الذهب الأبيض في اختبار صعب.. الطلب العالمي على القطن المصري تحد كبير يواجه خطة تطوير صناعة الغزل والنسيج
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
يواصل قطار تطوير منظومة القطن فى مصر محطاته فى محاور عديدة، تتجه جميعها نحو دعم الخطة القومية التى تبنتها الحكومة ومؤسساتها المعنية للنهوض بالذهب الأبيض فى مصر، وإعادته إلى سابق عرشه، وقد حققت مؤسسات الدولة المعنية من خلالها تطورًا كبيرًا فى إدارة هذا الملف، تضمنت تحديث خطوط الإنتاج بالمصانع والمنشآت المستهدفة بأحدث التقنيات العالمية المتطورة، والبالغ عددها نحو 65 مصنعًا ومبنى خدميا على مستوى محافظات مصر، واستغلال ثروة مصر من المحالج القديمة بخطة تطوير جديدة تستهدف تحديثها بشكل يحقق الأهداف المطلوبة من منظمة التطوير، والبدء فى تبنى برنامجًا وطنيًا لتدريب وتأهيل العاملين فى قطاع الغزل والنسيج وصقل مهاراتهم بالخبرات العالمية فى مجال التصنيع والتجهيز والتسويق.
النهوض بزراعة القطن، كان على رأس محاور خطة الحكومة فى منظومة تطوير الذهب البيض، باعتبارها البداية الحقيقية لتطوير صناعة الغزل والنسيج فى مصر، وتلبية احتياجات المصانع الجديدة بالخامات المطلوبة من القطن، وقد تولت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى مسؤولية الارتقاء بهذا المحور عن طريق مجموعة من الإجراءات والخطوات المهمة على رأسها، البدء فى توفير الأصناف الجديدة ذات القيمة الاقتصادية العالية من تقاوى محصول القطن، توفير الميكنة الزراعية اللازمة لأعمال التجهيز والحصاد واستلام القطن بالمواصفات التى تضمن سلامة الخام، ?عم المزارعين بمنظومة إرشاد قوية للتعامل مع زراعة المحصول فى مراحله المختلفة، وحمايته من الأمراض والآفات التى تؤثر على إنتاجية المحصول، التنسيق مع وزارتى الصناعة وقطاع الأعمال لتسويق المحصول بالأسعار التى تناسب الظروف والتغيرات الاقتصادية والعالمية الصعبة، وتحقق العائد المناسب للمزارعين.
فى الحلقة الثالثة تنشر «الأهرام التعاوني» ملامح خطة النهوض بزراعة القطن التى تبنتها وزارة الزراعة الموسم المقبل 2024 ووجه بها الوزير السيد القصير، وذلك ضمن منظومة النهوض بصناعة الغزل والنسيج والقطن فى مصر، حيث بدأت المؤشرات فى التقرير الصادر من وزارة الزراعة والذى رصد حصاد المهمة المسندة إليها، بعد إعلانها الانتهاء من تداول ما يقرب من 78 ألف قنطار قطن حتى الآن، ووصول سعر القنطار فى آخر مزايدة نحو 17 ألف جنيه فى الإسكندرية، وذلك فى مزاد علنى شارك فيه 47 شركة تجارة قطن، من بينهم الشركة القابضة للغزل والنسيج التابعة لوزارة قطاع الأعمال، واستهدف المزاد بيع ما يقرب من 78 ألف و700 قنطار من القطن الزهر شاركت فيها نحو 9 محافظات، الإسماعيلية والشرقية وبورسعيد وكفر الشيخ والدقهلية والغربية والمنوفية والبحيرة ودمياط، شملت الأصناف، القطن «سوبر جيزة 86» والذى سجل سعره من 13210 إلى 14820 جنية للقنطار، القطن «إكسترا جيزة 92» والذى سجل سعره 14820 جنيها للقنطار.
ووفقًا لتقرير وزارة الزراعة، فقد سجل سعر القطن «سوبر جيزة 94» من 13620 إلى 15340 جنيه للقنطار، وسجل سعر القطن «سوبر جيزة 97» من 12410إلى 13500 جنية للقنطار، وسجل القطن «إكسترا جيزة 96» من 16620 إلى 17270 جنيه للقنطار، وقد كان لنصيب الشركة القابضة لقطاع الغزل والنسيج بوزارة قطاع الأعمال على 36 رسالة بإجمالى 15 ألف قنطار «زهر» بنسبة حوالى 20 % من إجمالى الكميات المتزايد عليها، حيث تم حساب إجمالى الكميات التى تم تداولها نحو 770 ألف قنطار لجميع الأصناف على مستوى المحافظات المستهدف بالوجهين البحرى والقبلي.
«منظومة تداول الأقطان فى مصر تشهد تطورًا كبيرًا خلال الفترة الأخيرة، وتسير وفق المخطط المحدد من الحكومة».. الدكتور مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية بمعهد بحوث القطن، كشف عن تفاصيل التطورات الجديدة فى منظومة تداول القطن الموسم الحالى 2023، حيث أكد أنه تم توفير 27 مركزا لتجميع القطن فى محافظات الوجه القبلي، والوجه البحرى 225 مركز، وقد تم تحديد نهاية موسم التوريد حتى آخر شهر فبراير لسنة 2024 وفقًا للقرارات التى أصدرتها اللجنة التنفيذية المعنية بمتابعة منظومة تداول الأقطان طبقًا للضوابط والاشتراطات?المحددة، مشيرًا أن المنظومة الجديدة تضمن تحقيق أرباح مجزية للمزارعين تتناسب مع تكاليف الإنتاج، وتحفزهم على التوسع فى زراعة محصول القطن خلال الفترة المقبلة.
«المنظومة الجديدة لتداول الأقطان تستهدف أيضًا توفير المواد الخام ومدخلات الإنتاج للمصانع الجديدة التى نفذتها الدولة ضمن منظومة تحديث قطاع الغزل والنسيج فى مصر».. الدكتور عمارة، قال إن تبنى الدولة خطة كبرى لتطوير قطاع الغزل والنسيج فى مصر يستهدف إحياء صناعة وطنية كبيرة تدعم الاقتصادى الوطنى للبلاد، وتوفر الآلاف من فرص العمل، كما أنها تلبى احتياجات السوق المحلى والعالمى من الصناعات النسيجية، خاصة وأن هناك استقرار كبير فى منظومة الزراعة فى مصر، حيث بلغت المساحات المنزرعة هذا الموسم 225 ألف فدان فى الوجهين الب?رى والقبلي، حيث ساهمت المنظومة الجديدة فى بيع الأقطان خلال مزادات علنية بشكل مباشر ودون وسطاء، مضيفًا أن وزارة الزراعة الفترة المقبلة تستهدف التوسع فى زراعة المحصول بما يلبى احتياجات السوق سواء المحلى أو العالمي.
سألنا المختصين عن خطة زراعة القطن فى مصر.. الدكتور محمد نجم رئيس الاتحاد العالمى لبحوث القطن، أكد أن تبنى الدولة منظومة جديدة لتسويق القطن ساهم خلال السنوات الماضية فى تحقيق طفرة فى زراعة المحصول وتنظيم عمليات تداول الأقطان فى مصر، وحققت تطورا كبيرا فى جودة ونظافة القطن المصري، إضافة إلى خطة تسعير عادلة تتناسب مع التغيرات السعرية للمحاصيل الزراعية على مستوى العالم، وأسوة بباقى المحاصيل الزراعية الإستراتيجية التى تبنتها الحكومة فى مصر بتوجيهات من القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، مضيفًا أن المزارعين استطاعوا فى موسم 2023 بيع القطن بأسعار عالية بعد ارتفاع أسعار الدولار، خاصة وأن كميات كبيرة من القطن المصرى تم تصديرها إلى الخارج لزيادة الطلب العالمى على المحصول المصرى والمعروف بالجودة العالية.
«زيادة سعر القنطار من المتوقع أنه سيكون بداية للتوسع فى زراعة المحصول موسم 2024، وذلك لسببين رئيسيين، الأول الطلب الكبير على خام القطن محليًا بسبب خطة المصانع الجديدة التى تبنتها الدولة فى منظومة التصنيع، السبب الثانى استمرار ارتفاع سعر الدولار والذى سيترتب عليه زيادة تصدير المنتجات إلى أسواق العالم».. استكمل الدكتور نجم كلامه حيث قال، إن تقارير رسمية أكدت أن ما يقرب من 40 % من إنتاج القطن تم تصديره إلى أسواق العالم فى موسم 2023 بعد الزيادات المستمرة فى أسعار الدولار الفترة الأخيرة، أما فى السوق المحلى فقد?وصل لأول مرة سعر القنطار فى بعض المحافظات لحوالى 17 ألف جنيه وهى زيادة غير مسبوقة فى سعر القطن فى مصر، مضيفًا أن سوق القطن فى مصر يشهد تحولًا كبيرة خلال الفترة الأخيرة ومن المتوقع أن يواصل الزيادة فى أسعاره على المستوى المحلى والعالمي.
«القطن منتج مطلوب عالميًا، ومصر تصدر لحوالى 23 دولة حول العالم، وهنا عندما نتحدث عن المحصول المصرى فإننا نذكر تاريخ كبيرة من الجودة والسمعة الطيبة سطرها الذهب الأبيض منذ أكثر من 200 سنة بدأت فى عهد محمد على باشا، وقد عرف القطن المصرى بجودته العالية على المستوى العالمى وتصدرت مصر وقتها قائمة الدول المنتجة والرائدة فى زراعة القطن».. استكمل رئيس الاتحاد العالمى لبحوث القطن كلامه، حيث أكد أن المنافسة فى سوق القطن حاليًا صعبة، وهناك دول اتجهت مؤخرًا إلى تبنى خطط كبرى للتطوير على رأسها الهند والصين وأمريكان وبنجلادش وغيرها، وهذا يعنى أن وجود خطة قوية لتطوير منظومة القطن زراعة وصناعة يتماشى مع التطور الكبير الذى يشهده سوق القطن فى جميع دول العالم، مشيرًا أن تحقيق التوازن بين احتياجات السوق المحلى والعالمى خطوة مطلوبة فى مصر تبدأ من التوسع فى زراعة المساحات السنوات المقبلة.
وعن دور الاتحاد العالمى لبحوث القطن فى النهوض بالمنظومة.. قال الدكتور محمد نجم إن الاتحاد هو كيان خدمى عالمى يستهدف أعضاءه من الدول المنتجة للذهب الأبيض وعددها 28 دولة، على رأسها مصر وأمريكا والهند وباكستان والبرازيل تم تأسيسه سنة 1939، حيث يقوم بدوره فى تقديم الاستشارات البحثية لأى دولة فى مجال زراعة القطن والتعامل مع مراحل إنبات المحصول، كما يوفر كافة المعلومات الإرشادية فى مجال التقنيات المتطورة فى الصناعة بشكل مجاني، كما يهتم الاتحاد ويتابع منظومة تحديث قطاع لغزل والنسيج والقطن فى مصر التى أطلقتها الحك?مة المصرية خلال السنوات الأربعة الأخيرة، ونجحت من خلالها فى تحقيق طفرة كبيرة فى النهوض بالمنظومة.
وأوضح أن الأزمة الروسية الأوكرانية والتغيرات المناخية ووقف سلاسل الإمداد فى قطاع الزراعة، كلها تحديات ساهمت فى نقص المعروض من الأقطان على المستوى العالمى خلال الفترة الأخيرة وأدت إلى زيادة الإقبال على المنتج المصري، بما يضع أمام الحكومة المصرية مطلبًا مهمًا وعاجلًا وهو رفع الحظر على نسبة التصدير المحددة إلى الأسواق العالمية من القطن، لتحقيق الاستقرار فى منظومة الزراعة وزيادة العائد من الدولار على الاقتصاد المصري، لكن فى نفس الوقت هذه الخطوة تحتاج إلى إيجاد حوافز قوية للمزارعين للتوسع فى زراعة المحصول، وتوف?ر الخام من القطن لاحتياجات السوق المحلى فى ظل المنظومة الجديدة التى تبنتها الدولة فى قطاع الصناعة، مشيرًا أن وجود الحوافز للمزارعين يدعم خطة تطبيق أساليب الزراعة النظيفة والمستدامة الخالية من الآفات والمبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية، وإنتاج قطن مصرى بأعلى المواصفات وخالى من الشوائب.
وحدد الدكتور محمد نجم مجموعة من التوصيات المهمة لضبط منظومة تسويق وزراعة وتصنيع القطن فى مصر، أهمها ضرورة التزام شركات القطاع الخاص بدفع المستحقات المطلوبة بوتيرة أسرع، إضافة إلى وضع شرطًا فى عقود المزايدات بضرورة وجودة ملاءة مالية للشركات قبل الدخول فى المزاد أو دفعها لـ»شيك» مقبول الدفع يضمن التزامها بدفع المستحقات فى المواعيد المحددة، حيث أن بعض الشركات التى قامت بشراء المحصول من المزاد لم تلتزم بمواعيد الدفع المحددة، مما يؤثر على منظومة تسويق القطن بشكل عام، وتأخر وصول المستحقات المطلوبة للمزارعين بشكل خاص، موضحًا أن الشركة القابضة لقطاع الغزل والنسيج والقطن التابعة لوزارة قطاع الأعمال هى الكيان الوحيد الملتزم بالمنظومة، وقد تلجأ فى بعض الأحيان إلى شراء الكميات المتبقية من الشركات المتعثرة لدعم الصناعة الوطنية.
تكثيف جهود وزارة الزراعة لتقليل نسب الشوائب فى القطن المصرى توصية مهمة يراها الدكتور محمد نجم خطوة فى الطريق الصحيح، ويؤكد أن تطبيقها يبدأ من توفير آلات الميكنة الزراعية لمزارعى المحصول وتطبيق السياسات المتطورة فى منظومة الجمع والحلج والجنى لضمان الحفاظ على جودة القطن، إضافة إلى أهمية دراسة ونقل التجارب العالمية الرائدة التى حققت نقلة كبيرة فى منظومة الزراعة والجمع الآلى والمتطور للمحصول على رأسها الهند والصين وباكستان، كما أن تعديل مواد القانون الخاصة بزراعة القطن خاصة وأنها قديمة منذ سنة 1926 دون تغيير، ?لا تناسب التطور الكبير الذى يشهده العالم فى المنظومة، مضيفًا أن تعديل القوانين لابد وأن يعيد النظر فى المواد التى عفا عليها الزمن، والخاصة بالأوزان المحددة والعبوات اللازمة وبعض النقاط الأخرى، حيث حدد القانون أن تتم تعبئة القطن فى عبوات «جوت»، وأن يتم التعامل مع البذور فى «مباخر».
من الناحية الأخرى أكد الدكتور وليد يحيى وكيل معهد بحوث القطن بمركز البحوث الزراعية، أن منظومة إنتاج التقاوى تشهد فى مصر طفرة غير مسبوقة فى إنتاج المحاصيل الزراعية الإستراتيجية، وفى محصول القطن على وجه التحديد، فقد نجح المركز فى إنتاج 6 أصناف جديدة خلال الست سنوات الماضية بمواصفات جيدة وحققت زيادة كبيرة فى إنتاجية المحصول، وهى زيادة غير مسبوقة فى تاريخ القطن، حيث ساهمت هذه الأصناف فى دعم منظومة الزراعة، وتشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة القطن خلال الفترة الأخيرة، وأتاحت فرصة إنشاء تجارب قوية تشرف عليها الحكومة فى مناطق العوينات وتوشكى والمغرة وبورسعيد والإسماعيلية، موضحًا أن التوقعات تشير إلى نجاح هذه التجارب خاصة وأن القطن محصول يتحمل الملوحة وظروف التغيرات المناخية التى يشهدها العالم.
«خطة النهوض بصناعة القطن التى تبنتها الحكومة فى مصر تساير بشكل كبير التطور الذى طرأ على القطاع الزراعي، لكن نجاح المنظومة يحتاج إلى دعم المزارع فى مصر بالميكنة الزراعية المطلوبة خاصة وأنها مكلفة وتستنزف ما يقرب من 60 % من تكاليف الإنتاج، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على المزارعين فى ظل الظروف والتحديات الاقتصادية الصعبة التى تواجه العالم، إضافة إلى ضرورة تكثيف الحملات الإرشادية والتوسع فى الحقول النموذجية لزراعة القطن لتوفير الممارسات الجيدة للمزارعين فى المحافظات المستهدفة، وتشديد الرقابة على منظومة التسويق و?داول الأقطان لنجاح المنظومة، خاصة مع الطفرة الكبيرة التى شهدها موسم 2023 والتى لم تشهدها مصر منذ 200 سنة بعد أن تضاعف سعر القطن من 12.5 ألف جنيهًا للقنطار إلى 17 ألف جنيه.
وعن مستقبل محصول القطن فى الموسم القادم، قال وكيل معهد بحوث القطن إن هناك توقعات بزيادة المساحات المنزرعة من القطن فى 2024 لحوالى 350 ألف فدان بعد الزيادات الكبيرة فى سعر الخام فى موسم 2023، ومع استمرار ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية فى مصر والعالم، كما أن دعم الدولة المستمر ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسى لمنظومة القطن خطوة داعمة لمستقبل زراعة المحصول خلال السنوات المقبلة، وتحديد خطة تسعير مناسبة تتماشى مع الزيادة غير المسبوقة فى أسعار مدخلات الإنتاج، وتحقق العائد المناسب للمزارع.
بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: خلال الفترة الأخیرة قطاع الغزل والنسیج المنظومة الجدیدة الدکتور محمد نجم احتیاجات السوق منظومة الزراعة وزارة الزراعة تداول الأقطان قطاع الأعمال السوق المحلى زراعة القطن محصول القطن بحوث القطن الحکومة فى ما یقرب من فى منظومة سعر القطن على رأسها إضافة إلى کبیرة فى ألف جنیه من القطن خاصة وأن موسم 2023 ا کبیر کبیر ا
إقرأ أيضاً:
الاحتفال باليوم العُماني للتبرع بالأعضاء.. ومبادرات لتطوير برنامج الزراعة
احتفلت وزارة الصحة، ممثلة بدائرة البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء، اليوم بفندق جراند هرمز في مسقط، باليوم العُماني للتبرع بالأعضاء، الذي يُصادف 19 ديسمبر من كل عام.
ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء ودوره الحيوي في إنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من فشل الأعضاء، بالإضافة إلى استذكار قيمة العطاء والتضامن في المجتمع العماني.
رعى الحفل سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي، وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية.
وأوضح الدكتور أحمد بن سعيد البوسعيدي، مدير البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء بوزارة الصحة، خلال ورقة عن أبرز إنجازات البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء والتطور الكبير الذي شهدته عمليات التبرع والزراعة في سلطنة عمان منذ تأسيس البرنامج قبل عامين، مع تزايد ملحوظ في عدد المتبرعين والعمليات الناجحة.
وأوضح الدكتور البوسعيدي أن عدد المسجلين كمتبرعين بالأعضاء بعد الوفاة عبر تطبيق "شفاء" بلغ أكثر من 17 ألف شخص، مما يعكس ارتفاع الوعي المجتمعي بأهمية التبرع بالأعضاء، كما أُجريت هذا العام 40 عملية زراعة كلى، منها 10 عمليات من متبرعين متوفين دماغيًا، بالإضافة إلى 9 عمليات زراعة كبد (اثنتان منها من متبرعين متوفين)، و60 عملية زراعة قرنية.
وأكد البوسعيدي أن هذه الإنجازات جاءت بفضل حملات التوعية التي نظمتها الوزارة في مختلف محافظات سلطنة عمان، والتي أسهمت في تعزيز وعي المجتمع بأهمية التبرع.
إشادة دولية
أشاد الدكتور براين ألفاريز، طبيب العناية المركزة ومدير برامج التعاون الدولي في مؤسسة DTI، بالتقدم الذي حققته سلطنة عمان في مجال التبرع وزراعة الأعضاء، واصفًا جهود سلطنة عمان بأنها "ملهمة"، وأعرب عن سعادته بالتعاون مع الفرق الطبية العمانية قائلًا: "التبرع بالأعضاء لا يقتصر على إنقاذ الأرواح فقط، بل يمنح المرضى فرصة لحياة طبيعية بجودة أفضل، مما يعزز الرعاية الصحية بشكل عام".
وأشار إلى أن نجاح زراعة الأعضاء يعتمد على سخاء العائلات التي توافق على التبرع بأعضاء أحبائها المتوفين دماغيًا، حيث تمنح هذه المبادرات المرضى فرصة جديدة للحياة وتحسن من جودتها، إلى جانب خفض تكاليف الرعاية الطبية المستمرة. كما أشاد بالزيادة الملحوظة في عمليات زراعة الكلى والكبد في سلطنة عمان، معربًا عن أمله في توسع البرنامج ليشمل زراعة القلب قريبًا.
وفيما يخص التعاون بين مؤسسة DTI ووزارة الصحة في عمان، أكد ألفاريز أن الاتفاقية الموقعة تمثل خطوة مهمة لتطوير البرنامج الوطني للتبرع بالأعضاء.
من جهتها، استعرضت الدكتورة سامية بنت سيف المزروعية، استشارية طب الطوارئ والعناية المركزة - أعصاب في مستشفى خولة، جهود سلطنة عمان في تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء، وإدراج التوعية بمفهوم التبرع بالأعضاء في المدارس والجامعات، مشيرة إلى التقدم الذي تم إحرازه في زراعة الكلى والكبد، مع وجود خطط مستقبلية لتوسيع البرنامج ليشمل زراعة أعضاء أخرى مثل الرئتين، مما يعزز من إمكانيات البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء.
قصص ملهمة
آية سليمان الصبارية، التي عانت من الفشل الكلوي، خاضت رحلة شاقة مع جلسات الغسيل الكلوي اليومية التي لم تقتصر معاناتها على الألم الجسدي فحسب، بل أثرت على تفاصيل حياتها اليومية، تقول آية: "كانت الحياة صعبة؛ لم أستطع الذهاب إلى المدرسة بانتظام، وكان السفر أمرًا معقدًا بسبب اعتمادي على جهاز الغسيل". عائلتها أيضًا عانت معها، حيث اضطرت والدتها لتلقي تدريب مكثف في مستشفى نزوى لتتمكن من مساعدتها في تركيب الجهاز وتنظيف موقع العلاج، إلا أن حياتها تغيرت تمامًا عندما تلقت العائلة خبرًا عن وجود متبرع متوفى دماغيًا.
تصف آية تلك اللحظة قائلة: "كانت مشاعري مختلطة بين الفرح والخوف. العملية غيرت حياتي؛ لم أعد بحاجة إلى الغسيل الكلوي، واستعدت قدرتي على العيش بحرية، ممتلئة بالأمل والتفاؤل".
وفي تجربة مشابهة، يروي محمد خميس العامري معاناته مع مرض تليف الكبد الذي أثر على صحته وقوته البدنية على مدار عام كامل. وفي 25 مايو 2023، تلقى اتصالًا من المستشفى العسكري يفيد بوجود كبد متطابق من متبرع متوفى دماغيًا، أجرى محمد عملية زراعة الكبد في المستشفى السلطاني، ويصف التحسن الذي طرأ على حياته قائلًا: "الحمد لله، بدأت صحتي تتحسن تدريجيًا واليوم أعيش بخير وعافية".
مبادرات
شهد الحفل إطلاق عدد من المبادرات، أبرزها التفعيل الرسمي لصفحة البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء على الموقع الإلكتروني لوزارة الصحة، وتدشين "بطاقة عطاء" التي تُمنح للمتبرعين أثناء حياتهم تقديرًا لدورهم الإنساني.
وفي ختام الحفل، كرم سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي المرضى والمشاركين في الدورة التدريبية حول التبرع وزراعة الأعضاء، التي نُفذت على مدار ثلاثة أيام، مؤكدًا أهمية تعزيز الجهود لتحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل.