المحاماة بين الوسائل والغايات
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
الغاية هدف يُطلب لذاته يقصد لنفسه قيمته فيه، يتطلع إليه الراغبون ويرجوه القاصدون، والوسيلة هى القنطرة التى يعبر من خلالها الناس إلى أهدافهم، وقد تختلط الأمور فى الأذهان أو فى واقع الناس فتتحول الوسيلة إلى غاية ويغفل الناس عن الغايات ويقصدون الوسائل.
وهذا مشاهد ومعلوم، فإذا نظرت وجدت كثيرًا من الوسائل صارت غايات، وأدل مسألة على ذلك المال، فالمال وسيلة وأى وسيلة، بل من الوسائل الهامة والعامة، فالمال هو القوة وهو المحرك هو أنجع الوسائل وأسرعها، إلا أنك تجده قد صار غاية تُطلب لذاتها عند غالب الناس.
وقد يضل الناس طريقهم فى طلب الغاية بالمرور بوسائل فاسدة بدعوى أن الغاية تبرر الوسيلة، كما يتجلى ذلك فى النظريات والمذاهب الميكافيللية، ومع أنه تقرر حكمًا أن الوسائل لها أحكام المقاصد وأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وأن الأمور بمقاصدها وأن الحرام بيّن والحلال بيّن، وأن الحق لا يُطلب بالباطل، بل إن للحق قوة وصولة تأبى أن يستعين بالباطل لإظهار نفسه وإثبات وجوده.
إذا نظرت إلى الغايات ومحّصتها وفحصتها؛ لوجدت أن أعظم غايات الدنيا هى عمارة الأرض، ولا يتأتى ذلك إلا بمنهاج واضح وسبيل قويم يظهر فيه الحق ويزدهر، ويهزم الباطل وينحدر.
وعمارة الأرض صيانتها من الظلم وتحقيق العدل وكف الفساد، ونشر الخير وزيادته، وتقليل الشر وإزالته، وها هى المحاماة تظهر فى الأفق فى أخص حالاتها وأرفع مقاماتها حين تتجلى فيتدلى السبب الذى يقبض عليه المكلوم ليرفعه من حاله ويعلى من شأنه وينتصر بدفع الباطل واستجلاب الحق، والتصدى لإقامة العدال.
فتجد المحاماة وسيلة لأعظم غاية، وغاية لأقدس مهمة وهى عمارة الأرض، وكأنه بلا محاماة تختل موازين الدنيا ويأفل القسط والإحسان ويمرح الظلم والخذلان.
لذلك قال عبدالعزيز باشا فهمي- ثانى نقيب للمحامين وأول رئيس لمحكمة النقض-: «إذا وازنت بين عمل القاضى وعمل المحامي، لوجدت أن عمل المحامى أدق وأخطر، أن مهمة القاضى الوزن والترجيح، أما مهمة المحامى فهى الخلق والإبداع والتكوين».
وعلى الحقيقة، فالقاضى يحكم بالظاهر والمحامى يدافع عما يعتقد، والاعتقاد أعلى عزيمة وأشد شكيمة. وقال المناضل نيلسون مانديلا: «المحامون هم حراس العدالة، وهم الذين يدافعون عن حقوق الإنسان وكرامته، ولولاهم لكانت المجتمعات غارقة فى الظلم، ومن هنا كانت المحاماة غاية باعتبار ووسيلة باعتبار آخر وللحديث بقية والمحاماة باقية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حاتم رسلان المحاماة الراغبون
إقرأ أيضاً:
تركت المحاماة ويطلبها الأهالي بالاسم.. حكاية «منى» مأذونة بنها «المودرن»
«أعمل منذ 13 عامًا وأهلي أول من شجعوني، والعائلات تطلبني بالاسم»، هكذا بدأت الدكتورة منى محمد المهدي، ابنة قرية ميت راضي مركز بنها بمحافظة القليوبية، والتي تعمل مأذونة منذ 13 عامًا، إذ كانت واحدة من خمس سيدات فقط على مستوى الجمهورية يعملن في هذه المهنة، وصدر لها قرار رسمي بذلك، وهي تعمل حاليًا في قريتي ميت راضي وكفر سعد، ومعروفة بين الأهالي والعائلات بلقب «أشيك مأذونة» أو «المأذونة المودرن».
أول مأذونه في القليوبيةالتقت «الوطن» بالدكتورة منى المهدي خلال قيامها بعقد قران عروسين في مدينة بنها، حيث أكدت أنها تحمل الدكتوراه في الحقوق، وقد تركت المحاماة وتقدمت للعمل كمأذونة منذ 13 عامًا. وكان أول من شجعها على التقدم للعمل في هذا المجال أشقاؤها وأسرتها، بعد أن تم شغر المكان في قريتها ميت راضي مركز بنها، وكانت «منى» الحالة الخامسة على مستوى الجمهورية التي صدر لها قرار بالعمل مأذونة، ومع انتشار تجربتها، أصبح عدد السيدات العاملات في هذا المجال الآن 120 سيدة على مستوى الجمهورية.
منى: لا أجد حرجا في عمليأوضحت الدكتورة منى أو «المأذونة الشيك» لـ«الوطن» أنها لا تجد أي حرج في العمل كمأذونة، مشيرة إلى أنها تقدمت لهذا العمل وتحدت الصعوبات بشرف وسمعة طيبة. وأكدت أن دراستها في الحقوق ساعدتها على الإلمام بالقوانين والأحكام التي تحكم عقود القران، والطلاق، وغيرها من مهام العمل، مما جعلها تتمكن من أداء عملها بسرعة وكفاءة.
الترحاب والألفة تسهل المهمهوأشارت ابنة مركز بنها، إلى أنها سعيدة جدًا بمهنها وتحرص على الظهور بشكل منسق وجميل في الملبس والمظهر العام بما يتناسب مع المناسبة، مع الحرص على الاحتشام، مضيفة أن العديد من الأسر الآن تحرص على عقد القران في القاعات العامة، وهو ما يسهل عليها أداء عملها، مؤكدة أنها تشعر دائمًا وكأنها من أهل العريس والعروسة، حيث تحظى بترحيب وألفة في كل مكان تدخل فيه لتأدية عملها، سواء كان مسجدًا أو قاعة أو منزلًا.
وأوضحت أن أطرف موقف تعرضت له كان في حالة طلاق، حيث أتمت الإجراءات، وبعد أن قام الزوج بتكليف زوجته بالطلاق، أطلقت الزوجة الزغاريد، مما أثار غضب الزوج وأصابه حالة من الهياج، وحاول الزوج تمزيق دفتر الزواج، وتدخلت المأذونة لتهدئته، وعاد الموقف إلى هدوئه.
ونصحت المقبلين على الزواج بحسن الاختيار والمودة، واتباع الشرع في كل مراحل الزواج لبناء أسرة على أسس سليمة، مؤكدة أنها في حالات الطلاق لا تتسرع في اتخاذ القرارات، وتحاول التوصل إلى حلول لحل المشكلات بين الزوجين وتجنب انفصالهم.