مقدمة تلفزيون "أم تي في"
لبنان معلق بين السلم والحرب . فاسرائيل تواصل استهدافاتها وضرباتها ، كأنها تستدرج حزبَ الله الى مواجهة كبرى او حرب شاملة . أما حزب الله ، الذي طرح أمينُه العام معادلة الدم بالدم ، فيفضل حتى الآن الالتزام بقواعد اشتباك معينة ، مع اصرار على الحفاظ على سخونة الجبهة الجنوبية ، لمقتضيات تفاوضية وسياسية ، محلية واقليمية .
سياسيا ، لا جديد في الملف الرئاسي . والارجح ان ما تردد سابقا عن اجتماع للجنة الخماسية أواخر الشهر الجاري قد سقط ، لأن اللجنة لا تملك تصورا واضحا وواحدا لخريطة الطريق الرئاسية . في الاثناء ، الوضع في غزة على على حاله . فالقصف الاسرائيلي يحتدم ويقوى ، والطائرات الحربية الاسرائيلية تضرب رفح بعنف ، المكان الاخير للفلسطينين في القطاع . بالتوازي ، تستعد الادارة الاميركية لارسال المزيد من الاسلحة والذخائر الى اسرائيل لتعزيز تِرسانتها العسكرية. البداية من الجبهة الجنوبية في لبنان : ماذا تعني معادلة السيد نصر الله الدم بالدم ، وماذا ايضا عن معادلة المدن بين ايلات على البحر الاحمر وصيدا على المتوسط ؟
مقدمة تلفزيون "أو تي في"
بعدما بات واضحا ان احتمالات التوصل الى حلول سياسية لحرب غزة باتت ضئيلة، اقله في المرحلة الراهنة، بسبب الشروط المتبادلة بين اسرائيل وحماس، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية حول المشهد اللبناني:
اولا، من الواضح انّ ثمة قرارا متخذا من الاطراف المؤثرة، باستثناء اسرائيل، بعدم توسيع الحرب على الحدود الجنوبية، بدليل الوقائع الميدانية، والمواقف الدولية، ومن ابرزها في الساعات الاخيرة كلام آموس هوكشتاين في هذا الخصوص.
ثانيا، من الثابت ان كل الملفات اللبنانية مربوطة بحكم الامر الواقع بإنهاء الحرب في غزة، بدءا بالتسويات المطروحة للحدود الجنوبية ووصولا الى انتخابات الرئاسة.
ثالثا، لم يعد من مجال للشك بأن الاستحقاق الرئاسي اللبناني محتجز في انتظار صفقة تبادل اقليمية-دولية معينة، مع الاقرار بالهامش الواسع للقوى اللبنانية في حسم الموضوع متى توافرت عندها الارادة.
رابعا، بناء على تأجيل الحل السياسي اللبناني في انتظار التطورات المحيطة، الترهل عنوان وحيد للمرحلة المقبلة على مستوى مؤسسات الدولة السياسية والادارية، مع بروز واضح لنزعةٍ إلغائية على خلفيةٍ طائفية، من خلال الامعان في ضرب الميثاق والشراكة ومحو الدستور.
خامسا واخيرا، لم يعد قابلا للنقاش، ان اي حل للبنان لا بد وان ينطلق من توافقٍ وطني، وان اي توافقٍ وطني ينبغي ان يقارِب العنوان الرئيسي لكل الازمات، اي الية الحكم السياسي في لبنان، الفاشلة الا في اطالة امد المآسي وتوليد المعاناة تلو المعاناة.
مقدمة تلفزيون "الجديد"
من عموم النبطية الى كل البلاد، ذهب الشهداء الى النوم وحرستهم عبارات الرثاء عائلة كانت واحدة.. وغفت واحدة، لوحت للقرى، وبثياب الوطن والعلم قالت للجميع تصبحون على وطن من سحاب ومن شجر من سراب وماء وفي وداعهم رفعت النبطية بفرعيها الفوقا والتحتا الرقم السابع على الأكف بنداء لبيك يا جنوب وعلى أمن الجنوب تولى المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الترسيم من الجنوب الألماني إذ قال في مقابلة متلفزة إن واشنطن تسعى لإبقاء الصراع في لبنان بين "حزب الله" وإسرائيل عند أدنى مستوى ممكن وشدد على ضرورة عودة سكان البلدات والقرى الحدودية الجنوبية إلى منازلهم وكذلك السكان على الحدود الشمالية لإسرائيل بحسب قوله وأضاف هوكشتاين أن الوضع على الحدود بين البلدين تغير بعد السابع من أكتوبر وسيتعين علينا القيام بالكثير لدعم الجيش اللبناني وبناء الاقتصاد في جنوب لبنان وهذا سيتطلب دعما دوليا من الأوروبيين وكذلك من دول الخليج وآمل أن نرى منهم الدعم في المرحلة المقبلة. كلام هوكشتاين ولقاؤه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على هامش مؤتمر الأمن في ميونخ أفضيا إلى أن الأمور تتجه إلى نوع من الاستقرار طويل الأمد مع استمرار الحذر الشديد مما قد يقدم عليه الإسرائيلي من عدوان على لبنان بحسب مستشار ميقاتي للجديد والحذر بعد لقاء هوكشتاين تحول إلى قلق بشأن التصعيد الخطير على الحدود أبداه مفوض الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل بعد لقائه ميقاتي وفي محصلة اللقاءات، هناك تطمينات من دون ضمانات. فتلك الضمانات معقودة على إجماع عربي ودولي لحل الدولتين جرى تداوله تحت سقف ميونخ لإنهاء الصراع وحل الأزمة في غزة وعلى تعويم هذا الشعار ينطبق القول رضي القتيل ولم يرض القاتل إذ حلت إسرائيل الدولة قبل قيامها ورفضت إعطاء الفلسطينيين ما قالت إنه مكافأة عن السابع من أكتوبر وبالمثل تعامل حزب الله بتأكيد النائب حسن فضل الله من بلدة الشهابية الجنوبية أن الاحتلال لن يحصل على مكافآت سياسية على عدوانه. أما الجائزة الكبرى عن مواقف الانحياز الكلي للعدوان الإسرائيلي على القطاع فحصدها حزب المحافظين في بريطانيا بزعامة ريتشي سوناك والحاكم بأمر المملكة منذ أربعة عشر عاما إذ أظهرت نتائج الانتخابات الفرعية فوز حزب العمال وأظهر استطلاع للرأي تقدم العمال على المحافظين بعشرين نقطة هز الشارع البريطاني المنتفض نصرة لفلسطين قاعدة المحافظين والعبرة بتصرف حزب الديمقراطيين بزعامة جو بايدن المقبل على انتخابات الولاية الثانية ويلعب على حبل الإنسانية باتخاذ قرار جديد لمد إسرائيل بالذخيرة والسلاح لزوم استكمال حرب الإبادة. والابادة هي التهمة التي تقترب من الإثبات دوليا اذ سنت محكمة العدل بضع عبارات تقلق اسرائيل، وقالت لها إن التطورات الأخيرة في قطاع غزة، وفي رفح بشكل خاص، 'سوف تزيد بشكل هائل الكابوس الإنساني ما ينذر بعواقب إقليمية لا يمكن تقديرها .وقالت المحكمة إن إسرائيل ملزمة بالامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ، بما في ذلك من خلال ضمان سلامة وأمن الفلسطينيين في قطاع غزة. وفي جديد المفاوضات على خط رباعية قطر ومصر وحماس وتل أبيب توقع رئيس الوزراء وزير خارجية قطر إتمام صفقة تبادل قريبا وبذل كل ما بوسعه للوصول إليها وأضاف: إذا تمكنا من تحديد حزمة إنسانية في الاتفاق سنكون قادرين على تجاوز العقبات. وعلى تلك الغيوم الملبدة اقليميا غادر سعد الحريري بيروت وترك باب الوسط مواربا وضبط ساعته على عقرب "كل شي بوقته حلو" وخلاصة إقامة الأيام الستة انتهت ب "خليك بالبيت" وبجملة وصايا تركها بين أيادي قطاع الشباب والطلاب في تيار المستقبل. بالسلاح الأبيض غير المذخر سياسيا رفض الحريري محاولة التضييق على المحسوبين على تيار المستقبل في الدولة وغير الدولة وعن بعد رفع المرحلة التي يمر بها لبنان إلى مرحلة الجنون السياسي حيث كل طرف يعتقد نفسه أكبر من بلده وبصيغة الماضي استعاد الحريري ربط النزاع مع حزب الله بالتعالي على كل الخلافات، وقال: كنت دائما آخذ الأمور في صدري اختار الحريري أقصر الطرق وغادر المشهد السياسي كي لا يضطر للقيام بتسويات يتحمل نتائجها وحده وفي النهاية تقع كل المسؤولية عليه وختم الحريري جلسة الاعتراف مع شباب المستقبل برمي الحرم على التطرف وبالاعتدال وحده "بيمشي البلد".
مقدمة تلفزيون "أن بي أن"
هي كربلاء تتجسد واقعا من جديد في مدينة الامام الحسين عليه السلام. شهداء منهم الأطفال الشباب النساء والرجال قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية وودعهم لبنان في مراسم تشييع وطنية حاشدة غصت بها شوارع النبطية ولسان حال كل الوطن :كأن حقدا دفينا على هونين وأهلها يسكن العقل الإسرائيلي المجرم:مرة يهجرهم من ارضهم وأخرى يقتلهم خارجها...فتحتضنهم السماء وكل أرض وبلدات الجنوب.
في المدينة التي انتفضت يوما على الإحتلال الإسرائيلي ذات عاشوراءكانت كلمة المناسبة الجامعة لإمام مدينة النبطية المفتي الشيخ عبد الحسين صادق الذي وجه تحية للمقاومين الأبطال المرابضين على حدود الوطن وتحية الى المقاومة الديبلوماسية التي هي عين المقاومة وترجمانها.
في وقائع الميدان أغارت طائرات العدو على اطراف بلدات راميا، عيتا الشعب، وجبلي بلاط وباسيل فيما تم الاستهداف بالمدفعية أطراف حامول علما الشعب. وأطلق العدو فجر اليوم نيران رشاشاته الثقيلة في اتجاه جبلي اللبونة والعلام بالقطاع الغربي وسط تحليق مكثف لطائرات الإستطلاع المعادية والحربية في أجواء الجنوب اللبناني وصولا إلى الزهراني وبيروت وضواحيها.
في المقابل ردت المقاومة باستهداف ثكنة برانيت بصاروخ "فلق 1" وأصابتها إصابة مباشرة وقصف موقعي السماقة ورويسات العلم في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية. في غزة يواصل جيش الاحتلال استخدام لغة التهديد باجتياح رفح جنوبي القطاع وكشفت معلومات صحفية عن نيته أن يقدم الأسبوع المقبل للمستوى السياسي خطة مفصلة بشأن العملية العسكرية المزعومة وفي وقت تم الاعلان فيه عن ان الرئيس الأميركي جو بايدن حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة لإخراج الرهائن كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" بقية المشهد مؤكدة أن واشنطن تستعد لإرسال شحنة أسلحة جديدة إلى إسرائيل.
على مستوى التفاوض شدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية أن الحركة تتعامل بروح إيجابية ومسؤولية عالية مع المفاوضات الجارية إلا أنها لن تفرط بتضحيات شعبها العظيمة وإنجازات مقاومتها الباسلة وبالتالي لن ترضى بأقل من الوقف الكامل للعدوان وانسحاب جيش الاحتلال خارج القطاع ورفع الحصار الظالم وتوفير المأوى الآمن والمناسب للنازحين والمشردين بسبب جرائم الاحتلال وعودة النازحين خاصة إلى شمال القطاع ووقف سياسة التجويع الهمجية والالتزام بإعادة الإعمار.
مقدمة تلفزيون "المنار"
هي معادلة الدم بالدم، التي تسابق الصواريخ الى داخل كيان العدو على طول الحدود الشمالية، مع يقينهم بان حزب الله سيقيم الحد على من قتل الابرياء من الاطفال والنساء اللبنانيين. فصدى خطاب الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بالامس لم يتردد في الاروقة السياسية والعسكرية الصهيونية والاميركية فحسب، بل كان رجع صداه من كريات شمونة الى ايلات، واوضحه في المستوطنات الشمالية وقادتها الذين يئسوا من قدرة حكومتهم على حمايتهم، او حكمتها على معالجة الامور كما قالوا. على ان نصيحة الرئيس السابق لجهاز الموساد داني ياتون لحكومته كانت بضرورة التعلم من الاخطاء وعدم جر الامور على الجبهة الشمالية الى حرب حقيقية لان الثمن سيكون صعبا.
وفي حقيقة الميدان ان القصاص آت لا محالة، وان الصهيوني اعجز من تغيير المعادلات التي تحمي المدنيين اللبنانيين.
ومن سواعد المقاومين اللبنانيين كانت رشقات صاروخية اصابت اهدافها داخل المواقع والمستعمرات الصهيونية عند الحدود، فيما كانت اعراس الشهادة في ارض الجنوب عامرة، من التشييع المهيب لشهداء الغدر الصهيوني في النبطية والسكسكية ، الى الشهادة على طريق القدس في ارنون.
اما ما يرنو اليه الفلسطينيون ويصغون اليه فهو صوت الميدان في غزة الذي لا يزال يعقد على الصهيوني المهمة، ويمنعه من اي شيء قد يسميه انجازا للنزول به عن الشجرة، على ان شجرة المفاوضات لم تثمر بعد، في ظل النفاق الاميركي والاجرام الصهيوني الذي اقترف اليوم مجازر ذهب ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا وعشرات الجرحى في المحافظة الوسطى وشمال غزة، فيما الوضع الانساني على اسوأ حال، حتى اعلنت حركة حماس انها قد تعلق المفاوضات اذا لم تدخل المساعدات لمنع مجاعة حقيقية بدأت تضرب شمال القطاع. على ان كل غزة واهلها عند ثابتة وقف العدوان وانسحاب قوات الاحتلال وادخال المساعدات كخطوة الزامية للحديث عن اتفاق كما قال رئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية، الذي اشار الى ان حماس تتعامل بروح إيجابية ومسؤولية عالية مع المفاوضات الجارية، لكنها لن تفرط بتضحيات الشعب الفلسطيني العظيمة وإنجازات مقاومته الباسلة.
مقدمة تلفزيون "أل بي سي"
الجميع يتحدث عن مساعٍ ، لكن الواقع لا يؤشر سوى إلى مزيدٍ من التصعيد سواء في الجنوب أو في غزة ، وصولًا إلى رفح ... وتقدم التصعيد على التهدئة ، يعود إلى أن الملفات العالقة ، مازالت على حالها من التأزم ، سواء بالنسبة إلى الأسرى ، أم بالنسبة إلى وقف النار ، فملف الأسرى مازال عالقًا ، ووقف إطلاق النار يرفضه الإسرائيلي بالمطلق . في المقابل، رئيس المكتب السياسي لحماس ، اسماعيل هنيه ، عكَس تشدد الحركة ، فأعلن أن المقاومة لن ترضى بأقل من الوقف الكامل لأطلاق النار ، وانسحاب الجيش الاسرائيلي خارج القطاع، ورفع الحصار وتوفير المأوى الآمن والمناسب للنازحين والمشردين.
هذه الشروط ترفضها أسرائيل بالمطلق ، وعليه فإن المساعي تدور في حلقة مفرغة ، سواء تلك الجارية في ميونيخ ، على هامش مؤتمر الأمن ، أو في العواصم المعنية في المنطقة ، من القاهرة إلى الدوحة إلى تل أبيب.
في الداخل اللبناني ، يبقى الإنشغال بمشروع الحكومة بالنسبة الى المصارف والودائع ، وهذا المشروع مازال محط سجال واخذ ورد . إما على المستوى السياسي ، فإن الحركة التي نجمت عن عودة الرئيس سعد الحريري لأحياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مرشحة للإنحسار الكلي بعد مغادرة الرئيس الحريري إلى مقر إقامته في الإمارات، والمتوقعة هذه الليلة
البداية من التشييع الجماعي لشهداء المجزرة التي ارتكبتها الصواريخ الإسرائيلية في حق مدنيين.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مقدمة تلفزیون على الحدود حزب الله على ان فی غزة
إقرأ أيضاً:
سوريا الجديدة: مقدمات فاتحة ومداخل ناظمة وإشارات كلية جامعة.. قاموس المقاومة (57)
نستفتح هذا الموضوع بسوريا الجديدة بمقدمات فاتحة من خلال المدخل المتعلق بالسنن وقوانين الانتظام السنني الملحقة بالمنظومة السننية للتغيير؛ مقدمات فاتحة لأبواب التغيير المشرعة، وهي في ذات الوقت لا تكتفي بالتقديم بين يدي كتاب التغيير في الأمة، ولكنها تؤصل المقومات الفكرية والحضارية في عمليات النهوض والإحياء والانبعاث الحضاري.
منظومة التغيير الجامعة تتشكل ضمن أربعة أمور تجمع بين إعمال وتفعيل السنن الحاكمة والقاضية المنظمة للفعل الحضاري المرتبط بالتغيير الاستراتيجي القادم في الأمة مكونات ومكنونات؛ إمكانية وقدرات؛ مقاصد عليا وغايات. إنها سنن التغيير الاستراتيجي القادم الكبير من إعداد واستمداد ضمن النداء الحركي الفعال "وأعدوا"، وفعل الإمداد والاستطاعة "ما استطعتم" ومناحي القوة والمكنة والمكانة؛ قوة صلبة كانت أم قوة معنوية وهي في قلب عمليات الخروج مما نحن فيه: "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة" (التوبة: 46) ضمن معادلات تمثل مثلث الخروج من الأزمة واستشراف مداخل الانبعاث الحضاري؛ الإرادة والعدة والإدارة للأزمات والمخاطر والفرص لا فقط التي تلوح في الأفق بل تصنيع الفرصة والتهيئة لاستثمارها وصناعة المستقبل.
هذا هو التغيير؛ التغيير ليس طريقا ممهدا نقطعه في أيام فهو في أعمار الأمم سنوات وربما عقود، ومن ثم هو يرتبط بسنن التدافع مع الأعداء والخصوم، والتحديات والعقبات، وبناء الحركة والتدبير ضمن سياقات الصلاح ومسالك الإصلاح؛ على طريق النهوض والعمران.
أما عن المداخل المنهجية الناظمة لصنوف الحركة وعلوم التدبير، فهي ترتبط بخرائط الأسئلة الأولى بالرعاية ضمن عملية اجتهادية واسعة شورية في اجتهاد جماعي واسع بسعة الأمة وتحدياتها وقضاياها، مستلهمة معاني شهودها الحضاري كأمة قطب وسط في عطائها الحضاري الكوني والإنساني العالمي الفياض وخيرية الأمة بصفاتها وشروطها، وتحقيق ذلك في ميادين ترشيد الوعي وتسديد السعي.
التحرير الكبير لسوريا بعد أثمان كبيرة دفعها الشعب السوري، فثورته هذه كانت أكثر الثورات تضررا، ورغم أن السبب في ذلك العسكرة، إلا أن العسكرة هي التي جاءت بالتحرير في الوقت نفسه، من أجل ذلك فإن حماية هذا التحرير يجب أن يكون أمرا أساسيا عند كل سوري، خاصة هؤلاء الذين أضيروا من الاستبداد والطغيان، فإن لهم سهما في سهم في سفينة الثورة، ولهم ملك فيها، يذودون عنها وعن حياضها في مواجهة من يريدون سوءا بها
السؤال الصحيح مقدمة لإجابة واستجابة صحيحة؛ هذه الاستجابة الواعية والداعية؛ الدافعة والرافعة؛ التجديدية الجامعة؛ المؤسِسة والمؤسَسة؛ هي التي ترشد للإجابة بوعي وتنهض بالسير في طريق السعي السديد. وفي عالم الأحداث الكاشف منها والفارق، لا بد من خلال القراءة البصيرة باسم الله "اقرأ باسم ربك الذي خلق" باستلهام نماذج معرفية مرشدة ومقولات تفسيرية جامعة ونظريات تأسيسية؛ حريصة على استلهام القول والعمل في سياقات تمتثل للنداءات الحركية النبوية وتصوير مسارات الحركة فيها والتدبير بشأنها؛ نظرية الفسيلة وغرسها، ونظرية الثغور والرباط عليها، ونظرية التمرة وإسهامها، ونظرية الفأس بالعمل الفعال، ونظرية السفينة في بناء الأمم والمجتمعات.. كل ذلك ينهض بتأسيس العلاقة السوية بين السلطة والمجتمع في الثورة السورية وفي كل عمل تغييري؛ واستنهاض الهمم وجمع الطاقات والإمكانات كواجب وقت باستدعاء نظريات الدور في إطار الواجبات الفردية والعينية والواجبات الكفائية والجماعية والتضامنية.
كل ذلك يقوم على صناعة وعي الشعوب بثوراتها وتسديدها في سعيها؛ هذه هي المقدمات كمقومات فماذا عن الإشارات؟
الإشارة الأولى، إذ جاء التحرير الكبير لسوريا بعد أثمان كبيرة دفعها الشعب السوري، فثورته هذه كانت أكثر الثورات تضررا، ورغم أن السبب في ذلك العسكرة، إلا أن العسكرة هي التي جاءت بالتحرير في الوقت نفسه، من أجل ذلك فإن حماية هذا التحرير يجب أن يكون أمرا أساسيا عند كل سوري، خاصة هؤلاء الذين أضيروا من الاستبداد والطغيان، فإن لهم سهما في سهم في سفينة الثورة، ولهم ملك فيها، يذودون عنها وعن حياضها في مواجهة من يريدون سوءا بها.
الإشارة الثانية، لا يمكن تجاهل وضعية الثورة، فقد حدثت المفاجأة، ولم يكن أحد يتوقع أن يتم التخلص من النظام في هذه الفترة القصيرة، فقد كان الأمد الزمني المتوقع لعملية التحرير ستة أشهر أو يزيد فيستغرق السنة وربما السنتين، ولكن الأمر انتهى في أيام قليلة فاجأت الجميع. هذه الأيام تشعر بالقلق، ومن هنا يجب التذكير بالعدة والاستعداد لكل مرحلة، و"أعدوا" هذه مرحلة أساسية تتعلق بالاستراتيجيات الكبرى التي يجب أن ننطلق على قاعدة منها، وهذه نقطة مهمة يجب الانتباه إليها والبدء بها. وهذا ليس في مقام التعجيز بالإشارة الى عالم التحديات الذي يحيط بالثورة السورية، ولكن من مقام الدفع والتدافع البصير المستنير الذي يتحرك على هدى وكتاب منير.
الإشارة الثالثة، كيف يتحول الاندفاع الوجداني إلى تدافع سنني؟ من المهم الانتباه إلى أن الفرحة لها وقت، ولكن لا يجب أن تستدرجنا إلى الغفلة عن الواجبات اللازمة والتحديات الآتية. الاندفاع وكل ما يتعلق بالوجدان والعاطفة يجب أن يكون وقته قصير، على اعتراف منا بأن الشعب السوري الذي مثّل حاضنة لقواته في القتال من حقه أن يقيم أفراح التحرير ولكنه يجب عليه أن يعلم أن القيام بذلك لم يكن إلا نقطة بدء في مسيرة ممتدة، وبعد ذلك تنطلق فيها القوى والإمكانات إلى مرحلة التدبير، التدبير الاستراتيجي لوضعنا ومستقبلنا، في عملية البناء، وكل ما يتعلق بعملية التغيير.
وهنا نذكر بنقطتين وهما العدة والاعتبار، فالمقام الوجداني في التعامل مع الحدث أمر مهم تنفتح به وفيه أبواب الأمل، والمقام التدبيري الذي يجب أن نلتفت إليه ونقوم عليه يفرض ما يسمى بواجب الوقت، وهو الواجب الذي تجتمع الهمم عليه، فاجتماع الهمم من أجل إنجاز واجب الوقت الأول في مواجهة التحديات التي تواجه هذه الحركة التغييرية مسألة مهمة.
الإشارة الرابعة؛ تتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية. مراحل الانتقال إدارة للاستثناء؛ وقد يقول البعض إن المرحلة الانتقالية لم تبدأ بعد خاصة وأن التحرير لم يثبت بعد، إلا أنني أرى أن أول نقطة في المرحلة الانتقالية أن نثبت التغيير؛ على اعتبار أن التغيير عملية وليس مفهوما، في إطار حفظ الابتداء وحفظ البقاء وحفظ البناء وحفظ الأداء، وكل أنواع الحفظ المختلفة. كذا من الإشارات المهمة التي تتعلق بكيفيات إدارة المرحلة الانتقالية بناء استراتيجيات المصالحة المجتمعية، واستراتيجية معاش الناس، واستراتيجية وعد الثورة.
الإشارة الخامسة، ترتبط بمفهوم ومعاني الأمة الجامعة. هذه الأمة تأثرت بشدة بالدولة القومية التي صنعت فرقتها، وقد سبق وتحدثنا عما أسميناه "عواقب الدولة القومية". فعلى الرغم من أن الدولة القومية يمكن أن تكون مشتلا لأي دولة أخرى مشابهة، إلا أن المشتل الجامع "مشتل الأمة" أوسع بكثير، ومن ثم هذه الكيانات المحكومة بالدولة القومية تظل قاصرة عن الإلمام بمثل هذا المشتل، ومن ثم فإنه من الضروري التأكيد على أن لكل حالة مسارها وميزانها، رغم أن جميع هذه الدول تظل متفقة على التوق إلى التغيير، والذي هو الناظم للتحركات التي يمكن أن تحدث في الأمة وتحرر بها.
ومن هنا لن نقفز على مقولة الدولة القومية، ولكن مستوى اهتمامنا هو المستوى الأعلى وهو الذي يجب أن يظلل حركات التغيير القادم، التغيير في ظل الأمة. هذا هو الدرس المهم الذي نريد التوقف عنده، "عندما قمنا بالثورات فرادى استهدفنا جماعة"، وهو درس يجب ألا يغيب عن أعيننا.
الإشارة السادسة، من الدروس المهمة اعتبار السياقات في الحالة السورية، وأن هناك ناظما بينه،ـ فالسياق الداخلي له أسبابه، والإقليمي له مشاهده، والدولي له مصالحه، وكل هذه السياقات ناظمة لأي حركة تغيير قادمة، وليس هناك دولة من دول التغيير إلا وكانت هذه السياقات عرضة للهدم والوأد من أعداء التغيير ولصوصه. ومن ثم نقول إن التغيير قد يتحرك من دولة إلى دولة، إلا أن ذلك لا يمنعنا من القول إن نجاح التغيير يكون عبر التفكير بشكل عبر قومي، فالعالم اليوم يفكر بهذا الشكل بمستويات كثيرة، ولكنه سيظل الناظم الأكبر لعمليات التغيير.
التغيير الكبير سيتم عبر الوحدات القومية، ولكن هذه الوحدات يجب أن تعي أنها في ظل أمة، وأنه لن يكتمل تحررها إلا بتحرر الأمة ككل باتساعها ومقدراتها. معركة تحرير الأمة حرب كبيرة، وإن كانت أيضا تستفيد من المعارك المحدودة بحدود الدولة القومية، ولكن يجب ألا تستعبدنا الدولة القومية وتنسينا نظم كل ذلك في تحرير الأمة بأسرها.
الإشارة السابعة، تشير عملية التغيير إلى مشروعين؛ فمن الأهمية بمكان أن يتم التحسب في التعامل مع إسرائيل وأن يكون هناك وعي وتحسب للانخراط في مشروع الشرق الأوسط الذي تريد إنشاءه على حساب الأمة الوسط. ومن هنا نحن لا نريد من الثورات في وضعها الحالي أن تعلن معاداة مشروع إسرائيل، فالقضية الأساسية هي في التصرفات التي تقوم على الحد الأدنى الذي لا يجب فيه أن تتنازل هذه الشعوب أو حركات التغيير عن حد معين حتى تستشرف كل المسائل التي تتعلق بتحرير اللأمة بأسرها، وهذا لن يتم بين يوم وأخر، فالإصلاح جزئي كما أنه شامل وعام، وقد تضمنت الآية الكريمة "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود: 88).
المعركة المتعلقة بالطغيان مرتبطة بالتحرر من العدوان والاحتلال، وهما في جدلية مهمة، وجب علينا اعتباره، لا يشترط الترتيب في التخلص من أيهما، كل منهما سيفضي إلى الآخر. نحن أمام مفارقة مهمة جدا يجب ألا ننظر إليها على أنها تحرير الأنظمة حتى نحرر الأمة، المسألة ليست بهذه التحكمات
ومن هنا، من الضروري أن نقدر هنا السياقات، والمقاصد والغايات، وكل ما يتعلق بتقوية هؤلاء ضمن ما يسمى التحالفات، كل ذلك مساحات متاحة لدينا في مشروع الأمة الوسط الذي يبدأ بتحرير هذه الوحدات الوطنية فتصير لبنة من لبنات تحرير الأمة. إن مستوى الجماعة في هذا التغيير يكون من خلال أن الوحدات الفردية الآن وهي تتحرر فرادى واعية بمسألة التحرير الجماعي، لذلك ارتباط مشروع التغيير بالأمة هو الذي يعطي الميزان ويصنع المظلة ويقدم المقاصد العليا والكبرى والميزان لهذه الأمة الجامعة.
الإشارة الثامنة، أن المعركة المتعلقة بالطغيان مرتبطة بالتحرر من العدوان والاحتلال، وهما في جدلية مهمة، وجب علينا اعتباره، لا يشترط الترتيب في التخلص من أيهما، كل منهما سيفضي إلى الآخر. نحن أمام مفارقة مهمة جدا يجب ألا ننظر إليها على أنها تحرير الأنظمة حتى نحرر الأمة، المسألة ليست بهذه التحكمات، أيام الله تأتينا لنتعامل معها واحدة بعد الأخرى فيتحقق منها وفيها ولها هذا الفتح المبين.
معركة التحرير ليست في حدود إسقاط رأس النظام، والدرس المهم في الثورات العربية أن إسقاط الرؤوس لا يعني إسقاط الأنظمة رغم أن شعار الثورات كان الشعب يريد إسقاط النظام، ومن ثم يجب الانتباه إلى هذه المسألة رغم أن معركة إسقاط الرأس ليست بسيطة، إلا ان إسقاط الرأس هي مرحلة البداية.
ليس من مقصدنا ونحن نقدم هذه الإشارات المفعمة بالتحديات التي تواجه الثورة تعجيزا لأهلها ولا أهل الحركة فيها؛ الذين قاموا بهذا الإنجاز العظيم بتحرير سوريا من هذا الطاغية، لكن لنبصر هؤلاء بمواقع أقدامهم المستقبلية، بقصد الاعتبار من كل ما مر بنا من أحداث وخبرات ومن أيام سابقة وجب تذكرها في هذا المقام.
x.com/Saif_abdelfatah