شتيرن منظمة صهيونية متطرفة شاركت في مذبحة دير ياسين
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
منظمة "لحمي حيروت إسرائيل" أو (المحاربون من أجل حرية إسرائيل)، وتعرف اختصارا بـ"ليحي" أو "شتيرن" نسبة إلى مؤسسها أبراهام شتيرن، إحدى أكثر المنظمات اليهودية المسلحة تطرفا في تاريخ إسرائيل، شاركت في مجزرة دير ياسين، وخاضت صراعا مسلحا ضد بريطانيا واغتالت وزيرها المقيم لشؤون الشرق الأوسط.
النشأة والتأسيستأسست عام 1940 بعد انشقاق أبراهام شتيرن عن منظمة الأرغون التي كان يشغل عضوية قيادتها العليا، وأطلق عليها اسم "لحمي حيروت إسرائيل" أي (المحاربون من أجل حرية إسرائيل) وتسمى اختصارا "ليحي"، لكنها اشتهرت أكثر باسم مؤسسها شتيرن.
انتهجت السرية في العمل، وبدأت بتوزيع منشورات تعرّف بأفكارها وكيفية صنع الأسلحة والمتفجرات للتحريض على الفلسطينيين، وتشير المصادر إلى أن العديد من أعضائها تلقوا تدريبات عسكرية في إيطاليا الفاشية وعلى يد مدربين بولنديين.
الفكر والأيديولوجياتبنت المنظمة فكرا متطرفا حتى بالنسبة للمنظمات اليهودية المعاصرة لها وسعت إلى تطبيقه بشتى الطرق، مما جعلها تميل إلى العمل المستقل بعيدا عن وصاية المنظمة الصهيونية العالمية، وحتى عن الهاغاناه التي كانت تصطدم معها أحيانا في بعض المواقف السياسية.
ورفعت حلم إنشاء "دولة إسرائيلية" من الفرات إلى النيل، ومن أجل ذلك تبنت الحرب على بريطانيا -وهي تحارب العدو المشترك ألمانيا النازية- حتى تنسحب بالكامل من أرض فلسطين باعتبارها أرض اليهود.
كما أنها تبنت التعاون التكتيكي مع أي جهة تقف إلى جانبها في عملياتها العسكرية ضد الانتداب البريطاني الذي رأت فيه عائقا أمام الإسراع في تحقيق حلم قيام "الدولة الإسرائيلية".
الأعلام والرموزيعتبر مؤسس المنظمة أبراهام شتيرن أشهر رموزها وارتبطت باسمه، وكان معاديا للبريطانيين، ونفذت المنظمة في عهده العديد من الهجمات ضد سلطات الانتداب، وامتد الصراع بعد مقتله إلى أوروبا والولايات المتحدة.
وهو يهودي من أصل بولندي ولد عام 1907 وجاء إلى فلسطين عام 1925، درس في القدس وحصل على منحة لدراسة اللغات والأدب الكلاسيكي في جامعة فلورنسا بإيطاليا، لكنه عاد إلى فلسطين عام 1929 للعمل ضمن عصابات المستوطنين، وكُلف بشراء أسلحة من الدول الأوروبية، ويقول أنصاره إن المحققين البريطانيين قتلوه بالرصاص بعد القبض عليه في مكان اختبائه داخل شقة في تل أبيب يوم 12 فبراير/شباط 1942.
كما يعد إسحاق شامير -وهو من مواليد 1915 في بولندا وتوفي عام 2012 في إسرائيل- الشخصية الثانية في منظمة شتيرن، وتولى قيادتها بعد مقتل مؤسسها، وقاد فترة من الصراع مع البريطانيين خلال الأربعينيات.
وبعد قيام إسرائيل عمل شامير في الموساد، ثم انتخب في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، وتولى منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي لفترتين منفصلتين خلال الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الـ20.
مجازر واعتداءاتتعتبر مجزرة دير ياسين -التي استهدفت القرية الواقعة غربي القدس المحتلة يوم 9 نيسان/أبريل 1948- أبشع المجازر التي نفذتها منظمة شتيرن، وكانت بالتعاون مع منظمة الأرغون.
كان زعيم المنظمة إسحاق شامير أحد المشاركين في المجزرة، وكان يرى في المجازر أسلوبا فعالا لطرد الفلسطينيين وإبادتهم.
وتتداول بعض الروايات التاريخية أن الإسرائيليين ذبحوا بين 250 و300 فلسطيني ومثّلوا بالجثث وبقروا بطون الحوامل وجردوا البعض من ملابسهم وطافوا بهم في الشوارع اليهودية من القدس، حيث تعرضوا لسخرية المستوطنين اليهود وإهانتهم.
إسحاق شامير الشخصية الثانية في منظمة شتيرن وتولى قيادتها بعد مقتل مؤسسها أبراهام شتيرن (الأوروبية)في حين يرى مؤرخون فلسطينيون أن ضحايا المجزرة كانوا أقل من 100، وأن الإحصائيات الإسرائيلية تعمدت وقتها تضخيم عدد الضحايا، لبث الرعب في نفوس باقي الفلسطينيين بالقرى المجاورة لإجبارهم على الهروب من منازلهم.
كما نفذت شتيرن يوم 4 أبريل/نيسان 1948 ما عرفت بعملية "نسف" (السرايا القديمة) في مدينة يافا، والتي أدت إلى استشهاد 17 فلسطينيا وجرح أكثر من 100 ما بين شيوخ وأطفال كانوا في ملجأ للفقراء والأيتام، مما تسبب في نكبة يافا وأدى إلى هجرة كبرى بين سكانها الذين أدركوا بشاعة جرائم العصابات الصهيونية.
كما شاركت المنظمة في العديد من المجازر والاعتداءات وعمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين والتحريض عليهم.
حرب ضد بريطانياخاضت منظمة شتيرن حربا طويلة ضد الانتداب البريطاني ونفذت العديد من العمليات، فهي ترى أن زعماء اليهود خلال عهد الانتداب لم يكونوا يعرفون قول "لا" للبريطانيين الذين تعتبرهم عدوا يحتل الأرض ويعيق مشروع دولة إسرائيل.
وصل الصراع ذروته في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 1942، وهو تاريخ قتل البريطانيين مؤسس المنظمة، مما تسبب في إضعاف نشاطها، لكنها سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها واغتالت الوزير البريطاني المقيم لشؤون الشرق الأوسط اللورد موين في القاهرة يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1944.
وامتد الصراع مع بريطانيا إلى أوروبا والولايات المتحدة، حيث نفذت شتيرن العديد من العمليات، منها تفجير السفارة البريطانية بروما في أكتوبر/تشرين الأول 1946، وتوجيه رسائل مفخخة إلى العديد من كبار الشخصيات البريطانية، وغيرها، وبالمقابل لاحقت بريطانيا مسؤولي المنظمة في الداخل والخارج.
وفي مايو/أيار 1948 انضمت شتيرن إلى الجيش الإسرائيلي، ولكن جناحها العامل في القدس ظل متمردا وأطلق على نفسه اسم "جبهة الوطن"، وهو الذي نسق مع العصابات الأخرى لاغتيال أول وسيط للأمم المتحدة الكونت برنادوت يوم 17 سبتمبر/أيلول 1948.
أثار هذا الحادث حفيظة الكثير من حكومات العالم، وأجبر الحكومة الإسرائيلية على ملاحقة أعضاء منظمة شتيرن واعتقال قادتها، وحكم على اثنين منهم بالسجن 8 سنوات و5 سنوات على التوالي، ولكن سرعان ما أطلق سراحهما بعفو خاص.
المصيربعد فوز نتان فريدمان -وهو أحد المحكوم عليهم في اغتيال برنادوت- في انتخابات الكنيست الأولى عام 1949 عن قائمة المحاربين وقعت انقسامات في صفوف شتيرن فأصبحت 3 أجنحة.
تزعَّم الجناح الأول فريدمان الذي انضم في ما بعد إلى الهستدروت، وانضم الجناح الثاني إلى بعض الحركات اليسارية المتطرفة، وأسس الجناح الثالث الذي تتزعمه جمعية المحاربين القدامى.
وفي ما بعد اعترفت الحكومة الإسرائيلية بأن الخدمة العسكرية في صفوف شتيرن خدمة خاضعة للتقاعد، فصرفت لجميع الذين خدموا فيها رواتب التقاعد المستحقة لهم ومنحت بعضهم وسام محاربي الدولة، ثم ذابت المنظمة داخل الجيش الإسرائيلي بمرور السنين، كما صدر عفو عام في 1980 عن أعضاء شتيرن المدانين من القضاء.
وعلى الصعيد السياسي، لم يعد للمنظمة كيان قائم ولم ينبثق عنها حزب سياسي كما حصل مع منظمات أخرى، لكن أفكارها ظلت حاضرة بقوة، إذ تشكل إلهاما للعديد من عصابات المستوطنين التي ظهرت بعد قيام إسرائيل.
ومن خلال متحف "ليحي" أو بيت "يائير" -الذي أقيم في منزل بتل أبيب يُزعم أن شرطة الانتداب البريطاني قتلت فيه شتيرن- تقدم عروض عن حياة مؤسس المنظمة ونشاطها للزائرين من السياح والطلاب والتلاميذ وغيرهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العدید من
إقرأ أيضاً:
من دير ياسين إلى غزة.. آلة القتل الإسرائيلية مستمرة بحق الفلسطينيين
مع تكرار مشاهد الدمار والموت في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعالت أصوات الناشطين والسياسيين للتأكيد أن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير منذ عقود، بل استمرت في نهجها القائم على استهداف الأبرياء من الأطفال والنساء، وقصف المنازل ومراكز الإيواء.
ومع تواصل الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة بوتيرة متصاعدة، واستهدافها للأطفال والنساء بشكل رئيسي، أثارت هذه الهجمات موجة غضب واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث شبّه الناشطون ما يحدث في القطاع بمجزرة دير ياسين عام 1948، حين ارتكبت العصابات الصهيونية إحدى أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين.
وتعد مجزرة دير ياسين إحدى المجازر التي نفذتها عصابات الأرغون وشتيرن الإسرائيلية بدعم من البالماخ والهاغاناه في فجر التاسع من أبريل/نيسان 1948، لتهجير سكان القرية، وبث الرعب في القرى والمدن الأخرى. وكان معظم ضحايا المجزرة من المدنيين، ومنهم أطفال ونساء وعجزة، وخلفت -حسب المصادر الفلسطينيةـ نحو 254 شهيدا.
وتحكي المصادر التاريخية أن عناصر الأرغون وشتيرن كانت تفجر البيوت، وتقتل أي شيء يتحرك، وأوقفوا العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب إلى الجدران وأطلقوا عليهم النيران.
إعلانوتعليقا على استمرار آلة القتل الإسرائيلية رأى السياسي والأكاديمي الفلسطيني فايز أبو شمالة أن ما يحدث في قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي هو إرهاب متكرر ومتواصل منذ مذبحة دير ياسين عام 1948 وحتى عام 2024، في إشارة إلى استمرارية القوات الإسرائيلية ممارسة الإرهاب نفسه، وأن آلة القتل الإسرائيلية لم تتغير مع الزمن.
الإرهاب الإسرائيلي يتواصل من دير ياسين 1948 وحتى قطاع غزة 2024
مشهد الذبح والفراق الحزين يتكرر في فلسطين، وبصور مختلفه pic.twitter.com/8qzTNBezO3
— د. فايز أبو شمالة (@FayezShamm18239) December 17, 2024
من جهتها، أشارت الناشطة بلقيس عبر منصة "إكس" إلى أن الفاجعة والمآسي في غزة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل هي مشهد فلسطيني مستمر منذ مذبحة دير ياسين عام 1948، مضيفة أن الاحتلال لا يفرق بين كبير وصغير، إذ يستهدف الجميع بلا تمييز، مستدلة على ذلك بآخر جريمة ارتكبها، وهي قتل الرجل المعروف باسم "روح الروح"، الشاهد على مذبحة حفيدته، ثم قتله لإخفاء الحقيقة.
الفاجعة والمآسي لم تبدأ في 7 أكتوبر 2023
مشهد فلسطيني واحد، ما بين دير ياسين 1948 وغزة 2023، الاحتلال يقتل #روح_الروح pic.twitter.com/XqS7lmZHa8
— بْـلـْقِـيـِسْ★ (@Balqee1s) December 16, 2024
بينما قال الناشط خالد صافي إن الأطفال في غزة، عندما ينامون، لا يستيقظون، فهم ينامون على صدى القذائف وتحت سقف هشٍ من الخوف، وغالبا ما يكون نومهم الأخير. أحلامهم لا تكتمل، وأصوات ضحكاتهم تنطفئ تحت الأنقاض، وكأن النوم أصبح لديهم جسرا بين الحياة والموت.
وكتب الناشط تامر عبر منصة "إكس" "في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم سالمين، ثم إلى المدرسة الكبيرة، أو للاحتفال بالأعياد، أو التعبير والمرح مع عائلاتهم، في غزة، يضطر الأهالي إلى وضع أطفالهم في ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي لقطاع غزة بالكامل".
في الوقت الذي يخلد فيه أطفال العالم إلى النوم استعدادًا للذهاب إلى المدرسة صباحًا، أو للاحتفال بالأعياد، أو للعب والمرح مع عائلاتهم
في غزة، يحمل الأهالي أطفالهم إلى ثلاجات الموت، بعد أن قتلتهم إسرائيل في حربها ضد الإنسانية والتطهير العرقي بحق قطاع غزة pic.twitter.com/rM9aoY6oaf
— Tamer | تامر (@tamerqdh) December 20, 2024
إعلانبدوره، يتساءل الإعلامي والكاتب السياسي فايز أبو شمالة "أي نوع من الحكام هؤلاء الذين سمحوا للقتلة بأن يستبيحوا كل شيء في غزة؟ والأغرب أن شعوبنا جميعا تتحرق شوقا لتحرير غزة والقدس والأقصى وفلسطين. كيف وصلنا إلى هذا المستوى من البلادة؟".
كما علق أحدهم قائلا "444 يوما والبشرية تتفرج على المحرقة الصهيونية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة. قتل، تدمير، تهجير، إحراق. فأين العالم؟ أين أحرار العالم؟ لا تنسوا غزة، ففي كل ثانية يُقتل مئات الأطفال والنساء والشيوخ".
pic.twitter.com/ElWMl3OBp8
— أحمدصالحAhmd Saleh (@iahmedsalih) December 22, 2024
وأشار بعضهم إلى أنه ليس جديدا على الاحتلال استهداف الأطفال والنساء الفلسطينيين، ففكر الاحتلال الذي يرتكب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني مستمر منذ النكبة في عام 1948.
وأضاف ناشطون أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قصف المنازل ومراكز الإيواء بالصواريخ والقنابل بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء.
في السياق ذاته، ذكرت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي كثف من استهدافه للمنظومة الصحية في شمال قطاع غزة، وذلك بحصاره واستهدافه المباشر للمستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة خلال الساعات الماضية وإصراره بإخراجها عن الخدمة.
وأشارت الوزارة إلى أن القصف الإسرائيلي شمل جميع أقسام مستشفى كمال عدوان ومحيطه على مدار الساعة والشظايا تتناثر داخل ساحاته محدثة أصواتا مرعبة وأضرارا جسيمة.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدعم أميركي، حرب إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.