زينب العبيد يوسف (1952 – 19 مارس 2016) هي مهندسة طيران سودانيّة، كانت أوّل امرأة سودانيّة تحصل على ترخيص من هيئة الطيران المدني (المملكة المتحدة).

عملت في الخطوط الجوية السودانية منذ يوليو 1973 وحتى مايو 1992، لتعود بعدها وتستقرّ في المملكة المتّحدة. في فترة الستينات، كانت الثقافة السودانية معادية للنساء اللاتي يرغبن في الدراسة والعمل في المجالات المتعدّدة ومنها الهندسة.

درست وعملت في مجال الإلكترونيّات، وإلكترونيّات الطيران، والملاحة، والرادار. عملت على أنواع متعدّدة من الطائرات مثل بوينغ 707 / بوينغ 737 / 347 / فوكر 50 وفوكر إف 27 في الخطوط الجويّة السودانيّة، وعلى طائرات سيسنا 402/ 404 / 208 و بيتشكرافت 1900 التابعة لمطار لندن ساوث إند.

ولدت زينب في الخرطوم في 13 يونيو 1952 كانت البنت البكر للعبيد يوسف أحمد شضوان، وهو رجل أعمال معروف ومحترم في البلدة، وزوجته أسماء العبيد أحمد شضوان. وكان كل من والديها قادم من بيئة ذات خلفيّة دينيّة.

ترعرت في أم ضوّا بان المشهورة بمدرسة المسيد، وهي مدرسة دينيّة كبيرة للبنين حيث يرسل الأهالي من جميع أنحاء السودان وجنوب الصحراء الافريقية أولادهم إليها لدراسة القرآن. أنهت يوسف دراستها الثانويّة ويعود الفضل في ذلك إلى تشجيع والدها، حيث كان من المعتاد للفتيات السودانيات بعمرها أن تتجهن للزواج وإبقاف تحصيلهم العلميّ. درست يوسف هندسة الالكترونيّات في جامعة الخرطوم من سنة 1970 وحتى 1973.

عملت كمهندسة طيران في ورشة الصيانة والإصلاح اللاسلكيّة. ومن سنة 1983 وحتى 1986 درست هندسة وإلكترونيّات الطيران في كليّة برونل التقنيّة في بريستل بالمملكة المتّحدة، حيث تلقّت رخصتها من هيئة الطيران المدني. في التسعينات، حصلت على درجة الماجستير في العلوم بتخصّص أنظمة التصنيع المتقدّمة من جامعة كينغستون.

وختاما نترحم عليها و نسأل الله لها المغفرة وحسن الجوار مع الصديقين و الشهداء ويجزبها عنا خير الجزاء.
المصدر : Sudanese women

طيران بلدنا

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

عمق الجروح: مرافعة من أجل عدالة انتقالية سودانية

دكتور الوليد آدم مادبو

“العدالة ليست أن تنتصر، بل أن تعيد للناس إيمانهم بأنهم يستحقون الوطن.”
— نيلسون مانديلا

رغم وجاهة الدعوة إلى عدالة انتقالية مستوحاة من تجربة جنوب أفريقيا، كما أشار الدكتور الوليد أحمد عدلان في تعقيب له على مقالي: "في حضرة الجراح: استعادة التوازن الممكن"، فإننا لا يمكن أن نكتفي بالاستدعاء الرمزي لهذه التجربة دون تفكيك عناصرها وتكييفها مع السياق السوداني المأزوم. فالسؤال المركزي الذي يطرح نفسه هو: من يملك اليوم شرعية إطلاق مبادرة بحجم العدالة الانتقالية؟ إن غياب المؤسسات الوطنية الجامعة، وانقسام النخب، وتآكل ثقة الشارع في الفاعلين السياسيين، كلها تجعل من أي مسار عدالة انتقالية محفوفاً بخطر الاختطاف أو التوظيف الفئوي.

ولهذا، لا بد من استحضار تجارب أخرى لا لمجرد المقارنة، بل لاستخلاص عناصر النجاح والإخفاق: في رواندا، على سبيل المثال، لعب القضاء الشعبي دوراً في إعادة تشكيل الروح الجماعية، لكنه أغفل أسئلة العدالة السياسية والاجتماعية. أما في كولومبيا، فساهم الاتفاق مع الفارك في تقليل العنف لكنه اصطدم بعدم رضا قطاعات شعبية عن “تنازلات غير كافية”. بينما في تونس، انتهت تجربة "هيئة الحقيقة والكرامة" إلى نتائج محدودة بسبب ضعف الإرادة السياسية، مما يعلّمنا أن وجود هيئة لا يكفي ما لم تُسند بشرعية اجتماعية واسعة، وأطر قانونية محمية، وإرادة إصلاحية واضحة.

من هذه التجارب نستخلص درسًا مهمًّا: العدالة الانتقالية ليست مسارًا قانونيًا فحسب، بل عقد اجتماعي جديد، يتطلب شرعية شعبية، وتمثيلًا تعدديًا، وإرادة صادقة. ولذا فإن التحدي في السودان لا يكمن فقط في إنشاء هيئة أو لجنة، بل في ضمان شفافيتها، وتحصينها من التوظيف الفئوي، وجعلها تعبيرًا عن وجدان جماعي، لا إرادة فصيل سياسي.

إننا لا نحتاج إلى عدالة تُستخدم كسلاح انتقائي، ولا إلى مصالحة تُفرض بغير اعتراف، بل إلى عدالة تحقّق التوازن الأخلاقي والسياسي، من خلال إعادة توزيع المعنى والثقة، قبل الثروة والسلطة. ما نحتاجه هو عدالة انتقالية سودانية الأصل، متعددة الأصوات، ضامنة للكرامة لا مُكرّسة للغلبة. عدالة تؤسس لسردية وطنية واحدة، تحوّل المأساة إلى ذاكرة جامعة، وتحرّر المستقبل من سطوة المظلومية العمياء أو الاستعلاء الأجوف.

هناك تشابه في البنية الاجتماعية المعقدة بين السودان ورواندا من حيث تداخل الهويات العرقية والدينية الذي أدى إلى نزاعات دموية؛ هناك تشابه في مركزية الدولة وتاريخ الانقلابات بين السودان وتجربة تشيلي بعد بينوشيه أو إندونيسيا بعد سوهارتو، حيث واجهت الدولة تحديات في إعادة الثقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع، وما شهدته البلاد من انتقالات ديمقراطية معقدة. كما يوجد تشابه في عمق الجروح والانقسامات الإثنية بين السودان وجنوب أفريقيا أو كولومبيا، إذ جرى تحويل الصراع من حالة انتقامية إلى مشروع وطني، عبر آليات للعدالة الانتقالية توازن بين المصارحة والمصالحة.

إن إعادة بناء السودان لا تبدأ من محاكمات شعاراتية، بل من مكاشفة صريحة مع الذات: لقد أخطأنا حين اخترنا التنازع على السلطة بدل التشارك في المسؤولية، وأخطأنا حين قدّمنا الولاء الحزبي أو الجهوي على الولاء الوطني، وأخطأنا بل أجرمنا حين جعلنا الثورة سوقًا للمقايضة، والسياسة مجرد تفاوض سطحي والدين أداة للقمع وليس مظلة للعدالة. أخطأنا حين ظننا أن الانتماء للمركز صكّ نجاة، وأن الهامش مجرد فائض سكاني يمكن تدجينه. أخطأنا حين أنكرنا على الآخرين إنسانيتهم، فخسرنا إنسانيتنا في الطريق.

ولن نستعيد الوطن ما لم نعترف بأخطائنا، إذا لم يكن ذلك بدوافع قيمية فليكن بدوافع مصلحية. فالاعتراف بالمسؤولية الجماعية لا يُعد ترفًا أخلاقيًا، بل شرطًا لازمًا لاستعادة التوازن الوطني. فما وصلنا إليه من انهيار لم يكن وليد لحظة خارجية، بل نتيجة تراكمات داخلية من العجز، والخذلان، والتقاعس عن إنصاف المظلومين، وعن الانتصار للقيم التي تحفظ تماسك المجتمعات وتمنع تغوّل السلطة أو تفكك الدولة.

لم يكن بمقدور أي بلد أن يختـرق صفنا الوطني، لو لم تكن هناك فراغات في الجدار، نتوءات في الوعي، وتشققات في نسيج الكرامة جعلتنا نفقد الثقة في أنفسنا ونتعامل مع الحليف التنموي على أساس أنه عدو وهمي (التعبير بتصرف للأستاذة سارة الحوسني)، أو أن نتوهم الصداقة مع غريم أزلي وعدو استراتيجي. كان والدي كثيرا ما يقول لي: لا تتجلى براعة السياسي يا بُني في قوله "نحن مستهدفون"، إنما في تجنيب شعبه الاستهداف. ولأن الوطن ليس جغرافيا نرثها، بل معنى نصوغه بأفعالنا وصدق مقاصدنا، فإننا لا ننجو إلا حين نصغي لصوت الضمير لا ضجيج الشعارات، وحين نقاوم الإغراء ونرفض الاصطفاف الأعمى، وحين نستنكر دعوات الإقصاء: لا مدنيًا يُقصي العسكري، ولا عسكريًا يحتقر المدني، بل معادلة رشيدة تُقيم ميزان الوطن على ساقين: القوة المنضبطة، والحكمة المستنيرة.

ورغم أن المرافعة الأخلاقية هذه تظل ضرورية، فإننا بحاجة إلى ترجمة هذا الطموح إلى آليات تُصمَّم من الداخل، وتعكس التنوع الحقيقي للمجتمع السوداني، لا أن تُفرض بمنطق الوصاية أو الحسابات السياسية الضيقة. يحتاج هذا الأمر إلى تضافر جهود كل المختصين (قانونيين دستوريين، علماء اجتماع، أساتذة علوم سياسية، اقتصاديين، إلى آخره)، الزعماء الأهليين من قبليين ودينيين، خبراء عالميين لهم تخصصات شتى في حقول المعرفة السودانية المختلفة، شباب الثورة الغيورين وكافة أبناء الوطن الحادبين. نحتاج إلى إعداد جيد قبل أن ندعو الضحية والجلاد إلى قاعة الشعب وإلى ساحة الحقيقة والمصالحة.

حينها لن نحتاج إلى عصا خارجيّة أو مبادرة أممية تُعيدنا إلى جادة الطريق، بل إلى قلوبٍ تعترف، وعقول تُدبّر، وسواعد تتضافر. فالتاريخ لا يرحم المتقاعسين، ولا يسامح المزيفين. فلنبدأ إذن من حيث تتلاقى القلوب لا تتصادم، ومن حيث يُغفر الماضي لا يُنسى، ومن حيث تُبنى الذاكرة المشتركة لا لتثبيت الألم، بل لتحويله إلى حكاية خلاص.

‏April 28, 2025

مقالات مشابهة

  • شركة المياه والصرف الصحي في الإسكندرية تستقبل فريق من أساتذة كلية هندسة وعلوم
  • حوار إستراتيجي قطري بريطاني يبحث مسارات تعزيز الشراكة
  • عمق الجروح: مرافعة من أجل عدالة انتقالية سودانية
  • هجوم إسرائيلي على وزير بريطاني طالب بالتحقيق في استهداف المسعفين بغزة
  • سكرتيرة في عيادة ومعلمة في حضانة.. مهن كارولين عزمي أثناء دراستها بالثانوية العامة
  • من الشِعر وحتى القتل!
  • هندسة المنصورة الأهلية تنظم المعرض الأول للإبداع الفني
  • طيران العدوان الأمريكي يشن 10 غارات على محافظة صعدة
  • يحدث الآن.. طيران العدوان الأمريكي يشن سلسلة غارات على العاصمة صنعاء
  • مصدر رفيع المستوى:السوداني مهتم جداً بمرقد “السيدة زينب”في سوريا وطالب الشرع التعاون في مختلف المحالات