الجزيرة:
2025-04-10@06:09:48 GMT

الذكاء الاصطناعي والفتوى

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

الذكاء الاصطناعي والفتوى

من خصائص حياتنا البشرية: التجدّد الدائم والمستمر، ففي كل يوم -تقريبًا- هناك جديد، سواء في حياة البشر، أو فيما ينتجه البشر من علوم واكتشافات، وكثير من هذه المُكتشفات تتشابك مع أسئلة الناس، وموقف الشرع من هذه المكتشفات، ومما جدَّ في حياة الناس ما عُرف بـ: الذكاء الاصطناعي، وقد بدأ السؤال عن مدى الاعتماد على الذكاء الاصطناعيّ في المجال الديني، وبخاصة في مجال الفتوى.

منذ عدة أيام سرت شائعة بأن وزارة الأوقاف المصرية ستعتمد الذكاء الاصطناعي في خُطبة الجمعة، مما حدا بمجلس الوزراء أن يصدر تكذيبًا لهذه الشائعة، وأنه لا نيّة للاتجاه لذلك، وأن الخطباء والأئمة سيظلون في أعمالهم.

كما أنّ أخبارًا أخرى نقلت عن دولة إيران، أنها تبحث استخدام الذكاء الاصطناعي لإصدار الفتاوى، وذلك نقلًا عن صحيفة الغارديان، بأن عددًا من المسؤولين الإيرانيين يتطلعون إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، من أجل العمل على إصدار الفتاوى، لتسريع كافة الأمور المتعلقة بأحكام الشريعة، حسب ما ذكر المصدر، ونقله عنه عدة جهات إخبارية.

وقد اعتمدت دولة الإمارات في سنة 2019م استخدام الذكاء الاصطناعي عبر إطلاق إمارة دبي منصة إفتاء إلكترونية تعتمد عليه، للإجابة عن الأسئلة الدينية من دون الحاجة إلى بشر.

وليس المقصود من تناولنا هنا الذكاء الاصطناعي والفتوى، بيان موقف الفقه من الذكاء الاصطناعي، بل النقاش هنا حول: هل سيقتحم الذكاء الاصطناعي مجال الفتوى، وما مدى دقة وصحة ما سيصدر عنه؟ وهل يصلح لمساحات محددة فقط، أم أنه يصلح للجميع؟ أم أنه لا يصلح لأي ميدان من ميادين الفتوى بإطلاق؟

ما يقال عن علم الحديث، رغم أن ظاهره يوحي للناس بأنه علم يعتمد على الحفظ، لكنه يعتمد كذلك على الملكة العلمية بنقد المتون، يقال أيضًا بدرجة أكبر وأعمّ عن الفقه والفتوى، فالفقه والفتوى ليسا حفظًا للنصوص، بل الفتوى تمرّ بمراحل لدى الفقيه، فيتصور المسألة أولًا، ثم يكيف هذه المسألة، ثم ينظر هل تكييفها يضعها في كلام ونصوص قالها السابقون أم هي مسألة مختلفة

الذكاء الاصطناعي ومدى دقّته

بدايةً، نحن نتكلم عن الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة الحالية، والتي تأتي في سياق سنواته الأولى، ولا نتحدث عما هو آتٍ، ولا نعلم ماهيته ولا قدراته، فالحديث عن الذكاء الاصطناعي بحاله الآن، وإذا ما ظل على هذا الحال، حيث إنه يتسم بعدة أمور ملاحظة فيه، وأهمها: الانحياز، فمن خلال تجارب المتعاملين معه، وبخاصة في ظل الأحداث الجارية في غزة مثلًا، لاحظ البعض عند سؤال الذكاء الاصطناعي عما يقوم به الكيان الصهيوني، لم تكن إجابته بنفس القوة والحسم عند حديثه عما يجري في أوكرانيا، فاعتبر ما يجري فيها جريمة حرب، بينما صمت أو تهرب من الجواب عما تقوم به إسرائيل.

وما يقال عن السياسة، فلن يبتعد عنه الدين، حيث إن الدين الإسلامي -تحديدًا- يشتبك مع جلّ القضايا القديمة والحديثة، وما يجِدّ في حياة الناس، العامة والخاصة، ويعتمد الكثيرون على الرأي الشرعي فيها، أو الفتوى المتعلقة بها، وهو ما ينذر بعدم الحياد في هذا المجال كذلك، سواء على مستوى الأنظمة، أو على مستويات أخرى.

وسائل حفظ أكثر منها إبداعًا وفهمًا

هذه ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الفتوى وبعض الدراسات الإسلامية لها خصوصية، من حيث الاستدلال لها، والتعامل معها، فمن قبل حين تمّ اختراع الحاسب الآلي (الكمبيوتر)، وفّر على الإنسان جهدَ البحث البدني والزمني، لكنّه ظل محدودًا في سياقات معيّنة، وهي: سياق الإبداع، والعلوم التي تعتمد في محاور مهمة منها، على العقل الإنساني ودقة تأمله وعمله.

فقد أطلقوا من قبل على الكمبيوتر لقب: (حافظ عصرنا)، وهو لقب أطلقه أستاذنا المرحوم الدكتور عبد العظيم الديب، وكان تعبيرًا دقيقًا، من حيث معناه العام، فهو حافظ بمعنى الحفظ، أو الحافظ المحدث من حيث نقله النصوص بأسانيدها، لكن حتى الآن لم نرَ الكمبيوتر نفسه يقوى على تصحيح وتضعيف أحاديث، رغم وجود المواد العلمية المتعلقة بالعمل الحديثي كاملة عليه، بل هو مجرد ناقل لأقوال علماء مختصّين بدراسة الأسانيد والرجال.

لأنّ علم الحديث مثلًا، لا يعتمد في التصحيح والتضعيف فقط على السند، بل يعتمد على المتن، فقد يصحّ السند ويسلم من النقد، لكن المتن قد يحتوي على علل أو شذوذ، وهذه مسألة تعتمد على حس وعقلية المحدث، الذي يلمّ بكليات الإسلام، ونصوصه العامة والخاصة في الموضوع.

ولذا نجد لعلماءَ في الماضي والحاضر نقدًا لأحاديث نبوية صحت من حيث السند، لكن من حيث المتن لم تسلم من النقد، رغم أن ظاهرها يوحي بالصحة، وهذه مهارة لا يكتسبها أي طالب علم، ولا أي محدث يعنى بنقد الأسانيد فقط، بل هي مهارة يكتسبها من طول عنايته واطّلاعه، كما أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم في مقدمة كتابه: (المنار المنيف).

محاذير الاعتماد على الذكاء الاصطناعي

وما يقال عن علم الحديث، رغم أن ظاهره يوحي للناس بأنه علم يعتمد على الحفظ، لكنه يعتمد كذلك على الملكة العلمية بنقد المتون، يقال أيضًا بدرجة أكبر وأعمّ عن الفقه والفتوى، فالفقه والفتوى ليسا حفظًا للنصوص، بل الفتوى تمرّ بمراحل لدى الفقيه، فيتصور المسألة أولًا، ثم يكيف هذه المسألة، ثم ينظر هل تكييفها يضعها في كلام ونصوص قالها السابقون أم هي مسألة مختلفة؟

فلو كانت مسألة جديدة يحاول قدر الاستطاعة تكييفها تكييفًا صحيحًا تحت عموميات الشرع ونصوصه الخاصة بالموضوع، أو القريبة منه، ثم بعد ذلك يخرج بالرأي الفقهي الملائم، وهو ما يطلق عليه الفقهاء: الملكة الفقهية.

وهي مسألة تتعلق بعقلية الإنسان الدارس للشريعة والفقه، فربما وجد البعض ضالته في الذكاء الاصطناعي في قضايا قديمة ومتكررة، ولا تمثل إشكالًا، ومع ذلك لا تخلو هذه المسائل المتكررة من خصوصية لدى كل سائل.

فنحن نتحدث عن فتوى وليس عن الحكم الشرعي المستقر في الكتب الفقهية، ولذا قسّم المرحوم الدكتور محمد كمال إمام الفقهَ إلى نوعين: الأول:

الفقه الساكن، وهو الكتب الفقهية المستقرة في المذاهب الفقهية. والثاني: الفقه المتحرك، وهو الفتاوى التي يسألها الناس، فيذهب الفقيه ليجيب فيبحث في المذاهب، أو المذهب المتبع لديه، عن طريق النظر في أصوله ونصوصه، ويجيب عن هذا السؤال الخاص بحالة محددة، وسمّاه متحركًا؛ لأنه غير ساكن ولا ثابت، بل هو دائم التحرك بناء على تحرك الحياة، وتحرك وتنوع الأسئلة الموجهة للفقيه.

فمثلًا: من الرخص الشرعية التي ينتقل فيها الإنسان من حالة إلى أخرى: الضرورة، أو الحاجة، أو المرض، وهذه حالات تتغير وتختلف من شخص لآخر، بحسب قدرات كل شخص عن غيره، فضرورةُ مَن في أميركا غيرُ مَن في مصر، وضرورة الغني غير الفقير، وكل طبقة عن أخرى، فكيف يتم تكييف الضرورة هنا؟ ولو أن الإجابة كانت واحدة، لضاق الناس بذلك، ولعارض ذلك هدف الشرع وفلسفته في جعل الضرورة مدخلًا مهمًا للتيسير على الناس، كل حسب حالته.

وما يقال عن الضرورة يقال عن المرض، فإذا كان كل زمن يختلف فيه الألم والمرض عن الآخر، بحسب تقدم العلم والطب، فما يقال عن مريض أو مرض لا يقال عن آخر، لو كانا في زمن واحد، والطب كل يوم في تقدم جديد.

وإذا كنا نعيب على بعض المفتين أنهم لا يدركون هذه الفوارق، رغم أنهم بشر ينظرون ويطلعون، لكنهم يقلدون، ويخشون من إعمال عقولهم وأنظارهم في المسائل الفقهية، فما بالنا بالذكاء الاصطناعي، وهو في الغالب لا ينتج إلا حصيلة ما يدخل فيه من معلومات.

لسنا ضد الاستفادة من منجزات العقل البشري، لكن علينا ألا ننجرف وراءها في مجالات ربما يصيب في بعض ميادينها، ولا يصيب في غيرها، خاصة أنّ الأمر يتعلق بدين الناس وآخرتها.

فإذا كان المفتي البشري يصيبه القصور، وسوء التصور في بعض القضايا والفتاوى، فهو وارد بنسبة أكبر من الوسائل والتقنيات الحديثة، وقد لاحظنا ذلك في ميادين البحث، في المقارنة بين عمل بشري وعمل الكمبيوتر، كنموذج للمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، فكنت تجد أحيانًا مواضع لدى كتاب محمد فؤاد عبد الباقي، ولا تجدها في الموسوعات الموضوعة على أسطوانات مدمجة، أو عند البحث بمحرك البحث، فما بالنا لو تعلق البحث بالمعاني وليس الألفاظ، وهو مجال أوسع لا يقوى عليه سوى عقلية العالم المتمرس.

ولا يزال الناس إلى يومنا هذا، يستفتون في سؤال شرعي على مواقع الإفتاء، فيحيله الموقع إلكترونيًا على إجابة معينة، فيصرّ السائل على إرسال سؤاله، لأنه يرى خصوصية معينة، أو فرقًا محددًا في سؤاله يفترق عن الإجابات الأخرى، والمسألة تتعلق بعبادته، أو معاملته، أو الحلال والحرام وتحرّيه، أو طلاق وزواج، رغم أن الإجابة السابقة هي إجابة مُفْتٍ أو عالم عن سؤال قريب من سؤاله، لكنه يحتاج لإزالة الريبة من نفسه، بأنها الإجابة المتعلقة بسؤاله وحالته.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی ما یقال عن من حیث رغم أن

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الخطوة التالية لقطاع التكنولوجيا..ما المخاطر؟!

في ظل التسارع المذهل في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتطلع قادة التكنولوجيا والأعمال إلى الخطوة التالية في هذا المجال، وهي "الذكاء العام الاصطناعي" (AGI)، وهو نوع من الذكاء الاصطناعي يتمتع بقدرات إدراكية شبيهة بالبشر.

إن إيجاد طرق جديدة لضمان عدم عمل هذه الآلة -التي تتمتع بمستوى ذكاء البشر نفسه- ضد مصالح البشر،هدف مهم  يسعى إليه الباحثون، ويصبح من الضروري أن تتكاتف الجهود، في الوصول إليه.

وأصدر باحثون في شركة "جوجل ديب مايند" التابعة لجوجل ورقة بحثية جديدة، مكونة من أكثر من 100 صفحة، تشرح طريقة تطوير الذكاء العام الاصطناعي بأمان. بحسب تقرير لموقع "ArsTechnica" المتخصص في أخبار التكنولوجيا.
اقرأ أيضاً..الذكاء الاصطناعي.. من منظور إيجابي 

تشير تقديرات "ديب مايند" إلى إمكانية ظهور AGI خلال السنوات الخمس القادمة، وتحديدًا بحلول عام 2030، مما يستدعي تعاونًا دوليًا عاجلًا لوضع الأطر القانونية والأخلاقية.

لا يملك البشر حتى الآن وسيلة لمنع خروج الذكاء العام الاصطناعي -في حالة الوصول إليه- عن السيطرة، لكن الباحثين في شركة "جوجل ديب مايند" التابعة لجوجل يعملون على هذه المشكلة.

كشف الباحثون عن أربعة مخاطر رئيسية قد تنجم عن تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الشبيه بذكاء الإنسان وقد يؤدي إلى "أضرار جسيمة"، لأجل هذا سعوا إلى فهم مخاطره.

أبرز المخاطر
حدد الباحثون أربعة أنواع محتملة من مخاطر الذكاء العام الاصطناعي، وقدموا اقتراحات حول طرق التخفيف من هذه المخاطر.

وصنّف فريق "ديب مايند" النتائج السلبية للذكاء العام الاصطناعي على أنها سوء الاستخدام، والانحراف، والأخطاء، والمخاطر الهيكلية. وقد ناقش البحث سوء الاستخدام والانحراف بإسهاب، وتناول الأخيران بإيجاز.

 
المشكلة المحتملة الأولى، هي سوء الاستخدام،  بحيث تتشابه بشكل أساسي مع مخاطر الذكاء الاصطناعي الحالية. ومع ذلك، ولأن الذكاء العام الاصطناعي سيكون أقوى بحكم تعريفه، فإن الضرر الذي قد يُلحقه سيكون أكبر بكثير.

وقد يُسيء أي شخص لديه إمكانية الوصول إلى الذكاء العام الاصطناعي استخدام النظام لإلحاق الضرر، على سبيل المثال، من خلال مطالبة النظام بتحديد ثغرات واستغلالها، أو إنشاء فيروس مُصمَّم يمكن استخدامه كسلاح بيولوجي.

قال فريق "ديب مايند" إنه سيتعين على الشركات التي تُطور الذكاء العام الاصطناعي إجراء اختبارات مكثفة ووضع بروتوكولات سلامة قوية لما بعد التدريب. بعبارة أخرى، حواجز أمان معززة للذكاء الاصطناعي.

ويقترح الفريق أيضًا ابتكار طريقة لكبح القدرات الخطيرة تمامًا، تُسمى أحيانًا "إلغاء التعلم" (unlearning)، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك ممكنًا من دون تقييد قدرات النماذج بشكل كبير.

أما مشكلة "الانحراف" فهي ليست محل قلق حاليًا مع الذكاء الاصطناعي التوليدي في صورته الحالية. لكن مع الذكاء العام الاصطناعي قد يختلف الأمر.

أخبار ذات صلة رفاهية أكثر في «ياس» بالذكاء الاصطناعي مساعد AI لتحسين سير العمل بالمصانع من مايكروسوفت

تُصور مشكلة "الانحراف" هذه كآلة متمردة تجاوزت القيود التي فرضها عليها مصمموها، كما هو الحال في فيلم "ترميناترو". وبشكل أكثر تحديدًا، يتخذ الذكاء الاصطناعي إجراءات يعلم أنها لا تتماشى مع ما يقصده المطور.

وقالت "ديب مايند" إن معيارها للانحراف في ما يتعلق بالذكاء العام الاصطناعي أكثر تقدمًا من مجرد الخداع أو التخطيط.
حلول مقترحة
لتجنب ذلك، تقترح  "ديب مايند" على المطورين استخدام تقنيات مثل الإشراف المُعزز، حيث تتحقق نسختان من الذكاء الاصطناعي من مخرجات بعضهما البعض، لإنشاء أنظمة قوية من لا يُحتمل أن تنحرف عن مسارها.

وإذا فشل ذلك، تقترح "ديب مايند" إجراء اختبارات ضغط ومراقبة مكثفة لاكتشاف أي مؤشر على أن الذكاء الاصطناعي قد يبدأ في التمرد ضدنا.

وقالت إن إبقاء الذكاء الاصطناعي العام في بيئة افتراضية آمنة للغاية وإشراف بشري مباشر يمكن أن يُساعد في التخفيف من حدة المشكلات الناجمة عن الانحراف.

الأخطاء
من ناحية أخرى، إذا لم يكن الذكاء الاصطناعي يعلم أن مخرجاته ستكون ضارة، ولم يكن المشغل البشري يقصد ذلك، فهذا "خطأ". ويحدث الكثير من هذه الأخطاء مع أنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية.مع ذلك، قد تكون هذه المشكلة أصعب مع الذكاء العام الاصطناعي.
تشير "ديب مايند" إلى أن الجيوش قد تنشر الذكاء العام الاصطناعي بسبب "الضغط التنافسي"، لكن هذه الأنظمة قد ترتكب أخطاء جسيمة لأنها ستُكلف بوظائف أكثر تعقيدًا بكثير من الذكاء الاصطناعي الحالي.

توصي الورقة بعدد من الإجراءات الوقائية،  للحد من الأخطاء. باختصار، يتلخص الأمر في عدم السماح للذكاء العام الاصطناعي بأن يصبح قويًا جدًا في المقام الأول.

وتدعو "ديب مايند" إلى نشر الذكاء العام الاصطناعي تدريجيًا والحد من صلاحياته، وتمرير أوامر الذكاء العام الاصطناعي عبر نظام حماية يضمن أن تكون آمنة قبل تنفيذها.

مخاطر هيكلية
تُعرف "ديب مايند" المخاطر الهيكلية على أنها عواقب غير مقصودة، وإن كانت حقيقية، للأنظمة متعددة الوكلاء التي تُسهم في تعقيد حياتنا البشرية.

على سبيل المثال، قد يُنتج الذكاء العام الاصطناعي معلومات مُضلّلة تبدو مُقنعة لدرجة أننا لم نعد نعرف بمن أو بما نثق. كما تُثير الورقة البحثية احتمالية أن يُراكِم الذكاء العام الاصطناعي سيطرة متزايدة على الأنظمة الاقتصادية والسياسية، ربما من خلال وضع مخططات تعريفات جمركية مُفرطة.

وقد تؤدي هذه المخاطر الهيكلية إلى أن نجد في يومٍ ما أن الآلات هي المُسيطرة بدلًا منّا.

وتُعتبر هذه الفئة من المخاطر أيضًا الأصعب في الحماية منها، لأنها ستعتمد على طريقة عمل الأفراد والبنية التحتية والمؤسسات في المستقبل.

لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي العام أداة لخدمة البشرية، لا مصدرًا لتهديدها..كما تشير "ديب مايند"، فإن التقدم نحو AGI قد يكون أسرع مما نتخيل، ما يجعل من وضع الحواجز الأخلاقية والتقنية ضرورة عاجلة لا تحتمل التأجيل.
لمياء الصديق(أبوظبي)

مقالات مشابهة

  • مسار جديد لقيادة الذكاء الاصطناعي في أوروبا
  • «معلومات الوزراء» يوضح تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
  • معلومات الوزراء يوضح تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل
  • عدسات الذكاء الاصطناعي تجربة تفاعلية جديدة من سناب شات
  • أي دولة ستحسم سباق ريادة الذكاء الاصطناعي عالميًا؟
  • أمين الفتوى: العمل هو السبيل للتغلب على الصعوبات.. والتسول أصبح مهنة
  • تحذير أممي: الذكاء الاصطناعي قد يؤثر على 40% من الوظائف خلال العقد المقبل
  • رفقاء افتراضيون: هل يهدد الذكاء الاصطناعي جوهر العلاقات الإنسانية؟
  • الذكاء الاصطناعي يرصد مخالفات استخدام الهاتف في الأردن
  • الذكاء الاصطناعي العام (AGI) الخطوة التالية لقطاع التكنولوجيا..ما المخاطر؟!