هل تسرق إيني الغاز الفلسطيني بالتواطؤ مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
روما- يعد حقل "غزة مارين" الفلسطيني من أقدم حقول الغاز المكتشفة في المنطقة الشرقية للبحر المتوسط، ويُنظر إليه كفرصة واعدة أمام الفلسطينيين الذين يعانون من شح موارد الطاقة، وسط معاناتهم من الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم اكتشاف حقل غزة البحري منذ عام 2000 فإن موارده التي تقدر بأكثر من تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي -وهو ما يفوق بكثير احتياجات الشعب الفلسطيني- لا تزال حبيسة الأرض ولم تستغل تجاريا حتى اللحظة بسبب إعاقة إسرائيل كافة الجهود الرامية إلى إنشاء بنية تحتية طاقية مستقلة للفلسطينيين، كما تحاول وضع يدها على هذه الموارد لتصديرها عبر صفقات مع دول الجوار بمشاركة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ومطلع الشهر الجاري، عادت قضية حقل غاز غزة إلى الأضواء عقب الإخطار القانوني الذي وجهه مكتب المحاماة الأميركي "فولي هوغ" -بالنيابة عن منظمات حقوقية فلسطينية- إلى عملاقة الطاقة الإيطالية "إيني" وشركات طاقة عالمية وإسرائيلية أخرى.
وأنذرها المكتب بعدم المضي قدما في أنشطة التنقيب ببئر غزة البحري العائدة ملكيته إلى الشعب الفلسطيني وفق أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 التي وقعت عليها دولة فلسطين سنة 2019.
ويأتي هذا الإنذار بعد إعلان إسرائيل في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن منح الترخيص لشركة الطاقة الإيطالية للعمل في حقل غزة، مما اعتبرته منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية انتهاكا للقانون الدولي.
ويرى مدير مركز الدراسات القانونية الدولية فابيو مارشيللي في حديث للجزيرة نت أن تعاقد "إيني" مع إسرائيل يعد انتهاكا للقانون الدولي الذي يحظر على سلطة الاحتلال التصرف بالموارد الطبيعية الموجودة في الأراضي التي تحتلها، بما فيها المناطق البحرية المجاورة.
وحذر مارشيللي من أن مجرد شروع الشركة في أنشطة التنقيب لاستغلال الموارد التي تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين سيجعلها شريكة لدولة إسرائيل المثقلة الآن باتهامات دقيقة وموثقة بارتكاب الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية.
ولفت المتحدث نفسه إلى أن "تواطؤ إيني" -التي تعتبر شركة عامة- في مثل هذه الجرائم سيمتد إلى حكومة جورجيا ميلوني التي تعمل على تزويد إسرائيل بجزء من الأسلحة التي تستخدمها في تنفيذ الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
من جانبها، أوضحت شركة "إيني" -في بيان حصري للجزيرة نت- أنها "حصلت -إلى جانب شركات أخرى- على تراخيص التنقيب بناء على مناقصة دولية، وأنه تم منح التراخيص المتعلقة بأنشطة التنقيب المرتقبة في أكتوبر/تشرين الأول 2023".
وأكدت الشركة أنه "لم يتم التوقيع بعد على أي اتفاق بالخصوص، وأنه لا يوجد لديها حاليا أي نشاط في المنطقة، وأنها أينما تعمل تحرص على توافق أنشطتها مع القانون الدولي وأفضل ممارسات السلامة".
ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة بات الأمر محرجا، ليس فقط لشركة "إيني"، بل للحكومة الإيطالية نفسها التي تعد المساهم الأكبر في الشركة بنسبة 32%.
وتجلى ذلك في ردود وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني -الأربعاء الماضي- خلال المساءلة البرلمانية حينما حاول التهرب من مسؤولية الحكومة في هذه القضية، مؤكدا أن الشركة الموجودة في منطقة البحر المتوسط بأكملها مدرجة في البورصة وتعمل وفق قواعد السوق.
وحاول تاياني التقليل من أهمية الاتفاق، مشيرا إلى تأكيد "إيني" أن العقد لا يزال قيد الإعداد، وأنه لا توجد أي عمليات تنقيب جارية حتى الآن في المنطقة المعنية.
كما حاول التخفيف من حدة الضغوطات الممارسة على الشركة الإيطالية، لافتا إلى أهمية التوفيق بين المصالح الاقتصادية والتطلعات المشروعة للشعوب، ومشددا على ضرورة تحديد الحدود والمناطق البحرية وفق قواعد يمليها القانون الدولي.
وأضاف المسؤول الحكومي "نحن أمام قضية تضارب مصالح، وأن الحل الأمثل هو طريق الوساطة والحوار وإيجاد الحلول عبر التفاوض على غرار الاتفاق الذي توصل إليه لبنان وإسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول 2022 بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما".
وفي حديث خاص مع الجزيرة نت، استهجن أنجيلو بونيلي الناطق الرسمي لأوروبا الخضراء والنائب عن تحالف الخضر واليسار تصريحات تاياني، ووصفها بغير المقبولة.
وأكد بونيلي -الذي استجوب وزير الخارجية تحت قبة البرلمان بشأن القضية- عدم أحقية إسرائيل -وفق المادة 55 من معاهدة لاهاي– في استخدام الموارد الطبيعية الفلسطينية لتحقيق مكاسب اقتصادية خاصة بها.
وقال "نعلم جيدا أن قضية الطاقة تعتبر مهمة جدا لبلدنا، لكن هناك أيضا أخلاق وقيم سامية تقودنا إلى القول إنه في الوقت الذي يُقتل فيه اليوم أكثر من 30 ألف مدني فلسطيني هناك من يحاول سرقة مواردهم لتحقيق أرباح خاصة به".
وفي رده على سؤال الجزيرة نت بشأن ماهية المبادرات التي ينوي اتخاذها خلال الفترة القادمة كشف النائب الإيطالي عن اعتزام حزبه الترافع أمام محكمة العدل الأوروبية ضد شركة "إيني" في قضية دولية.
تكتممن جانبه، وصف الصحفي ألبيرتو نيغري -في حوار مع الجزيرة نت- تصريحات تاياني بـ"السخيفة"، وأنها "محاولة يائسة للتسلق على لوح زجاج".
وقال إن حديث الوزير عن عدم وجود أي أنشطة بعد لاستغلال الموارد الطبيعية الفلسطينية يعود إلى أن مرحلة التنقيب لم تبدأ ويجب أن تكتمل.
وأوضح نيغري للجزيرة نت "لم تتحدث "إيني" قطعا في الماضي ولا حتى الحكومة الإيطالية عن إبرام اتفاق مع إسرائيل لاستغلال حقل غاز غزة، ولولا الإنذار الذي وصل في الأيام القليلة الماضية إلى الشركة لبقيت هذه الواقعة مغيبة أمام الرأي العام الإيطالي".
وفسّر محاولة تكتم "إيني" والحكومة الإيطالية على الاتفاقية بأن الحرب وارتكاب المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين كانا قد بدآ بالفعل، وبالتالي كان يتعين عليهما الإعلان عن تعليقهما كحد أدنى.
وأضاف نيغري أن "حديث وزير خارجيتنا عن تضارب المصالح وتفضيل طريق الوساطة والحوار في مثل هذه الحالات ليس سوى ذر للرماد في العيون، لأن "إيني" لم تتفاوض مع الفلسطينيين، بل مع الحكومة الإسرائيلية فقط رغم أن حقل "غزة مارين" تم اكتشافه منذ عام 2000 ولم يستطع الفلسطينيون استخراج الغاز منه حتى الآن بسبب الحصار المطبق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة منذ عام 2007″.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: ترقب قرار المحكمة العليا التي تنظر بالتماسات ضد إقالة رئيس الشاباك
يترقبون في إسرائيل صدور قرار المحكمة العليا التي تنظر اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025، في 8 التماسات ضد قرار الحكومة إقالة رئيس الشاباك، رونين بار. وصرخ مواطنون باتجاه القضاة لدى دخولهم إلى قاعة المحكمة أنه "لا صلاحية لديكم للنظر في هذا الموضوع".
وقال رئيس المحكمة العليا، القاضي يتسحاق عَميت، لدى افتتاحه جلسة المحكمة، أنه "نطلب إجراء الجلسة كما ينبغي، وعلى المحامين ألا يقاطعوا النقاش. ونريد إجراء المداولات بحضور جمهور ونأمل أن يتاح لنا ذلك، ونطلب عدم مقاطعة أقوال آخرين، وبالطبع أن للمحكمة صلاحية إبعاد من يعرقل المداولات".
وأوقف القضاة الجلسة إثر صراخ مؤيدي الحكومة في القاعة، وبينهم عضو الكنيست طالي غوطليف، بينما حاول مواطنون الدخول إلى قاعة المحكمة وهم يصرخون. ويتوقع استئناف جلسة المحكمة بدون تواجد الجمهور وأن تنقل ببث مباشر.
وإثر ذلك، غادر رؤساء الأجهزة الأمنية السابقين قاعة المحكمة تحت حراسة مشددة بسبب تهديدات عناصر اليمين ضدهم.
وبعد استئناف جلسة المحكمة، أوقف القاضي عَميت جلسة المحكمة مرة أخرى بسبب صراخ عضو الكنيست غوطليف داخل القاعة ومقاطعة أقواله، وطلب إخراجها من القاعة.
ويحضر جلسة المحكمة مسؤولون أمنيون سابقون، بينهم رئيس الشاباك الأسبق، يورام كوهين، ورئيس الموساد الأسبق، تَمير باردو، والمفتش العام الأسبق للشرطة، روني ألشيخ، وجميعهم عبروا عن معارضتهم لإقالة بار.
وفي ظل توقعات بأن تقرر المحكمة إلغاء قرار الحكومة بإقالة رئيس الشاباك، قال وزير القضاء، ياريف ليفين، خلال مقابلة في القناة 14، السبت، إنه إذا قررت المحكمة إلغاء قرار الإقالة فإن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو ، ليس ملزما بالانصياع للمحكمة. ووصف رئيس نقابة العمال العامة (الهستدروت)، أرنون بار دافيد، عدم انصياع الحكومة لقرار المحكمة بأنه "خط أحمر" وألمح إلى أنه في هذه الحالة قد تعلن الهستدروت إضرابا عاما.
وأبلغت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي قررت الحكومة إقالتها أيضا، المحكمة بأنها تعارض قرار الحكومة إقالة رئيس الشاباك، ووصفت قرار الإقالة بأنه "موبوء بتناقض مصالح شخصي" من جانب نتنياهو.
وأضافت بهاراف ميارا أن "لهذا القرار تبعات تتجاوز كثيرا موضوع رئيس الشاباك الحالي"، وأن إبقاء قرار الإقالة على حاله، في الظروف التي تثير تخوفا من عمل يتضمن تناقض مصالح، "سيستهدف قدرة رؤساء الشاباك في الحاضر والمستقبل بالحفاظ على أداء الشاباك بشكل سليم ورسمي وغير سياسي".
وتنظر في الالتماسات ضد إقالة رئيس الشاباك هيئة مؤلفة من القضاة الثلاثة الأقدم في المحكمة، وهم عَميت ونوعام سولبرغ ودافنا باراك – إيرز. ويأتي ذلك في ظل تحقيقات يجريها الشاباك والشرطة ضد ثلاثة مستشارين لنتنياهو، وهم إيلي فيلدشتاين ويونتان أوريخ وشروليك آينهورن.
وبإمكان المحكمة أن ترفض الالتماسات والسماح للحكومة بإقالة رئيس الشاباك، أو قبول الالتماسات ومنع إقالته، أو محاولة الدفع نحو تسوية يتم من خلالها الاتفاق على موعد إنهاء ولاية رئيس الشاباك. وثمة احتمال أن تطلب المحكمة من نتنياهو التوجه إلى لجنة التعيينات في المناصب الرفيعة وأخذ موقف بهاراف ميارا بالحسبان.
وتسود تقديرات في الجهاز القضائي أن القضاة سيطلبون أن يبقى بار في منصبه إلى حين انتهاء التحقيقات المتعلقة بمستشاري نتنياهو، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية ترامب : غزة قطعة عقارية مذهلة – نتنياهو : هناك دول مستعدة لاستقبال الغزيين إسرائيل تتلقى مقترحا مصريا يشمل هذه البنود الجيش الإسرائيلي يستكمل التحقيق الأولى بإعدام طواقم الاسعاف والانقاذ في رفح الأكثر قراءة بالصور: شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف ضاحية بيروت الجنوبية الإعلام الحكومي بغزة: القطاع يموت تدريجيا بالتجويع والإبادة الجماعية صحة غزة تعلن الانتهاء من إعادة تأهيل وتشغيل مستشفى الدرة للأطفال بالفيديو: استشهاد صحفي إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزله في خانيونس عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025