لماذا كل هذا الخوف من التصدّي لعدوانية إسرائيل؟

ما الذي ستفعله مصر إذا تم جرّها إلى حربٍ مفتوحة قابلة للاشتعال والتمدّد في كل لحظة؟

هل ستقبل مصر بفتح الحدود حال لجوء فلسطينيين هاربين من المحرقة الإسرائيلية فتفتح بذلك باب النكبة الثانية؟

أم أنها ستتصدّى لهم مستعملةً القوة، وهذا احتمالٌ مستبعدٌ، لأنه سيكون بمثابة المشاركة في المحرقة؟

ليس مطروحا حاليا أن تعلن مصر الحرب، فهذا سيناريو مستبعد، وإن كان الواجب يقتضي الاستعداد له.

على مصر الاستفادة القصوى من التراجع السريع لمكانة إسرائيل في العالم وأن تستثمر ذلك جيداً، فمن بين الأسئلة المطروحة:

المطلوب من مصر الانتقال سياسيا ودبلوماسيا لمرحلة جديدة ومتقدّمة، تتسم بالجرأة الدبلوماسية وإظهار الحزم، والدفع نحو الأمام.

ستواجه إسرائيل الأسطول المدني عسكريا مثلما فعلت في سنة 2010، فماذا سيكون رد الدول العربية المتاخمة لفلسطين، وفي مقدّمتها مصر؟

كيف سيتم التصرّف مع التحالف الدولي لإغاثة غزّة الذي شرع في شراء سفن لحمل المواد الغذائية، والعمل على فتح كل المعابر بما فيها معبر رفح؟

ينبغي أن لا تبقى مصر عرضةً للإحراج من شعبها وشعوب المنطقة وترفض بقوة أن تكون ورقةً لحشر الشعب الفلسطيني في الزاوية وابتزاز مقاومته الباسلة.

* * *

أصبح هذا السؤال مطروحا بشكل غير مسبوق على مختلف الحكومات العربية والإسلامية بالخصوص. لهذا نعيد طرحه، ليس من باب المزايدة أو رغبة في إدخال المنطقة في دوّامة الحروب الاستعراضية.

إنما السؤال فرضته هذه اللحظة التاريخية وبطريقة درامية. لا يستمع نتنياهو لأحد، وتسير حكومته كالفيل في محلٍّ لبيع الخزف، يقتل ويهدم من دون مراعاة أي شيء، لا قوانين ولا مجتمع دولي ولا أخلاق.

يريدون هذه المرّة التخلّص من كل الفلسطينيين والعمل على تهجيرهم عبر رفح إلى سيناء رغم أنف الجميع، بمن فيهم مصر التي ينظر إليها العرب والعالم لمعرفة كيف ستتصرف خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

رغم تمسّك مصر باتفاقية كامب ديفيد، وحرصها على استمرار السلام مع إسرائيل، إلا أنه، في المقابل، قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وأكد رئيس أركان جيشها: "إما أن تبقى سيناء مصرية أو أن نموت على أرضها ولا نتركها لأحد".

مع ذلك، يتواصل تطاول الإسرائيليين على السيادة المصرية بأسلوبٍ مستفزّ، فهم يعلمون أن مصر هي الدولة العربية الأقوى والقادرة على المواجهة. ولكن هل استعدّت القاهرة حقّا للردّ على التحرّشات الصهيونية؟

القيادة المصرية أدركت خطورة التحدّي، وهي تتابع ما يحصل على حدود بلادها، ووصفته بتهديد أمنها القومي. وما إقدامها على تحريك دبّاباتها ووضعها على حدود رفح إلا دليل على حالة التعبئة من الجانب المصري الذي وجد نفسه مضطرّا لتوجيه بعض الرسائل الرمزية، عسى أن يفهمها الطرف المقابل، ويأخذها بالاعتبار.

مع أهمية ذلك، تبقى هذه المؤشرات غير كافية لردع الصهاينة عن التمادي في تنفيذ خططهم. فما الذي ستفعله مصر إذا تم جرّها إلى حربٍ مفتوحة قابلة للاشتعال والتمدّد في كل لحظة؟ هل ستقبل بفتح الحدود في حال لجوء هؤلاء الفلسطينيين الهاربين من المحرقة الإسرائيلية فتفتح بذلك الباب أمام النكبة الثانية؟ أم أنها ستتصدّى لهم مستعملةً القوة، وهذا احتمالٌ مستبعدٌ، لأنه سيكون بمثابة المشاركة في المحرقة؟

الحدث كبير ومتشعّب، ويحتاج ردوداً ترتقي إلى حجم الكارثة، فالتاريخ بصدد تسجيل مواقف الأطراف وأفعالها. صحيحٌ أن الذاكرة المصرية لا تزال تحتفظ بهزيمة 1967 التي ما زالت تفعل فعلها، فالقيادة الحالية تخشى كل خطوةٍ غير مدروسة من شأنها إدخال مصر وربما المنطقة في أوضاع معقدة ليست قادرةً على تحمّل نتائجها.

لكن في الآن نفسه يفترض، في هذا السياق، استحضار المتغيّرات التي حصلت منذ النكسة. هناك الانتصار الهام الذي تحقق في أكتوبر/ تشرين الأول 1973.

وهناك المثال القائم حاليا، وهو الصمود التاريخي الذي حقّقته المقاومة الفلسطينية، وهزّ كيان العدو وأفقده صوابه. صحيحٌ أن الحرب بين الجيوش مختلفة في طبيعتها وأدواتها عن مواجهة حركات المقاومة، وأن إسرائيل المدعومة أميركيا وبريطانيا ستكون قادرةً على توجيه ضرباتٍ مؤلمة.

لكن عبقرية الجيش المصري أثبتت تاريخيا قدرتها على مباغتة العدو، وخط بارليف مثال على ذلك. كما أن إسرائيل اليوم مختلفة كليا، وتعيش حالة ارتباكٍ غير مسبوقة.

ليس مطروحا حاليا أن تعلن مصر الحرب، فهذا سيناريو مستبعد، وإن كان الواجب يقتضي الاستعداد له. المطلوب من مصر الانتقال سياسيا ودبلوماسيا إلى مرحلة جديدة ومتقدّمة، تتسم بالجرأة الدبلوماسية وإظهار الحزم، والدفع نحو الأمام.

لئلا تبقى عرضةً للإحراج من شعبها وشعوب المنطقة. وترفض بقوة أن يستعملها الإسرائيليون ورقةً لمزيدٍ من حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية وابتزاز مقاومته الباسلة.

على مصر بالخصوص الاستفادة القصوى من التراجع السريع لمكانة إسرائيل في العالم وأن تستثمر ذلك جيداً، فمن بين الأسئلة المطروحة:

كيف سيتم التصرّف مع التحالف الدولي لإغاثة غزّة الذي شرع في شراء مجموعة سفن لحمل المواد الغذائية، والعمل على فتح كل المعابر بما فيها معبر رفح؟

ستواجه إسرائيل هذا الأسطول المدني عسكريا مثلما فعلت في سنة 2010، فماذا سيكون رد الدول العربية المتاخمة لفلسطين، وفي مقدّمتها مصر؟

*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر فلسطين غزة المحرقة إسرائيل نتنياهو السيسي كامب ديفيد المقاومة الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

العراق يطالب مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بوقف العدوان على غزة ولبنان

وجهت وزارة الخارجية العراقية عدة رسائل إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ردا على تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بالاعتداء على البلاد، وأن رسالة الاحتلال إلى مجلس الأمن تمثل جزءا من سياسة ممنهجة لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة.

وأضاف الخارجية العراقية أنه يجب اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان وإلزام الاحتلال بوقف العنف في المنطقة، وأن العراق كان حريصا على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار.

كما دعت الخارجية العراقية إلى تضافر الجهود لإيقاف التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية بنبأ عاجل منذ قليل.

 

مقالات مشابهة

  • لماذا كثفت إسرائيل هجماتها على لبنان بعد زيارة هوكشتاين؟
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • العراق يطالب مجلس الأمن بإلزام إسرائيل بوقف العدوان على غزة ولبنان
  • قرار المحكمة والأبعاد أكبر من التنفيذ
  • لماذا تركز إسرائيل جهدها الحربي على قضاء صور بجنوب لبنان؟
  • نيويورك تايمز: ما الذي يمنع اندلاع حرب واسعة بين إسرائيل وإيران؟
  • الأردن: إسرائيل تمنع المساعدات عن غزة في محاولة للتطهير العرقي
  • نائب أركان الجيش الأردني السابق: قرار اعتقال نتنياهو يزرع الخوف بين قادة إسرائيل
  • أمين عام حزب الله: إسرائيل اعتدت على العاصمة بيروت وردنا سيكون في وسط تل أبيب
  • خطرٌ كبير على إسرائيل... من أين يُطلق عناصر حزب الله الصواريخ؟