إدوارد سعيد.. "خارج المكان"
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"عندما أسافر كنتُ أصطحب معي كميّة تفيض عن حاجتي من الأمتعة، حتّى لو كانت رحلتي لا تتعدّى وسط المدينة!! بعد مدّة طويلة في تحليلي لهذا السّلوك؛ اكتشفتُ أنّهُ هاجس الخوف من عدم العودة". إدوارد سعيد.
************
في كُتب السيرة الذاتية أو المذكرات خاصة للشخصيات المؤثرة على نسق معين من الزمان سواء من حيث العلمية أو الرؤية الثقافية أو البروز الإجتماعي أو حتى النضال السياسي، وعندما تجد كل ما سبق يتمحور ويتجسد في شخصية واحدة سيكون الوقع مُبهرًا ومُشوِّقًا للقراءة أكثر والحديث أكثر، والكتابة أكثر.
هُنا يتقيد المقام بأحد أهم الرموز الثقافية في رحلة الفلسطينيين، ألا وهو الأستاذ الاكاديمي والمفكر إدوارد سعيد. قبل كتابة هذا الكلمات تجولتُ بين 3 كتب باللغة العربية تحدثتْ عنه، وكان هو عنوانها البارز، كتاب "الاستشراق"، وكتاب "خارج المكان"، وكتاب "إدوارد سعيد أماكن الفكر"، إلى جانب التجوال عبر مواقع إلكترونية للبحث عنه، ناهيك أنه قبل ذلك كله قرأتُ تلك الكتب ولعل أهم ما أثار اهتمامي هو كتاب "خارج المكان"، ترجمة فواز طرابلسي، ربما لأنه من كتب السير والمذكرات التي أميل إليها.
لماذا أدوارد سعيد؟ سؤال طرأ على بالي قبل كتابة هذه الكلمات، فهو كسيرة ذاتية أُشبِعَ بحثًا، وقلمّا تجد مهتمًا بالأدب العربي وتحديدًا في النقد الأدبي إلّا وتجد له قراءة أو فكرة او اهتمامًا بهذا المُفكِّر، وهو أستاذ الأدب المقارن في جامعة كولومبيا بنيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، بالطبع لأنه قد يكون الأهم بين الذين امتطوا صهوة التدريس والتفكُّر في النقد الأدبي، فقد كانت ولا تزال مؤلفاته تُدرَّس في أغلب الجامعات؛ في طوكيو أو برلين أو جوهانسبورج أو حتى في مِدراس (عاصمة ولاية التاميل الهندية)، وبالطبع في مدارس الأدب العربي في الجامعات بأقسامها المتخصصة.
في "خارج المكان" كان صريحًا متعديًا حدود الصراحة، والصراحة إن زادت قد تدخل نفق الوقاحة، لكني لم أدخل هذا النفق خلال القراءة، وإن كانت المسافة قريبة أحيانًا منه في بعض التفاصيل.
في بداية صفحات كتابة خارج المكان يتحدث المفكر إدوارد سعيد عن اللقاء العفوي الذي حصل أثناء زيارته للقاهرة في نوفمبر 1998، مع الفرّاش الصعيدي أحمد حامد الذي عمل عند عائلته لفترة 3 عقود وكان يصفه عند رؤيته: "دلف إلى الغرفة رجل صغير نحيل وصلب العود يرتدي الثوب الداكن واللفة، وهما اللباس التقليدي للفلاح الصعيدي، وعندما قالت له المرأتان إن هذا هذا هو إدوارد الذي كنت تنتظر رؤيته بفارغ الصبر، تراجع مُطأطئًا رأسه: لا. كان إدوارد طويلًا يضع نظارتين، هذا ليس إدوارد. وبسرعة تعرفتُ عليه، وهو رجل ساخر ومتزمت في صدقه وإخلاصة، وكنا جميعًا نعتبره بمنزلة فرد من أفراد العائلة، حاولت إقناعه بأني إدوارد حقًا، ولكن بدلني المرض والعمر بعد غياب 38 سنة، وفجأة وقع كل منا في حضن الآخر نجهش بدموع الفرح للقاء المتجدد والحزن على زمن لن يُستعاد". (1)
كان إدوارد سعيد مُلزمًا قرابة 50 سنة كي يعتاد على اسمه إدوارد ويخفف من الحرج الذي يسببه له هذا الاسم الإنجليزي الأخرق الذي وضع كالنير على عاتق سعيد اسم العائلة العربي القح (2)، مع ان امه أبلغته بأنه سمي على اسم أمير بلاد الغال (وارث العرش البريطاني) الذي كان نجمه لامعًا عام 1935. وكان يتحدث أنه كان يتجاوز اسمه ويؤكد على سعيد تبعًا للظروف، وإن كان يفعل العكس، أو إلى لفظ الأسمين معًا بحيث يختلط الأمر على السامع والأمر الوحيد الذي لم يكن يطيقه هو ردود الفعل المتشككة والمدمرة التي كان يتلقاها إدوارد سعيد.
إدوارد سعيد الأمريكي من أصل فلسطيني، المسيحي المدافع بشراسة عن أشقائه الفلسطينيين، كان رجلًا مُخلصًا لبلده الأم، وكان يمثل نقاء الثورة، وكان نضاله صادقًا؛ حيث تبوأ منصب عضو المجلس الوطني الفلسطيني، كانت فلسطينيته مؤثرة على فكره ووجدانه أكثر من أمريكيته التي استخدمها أكثر من مرة لمعاونته على رؤيته فلسطين والقدس، والتنقل بحواز سفر أمريكي كي ينظم مؤتمرًا في لندن عام 1991، وفي عز ضعف القضية الفلسطينية حتى يحاول المشاركة لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإن سارت الأمور بعد ذلك على قاعدة: "العين بصيرة واليد قصيرة"!
تُوفيّ إدوارد سعيد بعد صراع مع مرض سرطان الدم في سبتمبر عام 2003، وما زالت ذكراه وكتبه وأبحاثه شاهده على ما قدَّم وما درّس وما كتب، وسيبقى أحد الأيقونات المضيئة للأدب العربي، خاصة في دراسات الاستشراق.
____________
كتاب: إدوارد سعيد خارج المكان، ترجمة فواز طرابلسي، دار الآداب ط .الثالثة 2021 م .ص 21. ص . 25، نفس الكتاب (بتصرُّف). رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
المدير الفني لتشيلسي: سعيد بعودتنا أمام إيبسويتش
لندن «د.ب.أ»: أبدى إنزو ماريسكا، المدير الفني لفريق تشيلسي، رضاه عن أداء فريقه في الشوط الثاني من عمر مباراة فريقه ضد ضيفه إيبسويتش تاون، الذي تمكن من خلاله في تعويض تأخره صفر / 2، ليتعادل 2 / 2 مع منافسه، في المرحلة الـ32 لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.
ورغم ذلك، شدد المدرب الإيطالي على ضرورة أن يكون فريقه أكثر شراسة في المباريات حينما يتفوق على منافسيه في الأداء.
وسيطر تشيلسي على أول 19 دقيقة من عمر المباراة التي أقيمت بملعب (ستامفورد بريدج) في العاصمة البريطانية لندن، وحظي لاعبوه بفرص تهديفية متكررة، وسدد نيكولاس جاكسون كرة في القائم، وأنقذ ليفي كولويل ضربة رأس، وكاد نوني مادويكي وإنزو فرنانديز أن يسجلا.
ودفع تشيلسي ثمن إهداره تلك الفرص، حيث سجل جوليو إنشيزو الهدف الأول لإيبسويتش عكس مجريات اللعب، ثم سجل زميله بن جونسون الهدف الثاني، لينتهي الشوط الأول بتقدم الضيوف 2 / صفر.
وشهد الشوط الثاني تحسنا ملحوظا من البلوز، وجاء هدف تقليص الفارق بعد 18 ثانية من بداية الشوط الثاني عندما سجل أكسل توانزيبي، لاعب إيبسويتش، بالخطأ في مرماه، ثم سجل جادون سانشو هدف التعادل قبل 11 دقيقة من نهاية الوقت الأصلي للقاء.
وقال ماريسكا عقب المباراة "أعتقد أننا بدأنا بشكل جيد، وخلقنا الفرص، ثم عندما سجلوا الهدف الأول، تغيرت ديناميكية المباراة تماما. أعتقد أنه منذ ذلك الحين وحتى نهاية الشوط الأول، لم نكن جيدين بما يكفي، وخاصة دفاعيا، لأن الهدفين اللذين استقبلناهما كانا كلاهما بسبب أخطاء ارتكبناها".
وأضاف ماريسكا في تصريحاته، التي نقلها الموقع الألكتروني الرسمي لتشيلسي "أعتقد أنه بفضل الهدفين اللذين استقبلناهما، يمكننا الدفاع بشكل أفضل. ولكن إذا حللنا الهدفين، فإن الهدف الأول كان من تمريرة طويلة من إنزو ثم استقبلنا الهدف. والثاني كان من ركلة مرمى، كرة طويلة واستقبلنا الهدف".
وأوضح المدرب الإيطالي "ربما فقدنا القليل من الثقة داخل الملعب لأننا كنا مسيطرين ولعبنا بشكل جيد. لقد أفقدنا هذا القليل من الثقة لأنها مباراة يجب أن نفوز بها، لذلك عندما نكون متأخرين بهدف واحد (يكون الأمر صعبا)".
وذكر ماريسكا "في تلك اللحظة، كانت رسالتي في الاستراحة أننا بحاجة إلى رد فعل، ولا يمكننا الاستمرار بنفس الطريقة التي كنا عليها في آخر 25 دقيقة من الشوط الأول".
وحصل ماريسكا على ردة الفعل التي كان يريدها من لاعبيه، لكنه أكد أنه كان ينبغي على تشيلسي السيطرة الكاملة على المباراة في الدقائق الافتتاحية بدلا من الاضطرار إلى شن هجوم مضاد عندما يكون الفريق متأخرا في النتيجة.
وشدد مدرب تشيلسي "الأمر صعب للغاية. في أول 20 دقيقة، في هذه المرحلة من الموسم ضد هذا النوع من الفرق، إذا سجلت الهدف الأول، فإن المباراة تتغير تماما لصالحك. للأسف، أهدرنا فرصا ثم استقبلنا هدفا، وأعتقد أن الفريق لم يكن جيدا بما يكفي في جوانب مختلفة خلال الدقائق المتبقية من الشوط الأول".
واختتم ماريسكا تصريحاته قائلا "في الشوط الثاني، عدنا لمستوانا الطبيعي. وصنعنا العديد من الفرص، ولعبنا في منتصف ملعب الفريق المنافس، وكنا أكثر ديناميكية. كنا أفضل بكثير في الشوط الثاني".
ويأتي هذا التعادل ليشكل ضربة لآمال فريق تشيلسي في التواجد ضمن المراكز الخمسة الأولى في ترتيب المسابقة، المؤهلة لبطولة دوري أبطال أوروبا في الموسم المقبل.
وأصبح في جعبة تشيلسي، الذي تعادل للمباراة الثانية على التوالي، 54 نقطة في المركز السادس، بفارق نقطة خلف نيوكاسل يونايتد، صاحب المركز الخامس، الذي لا يزال يمتلك مباراة مؤجلة.