عقد الجامع الأزهر الشريف، رابع ندوات الموسم الحادي عشر من برامجه الموجهة للمرأة بعنوان: "قدوات نسائية من السيرة النبوية، بعنوان: " قدوات نسائية من السيرة النبوية "، وتأتي وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر، وبإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.

وحاضر فيها كل من: الدكتورة سهام يحيى عبد الحميد، أستاذ التربية بجامعة الأزهر، ود. فاطمة الزهراء محرز ، مدرس الحديث بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة، وأدار الحوار د. حياة العيسوي الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.

وقالت د. سهام يحيى عبد الحميد، إن الإسلام ساند المرأة وميزها وأعطاها جميع حقوقها وتعددت مظاهر الاهتمام والعناية بالمرأة وشملت كل جوانب حياتها، فجاء القرآن الكريم بسورة تحمل اسم " سورة النساء"، توضح حق المرأة في الميراث ، وجاءت العديد من الآيات في مختلف السور توضح كل ما يخصهن بداية من حقهن في الحياة والتعليم، والشورى عند الزواج، وأحكام الرضاعة والطلاق والعدة والظهار وغيرها من الأحكام المناصرة للمرأة.

وأوضحت عبد الحميد، أن سورة الممتحنة ذكرت معاني كثيرة منها العزيمة وثبات الإيمان عند السيدات وظهر ذلك في قصة السيدة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، حيث رأينا القدوة الحسنة فيها وهي فتاة عمرها سبعة عشر عاما، وكان أبيها يلقب بـأشقى القوم، وبالرغم من ذلك آمنت برسول الله وكتمت إيمانها وتحملت العديد من الصعاب.

واستشهدت الاستاذ بجامعة الأزهر، بقصة شجاعة المرأة المسلمة شهيدة البحر- أم حرام بنت ملحان، فكانت لها مكانة خاصة عند  رسول الله ﷺ، فلم تترك أم حرام غزوة إلا وخرجت مع الجنود تسقي الظمأى وتداوي الجرحى.

من جانبها بينت د. فاطمة الزهراء، أن تكريم الإسلام للمرأة المسلمة أحد أهم الأسباب التي ساهمت في رفع شأنها وفي نجاحها في القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها وفي مقدمتها تربية الجيل المسلم، ومن مظاهر هذا التكريم قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" ، وقول رسول الله: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" ، وقوله أيضًا: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".

وعرضت د. فاطمة الزهراء محرز، نماذج من أشهر الصحابيات اللائي قدمن نماذج طيبة للاقتداء بها، ومنهن سمية بنت خباط أول شهيدة في الإسلام، وفاطمة بنت أسد وهي من المهاجرات الأول، أم زفر التي صبرت على مرضها بعدما بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، أم سليم صاحبة أكرم مهر في الاسلام، والدة أنس بن مالك أحد الرواة المكثرين للحديث، وأسماء بنت يزيد خطيبة النساء، وغيرهن كثيرات ممن ذُكرن بحروف من نور في السيرة النبوية الشريفة.  

من جهتها بينت د. حياة العيسوي، أن حياة المرأة في الإسلام صفحة مضيئة، وهناك قدوات ونماذج نسائية باهرة في تاريخنا الإسلامي العظيم يستحقن أن تقتدي النساء بهن في كل زمان، في السيرة النبوية قصصُ لقدوات نسائية صالحة، تعبّر عن المرتبة العالية والرفيعة التي بلغتها المرأة في ظل الإسلام، يقول الله عز وجل: " إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا "، فلقد نزلت هذه الآية جبرا لخاطر السيدة أسماء بنت عميس زوجة سيدنا جعفر بن أبي طالب، لما حدَّثَتْ سيدنا رسول الله ﷺ في أمر النساء وأن الأحكام تنزل وتتوجَّه في الغالب إلى الرجال، وأن منهن مثل الرجال مسلمات ومؤمنات ، َ وقالت: يا رسول الله، ما أعظم خيبتنا وخسارتنا، فليس لنا في الأحكام شيء؟!، فقال لها رسول الله: " إنكن مستورات في الرجال " ؛ لأن أمر المرأة مبنيٌّ على الستر، فإذا كان اسمها مبنياً على الستر، فكذلك معظم تكليفاتها مبنية على الستر في الرجل، ونادراً ما يأتي الحكم خاصاً بها.

وتابعت : ومع ذلك نزل القرآن الكريم جبراً لخاطر السيدة أسماء بنت عميس، وقد اشتملتْ هذه الآية على عشر صفات، بدأت بالمسلمين والمسلمات، وانتهت بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وكأن الله تعالى أوجد مراد السيدة أسماء بنت عُميس في هذه الصفات العَشْر التي جمعتْ الرجال والنساء، واشتملت على كل أنواع التكليف، وهي دليل على أن حكم المرأة التكليفي مطمور في باطن الرجل، وهذه هي الأصول.

واسترسلت: تلحظ في هذه الآية أيضاً : أنها تتحدث عن النساء، لكنها تراعي مسألة سَتْر المرأة فتعود إلى ضمير الذكور في قوله تعالى : " أَعَدَّ الله لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً " ، ولم يقل الله عز وجل  : " " أَعَدَّ الله لَهُن مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً " ، ويقول الله عز وجل: "وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ".

وأضافت: عجيب أمر أم سيدنا موسى عليه السلام : " أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم " فمَنْ مِنَ النساء تقبل إنْ خافت على ولدها أنْ تُلقيه في اليم؟ مَنْ ترضى أَنْ تُنجيه من موت مظنون إلى موت محقق؟ ، وقد جعل الحق سبحانه عاطفة الأمومة تتلاشى أمام وارد الرحمن الذي أتاها، والذي لا يؤثر فيه وارد الشيطان، وقد ربط الله على قلبها بقوله عز وجل : " وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي " ، ثم بشرها بشرتان الأولى بأن سيدنا موسى سيرد إليها ، والثانية : بأنه له مهمة خلق لأجلها هي كونه من المرسلين .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر الازهر الشريف السیرة النبویة رسول الله المرأة فی عز وجل

إقرأ أيضاً:

نعم نحن في أسفل الهرم .. لكن ما الخطوة التالية؟

لم يناقش مقال آنا كراوثامر الناقدة والمنسقة التنفيذية لمركز كوولومبيا للفكر النقدي المعاصر جديدا بخصوص استخدام قضايا العنف الجنسي لتبرير التدخل الغربي فيما يعرف بدول «العالم الثالث». المقال الذي عُنون بـ«كيف يستخدم الغرب العنف الجنسي لتعزيز مصالحه»، الذي نُشر الأسبوع الماضي على مجلة the baffler

مع أن ما حدث يوم السابع من أكتوبر وما تلاه من بروباجندا إعلامية ضخمة قادتها دولة الاحتلال الإسرائيلي وروجت فيها سردية اغتصاب للنساء سُوغَ من خلالها بداية مشروع إبادة للفلسطينيين والفلسطينيات. قد أعادت هذا الموضوع لمركز النقاشات النسوية في كل مكان، حتى أن أصواتا مريضة خرجت تحاضرنا عن العدالة لكل النساء حتى وإن كن «إسرائيليات» ضد الاغتصاب، في قبول كامل لسردية الاحتلال بأن الاغتصاب قد تم بالفعل، كان منهن كاتبات خليجيات معروفات إحداهن كاتبة بحرينية، تتمشى في كل المحافل الثقافية خلال العام الماضي وتُدعى هنا وهناك دون مساءلة لدورها في تكريس قصة الاحتلال ودورها بالتالي في الإبادة. إلا أن كرواثامر أعادت الإشارة للمقال الذي نشرته نيويورك تايمز بعنوان «صراخ بلا كلمات» وتضمن روايات النساء عن الاعتداءات يوم السابع من أكتوبر، هذا التحقيق الذي تبين لاحقا أن نيويورك تايمز لا تملك أي إثبات عليه، وفشلت الصحيفة في تقديم أي أدلة عند مساءلتها من قبل جهات صحفية وحقوقية أخرى، وكان نتنياهو وآخرون قد استغلوا هذه المزاعم، فيما يُظهر حرص القوى الإمبريالية على استغلال ادعاءات الاغتصاب لتبرير مشاريعها.

أقول: إن الكاتبة لم تأت بجديد خصوصا بعد أطروحات عديدة كان من أبرزها كتاب «هل تحتاج المرأة المسلمة إلى إنقاذ»، لليلى أبو لغد الذي صدر بالإنجليزية سنة 2013 وناقشت فيه الكاتبة باستفاضة مساهمة موضوع تمكين النساء وإنقاذهن في كل من أفغانستان والعراق في البروباجندا الإعلامية التي صنعتها أمريكا قبل الحرب على البلدين. فالغرب استثمر كل ما يتعلق بالنساء بداية من تعليمهن وصولا لقضايا مثل الختان والعنف الجنسي لتبرير التدخل الإمبريالي في هذه الحالة. إلا أن الخلاصة التي وصلت إليها لغد والقادمة من منظور «النسوية ما بعد الاستعمارية» حول فهم وضع النساء وفقا لسياسة ثقافتهن الخاصة وتفاعلهن وفقا لموقعهن داخل هذه الثقافة وعدم الحكم عليهن بمعايير ثقافية من الخارج لم يكن معقولا بالنسبة لي، وقد كتبت مقالا كاملا في جريدة عُمان قبل سنوات عن الكتاب.

وتأتي عدم المعقولية هذه مما يطلق عليه سلافوي جيجك «الابتزاز المزدوج»، والذي يصبح فيه اليسار والنقاد عموما في حالة خوف وتهيب من نقد أي ثقافة أخرى، خصوصا تلك التي تنتمي إلى «العالم الثالث»- مع تحفظي على هذا المفهوم كما هو واضح منذ بداية المقال- خشية أن تُتهم هذه الأصوات الناقدة بأنها استعلائية أو استعمارية تُعلق من موقع المتفوق أخلاقيا بالإضافة لكونها متمركزة حول منظومتها وما تطرحه من معايير ومُثل، للحكم على ثقافة أخرى. الأمر الذي يجعل أي ثقافة تنطوي على قدر من العنف والتمييز الجنسي القائم على النوع، شأنا يخص تلك الثقافة ولا يمكن الإشارة للخطأ فيه. إذ أنني أؤمن بأن هنالك قيما كونية ينبغي أن نحتكم إليها في النظر لأي مظهر ثقافي، أما مصدر القيم الكونية هذه فهو المختلف عليه وما ينبغي أن نتحاور عليه على نحو أوسع شرقا وغربا، فهل يمكن أن يكون إجبار المرأة على الزواج من رجل لا تريده مقبولا باسم اختلاف وخصوصية ثقافة ما؟ أو انعدام حقها في الاختيار مشروعا لأن الثقافة التي تنتمي إليها هذه المرأة تضع مسألة الاختيار في أسفل أولويات هذه المرأة مقارنة بعلاقتها الوثيقة بالعائلة والمجتمع من حولها؟ لا يمكن قبول هذا بالنسبة لي تحت أي مبرر ثقافوي.

انتهكت أجساد الفلسطينيات بطريقة مباشرة وغير مباشرة، ونُشرت مقاطع مصورة لفلسطينيين تعرضوا للاغتصاب إما من الكلاب أو السجانين في السجون الإسرائيلية، إلا أن هذا لم يلقَ رد الفعل نفسه في العالم مقارنة بالسردية التي طرحها الاحتلال في أول أيام عدوانه وبطشه، إن أجسادنا تقع في أسفل التسلسل الهرمي للجسد بالنسبة للغرب، وإن رؤية كرواثامر حول النظر لشروط الخيال الاجتماعي للاغتصاب، من نعتقد أنه يرتكبه وفي حق من يُرتكب وأهمية العِرق والهُوية في النظر لمسائل الاغتصاب الذي يجعل أمريكا وأي دولة غير موثوق بها لتحقيق أي عدالة كانت، لم يعد كافيا، أن التلويح بإعادة موضعة الجسد الفلسطيني أو العربي أو المسلم داخل هذه التسلسل الهرمي لم يعد كافيا ولم يُثمر عن أي شيء بعد سنة ونصف تقريبا من التوحش الإسرائيلي أمريكي.

إننا بحاجة لخطوات فعلية، تُجبر المعتدي على مواجهة جرائمه وتحمل عواقب هذه الجرائم. لقد سئمنا من هذه الفتوحات النظرية التي تبدو «متبصرة» للمرة الأولى حول استغلال الغرب للنساء لتمرير أجندته ومشاريعه التي تتضمن القتل والتهجير. وفي الوقت نفسه نحتاج نحن كنساء عربيات ومسلمات أن نفتح حوارنا الخاص عما يحدث، وأن نحاسب أنفسنا وكل من يسول لنفسه استغلالنا يمينا أو يسارا إما بدعوى تغريبنا أو بدعوى عدم تغريبنا. وينبغي أن نعيد التفكير في دور «النخبة» في حشد الجهود لتمييز مظلوميتنا داخل نظام هذا العالم وعدم الاكتفاء بالإشارة إليه بل الدفع نحو تحقيق العدالة لنا.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يتوجه إلى الله بالدعاء أن يوفق قادة العرب في القمة المرتقبة
  • شيخ الأزهر يعلن احتضان مصر للنسخة الثانية من مؤتمر الـحوار الإسلامي- الإسلامي
  • شيخ الأزهر يعلن احتضان مصر النسخة الثانية من مؤتمر الحوار الإسلامي - الإسلامي
  • بحضور ملك البحرين.. شيخ الأزهر: الفرقة جعلتنا مطمعا للغير وآن الآوان للتضامن
  • نعم نحن في أسفل الهرم .. لكن ما الخطوة التالية؟
  • ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش دور القبلة في وحدة الأمة الإسلامية
  • الجامع الأزهر يسلط الضوء على فضل ليلة النصف من شعبان بلغة الإشارة
  • أروقة الجامع الأزهر تفتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة للقرآن الكريم والقراءات
  • «الوسطية في الإسلام وبشائر شهر الصيام» ندوة دينية لخريجي الأزهر بمركز شباب مجول بسمنود
  • الأزهر يطلق برنامجا دعويا متكاملا في شهر رمضان