كيفية وقوف المأموم مع الإمام بمفردهما؟.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هي كيفية وقوف المأموم مع الإمام إذا كان المأموم فردًا واحدًا، وهل يقف إلى جوار الإمام أو عن يمينه أو عن يساره؟).
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن السُّنة في حق المأموم الواحد أن يقفَ عن يمين الإمام، ويتأخر عنه قليلًا بحيث يتميز الإمام من المأموم؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَجِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ".
وأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيتُ أنا ويتيمٌ في بيتِنا خلْفَ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا". وفي لَفْظ: "وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ".
وعن جابر بن عبد لله رضي الله عنهما قال: "سِرْت مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَقَامَ يُصَلِّي، ثُمَّ جِئْت حَتَّى قُمْت عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَدَارَنِي حَتَّى أَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَ ابْنُ صَخْرٍ حَتَّى قَامَ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ" رواه أبو داود.
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشِّلْبِيِّ" (1/ 136، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [(ويقف الواحد عن يمينه) أي: عن يمين الإمام مساويًا له، وعن محمد رحمه الله أنه يضع إصبعه عند عقب الإمام، وهو الذي وقع عند العوام. ويكره أن يقف عن يساره؛ لما روينا، ولا يكره أن يقف خلفه في رواية، ويكره في أخرى، ومنشأ الخلاف قول محمد: إن صلى خلفه جازت، وكذا إن وقف عن يساره وهو مسيء، فمنهم مَن صرف قوله: وهو مسيء إلى الأخير، ومنهم مَن صرفه إلى الفعلين وهو الصحيح. والصبي في هذا كالبالغ حتى يقف عن يمينه] اهـ.
وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 211، ط. دار الفكر): [ثم شرع يتكلم على محلّ وقوف المأموم؛ لأنه من جملة أحكامه بقوله: (والرجل الواحد) ومثله الصبي الذي يعقل القربة إذا صلى واحدًا منهما (مع الإمام) يستحب له أن (يقوم) أي: يصلي (عن) أي: جهة (يمينه)، ويندب له أن يتأخر عنه قليلًا بحيث يتميز الإمام من المأموم، وتكره محاذاته] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 291، ط. دار الفكر): [أما أحكام الفصل ففيه مسائل؛ (إحداها): السُّنة أن يقف المأموم الواحد عن يمين الإمام رجلًا كان أو صبيًّا، قال أصحابنا: ويستحب أن يتأخر عن مساواة الإمام قليلًا، فإن خالف ووقف عن يساره أو خلفه استحب له أن يتحول إلى يمينه، ويحترز عن أفعال تبطل الصلاة، فإن لم يتحول استحب للإمام أن يحوله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإن استمر على اليسار أو خلفه كره وصحت صلاته عندنا بالاتفاق] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (2/ 157، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: وإذا كان المأموم واحدًا ذكرًا، فالسنة أن يقف عن يمين الإمام، رجلًا كان أو غلامًا] اهـ.
وبناءً على ما سبق: فإن السُّنة في حق المأموم الواحد أن يقفَ عن يمين الإمام متأخرًا عنه، فإذا وقف عن يساره فإنه يستحب تصحيح هذا الوقوف سواء من المأموم أو من الإمام، مع التنبيه على أن الصلاة لا تبطل بهذه الهيئة في الوقوف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رضی الله عنه الإمام ا ى الله أن یقف
إقرأ أيضاً:
هل ذكرت ليلة النصف من شعبان في القرآن الكريم.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما المقصود من الليلة الوارد ذكرها في قول الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]؟ وهل هي ليلة النصف من شعبان؟).
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال إن أحد القولين في المقصود بقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] أنها ليلة النصف من شعبان؛ فقد روى الطبري هذا عن عكرمة حيث قال: في ليلة النصف من شعبان، يبرم فيه أمر السنة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد.
ولعل مستند ذلك القول ما رواه ابن جرير في "تفسيره" مرسلًا عن عثمان بن محمد بن المُغيرة بن الأخنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تُقْطَعُ الآجالُ مِنْ شَعْبان إلى شَعْبانَ، حتى إن الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهْ، وَقَدْ خَرَجَ اسمُهُ فِي المَوْتَى» انظر: "تفسير الطبري" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة).
وقال الشيخ أبو عبد الله بن الحاج العبدري الفاسي المالكي في كتابه "المدخل" (1/ 299، ط. دار التراث): [ولا شكَّ أنها ليلة مباركة عظيمة القدر عند الله تعالى؛ قال الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4].
وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل هي هذه الليلة، أو ليلة القدر؟ على قولين؛ المشهور منهما: أنها ليلة القدر، وبالجملة فهذه الليلة، وإن لم تكن ليلة القدر، فلها فضل عظيم وخير جسيم، وكان السلف رضي الله عنهم يعظمونها ويشمِّرون لها قبل إتيانها، فما تأتيهم إلا وهم متأهبون للقائها، والقيام بحرمتها، على ما قد علم من احترامهم للشعائر على ما تقدم ذكره، هذا هو التعظيم الشرعي لهذه الليلة] اهـ.
وقال العلامة الغماري في "حسن البيان" (ص: 23-24، ط. عالم الكتب): [ولك أن تسلك طريقة الجمع -يعني بين القولين-؛ بما رواه أبو الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر"، وحاصل هذا: أن الله يقضي ما يشاء في اللوح المحفوظ ليلةَ النصف من شعبان، فإذا كان ليلة القدر سلَّم إلى الملائكة صحائف بما قضاه، فيسلم إلى ملك الموت صحيفة الموتى، وإلى ملك الرزق صحيفة الأرزاق، وهكذا إلى كل ملك يتسلم ما نيط به، وفي قوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] أشار إلى هذا -والله أعلم-؛ حيث قال ﴿يُفْرَقُ﴾، ولم يقل: يقضى، أو يكتب. والفرق: التمييز بين الشيئين.
وأوضحت أن الآية تشير إلى أن المقتضيات تفرق ليلة القدر بتوزيعها على الملائكة الموكلين بها، أما كتابتها وتقديرها فهو حاصل في ليلة نصف شعبان كما في الأحاديث المذكورة، وبهذا يجمع شمل الأقوال المتضاربة في هذا الباب، ويرأب صدعها، والحمد لله رب العالمين] اهـ.