5 ملفات مهمة.. هل توصل أردوغان والسيسي لتفاهمات مشتركة؟
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
هدفت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، في 14 فبراير/شباط الجاري، إلى تتويج تطبيع العلاقات بين بلاده ومصر، والتوصل إلى تفاهمات مشتركة بشأن كل من منتدى غاز شرق البحر المتوسط وفلسطين وليبيا والسودان والصومال.
ذلك ما خلص إليه محمد الدوح، في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي (Geopolitical Monitor) ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن زيارة أردوغان كانت الأولى من نوعها منذ نحو عقد من الخلافات بين البلدين.
وأضاف أن هذه الزيارة "مثلت فرصة فريدة لمناقشة المصالح المشتركة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبينها تطوير الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط، وتعزيز العلاقات الثنائية في المجالات كافة، ومعالجة الأوضاع في غزة وليبيا والسودان والصومال".
وتابع: "كان الملف الفلسطيني والوضع الراهن في غزة محور المباحثات بين الرئيسين المصري والتركي، بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية التي دخلت شهرها الخامس، والأزمة الإنسانية المتفاقمة، كما أن هناك توقعا لهجوم إسرائيلي على رفح (على الحدود مع مصر) في أي لحظة".
واستطرد: "كما يساهم الوضع في غزة في التوترات في جميع أنحاء المنطقة (...)، ولذلك فإن استعادة الاستقرار الإقليمي وتحقيق حل سلمي بين فلسطين وإسرائيل هما من الأولويات الرئيسية للزعيمين".
اقرأ أيضاً
مصر وتركيا.. 3 مجالات لمنافع متبادلة وخلاف حول بلد عربي
تفاهمات مشتركة
و"بالمثل، أتاحت المحادثات بين السيسي وأردوغان فرصة للتوصل إلى تفاهمات مشتركة بشأن الصراع المستمر في ليبيا (الجار الغربي لمصر) منذ حوالي عشر سنوات، مما يطرح إمكانية إجراء الانتخابات وتفكيك الميليشيات، بما يمهد الطريق لمزايا اقتصادية محتملة للشركات المصرية والتركية في مشاريع إعادة الإعمار اللاحقة"، كما زاد الدوح.
وأردف: "كما يستكشف الحوار المصري التركي استراتيجية أكثر تأثيرا لمعالجة الصراعات المستمرة في أفريقيا، وخاصة في السودان (الجار الجنوبي لمصر)، حيث تستمر حرب أهلية منذ قرابة عام".
وتابع: "ومن المهم الإشارة إلى أن تركيا لديها مصالح كبيرة في إنشاء قاعدة بحرية في السودان على البحر الأحمر، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها قد تتعارض مع الأمن القومي المصري".
"كذلك تعمل تركيا على توسيع نفوذها في الصومال. لكن التهديد الإثيوبي المتمثل في الاتفاق على إنشاء قاعدة بحرية وتأجير جزء من ميناء "بربرة" عبر في تُسمى بـ"جمهورية أرض الصومال" الانفصالية، قوبل بمعارضة من مصر وتركيا"، بحسب الدوح.
وزاد بأنه "بالنظر إلى هذا الوضع، فإن محاذاة المواقف الاستراتيجية المصرية والتركية يمكن أن تعزز فعالية التصدي للتهديد الإثيوبي، خاصة وأن الصومال تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أجنبية تركية".
اقرأ أيضاً
إعادة ضبط إقليمية.. 3 نجاحات وإخفاقان لمصالحات تركيا في الشرق الأوسط
منتدى الغاز
الدوح قال إن "التعاون في قطاع الطاقة والحضور المشترك في منطقة شرق البحر المتوسط وفرا فرصا كبيرة لتعزيز العلاقات المصرية التركية، وبالنظر إلى اعتماد تركيا الكبير على واردات الطاقة، توجد إمكانية للتعاون الاستراتيجي مع مصر عبر منتدى غاز شرق البحر المتوسط".
وأضاف أن "هذا من الممكن أن يكون بمثابة منصة لتعظيم الفوائد وتخفيف التوترات السياسية بين تركيا واليونان وقبرص. ونظرا لهذه الظروف، يبدو أن أنقرة تهدف إلى إقامة علاقات أوثق مع مصر للمشاركة في التعاون الإقليمي الذي يتضمن شراكات متعددة، وقد يعطل ذلك المعارضة السياسية لتركيا داخل المنتدى".
وأردف: "بالتالي، فإن المصالحة بين تركيا ومصر تمثل فرصة قيمة لدول شرق البحر المتوسط للمشاركة في مفاوضات جماعية، على طريق حل نزاعاتها، وتحديدا بين تركيا وكل من اليونان وقبرص".
ومضى الدوح قائلا إنه "بينما تسعى أنقرة إلى الحصول على دعم القاهرة للانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط، تعرب تركيا أيضا عن رغبتها في التوقيع على معاهدة ثنائية لترسيم الحدود البحرية مع مصر".
وتابع أن "السيسي أكد أن فصلا جديدا في العلاقات مع تركيا قد بدأ، مع خططه لزيارة تركيا في أبريل (نيسان المقبل). ومع ذلك، يبقى أن ننتظر لنرى كيف ستؤثر زيارة أردوغان على توافق المصالح بين مصر وتركيا، فضلا عن التداعيات المحتملة على عدم الاستقرار الإقليمي".
اقرأ أيضاً
تركيا واليونان تنضمان رسميا إلى مشروع الدرع الدفاعي بقيادة ألمانيا
المصدر | محمد الدوح/ جيوبوليتيكال مونيتور- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أردوغان السيسي زيارة تفاهمات منتدى الغاز ليبيا السودان شرق البحر المتوسط مع مصر
إقرأ أيضاً:
أكثر من 98% لإمدادات العالم في زيت الزيتون تواجه تهديدا بيئيا غير مسبوق.. مصر تمتلك فرصة ذهبية
يواجه زيت الزيتون، وهو عنصر أساسي في ثقافة ومأكولات منطقة البحر الأبيض المتوسط، تهديدًا بيئيًا غير مسبوق.
كشفت دراسة علمية جديدة نشرت هذا الشهر في مجلة “اتصالات الأرض والبيئة” أن تزايد شح المياه والانخفاض المتوقع في النشاط الشمسي قد يقوصان بشدة إنتاج الزيتون في منطقة البحر الأبيض المتوسط، التي تُشكّل موطنًا لأكثر من 98% من إمدادات العالم.
استخدم البحث، الذي قاده فريق دولي من العلماء، سجلات حبوب اللقاح الأحفورية على مدى 8000 عام لإعادة بناء تاريخ إنتاجية أشجار الزيتون ودراسة العوامل طويلة المدى التي تؤثر على الغلة.
وتشير النتائج إلى أن التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار والإشعاع الشمسي ستُضعف من قدرة بساتين الزيتون على الصمود، لا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مما يُشكل تحديات خطيرة للمزارعين والاقتصادات التي تعتمد على زراعة الزيتون.
تركز معظم الدراسات على تقلبات المناخ قصيرة المدى. ما نُظهره هو وجود إيقاعات مناخية طويلة المدى – بما في ذلك الدورات الشمسية – شكّلت إنتاجية الزيتون على مدى آلاف السنين. يقول الباحث الرئيسي صموئيل لوترباشر، عالم المناخ بجامعة غيسن في ألمانيا: “هذه الدورات تتعرض الآن للاضطراب”.
بساتين الزيتون على الحافة
حددت الدراسة ثلاثة عوامل مناخية رئيسية تؤثر على إنتاجية أشجار الزيتون: التمثيل الضوئي، وتوافر المياه، والإشعاع الشمسي. تُحدد هذه العوامل مجتمعةً قدرة الأشجار على الإزهار وحمل الثمار.
وقد وجد الباحثون أن فترات الجفاف وانخفاض النشاط الشمسي التاريخية ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بانخفاض حاد في حبوب لقاح الزيتون، والتي تُستخدم كمقياس لمحصول الثمار.
بالاعتماد على بيانات من مختلف أنحاء البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك سوريا وفلسطين وتركيا واليونان وإيطاليا وإسبانيا، وضع الفريق نماذج لتأثيرات المناخ السابقة وتوقعها مستقبلًا.
وكانت النتائج صادمة: فمع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتغير أنماط هطول الأمطار، من المرجح أن تواجه أشجار الزيتون إجهادًا مائيًا متزايدًا، لا سيما خلال المراحل الحساسة كالتزهير والإثمار.
ومما يزيد من القلق، تحذر الدراسة من أن الشمس قد تدخل مرحلة جديدة من “الحد الأدنى الكبير للنشاط الشمسي” – وهي فترة مطولة من انخفاض الإشعاع الشمسي، وقد تزامن آخر حدث من هذا القبيل، وهو الحد الأدنى لموندر في القرن السابع عشر، مع العصر الجليدي الصغير، وهو فترة من التبريد العالمي واضطرابات زراعية.
سيؤدي انخفاض النشاط الشمسي إلى انخفاض الطاقة المتاحة لعملية التمثيل الضوئي، مما يؤثر سلبًا على إنتاجية الزيتون. هذا المزيج من الضغوطات البيئية – الجفاف وقلة ضوء الشمس – يُحدث ما يُطلق عليه الباحثون “عاصفة مثالية” قد تُدمر زراعة الزيتون في جميع أنحاء المنطقة.
أزمة ثقافية واقتصادية في طور التكوين
تمتد الآثار إلى ما هو أبعد من الزراعة، فزيت الزيتون ليس مجرد ركيزة غذائية، بل هو أيضًا شريان حياة اقتصادي في دول مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان وتونس. ووفقًا للمجلس الدولي للزيتون، تعتمد أكثر من 6.7 مليون أسرة على زراعة الزيتون في معيشتها.
رغم أن مصر لم تصنف بعد ضمن كبار المنتجين، إلا أنها وسّعت زراعة الزيتون في السنوات الأخيرة، لا سيما في مناطق استصلاح الصحراء. مع ذلك، يُحذّر الخبراء من أن هذه الاستراتيجية قد تُعرّض للخطر إذا ازداد شحّ الموارد المائية في ظلّ تغيُّر المناخ.
البحث يؤكد على ضرورة تكييف ممارساتنا الزراعية”، وفي مصر، تقع العديد من مزارع الزيتون الجديدة في أراضٍ هامشية تُشكل فيها كفاءة استخدام المياه تحديًا بالفعل، إذا أصبح المناخ أكثر جفافًا وانخفضت الإشعاعات الشمسية، فستتأثر المحاصيل ما لم نُغير طريقة إدارة الري والحفاظ على صحة التربة.
تحث الدراسة على إعادة النظر جذريًا في إدارة بساتين الزيتون. ومن أهم توصياتها: الاستثمار في أصناف مقاومة للجفاف، وتعزيز استراتيجيات الاحتفاظ برطوبة التربة، وإعادة تقييم المناطق التي يمكن زراعة الزيتون فيها مستقبلًا.
ساعة المناخ تدق
يأتي هذا البحث في ظلّ تزايد الاضطرابات المناخية، ففي منطقة البحر الأبيض المتوسط، بدأت موجات الحرّ الشديدة وتغيّر أنماط هطول الأمطار بالتأثير على غلة المحاصيل. في عام ٢٠٢٣، عانت إسبانيا، إحدى أكبر منتجي زيت الزيتون في العالم، من انخفاض إنتاجها بنسبة ٥٠٪ بسبب الجفاف الشديد.
قالت إينيس ألفاريز، المؤلفة المشاركة في الدراسة من جامعة جيان بإسبانيا: “هذا ليس مجرد تحذير من المستقبل البعيد، فنحن نشهد بالفعل آثار تغير المناخ على بساتين الزيتون، ما تضيفه دراستنا هو فهم أعمق للدورات الطبيعية التي دعمت إنتاج الزيتون لآلاف السنين، وكيف تُخلّ هذه الدورات بتوازنها”.
ويؤكد المؤلفون على أن السياسات الوطنية والإقليمية يجب أن تدعم بشكل عاجل الاستخدام المستدام للمياه، والحفاظ على التنوع البيولوجي، والحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لحماية مستقبل إنتاج الزيتون.
بالنسبة لمصر، التي تسعى لأن تصبح مركزًا مستقبليًا لإنتاج زيت الزيتون وتصديره، قد تكون هذه لحظة محورية لتبني الزراعة الذكية مناخيًا.
وبينما تُشير أشجار الزيتون في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط بهدوء إلى محنة، فإن الرسالة واضحة: الذهب السائل للمنطقة في خطر، والوقت ينفد.