30 ألف مقابل واحد.. موت نافالني يكشف العين العوراء للقيم الغربية
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
أثارت وفاة المعارض الروسي، أليكسي نافالني في السجن عاصفة انتقادات غربية، ظهرت معها ملامح حرص الغرب على حياة الإنسان، وتجلت بها القيم التي يدعو لها، على النقيض تماما مع موت آلاف النساء الأطفال في غزة.
أجمع الغرب على تحميل الرئيس بوتين مسؤولية موت نافالني، وكال المسؤولون الغربيون أصناف التهم للرجل، وذلك يبدو منطقيا بنظر الكثيرين الذين يرون روسيا ديكتاتورية في عهد بوتين، لكن الازدواجية الغربية تفقد هذه الاتهامات قيمتها.
ويعيد الموقف الجديد للغرب، الاتهامات السابقة الذي تعرض، مع بداية العدوان على غزة، حيث ندد الكثير من مواطنيه في التظاهرات بالمعايير المزدوجة للتعامل مع الضحايا في غزة وأوكرانيا، والآن بين نتنياهو وبوتين.
واحد مقابل 30 ألف
ومن الولايات المتحدة الداعم الأكبر للعدوان على غزة الذي تسبب بموت الآلاف من المدنيين، خرجت الإدانات للرئيس بوتين على موت معارض واحد.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن روسيا "مسؤولة" عن وفاة المعارض نافالني، مبينا أن وفاته في سجن روسي بعد وضعه هناك خوفا منه "يعكس "التعفن" بالمنظومة التي بناها بوتين" وفق وصفه.
من جهته، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، "إن تاريخ الكرملين الذي وصفه بالقذر في إيذاء معارضيه يثير أسئلة حول ما حدث".
بينما كانت تعابير البيت الأبيض حول العدوان على غزة ونتنياهو، تختلف تماما عن التوصيفات التي أطلقت على بوتين، فالحرب الهمجية ضد القطاع تصفها الولايات المتحدة بـ "الدفاع عن النفس"، ونتنياهو الذي يعتبره الكثيرون قاتلا للأطفال، هو شريك موثوق للولايات المتحدة.
وأخذ الموقف الأمريكي من غزة أبعد من ذلك، إذ حاولت التصريحات الأمريكية تكذب عيون الملايين الذي يشاهدون القتل في غزة، بالقول، "عن عدم وجود أي دليل على أن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا خلال حربها على قطاع غزة، وليس لديها معلومات تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف الصحفيين في هذا الصراع"، وفقا للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في كانون الأول ديسمبر الماضي.
النفاق الغربي عندما يتمادى شاهقا
يندبون عويلا وصدمة وحزنا، على المعارض الروسي #نافالنى الذي توفي في السجن، ويتجاهلون 30 ألف شهيدا في #غزة، نصف أطفال، قتلتهم إسرائيل، قصفا وتفجيرا وتدميرا، وتحول الكثير منهم لأشلاء وكومة من اللحم، أمام شاشات العالم…
هؤلاء القادة الغربيين، لم… pic.twitter.com/KZw9UwgmWp — Jalel Ouerghi جلال الورغي (@jalelouerghi) February 17, 2024
ووصل عدوى التصريحات الإنسانية لمختلف الدول الغربية، فقد حركها موت نافالني كما لم يحركها نحو 15 ألف طفل استشهدوا في غزة، حيث اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن الرئيس الروسي يجب أن يحاسب على وفاة نافالني، والذي كان قد "فبرك له التهم لسجنه".
كما وصف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك وفاة نافالني بـ "النبأ الفظيع" باعتباره المدافع الأشرس عن الديمقراطية في روسيا.
ويعد سوناك نفسه، من أبرز داعمي العدوان الإسرائيلي على غزة، ومبرري جرائمه.
بدوره دان المستشار الألماني أولاف شولتس وفاة نافالني قائلا إن المعارض الذي عاد إلى روسيا بعدما خضع للعلاج في برلين إثر محاولة تسميم قبل سنوات "دفع الآن حياته ثمنا لشجاعته".
ويمكن اعتبار الموقف الألماني أكثر المواقف تناقضا بعد الولايات المتحدة، فبرلين دافعت بقوة عن جرائم الاحتلال حتى انظمت لفريق الدفاع عنه في محكمة العدل الدولية الشهر الماضي.
من جهته اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا بإصدار أحكام الإعدام "على أصحاب الفكر الحر"، معبرا عن غضبه حيال وفاة نافالني في السجن.
كما اعتبر الاتحاد الأوروبي النظام الروسي المسؤول الوحيد عن وفاة نافالني، وذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، "أن وفاة نافالني تعد تذكيرا قاتما بطبيعة بوتين ونظامه".
الرئيس الامريكي اعتبر وفاة المعارض الروسي اليكسي نافالني اليوم فاجعة كبرى، أما مقتل ثلاثين الف مدني في غزة مجرد إحصائيات بالنسبة لبايدن — فيصل القاسم (@kasimf) February 16, 2024
النفاق الغربي
نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بصمت الدول الغربية إزاء المجازر المروعة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة.، مشيرة إلى أن "نفاق الغرب ومعاييره المزدوجة صارخة وواضحة".
وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الرسمي إن "الغرب يصمت إزاء انتهاك إسرائيل القانون الإنساني الدولي، فيما لا يتردد بالتنديد بالانتهاكات الروسية في حربها على أوكرانيا"، مشددة على أن "مطالب القانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين تنطبق على الجميع".
وأضافت المنظمة أن "مبدأ عدم المعاملة بالمثل المتأصل في قوانين الحرب ينطبق على جميع النزاعات"، موضحة أن "انتهاك هذه القوانين من جانب طرف لا يُبرر انتهاكات الطرف الآخر".
وذكرت أنه "في حين سارعت الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى إدانة الهجمات التي قادتها حماس ضد إسرائيل والدعوة إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك وإطلاق سراح الرهائن إلا أن رد فعلها على انتهاكات إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول كان صامتا".
واعتبرت المنظمة أن "النفاق والمعايير المزدوجة للدول الغربية صارخة وواضحة"، محذرة من "خطر تقويض هذه المعايير سنوات من العمل المضني لتعزيز وتوحيد المعايير المصممة لحماية المدنيين المحاصرين في النزاعات حول العالم".
نسخ "نافالني" العربية
والجمعة، أعلنت مصلحة السجون الروسية، الجمعة، وفاة المعارض المسجون أليكسي نافالني في سجن بالقطب الشمالي حيث كان يقضي حكما بالسجن مدة 19 عاما.
وأفادت سلطات السجون لمنطقة ياما في القطب الشمالي في بيان: "في 16 شباط/فبراير 2024، شعر السجين نافالني بوعكة بعد نزهة وغاب عن الوعي بشكل شبه فوري.. أكدت فرق الإسعاف وفاة السجين ويجري التثبت من أسباب الوفاة".
وأضافت أن "كل إجراءات الانعاش اتخذت لكن لم تعط نتائج إيجابية".
من جانبه قال الكرملين إن مصلحة السجون تجري كافة الفحوصات فيما يتعلق بوفاة نافالني، ولا تفاصيل متوفرة حاليا حول سبب الوفاة.
ويقضي نافالني البالغ من العمر 47 عاما، يقضي حكما بالسجن لمدة 19 عاما، بتهمة "التطرف"، في معتقل يُعرف باسم "الذئب القطبي".
ويعد نافالني، أشهر زعيم للمعارضة في روسيا، على الساحة منذ أكثر من عقد حيث عرف بانتقاد طبقة النخبة المحيطة بالرئيس بوتين واتهامهم بالفساد.
ونظّم نافالني احتجاجات واسعة في روسيا قبل أن يُسجن في 2021 بعد إدانته بتهم احتيال إثر عودته من ألمانيا، إذ كان يتعافى من عملية تسميم قال محققون مستقلون إن الدولة الروسية نفّذتها.
وتظهر زاوية أخرى لازدواجية المعايير الغربية، في التنديد بموت معارض في روسيا، والصمت عن آلاف المعارضين في الدول العربية ذات العلاقة الوطيدة بالولايات المتحدة خصوصا، بدءا من مصر والعراق وليس انتهاءا بالسعودية.
وتعبتر الدول العربية الحليفة لواشنطن، ذات سجل دموي بحقوق الإنسان، ففي مصر مثلا يقبع آلاف السجناء السياسيين خلف القضبان وسط ظروف احتجاز أقل ما يقال عنها أنها فظيعة وقف تعبر المنظمات الحقوقية الدولية.
أما العراق الذي نشأ نظامه السياسي بكنف الولايات المتحدة التي احتلت البلاد بدعوى الديمقراطية، فإن سجونه توصف بالقبور الكبيرة، حيث كشفت هيومن رايتس ووتش في عدة مناسبات عن موت يومي يختطف المعتقلين فضلا عن التعذيب والانتهاكات في السجون.
وكذلك الأمر مع السعودية والإمارات والبحرين، حيث تتذيل هذه الدول مؤشرات حقوق الإنسان عالميا بسجن المعارضين، حتى دون أحكام قضائية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية نافالني غزة الازدواجية الغربية الولايات المتحدة الولايات المتحدة غزة نافالني مجازر الاحتلال ازدواجية الغرب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وفاة نافالنی وفاة المعارض فی روسیا على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب يذعن لشروط بوتين في أوكرانيا
في سياق الحملات الانتخابية الرئاسية لعامي 2016 و2024، أعلن دونالد ترامب مراراً أن الأمريكيين سيشعرون بالملل من انتصارهم المستمر، مشيراً إلى أن "الأمريكيين يحبون الفائز ولن يتسامحوا مع الخاسر".
الأمريكيين يحبون الفائز ولن يتسامحوا مع الخاسر
وكتب جوناثان سويت ومارك توث في مجلة ذا هيل الأمريكية، أنه بالرغم من الوعود بالفوز المستمر، تبدو الأمور مختلفة الآن في السياسة الأمريكية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراع في أوكرانيا، ففي الوقت الذي تفرض فيه روسيا شروطها على الولايات المتحدة، يبدو أن إدارة ترامب بدأت تخسر أمام الرئيس فلاديمير بوتين.
ولم يكد يمر شهر واحد فقط على ولاية ترامب الثانية، حتى عمدت إدارته إلى قبول 3 مطالب لبوتين وهي:
منع عضوية أوكرانيا في حلف الناتو. تقويض شرعية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. الاحتفاظ بـ 4 مناطق أوكرانية ضمتها بشكل غير قانوني وهي: دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، بالإضافة القرم.‘Society is exhausted’: Ukraine is losing on the battlefield in the east of the country and President Volodymyr Zelenskyy is under growing pressure from western partners https://t.co/7Q3TAQnYkc pic.twitter.com/8521ZakcTy
— Financial Times (@FT) October 1, 2024 التنازلات غير الحكيمةويقول الكاتبان، إن هذه التنازلات تعتبر خسارة واستسلاماً لإدارة ترامب، مضيفين أن التنازلات "غير الحكيمة" أصبحت، لسبب غير مفهوم، العقلية السائدة في البيت الأبيض.
وقال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث لمجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا في 12 فبراير (شباط) ببروكسل: "يتعين علينا أن نبدأ بالاعتراف بأن العودة إلى حدود أوكرانيا قبل عام 2014 هدف غير واقعي… لا تعتقد الولايات المتحدة أن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي هي نتيجة واقعية لتسوية من طريق التفاوض… لن تكون هناك قوات أمريكية منتشرة في أوكرانيا”.
وشعر بوتين فعلاً بأن ثمة فرصة سانحة. وخلال مقابلة في 28 يناير (كانون الثاني) مع قناة روسيا 1 التلفزيونية الحكومية، كرر الرئيس الروسي ادعاءه بأن زيلينسكي "غير شرعي"، وقال إنه لا يحق له توقيع أي وثائق في مفاوضات السلام المحتملة.
واستطرد قائلاً: "يمكن إجراء المفاوضات مع أي شخص، ولكن بسبب عدم شرعية زيلينسكي، فإنه ليس لديه الحق في توقيع أي شيء".
Tired of winning? Good, because Trump is losing in Ukraine. https://t.co/mGmsyo5DxX
— Andrew Kosmowski (@BroAJK) February 20, 2025وأيضاً في 15 فبراير (شباط)، ومع شعورها بالضعف في واشنطن، كررت موسكو هذا الموقف خلال مقابلة أجرتها وكالة تاس مع البرلماني الأوكراني السابق الموالي لبوتين فيكتور ميدفيدتشوك.
وفي اليوم التالي، كرر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف هذه الرسالة قائلاً: "تفتقر أوكرانيا إلى السيادة".
فرض الشروطوأجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز والمبعوث إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، اجتماعات ثنائية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ويوري أوشاكوف مستشار الرئيس الروسي في الرياض الثلاثاء. والهدف هو إنهاء الحرب في أوكرانيا. لكن غاب عن الاجتماعات زيلينسكي وأوروبا والناتو.
وتطرح المفاوضات الحالية تساؤلات حول دور الولايات المتحدة في فرض مصالحها، وفرض الشروط على حلفائها.
ويختم الكاتبان "في هذه الأوقات الصعبة، تظهر الحاجة الماسة إلى تعزيز التنسيق مع الشركاء الدوليين لضمان تحقيق السلام دون التفريط في الحقوق أو المصالح الوطنية".