين
  • كلية التجارة بجامعة أسيوط تنظم زيارة علمية لطلابها إلى مجلس النواب المصري
  • عمالة شفشاون تحدث ديمومة لتلقي شكايات حول ممارسات تمس القدرة الشرائية خلال رمضان
  • توقعات بحدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن وطهران.. ترامب يسعى لاحتواء الأزمة النووية.. وإيران تبقي على استراتيجية الردع الكامن
  • محاكمة المعتقلين السياسيين بتونس اختبار للقضاء وسط اهتمام دولي