«أم صلال» سابع مدينة قطرية بـ «مدن التعلم»
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
حققت وزارة البلدية بالتعاون المشترك مع وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ممثلة باللجنة الوطنية القطرية للتربية والعلوم والثقافة إنجازا جديدا، تمثل في انضمام مدينة أم صلال إلى الشبكة العالمية لمدن التعلم، التابعة لمعهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة بمنظمة التربية والعلم والثقافة «اليونسكو».
يرتفع بذلك عدد المدن القطرية الأعضاء بالشبكة إلى سبع مدن بعد انضمام ست مدن خلال السنوات الأخيرة هي الوكرة والشمال والشيحانية والدوحة والريان والظعاين، اعترافًا بجهودها في تطبيق المعايير وتحقيق مبدأ التعلم مدى الحياة على أرض الواقع.
وقال الشيخ عبدالله بن أحمد آل ثاني مدير عام بلدية أم صلال، «إن انضمام مدينة أم صلال لشبكة اليونسكوالعالمية لمدن التعلم، يأتي كثمرة للجهود التي بذلتها البلدية خلال السنوات الأخيرة من خلال تبنيها استراتيجية نشر مفاهيم الاستدامة والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، تحقيقا لرؤية قطر الوطنية 2030»، ونجاحها في تحقيق كافةالمعايير المطلوبة لشغل هذه العضوية. وأكد أن هذا الإنجاز الجديد يأتي في إطار حرص دولة قطرممثلة بوزارة البلدية على الانضمام لشبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم، بهدف تعزيز التعلم الشامل ضمن المنظومة التعليمية، وتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن اتباع أفضل الممارسات وتبادل الخبرات مع المدن العالمية الأخرى.
وأشار إلى إن هذا الإنجاز جاء ثمرة تعاون بين وزارة البلدية وعدد من وزارات ومؤسسات الدولة المعنية، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للوزارة، الرامية إلى رفع مستوى جودة حياة السكان تحقيقاً لاستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة 2024-2030، وأشاد بالتعاون والجهود التي بذلتها اللجنة الوطنية القطرية للتربية والعلوم والثقافة بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، ومنظمة اليونسكو العالمية». وقال السيد علي عبدالرزاق المعرفي القائم بمهام الأمين العام للجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم، «نفخر بانضمام مدينة أم صلال إلى الشبكة العالمية لمدن التعلم الذي يعكس رؤيتنا المستقبلية لتعزيز التعليم والتعلم كأداة أساسية للتنمية المستدامة في دولة قطر، لافتا إلى أن هذه الخطوة تشكل حافزاً لتعزيز التعاون المشترك بين القطاعين العام والخاص وتعزيز الشراكات الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك الهدف الرابع الذي يسعى إلى ضمان التعليم الجيد والمتاح للجميع والهدف الحادي عشر الذي يهدف إلى جعل المدن والمستوطنات المستدامة على النحو البيئي والاقتصادي والاجتماعي». وأعرب عن التطلع إلى العمل الوثيق مع مدينة أم صلال وباقي مدن التعلم القطرية بالتعاون مع مؤسسات دولة قطر ذات الصلة، لتعزيز قدراتنا في تحقيق أهداف التعليم المستدام وتطوير برامج تعليمية مبتكرة تخدم المجتمع.
ويُعد انضمام المدن القطرية لشبكة مدن التعلم تتويجا لجهود وزارة البلدية، ممثلة بالبلديات، في تبني استراتيجية نشر مفاهيم الاستدامة، وإدماج المجتمع بها من خلال تنفيذ البرامج والمشاريع والمبادرات بالتعاون والشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني، وتوفير البيئة الملائمة للأجيال الناشئة والقادمة، والمساهمة في تطوير المجتمع، ونشر الوعي بالاستدامة والمباني الخضراء.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزارة البلدية وزارة التعليم مدن التعلم اليونسكو العالمیة لمدن التعلم وزارة البلدیة مدن التعلم
إقرأ أيضاً:
التعليم ووتيرة عالم عدم اليقين
تواجه الدول، باختلافها، اليوم تحدي التكيف مع عالمٍ هش؛ تتنازعهُ معطيات عدم اليقين في المسارات التي يسري فيها، ويؤطره الغموض لأسباب ومآلات أحداثه، وتطبعه سماتُ عدم القدرة على التنبؤ، ويؤطرهُ التعقيد، حيث الأحداث السياسية والاقتصادية والصحية والتنازعات والتوترات تتعقد شبكة تأثيراتها لتشمل مجالات وسياقات جغرافية أبعد من نطاقها ومحيطها.
ويضعف هذا العالم قدرة الدول على وضع الخطط والاستراتيجيات، ويقلص من كفاءاتها في تدبير شؤون نموها الاقتصادي وتوازنها الاجتماعي، ويجعلها في الوقت ذاته في أهبة مستمرة لوضع تدابير التكيف، والمسارات البديلة لإدارة شؤونها التنموية. وليس هناك أفق واضح اليوم لأن تكون هذه الهشاشة مؤقتة أو مرحلة عابرة في التاريخ الإنساني، بل تتزايد وتيرتها على مدار الساعة، وتتزايد رقعة المتأثرين بها على امتداد العالم.
في المقابل تعمل الدول اليوم على إيجاد 3 محكات استراتيجية للتعامل مع هذا العالم: أولها، في إعادة مراجعة أطر التخطيط الاستراتيجي لديها، وثانيها، في تمكين مواردها المحلية وتعزيز مستويات الاكتفاء من الداخل لديها؛ بما في ذلك الاكتفاء بالمهارات والإمدادات الحيوية، وضمان استدامة القطاعات الرئيسية للتنمية والاقتصاد. أما المحك الثالث، فيتجسد في مراجعة منظومات علاقاتها وصداقاتها وتحالفاتها، وإعادة تنضيد تلك العلاقات بما يضمن تشكيل القوى الاستراتيجية، وضمان الصمود، وتعزيز مكون القوة الاقتصادية.
وفي المقابل وحيث إننا أمام تشكلات جديدة للعالم تسيطر عليها الهشاشة، فإن مهمة التكيف معها ينبغي ألا تكون مسؤولية على قطاعات التخطيط الاستراتيجي وحده، بل تنبغي أن تكون حالة التكيف «ثقافة» عامة ترسخ عبر مختلف آليات ومؤسسات وأدوات التثقيف العام، بما في ذلك مؤسسات التعليم وآلياته. يتفاوت المجتمع في مناقشته لهذه التحولات العالمية وتأثيراتها على السياقات المحلية؛ فهناك سرديات متوجسة، وسرديات تتبنى فكرة أن ما يحدث في السياق الخارجي لا يعكس تأثيرًا على ما يحدث في السياق الداخلي، وهناك سرديات قلقة إلى حدود الاستنكار، وسرديات تتبنى فكرة النوستاليجا (الحنين إلى الماضي) بوصفه الوضع الأمثل للفهم والسيطرة والقدرة على التدبير، إضافة إلى وجود سرديات واقعية مواكبة وتحاول استيعاب المتغير في صيرورته الحقيقية وحدود تأثيراته. ولكن يبقى السؤال الرئيس: من الذي يصوغ تلك السرديات؟ ومن يبنيها؟ ومن يستطيع أن يوجهها لخدمة حالة التكيف العام؟ والواقع أن آليات التعليم والإعلام ومؤسسات التثقيف العام، وفعل مؤسسات الدولة الرسمية واستجابتها للأحداث والمتغيرات، وقدرتها على التفاعل الإيجابي مع المجتمع في توضيح تدابير تلك التفاعلات يوجه بشكل عام السردية الاجتماعية تجاه هذا العالم. ولتحويل الكلام النظري أعلاه إلى فهم تطبيقي يمكننا أن نأخذ أي قضية متطورة (حدث عالمي متفاعل)، وليكن الصراع التجاري بين الولايات المتحدة الصين مثلًا، أو مسائل الاحترار العالمي والتغيرات المناخية، أو التوترات السياسية في المنطقة، ولنتدبر في الكيفية التي يناقش فيها المجتمع تلك القضايا وتطوراتها وأشكال السرديات الناشئة عن تلك النقاشات، ليس فقط على مستوى الأوساط الرسمية والنخبوية، ولكن حتى على مستوى القاعدة العامة للمجتمع، سنجد تباينًا واسعًا في السرديات.
وهنا يأتي في تقديرنا دور ما نسميه بـ«التعليم التبصري Insightful education» وهو تعليمٌ يركز على مجموعة من المعطيات التي تؤهل الأجيال للتعامل والتكيف مع عالم متغير، وهذه المعطيات منها: تعزيز عقليات النمو، ومؤداها توسيع القدرة على التعلم والتجريب المستمر، وجعل بيئات التعلم مساحة لاكتساب المعرفة من خلال التجربة والحوار والانطلاق من فكرة مواجهة التحديات لبناء المعرفة بالعالم الحقيقي، وتمكين الحوار وفضاءات النقاش المفتوحة لتكون موجهًا أساسيًا للتعلم والفهم. يقول عالم النفس ديفيد ييغر إن «الرسائل القصيرة والمصممة جيدًا حول قدرة الدماغ على النمو يمكن أن تكون لها تأثيرات قوية ودائمة على دوافع الطلاب وإنجازاتهم». وما يمكن التعلم القائم على عقلية النمو تعزيز نهج ما يعرف بعبور التخصصات Learning across disciplines ومؤداه ألا تكون المعرفة داخل بيئات التعلم في جزر منعزلة، وألا يتم تبني فكرة أن الاختصاص العميق هو الوسيلة المثلى للفهم، بل توسيع الفهم عبر التخصصات، فالمختص في الطب يستوعب المحكّات الاجتماعية التي تسهم في نشوء الأمراض وتكريس الممارسات غير الصحية، وطالب مادة الرياضيات إلى جانب استيعابه لتطبيقاتها في الحياة الاقتصادية والحياة العامة يفهم مركزيتها للسياسة وتدبير التنمية، وطالب التاريخ يفهم التجاذبات السياسية ودور القوى السياسية في تحويل بعض مسارات التاريخ وأدلجتها، والمختص في علم الاجتماع يستوعب المحددات الاقتصادية التي يستوجب توفرها في أي اقتصاد واستدامتها ليتحقق للمجتمع رفاهه واستقراره. إذن بيئات التعلم مدعوة لأن تكون ورشًا لا يتم الحديث فيها في غرف منعزلة، بل تمتد لعصف الأفكار وعبور التخصصات وتنشيط الحوار المرتبط بمحكّات الواقع، وقضايا العالم الفعلية لا النظرية وحدها.
وهذا يقودنا للتأكيد على ضرورة أن تتبنى أنظمة التعلم نهج ما يُعرف بالتعلم القائم على التعامل مع مشكلات الواقع Real-life problem-based learning وتقديم نماذج للتحديات/ الظواهر/ القضايا/ المشكلات التي تلف الواقع في المجالات المختلفة، ووضع الطلبة أمامها وتقريبهم منها وتمكينهم من فهمها والتعامل معها بأدواتهم النظرية والمعرفية، دون تجاهل لفكرة أن «حل المشكلات نظريًا لا يعني بالضرورة القدرة على حلها في الواقع». كما أن إدماج المؤسسات الحيوية كالمؤسسات الاقتصادية والمالية وتشجيعها على المشاركة بجرعات معرفية وتطبيقية للطلبة في مختلف مؤسسات التعليم يعد ضرورة قصوى لتعزيز هذا الاتصال بين مسارات التعلم وتنشئة الطلبة وبين متطلبات تأسيس ثقافة التكيف مع العالم المتغير.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان