أثارت وفاة المعارض الروسي، أليكسي نافالني في السجن عاصفة انتقادات غربية، ظهرت معها ملامح حرص الغرب على حياة الإنسان، وتجلت بها القيم التي يدعو لها، على النقيض تماما مع موت آلاف النساء والأطفال في غزة.

أجمع الغرب على تحميل الرئيس بوتين مسؤولية موت نافالني، وكال المسؤولون الغربيون أصناف التهم للرجل، وذلك يبدو منطقيا بنظر الكثيرين الذين يرون روسيا ديكتاتورية في عهد بوتين، لكن الازدواجية الغربية تفقد هذه الاتهامات قيمتها.



ويعيد الموقف الجديد للغرب، الاتهامات السابقة التي تعرض، مع بداية العدوان على غزة، حيث ندد الكثير من مواطنيه في التظاهرات بالمعايير المزدوجة للتعامل مع الضحايا في غزة وأوكرانيا، والآن بين نتنياهو وبوتين.



واحد مقابل 30 ألفا
ومن الولايات المتحدة الداعم الأكبر للعدوان على غزة الذي تسبب بموت الآلاف من المدنيين، خرجت الإدانات للرئيس بوتين على موت معارض واحد.

وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن روسيا "مسؤولة" عن وفاة المعارض نافالني، مبينا أن وفاته في سجن روسي بعد وضعه هناك خوفا منه "تعكس "التعفن" بالمنظومة التي بناها بوتين" وفق وصفه.

من جهته، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، "إن تاريخ الكرملين الذي وصفه بالقذر في إيذاء معارضيه يثير أسئلة حول ما حدث".

بينما كانت تعابير البيت الأبيض حول العدوان على غزة ونتنياهو، تختلف تماما عن التوصيفات التي أطلقت على بوتين، فالحرب الهمجية ضد القطاع تصفها الولايات المتحدة بـ "الدفاع عن النفس"، ونتنياهو الذي يعتبره الكثيرون قاتلا للأطفال، هو شريك موثوق للولايات المتحدة.

وأخذ الموقف الأمريكي من غزة أبعد من ذلك، إذ حاولت التصريحات الأمريكية تكذيب عيون الملايين الذين يشاهدون القتل في غزة، بالقول، "عن عدم وجود أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا خلال حربها على قطاع غزة، وليس لديها معلومات تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف الصحفيين في هذا الصراع"، وفقا للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

النفاق الغربي عندما يتمادى شاهقا
يندبون عويلا وصدمة وحزنا، على المعارض الروسي #نافالنى الذي توفي في السجن، ويتجاهلون 30 ألف شهيدا في #غزة، نصف أطفال، قتلتهم إسرائيل، قصفا وتفجيرا وتدميرا، وتحول الكثير منهم لأشلاء وكومة من اللحم، أمام شاشات العالم…
هؤلاء القادة الغربيين، لم… pic.twitter.com/KZw9UwgmWp — Jalel Ouerghi جلال الورغي (@jalelouerghi) February 17, 2024

ووصلت عدوى التصريحات الإنسانية لمختلف الدول الغربية، فقد حركها موت نافالني كما لم يحركها نحو 15 ألف طفل استشهدوا في غزة، حيث اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن الرئيس الروسي يجب أن يحاسب على وفاة نافالني، والذي كان قد "فبرك له التهم لسجنه".

كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وفاة نافالني بـ "النبأ الفظيع" باعتباره المدافع الأشرس عن الديمقراطية في روسيا.

ويعد سوناك نفسه، من أبرز داعمي العدوان الإسرائيلي على غزة، ومبرري جرائمه.

بدوره أدان المستشار الألماني أولاف شولتس وفاة نافالني قائلا إن المعارض الذي عاد إلى روسيا بعدما خضع للعلاج في برلين إثر محاولة تسميم قبل سنوات "دفع الآن حياته ثمنا لشجاعته".

ويمكن اعتبار الموقف الألماني أكثر المواقف تناقضا بعد الولايات المتحدة، فبرلين دافعت بقوة عن جرائم الاحتلال حتى انضمت لفريق الدفاع عنه في محكمة العدل الدولية الشهر الماضي.

من جهته اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا بإصدار أحكام الإعدام "على أصحاب الفكر الحر"، معبرا عن غضبه حيال وفاة نافالني في السجن.

كما اعتبر الاتحاد الأوروبي النظام الروسي المسؤول الوحيد عن وفاة نافالني، وذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، "أن وفاة نافالني تعد تذكيرا قاتما بطبيعة بوتين ونظامه".

الرئيس الامريكي اعتبر وفاة المعارض الروسي اليكسي نافالني اليوم فاجعة كبرى، أما مقتل ثلاثين الف مدني في غزة مجرد إحصائيات بالنسبة لبايدن — فيصل القاسم (@kasimf) February 16, 2024



النفاق الغربي
نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بصمت الدول الغربية إزاء المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، مشيرة إلى أن "نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة صارخة وواضحة".

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الرسمي إن "الغرب يصمت إزاء انتهاك إسرائيل القانون الإنساني الدولي، فيما لا يتردد بالتنديد بالانتهاكات الروسية في حربها على أوكرانيا"، مشددة على أن "مطالب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين تنطبق على الجميع".

وأضافت المنظمة أن "مبدأ عدم المعاملة بالمثل المتأصل في قوانين الحرب ينطبق على جميع النزاعات"، موضحة أن "انتهاك هذه القوانين من جانب طرف لا يُبرر انتهاكات الطرف الآخر".

وذكرت أنه "في حين سارعت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى إدانة الهجمات التي قادتها حماس ضد إسرائيل والدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك وإطلاق سراح الرهائن إلا أن رد فعلها على انتهاكات إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول كان صامتا".

واعتبرت المنظمة أن "النفاق والمعايير المزدوجة للدول الغربية صارخة وواضحة"، محذرة من "خطر تقويض هذه المعايير سنوات من العمل المضني لتعزيز وتوحيد المعايير المصممة لحماية المدنيين المحاصرين في النزاعات حول العالم".



نسخ "نافالني" العربية
والجمعة، أعلنت مصلحة السجون الروسية، وفاة المعارض المسجون أليكسي نافالني في سجن بالقطب الشمالي حيث كان يقضي حكما بالسجن مدة 19 عاما.

وأفادت سلطات السجون لمنطقة ياما في القطب الشمالي في بيان: "في 16 شباط/فبراير 2024، شعر السجين نافالني بوعكة بعد نزهة وغاب عن الوعي بشكل شبه فوري.. أكدت فرق الإسعاف وفاة السجين ويجري التثبت من أسباب الوفاة".

وأضافت أن "كل إجراءات الإنعاش اتخذت لكن لم تعط نتائج إيجابية".

من جانبه قال الكرملين إن مصلحة السجون تجري كافة الفحوصات فيما يتعلق بوفاة نافالني، ولا تفاصيل متوفرة حاليا حول سبب الوفاة.

ويقضي نافالني البالغ من العمر 47 عاما، حكما بالسجن لمدة 19 عاما، بتهمة "التطرف"، في معتقل يُعرف باسم "الذئب القطبي".

ويعد نافالني، أشهر زعيم للمعارضة في روسيا، على الساحة منذ أكثر من عقد حيث عرف بانتقاد طبقة النخبة المحيطة بالرئيس بوتين واتهامهم بالفساد.

ونظّم نافالني احتجاجات واسعة في روسيا قبل أن يُسجن في 2021 بعد إدانته بتهم احتيال إثر عودته من ألمانيا، إذ كان يتعافى من عملية تسميم قال محققون مستقلون إن الدولة الروسية نفّذتها.

وتظهر زاوية أخرى لازدواجية المعايير الغربية، في التنديد بموت معارض في روسيا، والصمت عن آلاف المعارضين في الدول العربية ذات العلاقة الوطيدة بالولايات المتحدة خصوصا، بدءا من مصر والعراق وليس انتهاء بالسعودية.

وتعتبر الدول العربية الحليفة لواشنطن، ذات سجل دموي بحقوق الإنسان، ففي مصر مثلا يقبع آلاف السجناء السياسيين خلف القضبان وسط ظروف احتجاز أقل ما يقال عنها أنها فظيعة وفق تعبير المنظمات الحقوقية الدولية.

أما العراق الذي نشأ نظامه السياسي بكنف الولايات المتحدة التي احتلت البلاد بدعوى الديمقراطية، فإن سجونه توصف بالقبور الكبيرة، حيث كشفت هيومن رايتس ووتش في عدة مناسبات عن موت يومي يختطف المعتقلين فضلا عن التعذيب والانتهاكات في السجون.

وكذلك الأمر مع السعودية والإمارات والبحرين، حيث تتذيل هذه الدول مؤشرات حقوق الإنسان عالميا بسجن المعارضين، حتى دون أحكام قضائية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية نافالني غزة الازدواجية الغربية الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة نافالني مجازر الاحتلال ازدواجية الغرب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وفاة المعارض وفاة نافالنی فی روسیا على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

أول ظهور لإسماعيل الليثي.. لحظات ضاضا الأخيرة وأسرار خلافاته مع زوجته

في انفراد جديد لبرنامج واحد من الناس مع الإعلامي د. عمرو الليثي، وأول ظهور للمطرب الشعبي إسماعيل الليثي بعد وفاة ابنه، في العاشرة مساء اليوم الإثنين علي شاشة الحياة. 

خاص| زينة أشرف عبدالباقي تكشف لـ "الوفد" صعوبات فيلم مين يصدق إسماعيل الليثي يتذكر اللحظات الأخيرة في حياة ابنه ضاضا

يتذكر المطرب الشعبي إسماعيل الليثي في أول ظهور له بعد وفاة ابنه اللحظات الأخيرة في حياته، ويحكي عن علاقته به وكيف واجه لحظة سماع خبر وفاته. 

انفراد بأول ظهور لإسماعيل الليثي بعد وفاة ابنه.

كما يروي للدكتور عمرو الليثي بدموعه أجمل  ذكرياته معه وكيف خرجت أغنيتة (ابن عمري) في ظل الأحزان التي عاشها بعد رحيله 

ويحكي عن أسرار خلافاته مع زوجته بعد رحيل ابنه.

برنامج واحد من الناس

يذاع برنامج واحد من الناس في العاشرة مساء اليوم الإثنين 18 نوفمبر على شاشة الحياة

مقالات مشابهة

  • استغلاًلا لـ البطة العرجاء.. بوتين يضبط عقارب روسيا النووية
  • صواريخ أتاكمز الامريكية التي سمح لاوكرانيا استخدامها في ضرب عمق روسيا؟
  • العين فلقت الحجر| صورة أبكت الآلاف على وفاة ملك جمال الأردن.. القصة الكاملة
  • أول ظهور لإسماعيل الليثي.. لحظات ضاضا الأخيرة وأسرار خلافاته مع زوجته
  • بعد وفاة نجله "ضاضا".. إسماعيل الليثي في ضيافة "واحد من الناس"
  • في أول ظهور بعد وفاة ابنه ضاضا.. إسماعيل الليثي بضيافة «واحد من الناس»
  • بولندا: قصف العمق الروسي هي "اللغة التي يفهمها بوتين"
  • إسماعيل الليثي ضيف "واحد من الناس" في أول ظهور بعد وفاته ابنه
  • بخماسية مقابل واحد.. الخضر يضربون بـالثقيل أمام ليبيريا
  • الأمم المتحدة: ما بين 65 ألفا و75 ألف فلسطيني ما زالوا يعانون الحرمان في شمال غزة