التهور السياسي والعنجهية وعدم النضج، هي سمات اليمين المتطرف الحالي في إسرائيل، أقزام متعطشة للدماء، لا تدرك للسلام سبيلا، لا يفهمون إلا لغة القوة ولا يجيدون إلا التصريحات الاستفزازية، من إلقاء قنبلة نووية على غزة إلى التصريحات الأخيرة لوزير المالية سموتريتش التي حمل فيها مصر جزءًا من مسئولية أحداث ٧ أكتوبر، واتهم فيها القاهرة بعدم السيطرة على الحدود في سيناء؛ مما أدى إلى وصول المؤن والذخيرة إلى حماس بحسب زعمه.
مصر تعي جيدًا مسئولياتها وتضطلع بها على أكمل وجه، فمصر هي التي دحرت الإرهاب في سيناء وتصدت للأنفاق العابرة للحدود، بل وتقوم بعملية تنمية كبيرة في سيناء، وذلك حفاظًا على سيناء الغالية وعلى استقرارها ومنعًا لأي شكل من أشكال الخروج على القانون بها.
أعتقد أن سموتريتش كان يهدف من تصريحاته إلى التغطية على فشل إسرائيل والسلطة الحاكمة بها في منع هجمات ٧ أكتوبر أو التصدي لها، فبدلا من الاعتراف بالخطأ أمام المواطن والناخب الإسرائيلي، يريد السيد سموتريتش أن يعلق فشل إسرائيل على “شماعة” أخرى، ولكن الخارجية المصرية ردت ببيان محكم، وخرج المتحدث باسمها إلى وسائل الإعلام لكي يدحض هذه التصريحات المسيئة.
حاول سموتريتش أن يحول بؤرة اهتمام الناخب الإسرائيلي من عجز جيش الاحتلال عن حماية مواطنيه إلى التركيز على الحدود المصرية، ولكنه لم ينجح نهائيًا في ذلك، لأن الحقائق موجودة على الأرض، ولأن الترهل في منظومة الدفاع عن مستوطنات غزة كان واضحًا للكافة، فهذه المنظومة التي تكلفت المليارات لم تسمن ولم تغنِ من جوع، وسقطت أمام وسائل حماس البدائية.
تصريحات إسرائيلية أخرى تحمل استفزازًا لمصر تحدثت عن احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا، (أو محور صلاح الدين) وهو الشريط الحدودي بين مصر وغزة، والذي تحكم اتفاقية موقعة بين مصر وإسرائيل كيفية إدارته، هذه الاتفاقية تم إلحاقها بمعاهدة السلام والتي هي عمود الخيمة للمنطقة العربية بالكامل، وأعتقد أن هذه التصريحات قد أثارت حفيظة مصر وقلقها من توجهات اليمين المتطرف في إسرائيل وطيشه.
على ثلة اليمين الحاكم في إسرائيل أن يعير اهتمامًا أكبر لمشاكله الداخلية، فالعمليات العسكرية لم تحقق أهدافها، والشارع الإسرائيلي محبط، والاقتصاد في حالة تخبط، والهجرة العكسية إلى خارج إسرائيل تتزايد، والآثار الاجتماعية للنزوح الداخلي في إسرائيل مدمرة.
ما نجح فيه اليمين الإسرائيلي نجاحًا مبهرًا هو كسب القضية الفلسطينية زخمًا كبيرًا في الأوساط العالمية، حتى إن الصحافة الأمريكية تتحدث عن تزايد معتبر لتعاطف الشباب الأمريكي مع القضية الفلسطينية، وتشككهم إزاء السياسة الإسرائيلية.
و لعل وقوف إسرائيل موقف المتهم بارتكاب أعمال إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية لهو خير دليل على وحشية اليمين تجاه الفلسطينيين، وعلى عقليتهم اللا إنسانية وطموحهم الأعمى للسيطرة على القضية الفلسطينية ومحوها للأبد.
وللأسف الشديد فإن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعمًا مطلقًا وهائلًا لهذه الزمرة الحاكمة في إسرائيل وتحميها من العقاب، فإسرائيل هي طفل أمريكا المدلل والولاية رقم ١ في الولايات الأمريكية، وبدون الولايات المتحدة فإسرائيل ما هي إلا ورم سرطاني خبيث في الجسم العربي ليس له من محل، وعلى الرغم من كل هذا الدعم الأمريكي، فإن نتنياهو وجماعته على خلاف مع الرئيس الأمريكي، حيث أعلن بايدن ذلك صراحة للإعلام في أكثر من مناسبة، ودعا إلى تغيير الحكومة الإسرائيلية، وصرح بأن الرد العسكري الإسرائيلي في غزة قد جاوز الحد، وأن نتنياهو يريد أن تستمر الحرب حتى يتمكن من الاستمرار في السلطة.
يذكرني سلوك اليمين الإسرائيلي المتطرف بجماعة إخوان الشر، فعقلية الاستعلاء متقاربة ومنطق القوة متشابه، وأعتقد أن المصير واحد.
أحمد العصار – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
بعد سجنه 34 عاما.. أسير قسامي محرر يتوعد سموتريتش وبن غفير
قال الأسير الفلسطيني المبعد عبد الناصر عيسى إن ظروف الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي صعبة جدا، ووجه التحية إلى المقاومة لجهودها الكبيرة في الإفراج عن الأسرى، وتوعد وزراء إسرائيليين متطرفين.
وأبدى عيسى -في حديثه للجزيرة- سعادته بالخروج من سجون الاحتلال، ونسب الفضل في ذلك بعد الله إلى "المقاومة الباسلة في قطاع غزة التي استطاعت أن تخرج الأسرى من الجحيم الذي يعيشونه حاليا".
وأشاد عيسى -الذي قضى 34 عاما في الأسر منها 30 عاما متواصلة- بتضحيات الشعب الفلسطيني في غزة من أجل فلسطين والمسجد الأقصى والأسرى.
وأكد أن المقاومة الفلسطينية سوف تستمر رغم كل محاولات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير، و"كل أشكال القمع والإرهاب والتشريد والتعذيب الإسرائيلي اليومي للأسرى".
وخلص عيسى -المعروف بـ"عميد أسرى نابلس"- إلى أن "الظلم لن يدوم، وسيتحرر الأسرى والمسرى والشعب الفلسطيني من الاحتلال وبطشه".
وأفرج عن عبد الناصر عيسى في 27 فبراير/شباط 2025 ضمن الدفعة السابعة من صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وذلك في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه يوم 19 يناير/كانون الثاني 2025، واشترطت إسرائيل أن يتم إبعاده إلى مصر.
إعلانوكان عيسى قد استثني عام 2011 من صفقة "وفاء الأحرار" التي تم خلالها تبادل 1027 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ويلقبه البعض بأنه "الأسير الذي حاصر السجن ولم يحاصره السجن".
وانضم عبد الناصر عيسى عام 1994 إلى كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وتواصل مع قائد أركانها محمد الضيف لإعادة تفعيل خلايا القسام في الضفة الغربية.
كذلك، لازم الشهيد المهندس يحيى عياش وتعلم من خبراته، مما أعاد اسمه ليكون على رأس سجلات المطاردة الإسرائيلية، وليكون المطلوب الثاني بعد عياش، واعتبرته إسرائيل مطلوبا بالغ الخطورة لدوره في تدريب وقيادة عدد من الخلايا العسكرية التي نفذت عمليات استشهادية داخل الأراضي المحتلة.
ولعب عيسى عام 2005 دورا رياديا في تشكيل أول هيئة قيادية عليا لحركة حماس بالسجون، وانتخب لرئاستها، كما انتخب عضوا بالهيئة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسابعة إلى جانب القادة يحيى السنوار وروحي مشتهى وصالح العاروري وعبد الخالق النتشة وغيرهم.