خيارات بايدن المعقّدة مع العراق
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
خيارات بايدن المعقّدة مع العراق
تعقيدات وصعوبات تدفع الرئيس بايدن لمحاولة تحقيق نجاحات ما، في سياساته، الخارجية أملاً في أن تحسن هذه النجاحات من أوضاعه الانتخابية الحرجة.
كيف سيؤثر الخيار الأمريكي في جهود بغداد لسحب القوات الأمريكية وقد بدأت مفاوضاتها قبيل أيام من تفجّر الهجمات المتبادلة بين العراقيين والأمريكيين؟
عبرت بعض المواقف الأمريكية عن قلق من فشل استراتيجية بايدن لاحتواء الصراع في قطاع غزة وأولوية إنهاء الحرب في غزة،
أرجعت وول ستريت جورنال اشتعال فتيل الصراع بين الولايات المتحدة والفصائل العراقية الموالية لإيران إلى «الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة».
اختار بايدن تجنب الصدام مع إيران، ضمن حرصه على الحيلولة دون تفجير حرب إقليمية، لكنه وجه ضربات موجعة لمواقع فصائل موالية لإيران في العراق وسوريا.
التحدي الأكبر الذي واجه بايدن، وحاول أن يجعله فرصة لتحسين أوضاعه الانتخابية كان السعي لأفضل الخيارات لمواجهة هجمات تتعرض لها القوات الأمريكية بالعراق وسوريا.
تعددت السيناريوهات التي جرى طرحها للرد على هذا الهجوم أمام الإدارة الأمريكية، تمحورت حول تيارين أساسيين ضاغطين على الرئيس الأمريكي الذي كان عليه أن يصل إلى أفضل الخيارات.
* * *
لم تكن الأحداث والتطورات الداخلية الأمريكية محدداً محورياً للسياسة الخارجية الأمريكية، كما هي الآن، خاصة السياسة الأمريكية نحو الشرق الأوسط.
فالظروف الانتخابية شديدة التعقيد التي تواجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، سواء من ناحية تدني مؤشرات الدعم التي يحصل عليها من الرأي العام الأمريكي، لأسباب كثيرة منها الانقسام الداخلي حول سياساته الداخلية، واحتلال «عامل السن» للمرشحين للرئاسة مكانة بارزة في الحملة الانتخابية.
خاصة بعد أن أفاد تقرير نشر مؤخراً، بأن بايدن، يعاني مشكلات تتعلق بالذاكرة، أو من ناحية تزايد حدة تراجع دعم تياري اليسار والشباب داخل الحزب الديمقراطي، وبالذات في ظل تنامي رفض الانحياز الأمريكي «الأعمى» لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، أو من ناحية الصعود القوي للرئيس السابق دونالد ترامب، كمنافس أساسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتبنّي ترامب مواقف رافضة للدعم الأمريكي لأوكرانيا، وعدائية ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو).
تعقيدات وصعوبة هذه الظروف أخذت تدفع الرئيس بايدن لمحاولة تحقيق نجاحات ما، في سياساته، الخارجية أملاً في أن تحسن هذه النجاحات من أوضاعه الانتخابية الحرجة.
التحدي الأكبر الذي واجه بايدن، وحاول أن يجعل منه فرصة لتحسين أوضاعه الانتخابية كان السعي إلى التوصل إلى أفضل الخيارات لمواجهة الهجمات التي تتعرض لها القوات الأمريكية في العراق وسوريا.
كان أبرزها بالطبع الهجوم الذي شنته «المقاومة الإسلامية العراقية»، على قاعدة عسكرية أمريكية تحمل اسم «البرج -22»، وتقع على الحدود الأردنية – السورية يوم 28 يناير/ كانون الثاني الفائت، وأدى إلى مقتل 3 عسكريين أمريكيين، وجرح أكثر من 40 آخرين.
هذا الهجوم فاقم من التعقيدات التي تواجه إدارة بايدن، خصوصاً في ظل ما أثاره من ردود فعل صاخبة، سياسية وإعلامية، داخل الولايات المتحدة، حيث زادت حدة الاستقطاب الداخلي خاصة بين الجمهوريين والديمقراطيين، حول ما يجب اتخاذه من سياسات أمريكية دفاعاً عن المصالح والمكانة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وتعددت السيناريوهات ألتي جرى طرحها للرد على هذا الهجوم أمام الإدارة الأمريكية، تمحورت حول تيارين أساسيين ضاغطين على الرئيس الأمريكي الذي كان عليه أن يصل إلى أفضل الخيارات بهذا الخصوص.
التيار الأول تبنّى سيناريوهات التشدد، ليس ضد من يسمونهم ب«وكلاء إيران» من فصائل المقاومة العراقية فقط، بل أعطى هذا التيار الأولوية لضرب إيران نفسها، وهنا نتلمس عمق التأثير الإسرائيلي في خيارات هذا التيار، حيث يعمل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على توريط الولايات المتحدة في حرب ضد إيران ما زالت تمثل أفضل خياراته للتخلص من «العدو الإيراني».
فقد سارع الجمهوريون، بالذات، إلى الإعراب عن سخطهم الشديد لسقوط ضحايا أمريكيين وانتقادهم الشديد لما أسموه ب«سياسة بايدن اللينة» تجاه إيران، واتهمه بعضهم بالتسبب بزيادة الهجمات ضد القوات الأمريكية بسبب عدم اتخاذه قراراً صارماً للرد بحزم، وبشكل مباشر على إيران، وهي خطوة يتردد بايدن في اتخاذها، خشية إشعال فتيل حرب أوسع نطاقاً.
فقد اعتبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايك ماكول، أن «سياسة إدارة بايدن الفاشلة في الشرق الأوسط دمرت سياسة الردع الأمريكية ضد خصومنا في الشرق الأوسط».
أما السيناتور ليندسي غراهام، فكان أكثر حدة حيث دعا إلى «استهداف إيران بشكل مباشر»، ووجّه الحديث إلى الرئيس الأمريكي قائلاً: «أنا أدعو إدارة بايدن إلى ضرب أهداف مهمة داخل إيران، ليس للرد على قتل قواتنا فقط، بل للردع ضد أي اعتداءات مستقبلية». كما دعا النائب الجمهوري «مايك روجرز» الذي يترأس لجنة الرقابة العسكرية الأمريكية في مجلس النواب، إلى «اتخاذ إجراء صارم ضد إيران»، وقال «لا بد من محاسبة النظام الإيراني الإرهابي، وحلفائه المتطرفين».
التيار الثاني، عبّر عن مواقف الديمقراطيين، وكان أكثر تحفظاً في تبنّي سياسات متشددة، واكتفى زعيمهم في مجلس النواب «حكيم جيفريز» بالقول: «يجب أن يحمل المسؤولية كل عنصر مسؤول عن الاعتداءات»، وعبرت بعض المواقف الديمقراطية عن قلقها من فشل استراتيجية بايدن لاحتواء الصراع في قطاع غزة، على نحو ما تحدثت صحيفة «وول ستريت جورنال»، التي أعطت الأولوية لإنهاء الحرب في غزة، فقد أرجعت الصحيفة اشتعال فتيل الصراع بين الولايات المتحدة والفصائل العراقية الموالية لإيران إلى «الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة».
واختار الرئيس بايدن خياراً وسطاً، فقد حرص على تجنب الصدام مع إيران، ضمن حرصه على الحيلولة دون تفجير حرب إقليمية في المنطقة، لكنه وجه ضربات موجعة لمواقع فصائل موالية لإيران في العراق وسوريا، وأكد جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي على أن الولايات المتحدة «تعتزم شن ضربات إضافية ضد الجماعات المدعومة من إيران».
كيف سيؤثر هذا الخيار الأمريكي في جهود بغداد لانسحاب القوات الأمريكية التي بدأت مفاوضاتها قبيل أيام من تفجّر تلك الهجمات المتبادلة بين العراقيين والأمريكيين؟ السؤال مهم لأنه يخص إدارة بايدن، بقدر ما يخص حكومة العراق.
*د. محمد السعيد ادريس خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام
المصدر | الخليجالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل العراق إيران بايدن غزة خيارات بايدن حرب الإبادة الجماعية القوات الأمریکیة الولایات المتحدة الرئیس الأمریکی العراق وسوریا الشرق الأوسط إدارة بایدن قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس الأمريكي: سنلتزم بتوفير المساعدات مع الحلفاء لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
ألقى الرئيس الأمريكي جو بايدن، منذ قليل، خطابا حول قرار وقف إطلاق النار في لبنان.
وقال جو بايدن، خلال الخطاب الذي نقلته قناة «القاهرة الإخبارية»، إنه على مدار 60 يوما ستقوم إسرائيل بسحب قواتها من لبنان.
وأضاف بايدن، أننا سنلتزم بتوفير المساعدات مع الحلفاء لضمان تنفيذ الاتفاق، ولن يتم نشر جنود من الولايات المتحدة هناك.
كان مجلس وزراء الاحتلال الإسرائيلي وافق اليوم الثلاثاء، على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، حيث من المتوقع أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ غدًا الأربعاء، وذلك بحسب نبأ عاجل أفادت به قناة القاهرة الإخبارية نقلًا عن وكالة «رويترز».
بنود الاتفاقوأفادت تقارير إعلامية أن اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان الذي أقرته حكومة الاحتلال منذ قليل، تضمن عدة بنود هامة وهي كالآتي:
- حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في الأراضي اللبنانية لن تنفذ أي عمل هجومي ضد إسرائيل، في المقابل، لن تنفذ إسرائيل أي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر.
- اعتراف الطرفين بأهمية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، مع انسحاب إسرائيل قواتها بشكل تدريجي إلى جنوب الخط الأزرق خلال مدة تصل إلى 60 يومًا.
- سيتم تفكيك كافة البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة التي لا تفي بهذه الالتزامات، مع تفكيك جميع المنشآت غير المرخصة المشاركة في إنتاج الأسلحة والمواد المرتبطة بالأسلحة.
اقرأ أيضاًمقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في لبنان.. والتنفيذ خلال ساعات
- ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.
- القوات الأمنية والعسكرية الرسمية في لبنان ستكون الجماعات المسلحة الوحيدة المرخص لها بحمل الأسلحة أو تشغيل القوات في جنوب لبنان.
-سيتم الإشراف على بيع الأسلحة أو توريدها أو إنتاجها أو المواد ذات الصلة بالأسلحة في لبنان من قبل الحكومة اللبنانية.
- ستقدم إسرائيل ولبنان تقارير عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل».
- سيتم تشكيل لجنة تكون مقبولة لدى إسرائيل ولبنان، وتقوم بمراقبة ومساعدة ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
- سينشر لبنان قواته الأمنية الرسمية وقواته العسكرية على كافة الحدود والمعابر والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية الموضح في خطة الانتشار.
- الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس.
اقرأ أيضاًمجلس وزراء الاحتلال يوافق على وقف إطلاق النار في لبنان
وزير الخارجية الأمريكي: نحن في المراحل النهائية لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان