عربي21:
2024-11-23@11:30:17 GMT

الصابرون يطوون صفحة كالحة من تاريخ ضائع

تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT

بعد أن ظهرت حقيقة وحجم ما حدث في 7 تشرين الأول، أكتوبر (طوفان الأقصى) سارعت أمريكا/ الغرب بعد الإدانة بالطبع؛ إلى التحذير الفوري لكل دول المنطقة، بعدم استغلال الوضع الذي نشأ بعد الطوفان والتدخل في المعركة، وكان تحذيرا نهائيا، وأكدته بقدوم حاملات الطائرات (فورد وآيزنهاور) إلى المنطقة لتؤكد أنها جادة في تحذيرها.



والمشكلة التي قدرتها أمريكا وحلفاؤها؛ لم تكن فقط في الجبهات الساخنة التي كان يُحسب حسابها (إيران ولبنان والعراق واليمن)، بل من الجميع في دول المركز الشرق أوسطي، التي يختلف الموقف الرسمي فيها كثيرا عن الموقف الشعبي، فالتداعيات في هذه الأوقات تخرج عن كل التوقعات والتقديرات، والبجعة السوداء تظهر أحيانا وبما يفاجئ الجميع..

* * *

والأهم، أن الفراغ العميق يملأ المنطقة كلها، وفراغا من كل نوع في حقيقة الأمر، وبطريقة الإعصار الاستراتيجي، فمن المحتمل جدا أن تجد المنطقة كلها في لحظة (10 حزيران/ يونيو 1916م) ولكن بالطريقة العكسية.

المشكلة التي قدرتها أمريكا وحلفاؤها؛ لم تكن فقط في الجبهات الساخنة التي كان يُحسب حسابها (إيران ولبنان والعراق واليمن)، بل من الجميع في دول المركز الشرق أوسطي، التي يختلف الموقف الرسمي فيها كثيرا عن الموقف الشعبي، فالتداعيات في هذه الأوقات تخرج عن كل التوقعات والتقديرات
وهو اليوم الذي اندلعت فيه "الثورة العربية الكبرى" ضد الخلافة العثمانية، بتحريض الغرب الاستعماري، تمهيدا لفرض الخريطة العربية الجديدة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1918م)، الخريطة التي يحميها الغرب الاستعماري الآن بإسرائيل، والتي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو في 3 كانون الثاني/ يناير 1916م، والتي هي في الواقع الحالي المتململ المهتز تعتبر منتهية الصلاحية تقريبا (108 سنة)، لكنهم إلى الآن في حيرة عما يمكن أن تؤول اليه هذه الخريطة.

* * *

وكلنا نتذكر نصيحة فيلسوفهم الخطير برنارد لويس (ت: 2018) بضرورة الإسراع في التقسيم والتفتيت لكل المنطقة، وكذب على نفسه وعلى الأمانة العلمية والتاريخية، وقال: من يقول إن هذه المنطقة تجمعها جوامع استراتيجية واحدة (اللغة والتاريخ والدين والجغرافيا) فهو كاذب.. برنارد كذب كذبته تلك ومات.

لكن فكرة التقسيم والتقطيع والتجزيء بدا من مقاربتها للواقع أنها قد تكون غير قابلة للاستمرار الطويل، فهذا ضد واقع الأمور التي تحكمها سنن تاريخية وحضارية ثابته، وتجربة جنوب السودان رغم افتعالها؛ تجربة هشة.

وسوريا والعراق وليبيا حالات لا تبدو قابلة للتقسيم، حتى الآن على الأقل، بل من الممكن أن تأخذهم حروبهم الداخلية إلى الدخول في "كتلة تاريخية" تحمي اختلافهم في صلب وحدتهم، بعدما شعر الجميع بعبثية القتال الأهلي.

لكن الغرب بالطبع، وبالتعاون مع "العملاء الحضاريين" له كما سماهم المفكر القبطي العروبي د. أنور عبد الملك (ت: 2012م)، أو الصهاينة العرب كما سماهم الناس بعد "طوفان الأقصى".. سيمنع تكون تلك الحالة..

* * *

كما أن الدور الشعبي الغائب لن يطول غيابه، بل سيكون هو الرقم الصعب في الحالة الواعدة الصاعدة بعد الطوفان، وهو الأمر الذي يحاول الجميع السيطرة عليه وإحكام غلق أي باب يفتح من ناحيته، دينيا كان هذا الباب أم إنسانيا وأخلاقيا.. فلا مكان لربط أحداث غزة بالمسجد الأقصى، ولا مكان لربطها بنخوة الشعور الإنساني المجرد والخالي من أي علائق تاريخية وحضارية، كما رأينا حتى في دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية، ناهيك عن الخطوة الواسعة التي اتخذتها دولة كجنوب أفريقيا فأقامت الدنيا وملأتها بأصوات لم يعتد سماعها أحد من قبل.

إذن فالأمر لدى دهاقنة السياسة وسدنة المعبد الغربي العتيق لن يخرج عن حلين: إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، أو توفيق الأمور وضبطها على مصالحهم.

لكن المفكر المغربي د. عابد الجابري (ت: 2010م) تساءل في مقال مهم له قبل وفاته: "لمن سيسلم الأمريكان السلطة غدا؟". وأضاف: من صاغ الشرق الأوسط الحالي؟ أوروبا في صراعاتها الداخلية، والتي كان الشرق الأوسط موضوعها الأساسي، أي الاستعمار البريطاني والفرنسي والذي غرز إسرائيل في خاصرته.

لكن أمريكا كما يقول لنا، تختلف مصالحها، مع مصالح أوروبا التي شكلت الشرق الأوسط الحالي، وهذا ما نسمعه الآن -مثلا- على لسان جوزيب بوريل، المنسق الأعلى للشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي.. والذي اندهش من تصريح الرئيس الأمريكي بأن العمل العسكري الإسرائيلي في غزة "تجاوز الحد"، فقال ساخرا: حسنا، إذا كنت تعتقد أن عددا كبيرا جدا من الناس يُقتلون، ربما يجب عليك إرسال أسلحة أقل من أجل منع قتل هذا العدد الكبير من الناس..!!

حين تأكد الغرب وفي القلب منه أمريكا، أن ما كان يحذره ويخافه لن يحدث، على الأقل الآن، سُحبت فورا حاملات الطائرات، وبدأ التلاعب ذات اليمين وذات الشمال، بغرض الانفراد بالحالة "الطوفانية" وكسرها مبكرا، وهي الحالة التي أعطت اللحظة التاريخية ما كان ينقصها
سننتبه أن روسيا والصين تنظران إلى المسألة نظرة ذاتية، مركبة وبعيدة، نظرة لا تخلو من الدهشة والتساؤل.

وماذا عن إيران في هذا الذي يجري وجرت هي معه؟ ولماذا منعت حلفاءها من الدخول المباشر في "طوفان الأقصى"؟

* * *

حين تأكد الغرب وفي القلب منه أمريكا، أن ما كان يحذره ويخافه لن يحدث، على الأقل الآن، سُحبت فورا حاملات الطائرات، وبدأ التلاعب ذات اليمين وذات الشمال، بغرض الانفراد بالحالة "الطوفانية" وكسرها مبكرا، وهي الحالة التي أعطت اللحظة التاريخية ما كان ينقصها "الإسلام/ المبادرة/ القدرة/ الجرأة". لكنها لم تنكسر! ومهما اجتمعت خيوط التآمر وتلاقت، في هذا الوقت الضائع، فالجميع يعلم أن أهلنا في غزة لن يغادروا، فقد مضت تلك الأيام وأنقضت.

شهود القرن الصابرون الصادقون على دراية تامة بما يجرى ويحدث ويتشكل ويتكون، وربما من اليوم الأول للطوفان، وهم بصبرهم وثباتهم يطوون صفحة كالحة من صفحات تاريخهم وتاريخنا الذي كُتب يوما ما، بعيدا عن أعيننا وأيدينا. وهم يعلمون قبل الجميع، أنها الآن مرحلة الثبات الصلب وكسر العظام، فلا مجال إطلاقا لما كان من قبل، فليكن إذن ذلك.

twitter.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة امريكا غزة المقاومة الإستعمار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط ما کان

إقرأ أيضاً:

ميلان يحتفل بـ 125 عاماً بطائرات الدرون في دبي

 
دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «الشارقة للرياضات البحرية» يكشف عن أول قارب لـ«الفورمولا» من إنتاجه خطط أبوظبي الطموحة نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للاستدامة: نموذج للمستقبل

احتفل نادي إيه سي ميلان بالذكرى السنوية الأولى لافتتاح «كازا ميلان دبي»، وهو مقر النادي في الإمارات، بالتزامن مع احتفال النادي بمرور 125 عاماً على تأسيسه، بعرض طائرات الدرون، بالتعاون مع شركة سايبر درون، ليضيء سماء دبي بأبرز الرموز المتميزة، مثل شعار النادي الشهير، والقميص الأحمر والأسود، والرقم 125.
وقال مايكل أوتلي، المدير التجاري للنادي: «إن الذكرى السنوية الأولى لافتتاح كازا ميلان دبي هي إنجاز استثنائي للنادي، الأمر الذي يعكس التزام إيه سي ميلان الراسخ تجاه المشجعين والشركاء في منطقة الشرق الأوسط.
وعلى مدار العام الماضي، كان كازا ميلان دبي مركزاً رئيساً لعملياتنا في المنطقة ودليلاً مهماً على التوسع العالمي للنادي، بالإضافة إلى دوره المحوري في تعزيز فرص التعاون، وتمكين العلاقات التي تدعم حضورنا في هذه السوق الحيوية».
وفتح كازا ميلان دبي أبوابه رسمياً في نوفمبر 2023، تأكيداً على التزام نادي ميلان بتعزيز حضوره في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط. ولعب مقر النادي الإيطالي في دبي دوراً أساسياً في تمهيد الطريق نحو إرساء روابط عميقة مع الجهات المعنية الرئيسة، بما فيها المؤسسات والشركاء الحاليون، ومن ضمنهم طيران الإمارات، الشريك الرئيس للنادي منذ عام 2007؛ وفندق سيرو، الشريك الفندقي الرسمي؛ ومجموعة سي إف آي المالية، شريك التداول الإلكتروني الرسمي.
وعمل النادي الإيطالي على تعميق علاقاته مع مجموعة من المؤسسات المحلية الرئيسة، بما يشمل مجلس دبي الرياضي ووزارة الاقتصاد بالدولة، وركز النادي على تعزيز حضور علامته التجارية ضمن مجموعة من الفعاليات المميزة، مثل كأس دبي العالمي 2024 بالتعاون مع طيران الإمارات، وإكسبو دبي 2020، كما أضاء برج خليفة، الأطول في العالم، باللونين الأحمر والأسود اللذين يشتهر بهما الفريق، في إطار الحملة العالمية للنادي الإيطالي «نور لا ينطفئ».
وأكد النادي التزامه بتمكين المواهب الشابة في المنطقة من خلال إطلاق مبادرات للمشجعين، مثل أكاديمية إيه سي ميلان في دبي، والتي تخطط لتوسيع برامجها قريباً لتشمل تدريب اللاعبات.
ويحظى النادي بمكانة رائدة في سوق الشرق الأوسط نتيجة جهوده المتواصلة في المنطقة، حيث يتمتع بقاعدة جماهيرية تضم أكثر من 35 مليون مشجع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مما يجعله فريق كرة القدم الإيطالي الأكثر شعبية، حيث حقق أعلى نسبة مشاهدات تلفزيونية في المنطقة خلال موسم 2023-2024، وتجاوز عددها 25 مليون مشاهدة.

مقالات مشابهة

  • مصدر سياسي: إيران “تترجى” أمريكا عبر بغداد بتنفيذ كل مطالبها وإسرائيل مقابل عدم استهدافها
  • 281 من عمال الإغاثة قُتلوا في 2024: أكبر خسارة في تاريخ العمليات الإنسانية
  • اللواء سمير فرج: الرئيس السيسي حقق حلم الجميع بالخروج من عباءة أمريكا.. وتنويع مصادر السلاح
  • لطيف رشيد: التصعيد في المنطقة يهدد أمن الشرق الأوسط والتجارة العالمية
  • ميلان يحتفل بـ 125 عاماً بطائرات الدرون في دبي
  • التلفزيون المصري.. تاريخ طويل من الريادة الإعلامية في المنطقة العربية على مدى 64 عاما
  • صفحة سوداء أخرى وليست أخيرة من تاريخ تنظيم الأخوان المسلمين بالسودان (الكيزان) (3)
  • نائب:أمريكا تسعى لتوسيع دائرة الحرب في الشرق الأوسط
  • هل تذكرون الداعية الإماراتي”وسيم يوسف”؟.. شاهدوا النصيحة الذهبية التي قدمها له أشهر أطباء أمريكا لعلاجه من السرطان
  • الذهب يباغت الجميع والأسعار تقفز من جديد.. سعر جرام الذهب الآن