طبيب أميركي يروي رحلته في غزة: ما رأيته ليس حربا بل إبادة
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
كتب طبيب أميركي اسمه إرفان غالاريا بصحيفة "لو س أنجلوس تايمز" أنه غادر منزله في ولاية فيرجينيا أواخر الشهر الماضي، حيث يعمل جراحا للتجميل والترميم، وانضم إلى مجموعة من الأطباء والممرضات الذين سافروا للتطوع في غزة، وأنه رأى أن ما يجري هناك ليس حربا، بل إبادة.
وقال غالاريا إنه رأى، خلال رحلة من القاهرة إلى حدود غزة استغرقت حوالي 12 ساعة، شاحنات المساعدات الإنسانية المتوقفة، وهي تمتد على مسافة تبلغ أميالا، بسبب عدم السماح لها بالدخول إلى غزة.
وأشار إلى أن ما قالته "منظمة إنقاذ الطفولة" العالمية من أن عدد الأطفال الذين قُتلوا في غزة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول لوحده، يفوق عدد من قُتلوا في جميع مناطق النزاع في العالم خلال 2022.
وفي روايته لمشاهداته، قال غالاريا "دخلنا جنوب غزة في 29 يناير/كانون الثاني، حيث فر الكثيرون من الشمال. شعرتُ وكأنها الصفحات الأولى من رواية بائسة. تخدرت آذاننا مع الطنين المستمر لما قيل لنا إنها مسيرات المراقبة الإسرائيلية التي تحلق باستمرار. وأزكمت رائحة مخلفات البشر الناتجة عن ازدحام حوالي مليون شخص في مساحة ضيقة دون مرافق صحية، أنوفنا. وضاعت أعيننا في بحر الخيام.
وأضاف الطبيب "بقينا في بيت ضيافة في رفح. كانت ليلتنا الأولى باردة، ولم يستطع الكثير منا النوم. وقفنا على شرفة نستمع إلى القنابل، ونرى الدخان يتصاعد من خان يونس".
ليست ملاذا آمناوتابع الطبيب "عندما اقتربنا من مستشفى غزة الأوروبي في اليوم التالي، كانت هناك صفوف من الخيام تصطف وتغلق الشوارع. تزاحم العديد من الفلسطينيين على هذه المستشفيات وغيرها على أمل أن تمثل ملاذا من العنف، لكنهم كانوا مخطئين".
وأضاف "انتشر الناس في المستشفى. يعيشون في الممرات وممرات الدرج وحتى خزائن التخزين، وتقلصت الممرات التي صممها الاتحاد الأوروبي لاستيعاب حركة المرور المزدحمة للطاقم الطبي والنقالات والمعدات إلى ممر واحد ضيق".
وعلى كلا الجانبين، يقول غالاريا، كانت البطانيات معلقة من السقف لإنشاء مناطق صغيرة لعائلات بأكملها، مما يوفر قدرا من الخصوصية. وكان المستشفى المصمم لاستيعاب حوالي 300 مريض ممتلئا بأكثر من ألف مريض ومئات آخرين يبحثون عن ملجأ.
وحسب الطبيب "كان هناك عدد محدود من الجراحين المحليين المتاحين، قيل لنا إن الكثيرين قد قتلوا أو اعتقلوا، ولا يُعرف مكان وجودهم أو حتى مصيرهم. وحوصر آخرون في مناطق محتلة في الشمال أو في أماكن قريبة حيث كان الذهاب إلى المستشفى محفوفا بالمخاطر".
زوجته وابنته لم تُقتلاوفي روايته للأحداث، يقول الطبيب إنه "لم يتبق سوى جراح تجميل محلي واحد يقوم بتغطية المستشفى على مدار الساعة. وكان منزله قد دمر، لذلك عاش في المستشفى، وكان قادرا على حشو جميع ممتلكاته الشخصية في حقيبتي يد صغيرتين. وأصبحت هذه الرواية شائعة جدا بين بقية الموظفين في المستشفى. وكان هذا الجراح محظوظا، لأن زوجته وابنته لا تزالان على قيد الحياة، على الرغم من أن كل شخص آخر يعمل في المستشفى كان قد فقد واحدا، على الأقل، من أحبائه".
ويضيف "بدأت العمل على الفور، وظللت أجري ما بين 10 إلى 12 عملية جراحية في اليوم، وأعمل ما بين 14 إلى 16 ساعة دون توقف. كانت غرفة العمليات تهتز باستمرار جراء التفجيرات المستمرة، التي تتكرر، أحيانا، كل 30 ثانية. لقد عملنا في أماكن غير معقمة لا يمكن تصورها في الولايات المتحدة".
بتر أعضاء بمنشار تقليدي
ويتابع غالاريا "كانت الأدوات الطبية الموجودة لدينا محدودة، وكنا نبتر الذراعين والساقين يوميا، باستخدام "منشار غيغلي الطبي"، وهو أداة من حقبة الحرب الأهلية في أميركا، وهو في الأساس جزء من الأسلاك الشائكة. وكان من الممكن تجنب العديد من عمليات البتر لو كانت تتوافر لدينا المعدات الطبية العادية".
"كنت أستمع إلى مرضاي وهم يهمسون بقصصهم لي، وأنا أنقلهم إلى غرفة العمليات لإجراء عملية جراحية. كان معظمهم ينامون في منازلهم، عندما تم قصفهم. لم أستطع التفكير في أن المحظوظين ماتوا على الفور".
ويضيف الطبيب "واجه الناجون ساعات من الجراحة ورحلات متعددة إلى غرفة العمليات، كل ذلك وأغلبهم حزين على فقدان أطفاله وأزواجه. وكانت أجسادهم مليئة بالشظايا التي كان لا بد من سحبها جراحيا من لحمهم، قطعة تلو الأخرى".
من يعتني بالأيتام؟ويؤكد غالاريا أنه "توقف عن تتبع عدد الأيتام الجدد الذين أجريت لهم عمليات جراحية. بعد الجراحة يتم رفعهم إلى مكان ما في المستشفى، وأنا لا أدري من هو الذي سيعتني بهم أو كيف سيبقون على قيد الحياة".
"وفي إحدى المرات، كان بضعة أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 5 و8 أعوام تم نقلهم إلى غرفة الطوارئ من قبل والديهم. وكان الجميع مصابين بطلقات قناص في الرأس. وكانت هذه العائلات عائدة إلى منازلها في خان يونس، على بعد حوالي 4 كيلومترات من المستشفى، بعد انسحاب الدبابات الإسرائيلية. لكن يبدو أن القناصة بقوا في الخلف، ولم ينج أي من هؤلاء الأطفال".
من غزة مع الحبوفي آخر يوم له بغزة، يقول غالاريا إنه "عندما عدت إلى بيت الضيافة حيث كان السكان المحليون يعرفون أن الأجانب يقيمون، ركض صبي صغير وسلمني هدية صغيرة. كانت صخرة من الشاطئ، مع نقش عربي مكتوب عليها علامة "من غزة، مع الحب، على الرغم من الألم".
"وبينما كنت أقف على الشرفة أنظر إلى رفح للمرة الأخيرة، كنا نسمع حركة المسيرات وأصوات التفجيرات ورشقات المدافع الرشاشة، لكن شيئا ما كان مختلفا هذه المرة: كانت الأصوات أعلى، وكانت الانفجارات أقرب".
"وفي هذا الأسبوع، دهمت القوات الإسرائيلية مستشفى كبيرا آخر في غزة، وهي تخطط لهجوم بري في رفح. أشعر بالذنب بشكل لا يصدق لأنني تمكنت من المغادرة بينما يضطر الملايين إلى تحمل الكابوس في غزة".
ويختم الطبيب روايته بالقول "كأميركي، أفكر في أن دولارات الضرائب التي أدفعها من الممكن أن يتم بها شراء أسلحة لإصابة مرضاي، أو قتلهم. ليس لهؤلاء الناس، أي مكان آخر يلجؤون إليه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی المستشفى فی غزة
إقرأ أيضاً:
محمد العدل: محمد رحيم مات من عدم التقدير وكان دايمًا بيشتكيلي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نعى المخرج محمد العدل، وفاة الملحن محمد رحيم، وذلك بعد تعرضه لأزمة صحية مفاجئة منذ الساعات الأولى من صباح اليوم.
رسالة المخرج محمد العدلونشر المخرج محمد العدل رسالة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، كشف من خلالها الضغوط التى مر بها الملحن محمد رحيم، والتي أدت إلى وفاته على حد قوله.
منشور المخرج محمد العدلوجاء بمنشور المخرج محمد العدل "خبر صادم و حزين، الملحن الكبير محمد رحيم في ذمة الله، محمد كان أخ وصديق من أكتر من 20 سنة، كم ذكريات وضحك ولحظات فن كبيرة بيننا عمري ما هنساها".
وتابع المخرج محمد العدل رسالته "محمد مات من عدم التقدير، كان دائما يشتكيلي أنه مش واخد حقه إعلاميًا رغم أنه من أهم ملحنين العالم بجوائز عالمية رسمية ومعتمدة إلا إنه إعلاميًا مكانش حد بيهتم بالجوايز دي ولا كأنه عمل حاجة، محمد مات من المجاملات والمحسوبية والـ trend الزائف، أمتى الفنان الحقيقي في الزمن ده هياخد حقه؟ إمتى اللي أضاف ومتع الناس هو اللي يتصدر المشهد؟ خلاص يا حبيبي مش هعرف أقولك متزعلش تاني وأجيلك الاستوديو أضحكك ونغني سوا، بقلبك الأبيض وأخلاقك وفنك وحساسيتك المفرطة، أكيد إنت عند ربنا في مكان أحسن بكتير من دنيا ظالمة وجائرة، هتوحشني قوي، ادعوا له لإنه والله يستاهل".
من جانبه وجه الشاعر بهاء الدين محمد رسالة فى نعي الملحن محمد رحيم، تحمل معنى مشابه لرسالة المخرج محمد العدل وقال فيها: "محمد رحيم خلاص ارتاح، تمن الضغط على الإحساس الموت".
وأعلن الفنان تامر حسني عن تأجيل موعد جنازة الملحن محمد رحيم، بعد أن أعلن عنها ظهر اليوم، ونشر تامر على صفحته الشخصية على موقع تبادل الصور والفيديو إنستجرام، منشور بتأجيل موعد جنازة الملحن محمد رحيم، وأن شقيقه سيقوم بالإعلان عن ميعاد ومكان الجنازة.
يشار إلى أن الملحن محمد رحيم كان قد تعرض لأزمة صحية خلال الفترة الماضية، ونقل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج، وزاره الفنان محمد منير.