شبكة اخبار العراق:
2024-11-16@06:53:01 GMT

لا ذاكرة للعراقيين

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

لا ذاكرة للعراقيين

آخر تحديث: 18 فبراير 2024 - 9:41 صبقلم:فاروق يوسف من الطبيعي ألاّ تتذكر أجيال من العراقيين صدام حسين. لا لأنها ولدت في العشرين سنة الماضية وحسب، بل وأيضا لأن زمن العراقيين ليس كأزمان الشعوب الأخرى، فهو يحمل معه الكثير من الكوارث غير المتوقعة في السياق التاريخي. تلك الكوارث يضفي عليها العراقيون طابعا تراكميا بما يجعلها قابلة للتوسع والتراكم والزيادة والامتداد.

إن حدثت مشكلة فهم لا يواجهونها بل يتعاملون مع تجلياتها المختلفة وفروعها المتشعبة، وهو ما يعني أن همهم يغدو هموما. أليس طبيعيا والحالة هذه ألاّ تفكر أجيال بصدام حسين؟ غير أن هناك مَن يفرض على العراقيين التفكير بالعائلة المالكة التي قُتلت عام 1958 أي قبل 65 سنة ولسان حاله يقول “أنتم قتلتم تلك العائلة البريئة”، وهمسا يقول “كما قتلتم من قبل الحسين بن علي”. ومن خارج العراق يأتي الصوت الذي يتهم العراقيين بأنهم قتلوا صدام حسين وهو آخر رئيس للدولة العراقية التي قد لا ترى النور مرة أخرى.ليس العراقيون أشرارا كلهم ولكنهم شعب أُبتلي بالعنف. هم مثل باقي الشعوب العربية لا يحبون القوانين إلا إذا تم إعفاؤهم من عقوباتها. يطلبون قوانين تكون على مقياس مزاجهم المتطرف. لذلك فإنهم لا يحبون الدولة. نخب قليلة منهم عرفت كيف تهذّب نفسها وتربّيها تربية حضارية وتخفف من تأثير العصف العاطفي الذي يعتريها. تلك النخب استطاعت في لحظة فارقة من التاريخ أن تبني دولة المؤسسات وهي دولة القانون التي كانت دائما في حاجة إلى القوة التي لا تخلو ممارساتها من العنف وهو ما أدى إلى أن يهدأ العراقيون بعد تذابح حزبي استمر عقدا من الزمن، سقط فيه الآلاف من القتلى بطريقة عبثية لا مبرر لها.بالمقارنة مع زمنيهم الملكي والجمهوري يُعتبر عقد السبعينات من القرن الماضي هو الأفضل في عمر العراقيين. وضعت الدولة يومها لأول مرة مؤسساتها الثرية في خدمة الشعب. شهد قطاعا التعليم والصحة تطورا لافتا كما أن البنية التحتية لم يكن ينقصها شيء. كان من الممكن أن يغادر العراق مكانه في العالم الثالث لولا أن العراقيين تذكروا شغفهم بالعنف فكان صدام حسين بمثابة بشارة لذلك العنف الذي لم ينته حتى هذه اللحظة وقد يستمر عقودا. لا أحاول هنا أن أستحضر صدام حسين الذي لم يُسمح له في محاكمته أن يقول كلمة مفيدة ولا أحاول أن أدين الشعب العراقي الذي كان في لحظة انقضاض صدام حسين على حزب البعث وقتله لنصف قيادة ذلك الحزب، وهو النصف الذي عارض استلامه للمنصب الأول في الدولة قد وقف معه ورقص له فكان رئيسا منتخبا بالإجماع الشعبي.كانت شعبية صدام حسين في الذروة يوم أعلن حربه على إيران وكان ذلك هو يوم نحس في تاريخ العراق. ولكنّني هنا أحاول أن أفكك ما صار غامضا على أجيال من العراقيين تعرضت للتضليل بسبب الإعلام الموجه الذي يرغب في تشويه صورة العراق والعراقيين وإضفاء طابع سوداوي على كل ما مر بالعراق قبل الاحتلال، بالرغم من أن الشيوعيين العراقيين، وهم من أكثر القوى السياسية رغبة في إخفاء الحقائق عن الأجيال الجديدة، كانوا حاضرين في كل المذابح التي شهدها العراق الجمهوري، قتلة وقتلى على حد سواء. ما يهمني هنا أن صورة العراق الحديث لن تكون واضحة عبر السنوات القادمة ولن تتحقق دولة العراق من وجودها في ظل الهيمنة الإيرانية التي تحرسها الميليشيات التي لا يعرف أفرادها شيئا عن الوطنية العراقية، فهم لم يتربوا على معانيها بعد أن أُلغيت مادة “التربية الوطنية” من المناهج الدراسية.لقد استلمت الميليشيات العراقيين لتزيدهم جهلا بوطنهم من غير أن يعرفوا أنهم قد فقدوا المواطنة وهي أعز ما يملكه الإنسان في العصر الحديث. صاروا أبناء الطائفة التي تم احتكار تمثيلها من قبل جماعة مسلحة تابعة لإيران، وهو ما يعني أنهم قد مُسخوا وطنيا ولم يعودوا عراقيين إلا بالاسم الذي يشير إلى هويتهم القلقة.هناك اليوم أجيال من العراقيين تحب وتكره، لا لأنها تعرف لماذا تحب وتكره، ولكن لأنها تجهل كل ما يتعلق بالماضي القريب لوطنها الذي صار مثل حبل غسيل تعلق عليه صور أبطال مزورين قد لا يكونون مسؤولين عما انتهوا إليه حين استولت عليهم الدعاية الحزبية الرخيصة.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: من العراقیین صدام حسین

إقرأ أيضاً:

تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟

الكلامُ الأخير الذي أطلقه الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بشأن أمين عام "حزب الله" السابق الشهيد السيد حسن نصرالله ليس عادياً، بل يحمل في طياته الكثير من الدلالات.   جنبلاط أورد 3 نقاط أساسية عن نصرالله في حديثٍ صحفي أخير، فالنقطة الأولى هي أنه بعد اغتيال نصرالله لم يعد هناك من نحاوره في الحزب، أما الثانية فهي إشارة جنبلاط إلى أنه قبل اغتيال "أمين عام الحزب" كانت هناك فرصة للتحاور بين حزب الله وبعض اللبنانيين بشكل مباشر، أما الثالثة فهي قول "زعيم المختارة" أن نصرالله كان يتمتع بالحدّ الأدنى من التفهم لوضع لبنان ووضع الجنوب.

ماذا يعني كلام جنبلاط وما الذي يخشاه؟
أبرز ما يخشاه جنبلاط هو أن يُصبح الحوار مع "حزب الله" غير قائمٍ خلال الحرب الحالية، أو أقله خلال المرحلة المقبلة. عملياً، كان جنبلاط يرتكز على نصرالله في حل قضايا كثيرة يكون الحزبُ معنياً بها، كما أنّ الأخير كان صاحب كلمة فصلٍ في أمور مختلفة مرتبطة بالسياسة الداخلية، كما أنه كان يساهم بـ"تهدئة جبهات بأمها وأبيها".

حالياً، فإنّ الحوار بين "حزب الله" وأي طرفٍ لبناني آخر قد يكون قائماً ولكن ليس بشكلٍ مباشر، وحينما يقول جنبلاط إن الأفضل هو محاورة إيران، عندها تبرز الإشارة إلى أن "حزب الله" في المرحلة الحالية ليس بموقع المُقرّر أو أنه ليس بموقع المُحاور، باعتبار أنَّ مختلف قادته والوجوه الأساسية المرتبطة بالنقاش السياسيّ باتت غائبة كلياً عن المشهد.

إزاء ذلك، فإن استنجاد جنبلاط بـ"محاورة إيران"، لا يعني تغييباً للحزب، بل الأمرُ يرتبطُ تماماً بوجود ضرورة للحوار مع مرجعية تكون أساسية بالنسبة لـ"حزب الله" وتحديداً بعد غياب نصرالله والاغتيالات التي طالت قادة الحزب ومسؤوليه البارزين خصوصاً أولئك الذين كانت لهم ارتباطات بالشأن السياسي.

الأهم هو أن جنبلاط يخشى تدهور الأوضاع نحو المجهول أكثر فأكثر، في حين أن الأمر الأهم هو أن المسؤولية في ضبط الشارع ضمن الطائفة الشيعية تقع على عاتق "حزب الله"، ولهذا السبب فإن جنبلاط يحتاج إلى مرجعية فعلية تساهم في ذلك، فـ"بيك المختارة" يستشعر خطراً داخلياً، ولهذا السبب يشدد على أهمية الحوار مع "حزب الله" كجزءٍ أساسي من الحفاظ على توازنات البلد.

انطلاقاً من كل هذا الأمر، فإنّ ما يتبين بالكلام القاطع والملموس هو أن رهانات جنبلاط على تحصين الجبهة الداخلية باتت أكبر، ولهذا السبب تتوقع مصادر سياسية مُطلعة على أجواء "الإشتراكي" أن يُكثف جنبلاط مبادراته وتحركاته السياسية نحو أقطاب آخرين بهدف الحفاظ على أرضية مشتركة من التلاقي تمنع بالحد الأدنى وصول البلاد نحو منعطف خطير قد يؤدي إلى حصول أحداثٍ داخلية على غرار ما كان يحصلُ في الماضي.

في الواقع، فإنّ المسألة دقيقة جداً وتحتاجُ إلى الكثير من الانتباه خصوصاً أن إسرائيل تسعى إلى إحداث شرخٍ داخلي في لبنان من بوابة استهداف النازحين في مناطق يُفترض أن تكون آمنة لكنة لم تعُد ذلك. أمام كل ذلك، فإن "الخشية الجنبلاطية" تبدأ من هذا الإطار، وبالتالي فإن مسعى المختارة الحالي يكون في وضع كافة القوى السياسية أمام مسؤوليتها مع عدم نكران أهمية ودور "حزب الله" في التأثير الداخلي، فهو العامل الأبرز في هذا الإطار.
  المصدر: خاص لبنان24

مقالات مشابهة

  • ما هو الدور الذي سيلعبه صهر ترامب في الشرق الأوسط؟
  • الأنواء الجوية للعراقيين: البرد نهاية الشهر الحالي وحلول فصل الشتاء مناخياً
  • الشرعية والشعبية.. ملامح صدام بين الرئيس والوزير الأول في السنغال
  • كينجستون أفضل مورّد لوحدات ذاكرة الوصول العشوائي الديناميكية لعام 2023
  • السوداني يوجه وزارة النفط بالتواصل مع شركة شِل لتحقيق المشاريع التي تخدم العراق
  • السوداني يوجه بالتواصل بين وزارة النفط وشركة شِل لتحقيق المشاريع التي تخدم العراق
  • تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟
  • أحمد حسين: الحرب الإعلامية التي تمارسها الميليشيا عن تحركاتها في الأطراف الشرقية لمدينة الفاشر محاولة “
  • السوداني: إبداء التشجيع بالروح الرياضية التي تعكس كرم العراقيين
  • العراق خارج القائمة.. الدول التي تضم أعلى عدد من المفاعلات النووية