أرض مصر منبع تاريخ الرهبنة2
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
القديس بولا عاش ٨٠ عاماً منفرداً فى الصحراء للعبادة
سيرة «أول السواح».. قصة مُلهمة للعالم المسيحى بطلها قديس قبطى
دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر.. تاريخ قبطى يفوح فى صحراء مصر
دور مؤثر لـ«أب الرهبان» فى حياة القديس بولا
قصص مؤثرة من التراث القبطى
«اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ.
وتفيض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعدد لا يحصى من القديسين والآباء الذين ساهموا فى وضع حجر أساس ومبادئ تسير عليها الأجيال المتعاقبة حتى الآن فى سلام، وبُنيت المنابر المسيحية على قواعد قوية مترابطة أساسها ما أوصى به الكتاب المقدس.
وأقامت الكنيسة المصرية هذه الفترة فعاليات النهضة الروحية الأنبا بولا وتحتفل يوم الجمعة المقبل 9 فبراير الجارى بعشية عيد هذا القديس المعروف كنسياً بـ«أول السواح»، ويعد أحد أبرز القديسين الذين مروا على التاريخ القبطى والذى وضع اسمه فى تراثه العريق ويعد رمزا رهبانيا عاش فى الخفاء وسط البرية التى لا يعلم بها أحد آنذاك، بل اتضح أنه عاش لسنوات فى معية الله وتحققت معجزة إلهية حين جاء إليه الخبزة عن طريق طائر «الغراب»، يومياً لمدة تجاوزت عشرات السنوات.
تحمل سيرة هذا القديس العديد من المحطات المؤثرة المحفوظة داخل سطور التاريخ المدونه فى كتاب القراءات اليومية والتذكار اليومى المعروف كنسياً بـ«السنكسار».
ولد أول السواح عام 228 فى مدينة الإسكندرية، وعاش فى كنف أسرة ثرية وبعد رحيل والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، وذكر التاريخ أن أخاه بطرس سعى للحصول على النصيب الأكبر من الميراث، إذ اشتد بينهما الجدل، تخلى القديس بولا عن كل الصراعات تراجع عن النزاعات وقرر الرهبنة فى الصحراء متفرداً بمحبة الله.
ورد عن سيرة هذا القديس أنه سكن جبل القلالى بالبحر الأحمر لمدة تجاوزت 80 عاماً، وتحقق مع هذا القديس مفهوم الرهبنة «الوحدة» ولم يشاهد فيها وجه إنسان، واشتهر مظهر الأنبا بولا بثوب مصنوع من الليف وسعف النخل، وكان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية فى بعض الأحيان ويرتوى من عين ماء كانت موجودة بفعل الطبيعة.
ومن المواقف التى احتفظت بها الكنيسة كتراث عريق هى لحظات التقاء أول السواح مع القديس أنطونيوس المعروف باسم أب الرهبان ومؤسس الحياة الديرية والذى يعتبر مؤنس وحشته، وتقاسما الصلاة معاً، وتصادفت هذه الفترة مع إعادة إحياء ذكرى رحيل القديس الأنبا أنطونيوس الكبير، الذى يؤول إليه الفضل فى اكتشاف الحياة الديرية، وأصبحت مصر منبع ومصدر هذا الفكر للعالم المسيحى، وكان يعتقد أب الرهبنة أنه أول من سكن البرية إلا أنه اكتشف فيما أن أول السواح قد سبقه فى ترك العالم.
إذ سمع القديس هذا الحديث السماوى انطلق بإرشاد الله نحو مغارة القديس أنبا بولا حيث التقيا معاً، وقد ناداه أنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان بعظائم الله. وعند الغروب جاء الغراب يحمل خبزة كاملة، فقال الأنبا بولا: «الآن علمت أنك رجل الله حيث لى أكثر من 80 عاماً يأتينى الغراب بنصف خبزة، أما الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله لك طعامك أيضاً».
ودار حوار جمعهما طلب فيه الأنبا بولا أن يسرع ويحضر «الحلة الكهنوتية» للبطريرك حينها البابا أثناسيوس، وذلك لأنه شعر بوقت رحيله، ونفذ القديس أنطونيوس وصيته وتأثر حين رأى وهو فى طريقه متجهاً نحو مغارة أول السواح، وهو مجموعة تحمل روح وهم يسبحون ويرتلون.
وهناك مشهد خلدته الأيقونات والرسوم الكنسية للقديس بولا، ولعل الصورة الأبرز والأكثر شهرة وهو يرتدى ملابسه البسيطة بجوار أسدين، كانت سبب هذه الصور حسبما روى التراث المسيحى موقف اللحظات الأخيرة للقديس الذى جمعه مع الأنبا أنطونيوس حين دخل المغارة وجد القديس بولا جاثياً على ركبتيه، وإذ ظهر يصلى انتظر طويلاً ثم اقترب منه فوجده قد رحل إلى الأمجاد السماوية وكان ذلك فى تاريخ 2 من أمشير عام 343 ميلادية، وظل يبكى متحيراً كيف يدفنه، أبصر أسدين جاءا نحوه وقاموا بحفر حفرة عميقة لتحتضن جثمان هذا القديس الجليل.
ولم يكتف أب الرهبان من البكاء والحزن على فقدان أول السواح، بل أخذ ثوبه المصنوع من الليف الذى كان يرتديه وقدمه للأنبا أثناسيوس، الذى ظل يرتديه فى أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، وقد حدثت عجائب من هذا الثوب، كما ورد فى التاريخ القبطى، تحّول الموضع الذى يعيش فيه القديس إلى دير يسكنه رهبان يكرسون كل حياتهم لحياة التسبيح المفرحة، يقع ديره بالبحر الأحمر ويتوافد إليه عدد كبير من الأقباط ومحبيه فى ذكرى رحيله حتى يطلبون شفاعته.
وتمتلئ مصر بكنوز أثرية مر بها السيد المسيح خلال رحلة هروب العائلة المقدسة، ومع مرور الأيام عبر القديسون وتركوا آثارهم الباقية حتى الآن خالدة وجعلت منها محطات يحرص العديد حول العالم المسيحى على زيارتها والقراءة عن تاريخها العريق.
وفى منطقة تفيض بمنبع الرهبنة وانبعث منها الفكر الديرى للعالم المسيحى والذى عاش عليها أب الرهبان، وعلى مقربة من دير الأنبا أنطونيوس الذى يقبع فى منتصف الصحراء بالبحر الأحمر، وعاش داخل مغارة صغيرة بجبل القلالى وترك تعاليم توارثتها الأجيال فى البرية الشرقية، وبدأت حركة الرهبنة تسير من صحراء وادى النطرون فى القرون التالية حتى انتشرت للعالم المسيحى.
يأتى دير القديس الأنبا بولا الذى يقع بقرابة 25 كيلومتراً من جنوب منطقة الزعفرانة، وأصبح هذا الدير ودير أب الرهبان هما أقدم مناطق السياحة الدينية فى العالم وانبعث منهما مفهوم الرهبنة التى تفشت فى العالم المسيحى وأصبحت مصر هى منبعها ويذكر التاريخ أن تشييد دير الأنبا بولا الذى يقع جنوب شرق دير القديس أنطونيوس، كان هو الآخر فى العصر البيزنطى وتم توسعتهما فيما بعد عدة مرات.
ومن يبدأ رحلته لاكتشاف عالم الرهبنة والغوص فى تاريخ حياة «أول السواح» يستهل طريقه نحو الدير على بُعد 25 كم من الزعفرانة جنوباً، يأخذ منحنى بامتداد 12 كيلومتراً غرباً داخل الصحراء الشرقية متفرعا من الطريق الرئيسى.
جاء تأسيس دير الأنبا بولا على أعلى هضبة مذكورة تاريخياً حيث كانت موضع عبور بنى إسرائيل أثناء خروجهم من مصر عن طريق شمال محافظة البحر الأحمر، ووقع تأسيس الدير فى القرن الرابع الميلادى بواسطة تلاميذ الأنبا أنطونيوس ومُحبى الحياة الرهبانية.
يعد هذا الدير من الوجهات السياحية والمتعلقة بأحداث تاريخية عريقة إذ يحرص العديد من الوفود المسيحية بمختلف الطوائف أن يزوروا هذا الدير التاريخى الذى يضم ثلاث كنائس: كنيسة القديس مرقوريوس «أبى سيفين»، كنيسة الملاك ميخائيل، وكنيسة القديس بولا الأثرية التى تعتبر أقدمها تاريخياً.
يستطيع زائر مغارة الأنبا بولا الدخول إليها من خلال العبور على سلالم مكونة من 13 درجة، يصعد بها نحو كنيسة أبى سيفين، الموجودة بالدور الثانى والتى أعاد بناءها المُعلم إبراهيم الجوهرى فى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى، وتضم ثلاثة هياكل البحرى المكرس على اسم الأربعة وعشرين قسيساً، تزخرف حوائطها أيقونات ورسومات ونقوش تعود إلى القرن الخامس عشر، ولا تزال فى هيئتها وألوانها القديمة حتى الآن، وعن كنيسة الملاك ميخائيل يرجع تاريخها لعام 1777 ميلادية مُشيده على طراز الاثنتى عشرة قبة.
وعن تاريخ أقدم كنيسة بالدير «كنيسة الأنبا بولا»، فهى موضع القديس بولا وعاش بها حياته يوجد بها سقف الهيكل القبلى والأوسط مصنوع من أصل الجبل نفسه، ويتكون الهيكل والسلالم والممرات من صُنع الصخرى لقرابة ثلاثة أمتار أسفل الأرض، يتم النزول إليه بواسطة سلم منحوت جبلى بممر صخرى آخر مكون من 25 درجة، يؤدى إلى باب خشبى يعلوه صليب بارز ونافذة دائرية الشكل إلى مساحة مستطيلة مليئة بالزخارف المكتوب عليها عبارات قبطية وتضم أسماء القديسين والآباء الذين عبروا بهذا الممر.
يروى تاريخ هذه المنطقة أن النقطة التى تعلو الجبل هى الأرض التى احتضنت سنوات رهبنة القديس بولا، يوجد بالدير عين ماء تعتبر هى منبع الحياة داخل الأديرة، وأيضاً يحتوى على مجمع لغرف الرهبان أو صوامع للسكن والعبادة وتعرف كنسياً بـ«القلالى»، وبعد هذا الممر يوجد مخبز يضم مطحنتى الغلال الأثريتين والمائدة الأثرية القديمة والحديثة والمعصرة، تلك الأدوات تعتبر من أهم العناصر المعمارية التى توفر للرهبان داخل الدير مؤنهم وتوفر لهم احتياجات المعيشية داخل الدير وينتهى بوجود بوابة نحو سور الدير.
ويذكر تاريخ الدير أنه مَرّ بظروف مُظلمة وتعرض لاقتحام بربرى كبير عام 1484 ميلادياً، وشهد خلال هذه الواقعة حرق الكثير من مخطوطات تاريخية لآباء رهبان من الأقباط والسريان، والأزمة الأخرى بسبب نقص الاحتياجات الخاصة بالرهبان فى القرن الخامس عشر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ى صحراء مصر الأنبا أنطونیوس بالبحر الأحمر القدیس بولا الأنبا بولا هذا القدیس دیر الأنبا
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف: الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ومآثرهم خالدة في تاريخ الوطن
القاهرة- أ ش أ:
تقدّم وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، بأسمى آيات الاعتزاز والاحترام لأرواح الشهداء ولأهليهم وللوطن أجمع، قيادةً وحكومةً وشعبًا، لقاءَ ما قدموا من قدوة عزّ مثيلها، ومآثر خالدة في وجدان الأمة وحاضرها ومستقبلها؛ إذْ صدقوا الله فصدقهم، وأقسموا على فداء الوطن فأبروا، ووعدوا بصون المواطن فأوفوا.
وأكد الوزير - وفقا بيان اليوم الأحد - أن الشهادة في سبيل الله والوطن كما بر الوالدين هما دَيْن لا يُرَد، ولا يقدر على الثواب عليه إلا الله وحده، وليس هذا المعنى الأوحد للشهادة، فالشهاد بِرٌّ وفداء، وبذل وعطاء، واستعداد وسمو؛ فمن عاش معاني الشهادة دانت له أسبابها وحاز فضلها.
وفي هذا المقام، توجه بالوزير بأسمى عبارات الاعتزاز والطمأنينة والافتخار إلى أهالي الشهداء وزملائهم ومؤسساتهم؛ مؤكدًا أن آلام الفقد مبرحة، ولا تبارح النفس والعقل وإن طال الزمن، لكن الصبر والسلوان من نعم الله الرحيم الحكيم، والنعيم المقيم في الآخرة وعد صادق، وليس أرقى ولا أسمى من بذل النفس في سبيل الله والوطن حتى نأمن بعد خوف، ونعمل بعد تعطل، ونصون الدين والوطن بما يليق بجلالهما في شرع الله وعيون من استشهدوا وأشهدونا على تضحياتهم ليكونوا لنا نبراسًا هاديًا، بعد أن جعلوا لنا - بأمر الله - من ضيقنا مَخرجًا.
وقال إننا "إذ نحيي يوم الشهيد فإننا نحيي في أنفسنا وفي أبنائنا معاني القدوة، وصون الوطن، وإتقان العمل، وامتزاج القيادة بصفوف المرؤوسين، والتفاني من أجل الوطن، والوعي الرشيد، واستلهام العبر والدروس من الماضي، واستشراف المستقبل بقلب واثق، وعقل واعٍٍ، وعزم كعزم الشهداء – لا يلين.. أسكنهم الله أعالي الجنان، وأفاض علينا من رحماته وبركاته كي نصون مآثرهم ونهتدي بقيمهم".
وأكد الوزير أن "حياة الوطن - جيلاً بعد جيل - تظل مدينة لأرواح الشهداء التي سطرت التاريخ وأنارت المستقبل؛ فبهم صار الوطن عزيزًا لا يضام، وأصبح المواطن آمنًا من خوف؛ فالشهداء بوابة المستقبل وإن لم يشهدوه، وهم درّة التاج وإن لم يلبسوه، وصمام أمان الوطن وإن غادروه.. فرحم الله كل مَن وطّأَ ومهَّد، وهيَّأ وتعهَّد، ثم استُشهد قبل أن يَشهد".
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
أسامة الأزهري وزير الأوقاف الشهداءتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
إعلان
رمضانك مصراوي
المزيدهَلَّ هِلاَلُهُ
المزيدإعلان
وزير الأوقاف: الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ومآثرهم خالدة في تاريخ الوطن
© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
القاهرة - مصر
24 15 الرطوبة: 26% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رمضانك مصراوي رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك