عبد الله المنصوري لـ «العرب»: خطة الابتعاث تُحسّن مؤشرات اقتصاد المعرفة
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
أكد السيد عبد الله المنصوري - المدير التنفيذي لمركز قطر للتطوير المهني أن خطة الابتعاث الحكومي المعلن عنها مؤخرًا للعام الأكاديمي المقبل، تعزز النهج الواعي الذي تتبناه مؤسسات الدولة بدعم الطلبة في سعيهم للحصول على أرقى مستويات التعليم في داخل الدولة وخارجها، وتحسين مؤشرات التعليم المرتبطة باقتصاد المعرفة.
وقال المنصوري في تصريحات لـ «العرب»: تتناول الخطة مجالات دراسية محددة تتعاظم الحاجة إليها في سوق العمل لتحقيق أهداف التنمية الوطنية خلال المرحلة القادمة، وتبرهن عبر مكوناتها مثل برنامج «طموح» على التزام الحكومة بمواكبة الفرص التعليمية لاحتياجات سوق العمل المتطور والمتغير باستمرار. واحتياجات سوق العمل تتطلب دائمًا استشرافًا للمستقبل ودراسة واعية ومتفحصة لكافة دراسات وأبحاث سوق العمل التي تصدرها المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية.
وأضاف: أشارت دراسة سابقة لمركز قطر للتطوير المهني إلى أرجحية أن يعمل مستقبلًا نحو 65% من الأطفال الملتحقين بالمدارس الابتدائية اليوم في وظائف جديدة لا يعرفها سوق العمل الحالي. وهذا المؤشر يتطلب منا توقع تلك الوظائف الجديدة وحث أبنائنا على سلوك المسارات التعليمية المؤدية إليها في المستقبل حتى تستطيع دولة قطر مواكبة التغيرات التي تطرأ على الاقتصاد العالمي والحفاظ على المكانة التي وضعت نفسها فيها، فهي من أكثر الدول استقرارًا من حيث النمو الاقتصادي.
وتابع: أن المنتدى الاقتصادي العالمي أشار في أحدث تقاريره إلى أن ثمة توقعات عالمية بأن ينتهي المطاف ببعض الوظائف الروتينية إلى أن يعفو عليها الزمن، مثل العمل الإداري المكتبي. وبالمقابل، من المتوقع أن تنمو فرص العمل في قطاعات الهندسة المعمارية والهندسة والحاسوب والرياضيات بشكل قوي. ولذلك، ينبغي علينا مواكبة تلك البيانات والإحصاءات والتوقعات وإدماجها في خططنا واستراتيجياتنا المستقبلية.
وأوضح أن انتقاء المسارات التخصصية المقدمة في برنامج الابتعاث الخارجي تحديدًا، يعني أن هناك حاجة مباشرة وماسة لهذه التخصصات وينبئ بالنمو المتصاعد للقطاعات التي تتضمن تلك التخصصات. كما يعكس أيضًا اعتبارات دقيقة للمهارات والخبرات التي تحتاجها الدولة لتحقيق النمو المرجو لها، وتنميتها عبر توجيه الثروة البشرية، المتمثلة بالشباب والشابات، نحو دراسة وإتقان مجالات حيوية، مثل: التكنولوجيا، والهندسة، والتعليم، والطب، والاقتصاد الإبداعي؛ وتوطينها بالدولة، والبناء على القدرات المستقبلية بجهود وسواعد الخريجين والمؤسسات التعليمية.
وأشار إلى أن تضمين حوافز مالية أعلى لمجالات بعينها حافزًا قويًا للطلبة لمتابعة تخصصات توفق بين طموحاتهم الشخصية وأهداف التنمية الوطنية بصفة عامة. وأكد أن الخطة تحفظ مبدأ تكافؤ الفرص بالتساوي بين الطلبة بغض النظر عن الوضع المالي ليسهموا عبر مهاراتهم ومواهبهم بشكل فعّال في سوق العمل بعد التخرج.
وقال المنصوري: لإيماننا بنجاعة هذه المقاربة، نقوم في مركز قطر للتطوير المهني بتوجيه الشباب نحو المسارات الأكاديمية والمهنية التي تتناسب مع قدراتهم ومواهبهم وطموحاتهم، آخذين بعين الاعتبار التوجهات المستقبلية لسوق العمل وأهداف التنمية الوطنية للدولة؛ لذلك ندعم فلسفة تحقيق التوازن بين طموحات الفرد واحتياجات سوق العمل والمتطلبات التنموية للدولة.
وأضاف: نرى أنه من خلال تدخلات التوجيه المهني الفعّالة والمبكرة يمكن أن تكون هناك نقطة التقاء وتكامل ما بين الطموحات الفردية وتلك المتطلبات والاحتياجات.
وقال «إننا نؤمن بضرورة توجيه الطلبة لاتخاذ قرارات مستنيرة لا تخدم مصالحهم الفورية وحسب؛ بل تمهد لهم الطريق للتكيف مع التغيرات المستقبلية التي قد تطرأ على المشهد المهني في الدولة، والاستفادة منها، وأن يسهموا بمسؤولية في نجاح قطر المستقبلي.
واختتم المنصوري بالتأكيد على أن المركز على أهبة الاستعداد لمساعدة الطلبة في تحديد تلك الاختيارات، وأردف: ونقدم لهم ما يحتاجونه من معلومات ومشورة حول اتجاهات النمو المستقبلية، ونساعدهم على النظر، ليس فيما هو متاح اليوم وحسب؛ لكن إلى ما سيكون عليه الطلب من الكفاءات في المستقبل. ومن خلال الجهد التعاوني مع المؤسسات التعليمية كافة، وشركاء التطوير المهني في قطاعي التعليم والعمل، نهدف إلى تمكين الجيل القادم من القادة الذين سيحملون مشعل مسيرة التقدم في دولة قطر عبر مختلف القطاعات.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر قطر للتطوير المهني الابتعاث الحكومي عبد الله المنصوري أهداف التنمية الوطنية طموح اقتصاد المعرفة سوق العمل
إقرأ أيضاً:
سيرة الفلسفة الوضعية (12)
د. أبوبكر الصديق على أحمد مهدي
المرحلة الثالثة - الفلسفة الوضعية
الشيخ: لا وقت الآن لمناقشة الظاهر والباطن والا طال النقاش بنا دهراً. بيد أنه واضح أنكم لا تؤمنون بطريقتنا؟
- صمت...
- الصمت جواب، فهل تؤمنون بطريقة أخرى؟
- لنا في الحياة سبيل آخر غير الطرق!
- إجابة مفجعة، ترى ماذا تأخذون على طريقتنا؟
- هل يتسع يا سيدي صدرك لصراحتنا؟
- انه أوسع مما تتصور.
- الحياة في حارتنا معاناة أليمة، انها صحراء مخيفة مليئة بالأكاذيب. صغار المريدين، وهم الكثرة الغالبة، حفاة خانعون.
- انهم راضون، والرضا مطلب روحي مضنون به على غير أهله.
- لا يملكون حيال قوتكم الا الرضا والا ماتوا جوعاً، ولكن لا شك في أنهم يمرون حيارى بهذا البيت الكبير الغارق في الرفاهية.
ما هي طبيعة المعرفة؟
... بالنسبة للوضعية: تتضمن المعرفة فرضيات مثبتة ومبرهنه، يمكن الاعتراف بها على أنها حقائق أو أنها قوانين. ففعل أو سلوك المعرفة هو مرجع نهائي، لا يمكن اختزاله في أي شيء آخر. لذلك، لا يوجد كائن يستطيع تفسير ذلك أو تعريفه. ويمكن للأشخاص الإشارة إليه مجرد إشارة بطريقة غير مباشرة فقط.
ويمكن السيطرة على الطبيعة الحقيقية للمعرفة بواسطتها هي نفسها فقط وبذاتها فقط وليس بأي شيء آخر دونها أو غيرها. وعلى الناس أن يميزوا فعل المعرفة أو سلوكها نفسه عن جميع البيانات والأفعال المجاورة، لإصلاح ذواتنا الروحية بشكل إيجابي، على مثل هذه البيانات، مثل الحكم والإقناع.
ولتعزيز قبضتهم على جوهر المعرفة، ومشاهدتها بوضوح تام، ينبغي عليهم، محاولة التعرف على سماتها المميزة. ومع ذلك، ينبغي عليهم أن يتجنبوا خطأ الفكر القائل بأن التخوف من السمات والخصائص المعينة للمعرفة يمكن أن يسيطر مباشرة على المرجع أو المصدر نفسه. ومن ناحية أخرى، يمكن معرفة هذه الميزات بناءً على اتصال حي وبديهي مع فعل المعرفة وسلوكها.
أما إذا نظروا إلينا كبشر، فإن الدور الأساسي الذي تلعبه المعرفة في حياتنا سوف يلتصق بنا تماماً. فكل رغباتنا وكل كفاحاتنا، وكل حبنا وكل كرهنا، وكل أفراحنا وكل أحزاننا، كلها نعم كلها تحمل راية المعرفة وتشير اليها. إنهم يؤمنون بالوعي وبالرغبة، وبالسعي، وبالمحبة، والمعرفة بهم وفهمهم وادراكهم.
عادة ما تكون المعرفة هي اعتقاد صحيح ومبرر جداً. وكان قد وصف أفلاطون المعرفة بدقة يحسد عليها، حين قال عنها بأنها "إيمان أو اعتقاد صحيح او حقيقي مبرر ومبرهن". وبشكل مختلف، المعرفة هي معرفة أو إدراك أو فهم لشخص ما أو لشيء ما، مثل الحقائق أو مثل المعلومات أو مثل الأوصاف أو مثل المهارات التي يتم اكتسابها من خلال الخبرات أو من خلال واسطة التعليم، أي من خلال الإدراك أو الاكتشاف أو التعلم.
عند مقارنة المعرفة بالحكمة، فإن المعرفة هي جمع الحقائق والمعلومات، والحكمة هي التوليف والتركيب -الجمع- للمعرفة والخبرات في رؤى تعمق معرفة المرء بالارتباطات وبمعنى الحياة. يمكن أن تشير المعرفة إلى المعرفة النظرية أو العملية لقضية ما. ويمكن أن تكون ضمنيةً (غير معلنة) أو صريحةً (واضحة)؛ ويمكن أن تكون أكثر أو أقل رسمية أو منهجية.
الفلسفة الوضعية بين الموضوعية والذاتية
تشير ديرفن Dervin)) (1977) إلى أن كلا الفلسفتين لهما أن تتعايشان معاً. وتميز ديرفن بين المعلومات الموضوعية (المعلومات A) والمعلومات الذاتية -الشخصية- (المعلومات B)، قائلة بأن المعلومات [A] هي المعلومات التي تصف الواقع، التركيب الفطري أو هي نمط الواقع، البيانات كما هي بدون تحريف وبدون تجميل.
أما المعلومات [B] فهي أفكار أو مؤلفات أو صور ينسبها الناس إلى الواقع. وبالمعنى الأكثر عمومية، تشير المعلومات [A] إلى الواقع الخارجي؛ والمعلومات [B] تشير إلى الواقع الداخلي.
وتتبع الفلسفة الوضعية نظرية المعرفة، والتي هي بدورها تحاول توضيح وتفسير وتوقع "ماذا يحدث في العالم الاجتماعي؟". مع التركيز على الانتظام (كأن يحدث شيء ما أو ظاهرة ما بانتظام وبتكرار وترتيب) وعلى الروابط السببية بين المكونات المكونة لهذه الظاهرة.
يعتقد الباحث الوضعي أن أي باحث في العلوم الاجتماعية يمكن أن يكون موضوعياً محايداً، ويقوم بإجراء تحقيقاته ودراساته كمراقب أو كمشاهد خارجي، لذلك يمكنه التحقيق في أو دراسة الأجزاء المجمعة لظاهرة اجتماعية ما في سبيل معرفة الكل. أي أنه يسعى إلى الانتظام والي الارتباطات السببية لتحديد العالم الاجتماعي والتنبؤ به.
الفلسفة الوضعية أو "الفلسفة الإيجابية" -كما يحلو للبعض تسميتها-، هي السائدة جداً في العلم. وهي تفترض أن العلم يقيس كمياً الحقائق المستقلة فيما يتعلق بواقع أو بوجود وحيد يمكن فهمه ويمكن استيعابه.
وبكلمات مختلفة، البيانات وتحليلها خالية من القيمة أو مجردة، والبيانات لا تتغير لأنها تكون تحت عين المشاهد أو تكون خاضعة لعملية المراقبة. أي أن الباحثين والدارسين يرون الكرة الأرضية أو الواقع أو الوجود من خلال "مرآة ذات اتجاه واحد".
ومن الناحية المعرفية، هناك فرق ملحوظ وظاهر بين النظام الوضعي والنظام الطبيعي. في حين أن الأول هو موضوعي في الأساس، نجد الثاني أو الأخير ذاتي في الأساس.
بشكل عام، الفلسفة الوضعية تعارض أو تختلف كليةً مع الميتافيزيقيا. فبحسب الفلسفة الوضعية، فإن الغرض من المعرفة هو مجرد وصف الظواهر التي يمر بها الناس ويرونها. وهدف العلم هو فقط التمسك بما يمكن للناس رؤيته ويمكنهم تقييمه وفهمه. ومعرفة أي شيء يتجاوز ذلك أو يكون ما وراء ذلك، قد يتبناه الوضعي، غير ممكن ولا شك في استحالته أو باليقين كله نقول بأنه مستحيل.
وعلى هذا النحو، فإن الوضعيين يبقون أنفسهم خارج العالم؛ الذي يقومون هم بدراسته وبتحليله. ولكننا، وفي المقابل، نجد الباحثين ضمن النماذج الأخرى يقرون بضرورة المشاركة في الحياة الواقعية إلى حد ما، من أجل فهم خصائصها وميزاتها الناشئة وإيصالها وتوصيلها للأخرين بشكل أفضل وبصورة جلية.
ووفقاً لنظرية المعرفة الوضعية، فإن العلم هو السبيل الوحيد للوصول إلى الحقيقة ولمعرفة كنهها والغوص في أعماقها، ولمعرفة العالم بشكل كافٍ بحيث يمكن التنبؤ به، وكذلك التحكم فيه وتسييره. فالعالم حتمي، ويعمل بموجب قوانين (السببية) "السبب والنتيجة" التي يمكن تمييزها إذا طبقنا الطريقة الوحيدة للأسلوب العلمي.
لذلك، فإن العلم هو في الأساس شأن ميكانيكي أو فقير العاطفة خاليها أو لا يميل عاطفياً انحيازياً في الفلسفة الوضعية، أي العلم دائماً وأبداً موضوعي ومحايد لدرجة متناهية في هذه الفلسفة.
ويتم استخدام نهج استنتاجي لفرضية النظريات القابلة للاختبار، تلك المستمدة من نتائج الدراسات. قد نتعلم ونعرف أن الطريقة لا تتناسب أبداً مع الحقائق بشكل سليم ومنطقي، وبالتالي يجب مراجعة العملية للتنبؤ بالواقع وتوقعه بشكل أفضل ومثالي. ويرى الوضعيين في التجريبية، الفكرة التي تمت تجربتها، محاولة للتمييز بين القوانين الطبيعية من خلال المعالجات المباشرة والمراقبة.
... وللسيرة سلسلة متتابعة من الحلقات...
bakoor501@yahoo.com