رغم النجاح غير المتوقع الذي حققه الموسم الأول من مسلسل "ريفو"؛ فإن الموسم الثاني الذي يُعرض حاليا عبر منصة "واتش إت" (Watch IT) حقق شعبية كبرى، وظهر ذلك جليا عبر تصدّره المتابعة على منصات التواصل الاجتماعي، واحتلاله المرتبة الأولى ضمن قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على المنصة بل إن الجزء السابق سرعان ما احتل هو الآخر المرتبة الثانية ضمن القائمة نفسها.

عُرض الموسم الأول من العمل خارج الماراثون الرمضاني دون الاعتماد على أيّ من النجوم ذي الأسماء الرنانة أو الوجوه المألوفة بعالم التلفزيون، ولم يحظ إلا بمتابعين ممن يحبون هذا النوع من الدراما ذات الطابع الموسيقي.

لكن، وبمجرد انتهاء حلقاته العشر، وانتشار الأنباء حول استعراضه حقبة التسعينيات وفرقها الموسيقية، بالإضافة إلى طرح الأغنيات التي قُدمت بالعمل، أقبل محبي "النوستالجيا – الحنين إلى الماضي" (Nostalgia) على العمل، وظهر ذلك عبر تزايد مستمر في عدد المتابعين.

المسلسل أشبه برحلة مجانية داخل آلة زمن تُعيد المصريين من أبناء السبعينيات والثمانينيات إلى أجواء التسعينيات وأول الألفية الجديدة حيث مصايف العجمي والمعمورة وتجمعات الأهل والأصدقاء بليالي الصيف، وشرائط الكاسيت ونوادي الفيديو وديكورات وأزياء تلك الحقبة المميزة التي عاد بعضها للظهور مؤخرا من جديد.

من قتل شادي؟

دارت أحداث الموسم الأول حول فرقة غنائية صاعدة تحمل اسم "ريفو"، يسعى أفرادها لبدء رحلتهم الغنائية في ظل إصرارهم على تقديم أغنيات تُشبههم وتُعبّر عن أفكارهم وأحلامهم، غير أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود.

وبالتزامن مع الماضي، هناك خط زمني آخر معاصر، بطلته مخرجة تحاول تتبع قصة ريفو والوصول إلى من بقي من الأعضاء على قيد الحياة لاستكمال سيناريو عكف والدها على كتابته طوال 7 سنوات وحتى وفاته، قبل أن تنتهي الأحداث بكشف سلسلة من الأسرار لم يتوقعها أحد، تربط بين الماضي والحاضر وتُشير إلى صلة قرابة تجمع المخرجة مع شادي قائد الفرقة الموسيقية.

مع بدء الموسم الثاني، يستكمل العمل الرحلة نفسها في محاولة لمتابعة رحلة الفرقة وكيف أنتجت ألبومها الغنائي الأول، في حين تستمر البطلة بالبحث عن إجابات حول الحادث الذي أودى بحياة البطل وترتّب عليه انفراط عقد الفرقة، والأهم لماذا أخفى عنها والدها -رغم علاقتهما الوطيدة- ذاك الماضي البعيد؟

وعلى عكس العديد من الأعمال الدرامية القصيرة متعددة المواسم، التي يبدأ كل موسم بحكاية جديدة ونجوم آخرين مثل مسلسل "ليه لأ" -الذي يُعرض حاليا عبر منصة "شاهد"- أو يعود الأبطال أنفسهم ولكن من خلال مغامرة مختلفة مثلما يجري بمسلسل "اللعبة"، استكمل مسلسل "ريفو" الأحداث من نقطة نهاية الموسم الأول بالضبط.

ظهر الأبطال محتفظين بحالة التقمُّص السابقة لشخصياتهم بتفاصيلها، بينما حرص العمل على إعادة طرح الأسئلة التي انتهت بإجابات مفتوحة ولم يتجاهلها أو يتعامل معها باستسهال، وهو ما أحبه الكثيرون، ووجدوه ميزة إيجابية تُحسب لصانعي المسلسل الذين استطاعوا إعادة المشاهد إلى نفس الدرجة من المعايشة مرة أخرى دون زيادة أن نقصان، كأن عاما لم يمر منذ آخر حلقة عُرضت على الشاشة.

الاستفادة من النقد السلبي

من سلبيات الموسم الأول التي عابها النقاد على العمل ونجح فريق المسلسل في تجاوزها إلى حد ما خلال هذا الموسم، مستوى تمثيل الأبطال، خاصة أن غالبيتهم لم يُقدموا أدوارا بهذا الحجم من قبل.

اجتهد الكثير منهم لتقديم أداء أفضل ولافت على رأسهم صدقي صخر، الذي تفوق على نفسه في تجسيد انفعالات شخصيته الداخلية، سواء شخصية مروان الهادئ، اللطيف والقريب إلى القلب بالماضي، أو مروان المعاصر الذي تحوّل إلى حطام رجل مكتئب ولا يتمنى سوى الموت، يليه بمسافة تامر هاشم وعمرو جمال ومينا النجار الذين حاولوا تقديم أفضل ما لديهم حتى الآن.

أما أمير عيد فبالرغم من أن حضوره التمثيلي لا يزال باهتا؛ فإن صوته وأغانيه هما أهم نقاط ارتكاز العمل وجماهيريته، خاصة مع كلمات الأغاني الجديدة والمعبرة تماما عن حالة الأبطال من تخبط وأمل وحيرة واندفاع وغيرها من المشاعر المختلطة. وهو ما يتناسب مع ما جاء على لسان الشخصية التي يلعبها محسن محيي الدين بأحد المشاهد حين قال "الأغنية هي آلة الزمن اللي (التي) كلنا بندور عليها (نبحث عنها)".

دون أن نغفل بالطبع عامل الجذب الناتج عن طبيعة الحبكة وما بها من غموض وإثارة زادت وتيرتها هذا الموسم الذي ضم خطوطا درامية جديدة غالبيتها تعود إلى الماضي، مما أسهم في ضخ مزيد من الوجوه الجديدة إلى العمل، أبرزها الشابة ميران عبد الوارث نجلة الفنان الراحل أحمد عبد الوارث التي سبق أن لفتت الانتباه إليها في مسلسل "وبينا ميعاد".

تفاعل من نوع خاص

يتعامل جمهور "ريفو" مع المسلسل بقدر من الحميمية، كونه يتماس لديه مع ذكريات الطفولة والمراهقة، وهو ما دفع البعض للإصرار على أن قصة "ريفو" هي حكاية أمير عيد وتأسيس فرقة "كايروكي"، رغم نفي عيد لذلك أكثر من مرة خلال حوارات فنية مختلفة بعد الموسم الأول.

فيما أعرب قطاع آخر من المشاهدين عن انجذابه للمسلسل بسبب ما يمثله لهم من حالة تُذكرهم بالأحلام التي اعتادوا رسمها لأنفسهم صغارا، مُصدقين أن الحياة سوف تساعدهم على تحقيقها وأنهم يملكون ما يلزم من طاقة وإرادة لتخطّي كل الصعاب، معتقدين أنهم الاستثناء لما قاله إرنست همنغواي "الدنيا تكسر كل أحد، ولكن أولئك الذين لن ينكسروا، تقتلهم. الدنيا تقتل الطيبين جدا واللطيفين جدا والشجعان جدا بلا تمييز".

أما رد الفعل الأكثر عملية وقابلية على التنفيذ، كان الاقتراح الذي قدمه أحد عشاق "كايروكي" مُطالبا إياهم بتخصيص جزء من حفلاتهم يحمل اسم "ريفو" لأغنيات المسلسل فقط، على أن تكون الديكورات وملابس الحضور تقتصر على أجواء وموضة التسعينيات فقط، فيما يظهر أمير عيد في مظهر شادي بطل المسلسل، كما لو أن جميع الحضور ينتقلون سويا إلى الماضي الجميل.

مسلسل "ريفو" تأليف محمد ناير، وإخراج يحيى إسماعيل، وبطولة أمير عيد، وركين سعد، وصدقي صخر، ومحسن محيي الدين، وتامر هاشم، وحسن أبو الروس وسارة عبد الرحمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الموسم الأول أمیر عید

إقرأ أيضاً:

«لعبة الحبار»عندما يطاردنا الماضي

علي عبد الرحمن (القاهرة)

أخبار ذات صلة «وما بينهما»تجليات إبداعية للفنون الإسلامية «أبوظبي إكستريم» تنظم 14 بطولة في 5 قارات

بعد النجاح الساحق الذي حققه الجزء الأول من مسلسل «لعبة الحبار»، الذي ترك بصمته كواحد من أكثر الأعمال الدرامية تأثيراً في العصر الحديث، يعود الموسم الثاني ليغوص بنا أعمق في دهاليز النفس البشرية، ليُعمِّق من طرحه الفلسفي والنفسي حول قضايا البقاء، الأخلاق، والإنسانية، وتتحول السردية إلى مساحة أكثر قتامة وتأملاً، حيث نواجه أسئلة وجودية لا تتعلق فقط بالنجاة الجسديّة، بل بصراعات الإنسان مع ذاته ونظام العالم العبثي.
تدخل الحبكة في الجزء الثاني مرحلة جديدة من التعقيد، حيث لم تعُد الألعاب تختبر قدرة الفرد على النجاة فحسب، بل أصبحت امتحاناً أخلاقياً ونفسياً مُرهقاً؛ وتتطلب إحدى الألعاب الرئيسة في الموسم الثاني من اللاعبين، الاختيار بين إنقاذ أرواح الآخرين أو التضحية بهم لضمان بقائهم، مما يكشف عن هشاشة الأخلاق في مواجهة غريزة البقاء.
هنا تكمن العبقرية السردية للمسلسل، إذ يضع المشاهد أمام مرآة فلسفية تظهر تشابك الخير والشر داخل النفس البشرية، ونرى انعكاساً واضحاً لفكرة الفيلسوف الإنجليزي «هوبز» حول حالة الطبيعة حيث «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، وفي الوقت ذاته، تطرح السردية تساؤلات عن إمكانية وجود أمل في إنقاذ الإنسان من ذاته.


تحمل الشخصيات العائدة من الجزء الأول في داخلها، صدمات التجربة السابقة، مما يضيف لطبقاتها النفسية أبعاداً جديدة، يظهر ذلك بوضوح في تفاعلهم مع الألعاب الجديدة واللاعبين الجدد، الذين يمثلون مزيجاً متنوعاً من الخلفيات الثقافية والاجتماعية. ويُظهر المسلسل في هذا الجزء كيف تؤثر الصدمات النفسية في اتخاذ القرارات، وكيف يمكن للماضي أن يطارد الفرد في أكثر اللحظات الحاسمة، هذه التركيبة تعزّز من درامية الأحداث وتضع الشخصيات في مواجهة مباشرة مع ماضيها وحاضرها.

وأحد الجوانب المميزة في الجزء الثاني، رمزية الألعاب التي تتجاوز مجرد التحدي الجسدي، لتصل إلى تعبيرات فلسفية عميقة، إحدى الألعاب على سبيل المثال تستند إلى أسطورة «سيزيف» حيث يُجبر اللاعبون على دفع حجر ضخم إلى أعلى التل مع علمهم بأنه سيسقط مجدداً، هذه اللعبة تجسّد فكرة العبثية التي طرحها الأديب الفرنسي من أصل جزائري «ألبير كامو»، الحاصل على نوبل، حيث يُصبح التحدي الحقيقي هو إيجاد معنى في وسط العبث. هناك أيضاً لعبة المرايا، التي تتطلب من اللاعبين مواجهة أنفسهم حرفياً، في إشارة إلى الصراع الداخلي الذي يعاني منه الإنسان في محاولة لفهم ذاته، هنا يتجاوز العمل حدود الترفيه ليصبح دراسة فلسفية عميقة للإنسانية.
وما يميز «لعبة الحبار»، قدرته على التلاعب بمشاعر المشاهدين، كما يخلق حالة مستمرة من التوتر، حيث تُصبح كل لحظة اختباراً نفسياً يضع المشاهد في موضع اللاعب، ولا تترك الأسئلة الأخلاقية المطروحة مجالاً للحياد، بل تُجبره على اتخاذ موقف، مما يجعل التجربة الترفيهية أقرب إلى رحلة نفسية عميقة.
التركيز على الرمزية
يرى الناقد الفني أحمد شعراني، أن الموسم الثاني فقد عنصر المفاجأة الذي ميّز موسمه الأول، والحبكة أصبحت مُتوقعة، والتركيز الزائد على الرمزية الفلسفية قد أضعف التوتر الدرامي، واستشهد بحلقة «لعبة المرايا»، ورغم قوتها الرمزية، فإنها افتقدت الإيقاع السريع الذي كان يميّز الموسم الأول. وتقول الناقدة جهاد هشام، إن الموسم الثاني استند بشكل مفرط إلى نجاح الموسم الأول، دون تقديم جديد حقيقي، وتحولت الشخصيات إلى أدوات لتمرير الرسائل الفلسفية، مما جعلها تفقد عمقها الإنساني، وحتى الألعاب بدت وكأنها مجرد استعراض بصري دون جوهر درامي يُذكر.
بينما أشارت الناقدة رانيا الزاهد، إلى أن الموسم الثاني نجح في تعميق الرسائل الفلسفية والاجتماعية، وتمكّنت الحبكة الدرامية من إبراز التعقيد النفسي للشخصيات، مع التركيز على التحديات الأخلاقية التي تواجهها، معتبرة على حلقة «سيزيف» تحفة فلسفية تعيد التفكير في معنى الجهد الإنساني وسط العبث.
وأوضح الناقد الفني مصطفي الكيلاني، أن الموسم الثاني ليس مجرد تكملة لمسلسل ناجح، وتأكيد على أن القصص القوية يمكنها أن تُعمق من فهمنا للعالم ولأنفسنا، وطرح العمل فكرة أن الحياة بأكملها قد تكون لعبة، وفهم القواعد ليس كافياً للنجاة، بل يجب علينا أن نتساءل عن جدوى المشاركة من الأساس، وبين الصراع النفسي والرمزية الفلسفية، يتركنا العمل أمام سؤال مفتوح: هل نملك الجرأة لترك اللعبة، أم أن اللعبة هي التي تملكنا؟.

هشاشة التوازن النفسي

ترى اختصاصية علم النفس، أميرة ألبير، أن لعبة الحبار في موسمه الثاني انعكاس دقيق لصراعات الإنسان مع ذاته ومع المجتمع، والألعاب الجديدة تمثل تجسيداً لضغوط الحياة اليومية، التي تجبر الأفراد على اتخاذ قرارات أخلاقية تحت وطأة القلق والخوف. وتُظهر هذه التحديات بوضوح، كيف يمكن للصدمات النفسية أن تُعيد تشكيل هويات الأفراد، وتكشف هشاشة التوازن النفسي في ظروف الضغط الشديد، موضحة أن هذه اللعبة تمثل تجسيداً لصراع الإنسان مع مخاوفه اللاواعية، حيث يصبح السقوط أشبه بمواجهة حقيقية مع الفشل والخوف من المجهول.

مقالات مشابهة

  • الزمن ساعات بيقسو علي الإنسان.. مي عمر تشوق جمهورها لمسلسل إش إش
  • كشفت شخصيتها في وتقابل حبيب.. نيكول سابا تشوق جمهورها لعمل رمضاني جديد
  • قبل العرض.. شيماء سيف تشوق جمهورها بمسلسلها الرمضاني الجديد
  • منهم الكابتن وأثينا .. مسلسلات الـ 15 حلقة تسيطر على الموسم الرمضانى
  • «لعبة الحبار»عندما يطاردنا الماضي
  • نجل محمود البزاوي يهاجم صناع مسلسل "فهد البطل"
  • “جودر 2”.. Watch It تشوق الجمهور ببوستر جديد للنجم أحمد بدير
  • مسلسل “فهد البطل”.. Watch It تكشف عن شخصية “نادر” التي يجسدها حمزة العيلي
  • مي عمر تشارك جمهورها الصورة الترويجية لمسلسل إش إش
  • المخرج أحمد خالد موسى يكشف عن البوسترات الدعائية لمسلسل "العتاولة 2"