بوابة الوفد:
2024-11-27@02:49:21 GMT

أرض مصر منبع تاريخ الرهبنة2

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

القديس بولا عاش ٨٠ عاماً منفرداً فى الصحراء للعبادة

سيرة «أول السواح».. قصة مُلهمة للعالم المسيحى بطلها قديس قبطى

دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر.. تاريخ قبطى يفوح فى صحراء مصر

دور مؤثر لـ«أب الرهبان» فى حياة القديس بولا

قصص مؤثرة من التراث القبطى

 

«اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ.

انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ» هكذا ذكرت آية (عب 13: 7)، بالكتاب المقدس، كلمات تعكس مدى أهمية القديسين والآباء والرعاة الذين باتوا فى الأرض يكرزون بكلمة الله، والذى أوصى الإنجيل بأهمية التمثيل لسيرتهم وتسلُم الإيمان والتعاليم التى وصلوا إليها طوال حياتهم، والسير على دروب تشبههم قد تساعد على تحقيق الغاية المُثلى من الإيمان وهو نشر المحبة والسلام بين الناس على مر العصور.

وتفيض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعدد لا يحصى من القديسين والآباء الذين ساهموا فى وضع حجر أساس ومبادئ تسير عليها الأجيال المتعاقبة حتى الآن فى سلام، وبُنيت المنابر المسيحية على قواعد قوية مترابطة أساسها ما أوصى به الكتاب المقدس.

وأقامت الكنيسة المصرية هذه الفترة فعاليات النهضة الروحية الأنبا بولا وتحتفل يوم الجمعة المقبل 9 فبراير الجارى بعشية عيد هذا القديس المعروف كنسياً بـ«أول السواح»، ويعد أحد أبرز القديسين الذين مروا على التاريخ القبطى والذى وضع اسمه فى تراثه العريق ويعد رمزا رهبانيا عاش فى الخفاء وسط البرية التى لا يعلم بها أحد آنذاك، بل اتضح أنه عاش لسنوات فى معية الله وتحققت معجزة إلهية حين جاء إليه الخبزة عن طريق طائر «الغراب»، يومياً لمدة تجاوزت عشرات السنوات.

تحمل سيرة هذا القديس العديد من المحطات المؤثرة المحفوظة داخل سطور التاريخ المدونه فى كتاب القراءات اليومية والتذكار اليومى المعروف كنسياً بـ«السنكسار».

ولد أول السواح عام 228 فى مدينة الإسكندرية، وعاش فى كنف أسرة ثرية وبعد رحيل والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، وذكر التاريخ أن أخاه بطرس سعى للحصول على النصيب الأكبر من الميراث، إذ اشتد بينهما الجدل، تخلى القديس بولا عن كل الصراعات تراجع عن النزاعات وقرر الرهبنة فى الصحراء متفرداً بمحبة الله.

ورد عن سيرة هذا القديس أنه سكن جبل القلالى بالبحر الأحمر لمدة تجاوزت 80 عاماً، وتحقق مع هذا القديس مفهوم الرهبنة «الوحدة» ولم يشاهد فيها وجه إنسان، واشتهر مظهر الأنبا بولا بثوب مصنوع من الليف وسعف النخل، وكان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية فى بعض الأحيان ويرتوى من عين ماء كانت موجودة بفعل الطبيعة.

ومن المواقف التى احتفظت بها الكنيسة كتراث عريق هى لحظات التقاء أول السواح مع القديس أنطونيوس المعروف باسم أب الرهبان ومؤسس الحياة الديرية والذى يعتبر مؤنس وحشته، وتقاسما الصلاة معاً، وتصادفت هذه الفترة مع إعادة إحياء ذكرى رحيل القديس الأنبا أنطونيوس الكبير، الذى يؤول إليه الفضل فى اكتشاف الحياة الديرية، وأصبحت مصر منبع ومصدر هذا الفكر للعالم المسيحى، وكان يعتقد أب الرهبنة أنه أول من سكن البرية إلا أنه اكتشف فيما أن أول السواح قد سبقه فى ترك العالم.

إذ سمع القديس هذا الحديث السماوى انطلق بإرشاد الله نحو مغارة القديس أنبا بولا حيث التقيا معاً، وقد ناداه أنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان بعظائم الله. وعند الغروب جاء الغراب يحمل خبزة كاملة، فقال الأنبا بولا: «الآن علمت أنك رجل الله حيث لى أكثر من 80 عاماً يأتينى الغراب بنصف خبزة، أما الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله لك طعامك أيضاً».

ودار حوار جمعهما طلب فيه الأنبا بولا أن يسرع ويحضر «الحلة الكهنوتية» للبطريرك حينها البابا أثناسيوس، وذلك لأنه شعر بوقت رحيله، ونفذ القديس أنطونيوس وصيته وتأثر حين رأى وهو فى طريقه متجهاً نحو مغارة أول السواح، وهو مجموعة تحمل روح وهم يسبحون ويرتلون.

وهناك مشهد خلدته الأيقونات والرسوم الكنسية للقديس بولا، ولعل الصورة الأبرز والأكثر شهرة وهو يرتدى ملابسه البسيطة بجوار أسدين، كانت سبب هذه الصور حسبما روى التراث المسيحى موقف اللحظات الأخيرة للقديس الذى جمعه مع الأنبا أنطونيوس حين دخل المغارة وجد القديس بولا جاثياً على ركبتيه، وإذ ظهر يصلى انتظر طويلاً ثم اقترب منه فوجده قد رحل إلى الأمجاد السماوية وكان ذلك فى تاريخ 2 من أمشير عام 343 ميلادية، وظل يبكى متحيراً كيف يدفنه، أبصر أسدين جاءا نحوه وقاموا بحفر حفرة عميقة لتحتضن جثمان هذا القديس الجليل.

ولم يكتف أب الرهبان من البكاء والحزن على فقدان أول السواح، بل أخذ ثوبه المصنوع من الليف الذى كان يرتديه وقدمه للأنبا أثناسيوس، الذى ظل يرتديه فى أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، وقد حدثت عجائب من هذا الثوب، كما ورد فى التاريخ القبطى، تحّول الموضع الذى يعيش فيه القديس إلى دير يسكنه رهبان يكرسون كل حياتهم لحياة التسبيح المفرحة، يقع ديره بالبحر الأحمر ويتوافد إليه عدد كبير من الأقباط ومحبيه فى ذكرى رحيله حتى يطلبون شفاعته.

وتمتلئ مصر بكنوز أثرية مر بها السيد المسيح خلال رحلة هروب العائلة المقدسة، ومع مرور الأيام عبر القديسون وتركوا آثارهم الباقية حتى الآن خالدة وجعلت منها محطات يحرص العديد حول العالم المسيحى على زيارتها والقراءة عن تاريخها العريق.

وفى منطقة تفيض بمنبع الرهبنة وانبعث منها الفكر الديرى للعالم المسيحى والذى عاش عليها أب الرهبان، وعلى مقربة من دير الأنبا أنطونيوس الذى يقبع فى منتصف الصحراء بالبحر الأحمر، وعاش داخل مغارة صغيرة بجبل القلالى وترك تعاليم توارثتها الأجيال فى البرية الشرقية، وبدأت حركة الرهبنة تسير من صحراء وادى النطرون فى القرون التالية حتى انتشرت للعالم المسيحى.

يأتى دير القديس الأنبا بولا الذى يقع بقرابة 25 كيلومتراً من جنوب منطقة الزعفرانة، وأصبح هذا الدير ودير أب الرهبان هما أقدم مناطق السياحة الدينية فى العالم وانبعث منهما مفهوم الرهبنة التى تفشت فى العالم المسيحى وأصبحت مصر هى منبعها ويذكر التاريخ أن تشييد دير الأنبا بولا الذى يقع جنوب شرق دير القديس أنطونيوس، كان هو الآخر فى العصر البيزنطى وتم توسعتهما فيما بعد عدة مرات.

ومن يبدأ رحلته لاكتشاف عالم الرهبنة والغوص فى تاريخ حياة «أول السواح» يستهل طريقه نحو الدير على بُعد 25 كم من الزعفرانة جنوباً، يأخذ منحنى بامتداد 12 كيلومتراً غرباً داخل الصحراء الشرقية متفرعا من الطريق الرئيسى.

جاء تأسيس دير الأنبا بولا على أعلى هضبة مذكورة تاريخياً حيث كانت موضع عبور بنى إسرائيل أثناء خروجهم من مصر عن طريق شمال محافظة البحر الأحمر، ووقع تأسيس الدير فى القرن الرابع الميلادى بواسطة تلاميذ الأنبا أنطونيوس ومُحبى الحياة الرهبانية.

يعد هذا الدير من الوجهات السياحية والمتعلقة بأحداث تاريخية عريقة إذ يحرص العديد من الوفود المسيحية بمختلف الطوائف أن يزوروا هذا الدير التاريخى الذى يضم ثلاث كنائس: كنيسة القديس مرقوريوس «أبى سيفين»، كنيسة الملاك ميخائيل، وكنيسة القديس بولا الأثرية التى تعتبر أقدمها تاريخياً.

يستطيع زائر مغارة الأنبا بولا الدخول إليها من خلال العبور على سلالم مكونة من 13 درجة، يصعد بها نحو كنيسة أبى سيفين، الموجودة بالدور الثانى والتى أعاد بناءها المُعلم إبراهيم الجوهرى فى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى، وتضم ثلاثة هياكل البحرى المكرس على اسم الأربعة وعشرين قسيساً، تزخرف حوائطها أيقونات ورسومات ونقوش تعود إلى القرن الخامس عشر، ولا تزال فى هيئتها وألوانها القديمة حتى الآن، وعن كنيسة الملاك ميخائيل يرجع تاريخها لعام 1777 ميلادية مُشيده على طراز الاثنتى عشرة قبة.

وعن تاريخ أقدم كنيسة بالدير «كنيسة الأنبا بولا»، فهى موضع القديس بولا وعاش بها حياته يوجد بها سقف الهيكل القبلى والأوسط مصنوع من أصل الجبل نفسه، ويتكون الهيكل والسلالم والممرات من صُنع الصخرى لقرابة ثلاثة أمتار أسفل الأرض، يتم النزول إليه بواسطة سلم منحوت جبلى بممر صخرى آخر مكون من 25 درجة، يؤدى إلى باب خشبى يعلوه صليب بارز ونافذة دائرية الشكل إلى مساحة مستطيلة مليئة بالزخارف المكتوب عليها عبارات قبطية وتضم أسماء القديسين والآباء الذين عبروا بهذا الممر.

يروى تاريخ هذه المنطقة أن النقطة التى تعلو الجبل هى الأرض التى احتضنت سنوات رهبنة القديس بولا، يوجد بالدير عين ماء تعتبر هى منبع الحياة داخل الأديرة، وأيضاً يحتوى على مجمع لغرف الرهبان أو صوامع للسكن والعبادة وتعرف كنسياً بـ«القلالى»، وبعد هذا الممر يوجد مخبز يضم مطحنتى الغلال الأثريتين والمائدة الأثرية القديمة والحديثة والمعصرة، تلك الأدوات تعتبر من أهم العناصر المعمارية التى توفر للرهبان داخل الدير مؤنهم وتوفر لهم احتياجات المعيشية داخل الدير وينتهى بوجود بوابة نحو سور الدير.

ويذكر تاريخ الدير أنه مَرّ بظروف مُظلمة وتعرض لاقتحام بربرى كبير عام 1484 ميلادياً، وشهد خلال هذه الواقعة حرق الكثير من مخطوطات تاريخية لآباء رهبان من الأقباط والسريان، والأزمة الأخرى بسبب نقص الاحتياجات الخاصة بالرهبان فى القرن الخامس عشر.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ى صحراء مصر الأنبا أنطونیوس بالبحر الأحمر القدیس بولا الأنبا بولا هذا القدیس دیر الأنبا

إقرأ أيضاً:

تمييز صوت الله في العائلة.. الأنبا توماس يلقي محاضرة لأسر الفلك بالإيبارشية البطريركية

 شارك نيافة الأنبا توماس عدلي، مطران إيبارشية الجيزة والفيوم وبني سويف للأقباط الكاثوليك، مساء أمس الأحد، في اللقاء الحادي عشر، الذي نظمته خدمة الفلك للأسر الشابة بالإيبارشية البطريركية، تحت شعار "تمييز صوت الله في العائلة"، وذلك بكنيسة قلب يسوع، بمصر الجديدة.

بدأ اليوم بالصلاة الافتتاحية، أعقبها الترحيب بجميع الأسر، خاصةً الأسر الجديدة، ثم قامت الأزواج بعمل ورش عمل تخدم اللقاء، حيث احتوت على عدّة أسئلة ومنها:

- كيف يتحدث معنا الله؟ ما هي الوسائل التي نختبرها ونجد الله يتكلم معنا من خلالها؟

- لماذا في بعض الأحيان لا نستطيع تمييز صوت الله رغم إنه بيتكلم؟

تلا ذلك، كلمة القمص فرنسيس نوير، راعي الكنيسة، مرحبًا بالأب المطران، الذي ألقى محاضرة بعنوان "كيف نميز صوت الله في العائلة من خلال الكتاب المقدس".

وتحدث صاحب النيافة في محاضرته حول بعض النقاط مثل:

* حرية الإنسان حرية محدودة، ولكنها حرية بمسؤولية، ويجب ألا تكون اختياراتي سبب عثرة للآخرين.

*  هناك فرق بين الندم الذي قد أشعر به نتيجة قرارتي، والتحديات التي أواجهها بناء على قراري.

* يجب علينا على مستوى العائلة أن نقرأ تاريخ الله في حياتنا.

* ماضينا لو تمت قراءاته بإنصات، يعطنا ثقة في المستقبل.

* يجب علينا على مستوي الأسرة أن نتعلم طريقة، الله من خلال علامات الازمنة التي يرسلها الله لنا "اصنعوا هذا لذكري".

كذلك، شكر خدام الفلك نيافة الأنبا توماس على اللقاء، ومحبته، ومشاركته، كما تم التأكيد على اللقاء الأخير لهذا العام "بيوتنا مغارة"، والذي سيكون مع نيافة الأنبا باخوم، النائب البطريركي لشئون الإيبارشيّة البطريركية.

وسيقام لقاء "بيوتنا مغارة"، يوم الرابع عشر من ديسمبر المقبل، كما سيتم الإعلان عن المكان، والميعاد قريبًا. 

وانتهى اللقاء بالصلاة الختامية، والتقاط الصورة التذكارية.

مقالات مشابهة

  • الحب والدعم كانا من العوامل المهمة التى ساعدتنى على التعافى
  • سحر الجعارة: ملف شباب الصحفيين أولوية.. ونسعى لبناء جيل قادر على مواجهة التحديات
  • يا وزير اسرع كرم عمر الجزلى وهو حى يرزق قبل ان يلتحق بالرفيق الاعلى
  •  سلاف فواخرجى: فيلم «سلمى» يعبر عن معاناة نساء سوريا.. والظروف الحقيقية أصعب من التخيل
  • كشف حساب للدور الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى
  • حنان أبوالضياء تكتب عن: الهوية الأنثوية المشوشة فى Wild Diamond
  • اللجوء.. وكرم شعب
  • الأنبا زوسيما يترأس عشية رحيل القديس مارمينا بكنيسة صول
  • تمييز صوت الله في العائلة.. الأنبا توماس يلقي محاضرة لأسر الفلك بالإيبارشية البطريركية
  • "تمييز صوت الله في العائلة".. لقاء روحي بكنيسة قلب يسوع بمصر الجديدة