لماذا كل هذا الخوف من التصدّي لعدوانية إسرائيل؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
لماذا كل هذا الخوف من التصدّي لعدوانية إسرائيل؟
ما الذي ستفعله مصر إذا تم جرّها إلى حربٍ مفتوحة قابلة للاشتعال والتمدّد في كل لحظة؟
هل ستقبل مصر بفتح الحدود حال لجوء فلسطينيين هاربين من المحرقة الإسرائيلية فتفتح بذلك باب النكبة الثانية؟
أم أنها ستتصدّى لهم مستعملةً القوة، وهذا احتمالٌ مستبعدٌ، لأنه سيكون بمثابة المشاركة في المحرقة؟
ليس مطروحا حاليا أن تعلن مصر الحرب، فهذا سيناريو مستبعد، وإن كان الواجب يقتضي الاستعداد له.
على مصر الاستفادة القصوى من التراجع السريع لمكانة إسرائيل في العالم وأن تستثمر ذلك جيداً، فمن بين الأسئلة المطروحة:
المطلوب من مصر الانتقال سياسيا ودبلوماسيا لمرحلة جديدة ومتقدّمة، تتسم بالجرأة الدبلوماسية وإظهار الحزم، والدفع نحو الأمام.
ستواجه إسرائيل الأسطول المدني عسكريا مثلما فعلت في سنة 2010، فماذا سيكون رد الدول العربية المتاخمة لفلسطين، وفي مقدّمتها مصر؟
كيف سيتم التصرّف مع التحالف الدولي لإغاثة غزّة الذي شرع في شراء سفن لحمل المواد الغذائية، والعمل على فتح كل المعابر بما فيها معبر رفح؟
ينبغي أن لا تبقى مصر عرضةً للإحراج من شعبها وشعوب المنطقة وترفض بقوة أن تكون ورقةً لحشر الشعب الفلسطيني في الزاوية وابتزاز مقاومته الباسلة.
* * *
أصبح هذا السؤال مطروحا بشكل غير مسبوق على مختلف الحكومات العربية والإسلامية بالخصوص. لهذا نعيد طرحه، ليس من باب المزايدة أو رغبة في إدخال المنطقة في دوّامة الحروب الاستعراضية.
إنما السؤال فرضته هذه اللحظة التاريخية وبطريقة درامية. لا يستمع نتنياهو لأحد، وتسير حكومته كالفيل في محلٍّ لبيع الخزف، يقتل ويهدم من دون مراعاة أي شيء، لا قوانين ولا مجتمع دولي ولا أخلاق.
يريدون هذه المرّة التخلّص من كل الفلسطينيين والعمل على تهجيرهم عبر رفح إلى سيناء رغم أنف الجميع، بمن فيهم مصر التي ينظر إليها العرب والعالم لمعرفة كيف ستتصرف خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
رغم تمسّك مصر باتفاقية كامب ديفيد، وحرصها على استمرار السلام مع إسرائيل، إلا أنه، في المقابل، قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي وأكد رئيس أركان جيشها: "إما أن تبقى سيناء مصرية أو أن نموت على أرضها ولا نتركها لأحد".
مع ذلك، يتواصل تطاول الإسرائيليين على السيادة المصرية بأسلوبٍ مستفزّ، فهم يعلمون أن مصر هي الدولة العربية الأقوى والقادرة على المواجهة. ولكن هل استعدّت القاهرة حقّا للردّ على التحرّشات الصهيونية؟
القيادة المصرية أدركت خطورة التحدّي، وهي تتابع ما يحصل على حدود بلادها، ووصفته بتهديد أمنها القومي. وما إقدامها على تحريك دبّاباتها ووضعها على حدود رفح إلا دليل على حالة التعبئة من الجانب المصري الذي وجد نفسه مضطرّا لتوجيه بعض الرسائل الرمزية، عسى أن يفهمها الطرف المقابل، ويأخذها بالاعتبار.
مع أهمية ذلك، تبقى هذه المؤشرات غير كافية لردع الصهاينة عن التمادي في تنفيذ خططهم. فما الذي ستفعله مصر إذا تم جرّها إلى حربٍ مفتوحة قابلة للاشتعال والتمدّد في كل لحظة؟ هل ستقبل بفتح الحدود في حال لجوء هؤلاء الفلسطينيين الهاربين من المحرقة الإسرائيلية فتفتح بذلك الباب أمام النكبة الثانية؟ أم أنها ستتصدّى لهم مستعملةً القوة، وهذا احتمالٌ مستبعدٌ، لأنه سيكون بمثابة المشاركة في المحرقة؟
الحدث كبير ومتشعّب، ويحتاج ردوداً ترتقي إلى حجم الكارثة، فالتاريخ بصدد تسجيل مواقف الأطراف وأفعالها. صحيحٌ أن الذاكرة المصرية لا تزال تحتفظ بهزيمة 1967 التي ما زالت تفعل فعلها، فالقيادة الحالية تخشى كل خطوةٍ غير مدروسة من شأنها إدخال مصر وربما المنطقة في أوضاع معقدة ليست قادرةً على تحمّل نتائجها.
لكن في الآن نفسه يفترض، في هذا السياق، استحضار المتغيّرات التي حصلت منذ النكسة. هناك الانتصار الهام الذي تحقق في أكتوبر/ تشرين الأول 1973.
وهناك المثال القائم حاليا، وهو الصمود التاريخي الذي حقّقته المقاومة الفلسطينية، وهزّ كيان العدو وأفقده صوابه. صحيحٌ أن الحرب بين الجيوش مختلفة في طبيعتها وأدواتها عن مواجهة حركات المقاومة، وأن إسرائيل المدعومة أميركيا وبريطانيا ستكون قادرةً على توجيه ضرباتٍ مؤلمة.
لكن عبقرية الجيش المصري أثبتت تاريخيا قدرتها على مباغتة العدو، وخط بارليف مثال على ذلك. كما أن إسرائيل اليوم مختلفة كليا، وتعيش حالة ارتباكٍ غير مسبوقة.
ليس مطروحا حاليا أن تعلن مصر الحرب، فهذا سيناريو مستبعد، وإن كان الواجب يقتضي الاستعداد له. المطلوب من مصر الانتقال سياسيا ودبلوماسيا إلى مرحلة جديدة ومتقدّمة، تتسم بالجرأة الدبلوماسية وإظهار الحزم، والدفع نحو الأمام.
لئلا تبقى عرضةً للإحراج من شعبها وشعوب المنطقة. وترفض بقوة أن يستعملها الإسرائيليون ورقةً لمزيدٍ من حشر الشعب الفلسطيني في الزاوية وابتزاز مقاومته الباسلة.
على مصر بالخصوص الاستفادة القصوى من التراجع السريع لمكانة إسرائيل في العالم وأن تستثمر ذلك جيداً، فمن بين الأسئلة المطروحة:
كيف سيتم التصرّف مع التحالف الدولي لإغاثة غزّة الذي شرع في شراء مجموعة سفن لحمل المواد الغذائية، والعمل على فتح كل المعابر بما فيها معبر رفح؟
ستواجه إسرائيل هذا الأسطول المدني عسكريا مثلما فعلت في سنة 2010، فماذا سيكون رد الدول العربية المتاخمة لفلسطين، وفي مقدّمتها مصر؟
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر فلسطين غزة المحرقة إسرائيل نتنياهو السيسي كامب ديفيد المقاومة الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
بعد انتهاء مهلة الانسحاب.. لماذا تماطل إسرائيل في مغادرة الأراضي اللبنانية؟
أطلق المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، صباح اليوم الأحد، تهديدا جديداً إلى “سكان لبنان، ولا سيما سكان الجنوب اللبناني، يحظر عليهم الاقتراب من خط القرى ومحيطها في هذه المرحلة حتى إشعار آخر، وأن كل من يقترب من خط القرى يعرض نفسه للخطر”.
تحذيرات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جاءت متماشية في سياقها مع ما أعلنه رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمس الأول، الجمعة، أن إسرائيل لن تكمل انسحابها من جنوب لبنان بحلول مهلة الـ 60 يوما المحددة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إن "عملية انسحاب الجيش الإسرائيلي مشروطة بانتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان وتنفيذ الاتفاق بشكل كامل وفعال، بينما ينسحب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني".
مخالفة صريحة للاتفاقويعتبر القرار الإسرئيلي مخالفا لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 26 نوفمبر الماضي، والذي بدأ تنفيذ وقف إطلاق النار فجر اليوم التالي، والذي يقضي بانسحابه من الجنوب اللبناني خلال مدة 60 يوما.
وينص الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، وسحب إسرائيل قواتها تدريجيا من الجنوب باتجاه الخط الأزرق الحدودي مع إسرائيل خلال فترة تصل إلى 60 يوماً. وتنتهي فترة إلى 60 يوما، فجر الاثنين المقبل.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب لبنان بعد واحدة من أشرس الحروب التي شنتها إسرائيل على لبنان، والتي راح ضحيتها نحو 4069 شهيدا و16 ألفا و670 جريحا بينهم أمين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين.
اتهامات بسبب حزب اللهوتماطل الحكومة الإسرائيلية في تنفذ عملية الانسحاب الكاملة من الجنوب اللبناني بزعم أن لبنان لم تلتزم بتنفيذ أحد شروط الاتفاق والتي تنص على "انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان" وفرض "انسحاب حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني".
وتعمل الدولة اللبنانية على مواجهة القرار الإسرائيلي من خلال اتصالات مكثفة مع الإدارة الأمريكية الراعية لاتفاق وقف إطلاق لمطالبة واشنطن، باعتبارها الضامنة لتطبيقه، بإلزام تل أبيب بوجوب التقيُّد بحرفيته، خصوصاً وأنها تولت رعايته وترأس اللجنة الخماسية المشرفة على تنفيذه، وهذا ما يعرض مصداقيتها للاهتزاز في حال سماحها لإسرائيل بالتفلت منه.
أما حزب الله، فكان قد استبق قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي ببيان قال فيه إن "أي تجاوز لمهلة الستين يوما يعتبر تجاوزا فاضحا للاتفاق وإمعانا في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلا جديدا يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها جميع لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال" ويؤشر الرد إلى تراجع الحزب عن معاملته الندية للجيش الإسرائيلي كما كان يفعل قبل الحرب.
خروقات إسرائيلية مستمرةومنذ الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان ودخوله حيز التنفيذ، لم تتوقف إسرائيل عن شن عمليات على مناطق مختلفة في الجنوب اللبناني من خلال عمليات النسف والتفجيرات في البلدات الحدودية بالجنوب وآخرها في بلدتي حولا وكفركلا، حيث نفذ فيها عمليتي نسف لما تبقى من منازل فيها.
ونقلت القناة 13 الإسرائيلية وصحيفة "هآرتس" عن مصادر أمنية قولها إن إسرائيل "طلبت من إدارة ترامب بقاء الجيش في جنوب لبنان فترة غير محدّدة" وطلبت كذلك " الحفاظ على 5 نقاط عسكرية في الجنوب اللبناني"، في حين جزمت يديعوت أحرونوت بأن "نتنياهو يحاول تأخير تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بسبب ضغوط وزير المالية سموتريتش".
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت الأطراف المعنيين باتفاق وقف إطلاق النار في لبنان إلى احترام التزاماتهم "في أقرب وقت ممكن"، كما رحّب أيضاً "بالتقدم الذي تم إحرازه خلال الشهرين الماضيين، ولا سيما بفضل الانخراط المتواصل للقوات المسلحة اللبنانية في تنفيذ الشروط لتحقيق وقف إطلاق النار".