خبراء لـ"الرؤية": مخرجات "معًا نتقدَّم" ترسخ لثقافة الحوار وتبني جسور الشراكة في نهضة الوطن
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
◄ الفهدي: الحفاظ على الهوية الوطنية صونٌ للوطن.. ولا هوية دون قِيَم
◄ "معًا نتقدَّم" فكرة رائدة تعزز لغة الحوار بين المجتمع وصُنّاع القرار
◄ العليان: القوة الناعمة في صلب أدوار وزارة الإعلام لتعزيز مكانة الدولة في مختلف المحافل
◄ الوهيبية: ملتقى "معًا نتقدَّم" برلمان عُماني شبابي مفتوح
الرؤية- ريم الحامدية
ثمَّن خبراء ومتخصصون نوعية الطرح الذي شهده ملتقى "معًا نتقدَّم"، والذي شهد تأكيدات صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، على مسألى الهُوِيَّة العُمانية وضرورة التمسك بالعادات والتقاليد العُمانية الأصيلة، وعدم إفساح المجال للتأثر بالتغيُّرات في السلوكيات التي تحدث في بعض الدول، وأن ننطلق في توجهاتنا الوطنية من القيم والثوابت المُتجذِّرة في الوجدان والوعي المجتمعي، فضلًا عن اعتبار هذه الهُويَّة مُكوِّنًا رئيسًا في بُنيان الدولة الوطنية.
وأشادوا في تصريحات خاصة ل"الرؤية"- بما أطلقه الملتقى من نقاشات ومشروعات لتعزيز القوة الناعمة لعُمان، والتي شدد عليها معالي الدكتورعبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام، عندما كشف عن اعتزام الوزارة إطلاق مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة، بهدف ترسيخ مكانة عُمان التاريخية، وإبراز دورها الحاضر في تقدم البشرية.
من جهته، قال المكرم الدكتور صالح الفهدي عضو مجلس الدولة والخبير في قضايا المواطنة والتربية، إن الحديث عن الهُوية الوطنية حديثٌ عن صميمِ وطن، فلا وطنَ بلا هوية، ولا هوية بلا قيم، هكذا نختصرُ القول، مشيرًا إلى أنه أطلق هذا الطرح كثيرًا منذ سنوات طويلة حيث أكد أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية. وأضاف أن التركيز عليه في الوقت الراهن يمثل خطوة بالغة الأهمية في ظل الأخطار التي تتغلغل في مجتمعاتنا التي تعتزُّ بهوياتها العربية الإسلامية المحافظة على دينها وأعرافها وعاداتها وتقاليدها وأخلاقياتها وتقاليدها. وأشار الفهدي إلى أهمية ترسيخ الهوية الوطنية، لا سيما من المؤسسات المعنية بذلك، مؤكدًا أن ذلك يتطلب عملًا منظمًا وجهدًا عظيمًا ليس على صعيد الأوراق وإنما على صعيد الواقع العملي المعاش. ومضى الفهدي يقول "لا يمكن فصل الهوية الوطنية العمانية بمعزل عن القوة الناعمة؛ فالهوية العمانية هي في الحقيقة جوهر القوة الناعمة ويجب أن توضع في محورها الأَساس الذي يُشتغلُ حوله".
وعن ملتقى "معًا نتقدم" يقول الفهدي إن الملتقى في حدِّ ذاته فكرة رائدة مهمة في سياق التحاور مع المجتمع بجميع أطيافه، وفئاته، وهو الملتقيات المميَّزة التي تنقلُ الهواجس التي تختلج في أنفس الكثير من المواطنين، لتصل وبصورة مباشرة دون عائق إلى المسؤولين المعنيين، فيشكل الملتقى أشبه ما يكون بغرفة عمانية يلتقي فيها أبناء الوطن يتحدثون في نطاق واحد هو مصلحة عمان وحدها، وبلغة بسيطة غير معقدة، وبمستوى رفيع من الشفافية، فحين تقفُ طالبة أمام وزيرة التربية والتعليم أو أمام وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار فتعبِّران عن بعض ما يهم الطلبة، فإِن ذلك يرصِّف الطريق إلى التقدم معًا نحو الأفضل الذي هو طموح العمانيين.
وأعرب الفهدي عن أمله في تفعيل مخرجات هذا الملتقى، ووضع توصياته والآراء والنقاشات التي جرت خلال جلساته الحوارية أو في كلمات المتحدثين، موضع التنفيذ في الخطط المستقبلية.
فيما عبر الكاتب والباحث عبد الله العليان أن عالم اليوم بات منفتحًا على الأفكار والرؤى والتطورات، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والتقني المتعددة، وأصبح هذا العصر متقارب جغرافيًا من حيث التواصل التقني والإعلامي، مشيرًا إلى أن هذا التقارب له إيجابياته وله سلبياته معًا، من حيث تعدُّد المعارف المختلفة عبر هذه الوسائل والتقنيات، التي أصبحت متاحة لكل الأجيال وفي كل القارات. وأكد ضرورة الاهتمام بمسألة الهوية، وذلك من خلال ترسيخ القيم في المجتمع العماني، مشيرًا إلى الاهتمام السامي بهذه القضية وتأكيدات جلالة السلطان على ضرورة تربية الأبناء التربية السليمة، واكتسابهم القيم من الدين الحنيف والحفاظ عليها.
وشدد العليان على أن الحفاظ على الهوية الوطنية، يعني الحفاظ على مقومات الوطن والمواطن وقيمه وعاداته، وعلى بناء هذه الهوية على أسس متينة ورصينة وواعية بالأفكار الدخيلة في مجال القيم، وقابلة للأخذ والعطاء. وأضاف: "لا شك أن عالمنا اليوم يواجه تحدي الاختراق الثقافي والفكري، ونحتاج أن لا نغفل هذا التحدي الضخم المعزز بتقنيات كبيرة، ولذلك لا بد أن نستمد من زادنا المعرفي القيم الذاتية للشباب".
وتحدث العليان عن الجلسة الثالثة من ملتقى "معًا نتقدم" بعنوان "الإعلام والهوية الوطنية"؛ حيث شدد معالي الدكتور عبد الله الحراصي وزير الإعلام في هذه الجلسة على أن الثقافة والهوية أصلان من أصول بناء الدولة، وأن سلطنة عمان بلد متعدد التضاريس والبيئات، وكل بيئة لها أثر أساسي على الإنسان، وأن عمان بلد عريق أسست فيه الأمة الدولة وليس العكس. وأشاد العليان بما طرحه معالي وزير الإعلام بشأن إطلاق مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة يشملان «الثقافة والرياضة والإعلام والهوية» ومشروع تعظيم المكانة التاريخية والحضارية لسلطنة عمان ونقله للأجيال القادمة". وأكد العليان أن هذه الخطوة مهمة جدًا للهوية الوطنية والحوار البناء والثقافة والتاريخ العماني بكل ما يملكه مآثر رائعة، وتفعيل قنوات الحوار مع النخب الفكرية والثقافية والإعلامية، وكذلك مع الشباب، ليضاف إلى ما تم طرحه من برامج مع الشباب كما هو قائم ومستمر؛ سواء في مجال تعزيز وتعظيم المكانة التاريخية، أو مواجهة التحديات التي تجتاح العالم في مجال الثقافة والهوية والقيم وكل جديد يتم التفاعل معه وفق القوة الناعمة.
وقال العليان إن القوة الناعمة إيجابياتها كبيرة وعظيمة في المجتمع، وهي عكس القوة الصلبة التي ليست مجال اهتمام وزارة الإعلام، التي عادة ما تكون في الأزمات والتوترات والصراعات، مشيرًا إلى أن القوة الناعمة تعزز الوئام والسلام المجتمعي وتقوّي بنيانه، وتدعم جهود بناء الذات على أسس قويمة وراسخة ومفيدة، مع استقامة سلوكية وفكرية واضحة.
وعبر العليان عن شكره وتقديره لإعلان معالي وزير الإعلام عن إطلاق هذين المشروعين، بما يمثلانه من إيجابيات للوطن وقوته الذاتية المتفاعلة.
برلمان مفتوح
من جهتها، وصفت الدكتورة بدرية الوهيبية رئيسة صالون المواطنة الثقافي ملتقى "معًا نتقدَّم" بأنه "برلمان عماني شبابي مفتوح"، مشيرة إلى أهميته لأنه يمثل ترجمة للتوجيهات السامية، ويسعى لفتح قنوات تواصل بين الحكومة والمجتمع، واستعراض الخطط الاستراتيجية والمبادرات والبرامج الوطنية في حوار شفاف وواضح بين المواطن والمسؤول. وأضافت الوهيبية أنه لتحقيق التواصل المجتمعي من أجل المشاركة الفعالة في بناء التنمية، جاء الملتقى بأدوات حديثة لتحقيق هذا التواصل؛ سواء بطرقة مباشرة مع مختلف فئات المجتمع في جلسات حوارية حملت طابع الشفافية أم عن طريق المشاركة الافتراضية عبر وسائل التواصل الاجتماعية، وهو بذلك يحقق البرلمان العماني الشبابي المفتوح تحت رعاية صاحب السمو ذي يزن بن هيثم آل سعيد، مشيرة إلى أن الملتقى عقد هذا العام في حلة جديدة تركز على تلبية احتياجات الشباب؛ كونهم ثروة الوطن، إلى جانب المشاركة اللافتة لجميع فئات المجتمع ومنهم الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
وأوضحت الوهيبية أن هذا الملتقى أنموذج حواري تميزت به عُمان، عن باقي الدول، وقد حقق هذا الملتقى أهدافه قبل أن يُنهي جلساته من خلال مناقشة المختصين والمهتمين وعدد من كبير من الحضور، وطرح مقترحاتهم وآرائهم واهتماماتهم والتحديات التي يواجهوها بشكل مباشر، مع كبار المسؤولين في الدولة. واعتبرت أن الملتقى مثل فرصة ثمينة لطرح الأفكار الابتكارية من قبل الشباب التي تسهم في دعم القرارات والسياسات الحكومية، مشيرة في هذا السياق إلى مبادرة "صناع الأفكار" والتي انطلقت ضمن محورين تعزيز الهوية الوطنية والانتماء وأدوات التواصل بين الحكومة والمجتمع. وقالت إن الملتقى ناقش العديد من الأفكار والأطروحات والمشروعات في جميع المجالات؛ سواء في المجالات التعليمية التي طرحت مشروعات عن جودة التعليم، وتحسين المباني الدراسية، وتعزيز كفاءة المعلمين، وتوظيف المختصين في المجالات التقنية لتواكب النقلة المعاصرة في مجال الثورة الصناعية الرابعة، والتقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي. وزادت قائلة إن الملتقى شهد نقاشًا حول ملف العمل والابتكار، وإيجاد فرص عمل لأكثر من 35 ألف باحث عن عمل، مع الحديث عن تبني المشروعات الصغيرة والمتوسطة لدعم الباحثين عن عمل، إلى جانب النقاش حول أبرز المشروعات الصحية ومنها مركز الإخصاب.
وذكرت الوهيبية أن اليوم الثاني من الملتقى استهدف التركيز على محاور الثقافة والهوية العمانية والإعلام، والتي تعد من أهم ركائز القوة الناعمة؛ كونها تحمل التاريخ والقيم العمانية والثراث والتعليم والابتكار والصناعات الثقافية والإبداعية والفنون المختلفة والرياضة. وأشارت إلى تصريحات صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب والتي أكد فيها أن "المواطنة الصالحة نصب أعيننا"، وأن "سلطنة عمان متمسكة بعاداتها وتاريخها وثقافتها وتراثها دون أن يعني ذلك أننا غير منفتحين على العالم"، إذ أكد سموه أن عُمان كانت وما تزال منفتحة على العالم، وأنها تواصل مد يد العون والصداقة لما فيه مصلحة سلطنة عمان والإنسانية".
ولفتت الوهيبية إلى أنه في مجال الهوية العمانية والإعلام، ركزت النقاشات على المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية، في رسالة واضحة أن التقدم يجب ألّا يتعارض مع القيم والمبادئ العمانية الراسخة، والموروث الثقافي والحضاري لسلطنة عُمان؛ إذ إن السلطنة اهتمت بإحياء الموروث في قطاع السياحة، والاستفادة منه اقتصاديًا، خاصة وأن الشباب العماني أبدع في مجموعة من المشروعات التي ارتكزت على توظيف الموروث وإحيائه بطرق إبداعية رائعة، ابتداءً من المشروعات الإنتاجية مثل مشاغل الحلي والفضيات العمانية والصناعات الثقافية، مرورًا بتطوير المنازل القديمة وتحويلها إلى متاحف ومزارات.
وأكدت الوهيبية ضرورة التركيز على هذا الجانب من منطلق حماية التراث الثقافي الوطني والقيم والعادات والتقاليد، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لما يتضمنه من توظيف للسياحة الثقافية، وإنتاج المبادرات والصناعات الثقافية والإبداعية وإضفاء الهوية الوطنية عليها وإكسابها قيمة مضافة وميزة تنافسية،
وأشادت الوهيبية بالكشف عن مشروعين استراتيجيين للقوة الناعمة يشملان «الثقافة والرياضة والإعلام والهوية» ومشروع تعظيم المكانة التاريخية والحضارية لسلطنة عمان ونقله للأجيال القادمة، وكذلك تطوير مختلف المؤسسات الإعلامية المحلية؛ لتواكب التقدم الإعلامي المعاصر عبر استخدام الأدوات الحديثة للإعلام بما في ذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في المجال الإعلامي، حسب تأكيدات معالي وزير الإعلام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الثقافة والریاضة الهویة الوطنیة القوة الناعمة وزیر الإعلام الحفاظ على مشیر ا إلى فی مجال إلى أن
إقرأ أيضاً:
"معًا نتقدم".. النسخة اللامركزية في ظفار
د. عبدالله باحجاج
العنوان أعلاه بمثابة مُقترح نُقدِّمه لتتبناه كل مُحافظة على غرار الملتقى السنوي "معًا نتقدَّم"، والذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقد جاءتنا فكرة المُقترح من تنظيم المجلس البلدي بمُحافظة ظفار لقاءً سنويًا تعريفيًا لعدد من المؤسسات الحكومية في ظفار، وفي عام 2024 أُقيم اللقاء السنوي تحت رعاية صاحب السُّمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، وفي الخامس من مارس الماضي عُقد اللقاء بحضور سعادة رئيس بلدية ظفار.
انحصرت جلسات ذلك اللقاء على فروع ومكاتب الوحدات الحكومية في المحافظة، بحضور أعضاء المجلس البلدي، ويشهد كل لقاء سنوي استعراض أبرز المشاريع المُنجَزة خلال عام، والكشف عن الخطط المستقبلية لفروع ومكاتب الوحدات. وهي جلسات مُغلقة بمعنى أنها محصورة على مُمثلي تلكم الجهات دون مشاركة المجتمع المحلي مباشرة. فلماذا لا تكون هذه اللقاءات السنوية على غرار ملتقى "معًا نتقدَّم"، بحيث يُدعى لها الفاعلون في المحافظة من كُتَّاب وإعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني ومهتمين بالشأن المحلي العام، وأن تكون تحت رعاية المحافظ؛ أي تحويل اللقاء السنوي إلى منصة حوار حول المُتحقَّق من الإنجازات والمُخطَّط له على المدى الزمني القصير.
هذه فرصة تُتاح للجهات الحكومية- المركزية واللامركزية- للتعريف بإنجازاتها، والكشف عن خططها، وتوضيح مُسوِّغات خياراتها التنموية والخدمية أمام الرأي العام المحلي؛ لأنَّ أي خيار تنموي أو خدمي من المؤكد له مبرراته العقلانية والوطنية، ولا بُد أن تصل للرأي العام المحلي، كما سنخرج من النقاشات بآراء بنَّاءة يُمكن الأخذ بها في خطط التطوير المقبلة.
هنا تتجسَّد فلسفة وغاية "معًا نتقدَّم" على صعيد اللامركزية كالنسخة المطبقة على صعيدنا الوطني، وهذا يخدم مسار اللامركزية- نظام المحافظين- لتعزيز التشاركية المجتمعية المسؤولة في مساراتها التنموية والخدمية. وهذه التشاركية نعوِّلُ عليها كثيرًا في كسب الرضا الاجتماعي المحلي، وفي تفعيل أدوار المؤسسات اللامركزية الحكومية والمستقلة وفروع المركزية؛ حيث ستحرص كل جهة وفرع على تقديم المنجزات الجديدة وذات الجودة سنويًا؛ لأنها ستكون تحت الرقابتين السياسية والاجتماعية المباشرة.
معظم فروع ومكاتب المركزية واللامركزية الخدمية مثل البلدية والتجارة والصناعة والبيئة والسياحة والتربية والتعليم والعمل والثقافة والرياضة والشباب والتنمية الاجتماعية، تستعرض سنويًا إنجازاتها، والقليل منها يخرج للرأي العام، ولا يتفاعل معها لعدم وجود إعلام وصحافة ناقلة للحدث بعيون المواطن والوطن، وإنما بما اعتادت عليه التغطيات التقليدية، وبالتالي فإنَّ رسالة الإنجازات المؤسسية لا تصل للرأي العام بمضامينها ووفق سياقاتها الزمنية ومعايير خياراتها التنموية، ولا تدفع بالفاعلين الذين شرفوا وتشرفوا بحمل الأمانة الوطنية على الإبداع وعلى الحرص على تقديم إنجازات نوعية وكمية كل سنة.
ولو أخذنا مثلًا عرض إنجازات بلدية ظفار؛ فهناك فعلًا ما يستحق التشاركية التفاعلية، فعرضها التفصيلي حول مشاريع البنية الأساسية، والتعرف على آخر مستجدات مشروع "بوليفارد الرذاذ" في منطقة إتين بصلالة الذي يُعد من أبرز المشاريع السياحية التي ستُعزِّز القطاع السياحي؛ هل وصلت رسالة إنجازاتها للرأي العام المحلي والوطني؟ التساؤل نفسه يُطرح على إنجازات فروع وزارات الصحة والتنمية الاجتماعية والعمل في محافظة ظفار؟ والسبب أنَّ عرض الإنجازات يجري في جلسات غير تشاركية. فكيف نكسب الرضا الاجتماعي في ظل هذا الانغلاق؟!
مثال آخر للاستدلال به، أنه في جلسة استعراض الجهود في ملف الأمن الغذائي ودور منطقة النجد فيه، استلزمت دواعي المصلحة الوطنية إثراء النقاشات ومعرفة حجم النسب المئوية المتحققة من أهداف وخطط الدولة في جعل النجد الظفاري، يمثل سلة غذاء متكاملة، وهنا كان ينبغي أن يُسمع صوت الرأي الآخر.
ومما سبق تتجلى مشروعية مقترحنا تطبيق تشاركية "معًا نتقدَّم" على صعيد كل محافظة وبصورة سنوية، وتحت رعاية المحافظين، لكي تصل المنجزات السنوية إلى الرأي العام، ومن ثم كسب الرضا الاجتماعي، والمساهمة الاجتماعية المباشرة في إنضاج الإنجازات والخطط، وحمل الفاعلين على تقديم الجديد كل سنة؛ لأنهم سيكونون تحت الرقابة الاجتماعية التي ستحفز الجهود على تقديم الجديد بجودة عالية.
ولماذا تحت رعاية المحافظين؟ لأن نظام المحافظين يجعل كل محافظة وحدة مُستقلة ماليًا وإداريًا يُمثِّلُها المحافظ، والمتأمِّل في ديناميات أو قوى كل واحدة منها، سيجد أنها ذاتها على الصعيد الوطني، لكنها بصورة تعكس توجهات البلاد نحو اللامركزية. ففي كل محافظة، محافظ ووالٍ ومجلس بلدي وأعضاء بمجلس الشورى وفروع لغرفة تجارة وصناعة عُمان ومؤسسات المجتمع المدني الزراعية والاجتماعية والمهنية والثقافية والصحفية.. إلخ، فلماذا لا تُشرَك في مثل هذه النقاشات المسؤولة تحت رعاية المحافظ؛ باعتباره رئيس الوحدة ومسؤول النظام اللامركزي في المحافظة؟!
الفصل الرابع الخاص بالمحافظ في قانون نظام المحافظات، بالمادة 11، نقرأ عن اختصاصات المحافظ أنه يتولى "التنسيق مع رؤساء الوحدات الحكومية بشأن أداء فروعها ومكاتبها في المحافظة في ضوء التقارير المرفوعة إليه من الولاة"، كما إن من صلاحيات الولاة حسب المادة 13 من ذات القانون "متابعة أداء فروع ومكاتب الوحدات الحكومية الأخرى في الولاية، ورفع تقارير دورية بشأنها الى المحافظ".
ومما تقدَّم تظهر الحاجة الوطنية في أولويتها اللامركزية، لنسخ فلسفة وغاية ملتقى "معًا نتقدَّم" من على المستوى الوطني الى المحافظات، لكي تُصبح قناة اتصالية تشاركية بين بين الأطراف سالفة الذكر في كل محافظة، لكسر الفجوة الفاصلة بين جهود ونتائج المركزية واللامركزية في كل محافظة، ومعرفة أفكار ومقترحات كل مجتمع محلي بشأن المُتحَقَّق والمُخطَّط، وهذا من دواعي تعزيز الإدارة المحلية، تماهيًا مع نظام اللامركزية وتفعيله، من حيث التطبيق من جهة، والاعتداد بالبُعد الاجتماعي لكل محافظة من جهة ثانية، ولأن التقدُّم في حقبة مُتغيِّرة تحتمه التشاركية بمنطق "معًا نتقدَّم".
رابط مختصر