إسلام آباد- لم تكن الجماعات والأحزاب الإسلامية في باكستان في واقع أسوأ مما هي عليه اليوم على المستوى السياسي والتحصيل الانتخابي وفقا لنتائج الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في 8 فبراير/شباط الجاري.

وتشير نتائج الانتخابات إلى تراجع الجماعات والأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية الباكستانية، حيث سجلت هذه الأحزاب أسوأ نتائج لها منذ بداية القرن الحالي إن لم يكن على امتداد تاريخ باكستان التي استقلت عام 1947.

وقد شهدت باكستان منذ بداية القرن الحالي 5 انتخابات عامة، كما شهدت على مدار تاريخها القصير -الذي شهد 3 انقلابات عسكرية- 12 انتخابا عاما، وكانت الأحزاب والجماعات الإسلامية حاضرة فيها بشكل قوي، لكنها بدأت تتراجع في الانتخابات الثلاثة الأخيرة اعتبارا من عام 2013.

وفي بلد إسلامي كباكستان تحظى الأحزاب السياسية بشعبية كبيرة، ولديها قدرة عالية جدا على الحشد في القضايا الإسلامية والشعبية والقضايا التي تخص العالم الإسلامي مثل نزاع كشمير والقضية الفلسطينية، وقد حشدت تلك الأحزاب حشودا كبيرة جدا لمناصرة الشعب الفلسطيني خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة.

أمير الجماعة الإسلامية الباكستانية سراج الحق خلال إدلائه بصوته في مقاطعة دير بإقليم خيبر (الجزيرة) نزيف تدريجي

لم تحقق الأحزاب الإسلامية الباكستانية في الانتخابات الأخيرة أي تقدم انتخابي، سواء على مستوى المجلس الوطني أو المجالس الإقليمية.

الجماعة الإسلامية -التي تعتبر كبرى الجماعات الإسلامية في باكستان، وتحظى بانتشار واسع في أنحاء البلاد- لم تستطع الحصول على أي مقعد في المجلس الوطني (البرلمان الاتحادي)، فيما حصلت على 5 مقاعد فقط في المجالس الإقليمية، كما خسر زعيمها سراج الحق الانتخابات في الدائرة التي ترشح لها.

وبسبب النتائج المخيبة للآمال استقال أمير الجماعة الإسلامية في باكستان مولانا سراج الحق من رئاسة الجماعة، محملا نفسه المسؤولية عن الفشل الانتخابي الكبير.

بالمقابل، حصلت جمعية علماء الإسلام على 4 مقاعد فقط في الانتخابات، كما خسر زعيم الجمعية مولانا فضل الرحمن في دائرته، لكن لجنة الانتخابات أعلنت أمس الجمعة فوزه في الدائرة.

وفي انتخابات 2013 حصلت جمعية علماء الإسلام على ما مجموعه 15 مقعدا، فيما حصلت على 4 مقاعد بالمجلس الوطني، بالإضافة إلى مقاعد في المجالس الإقليمية.

أما في انتخابات 2018 فحصل تكتل الأحزاب الإسلامية مجتمعة أو ما يسمى "مجلس العمل المتحد" على 14 مقعدا فقط، وهو ما يشير إلى تراجع تدريجي أصاب الجماعات والأحزاب الإسلامية في باكستان.

وكان تحالف "مجلس العمل المتحد" قد حصل في انتخابات عام 2002 على 64 مقعدا في المجلس الوطني ليكون ثالث التكتلات السياسية في البرلمان، لكن هذا الكيان حل في عام 2008 وعاد مرة أخرى في انتخابات 2018.

كما أن أداء الجماعة الإسلامية كان بارزا في انتخابات 2002، خاصة على المستوى الإقليمي في الإقليم الشمالي الغربي (سرحد)، حيث حققت تقدما كبيرا أهّلها لتشكيل الحكومة المحلية في ذلك الإقليم.

أسباب التراجع

وفي محاولة للوقوف على أسباب التراجع الكبير للجماعات الإسلامية في باكستان وما إذا كان يحمل أبعادا دينية، يقول رئيس معهد الدراسات السياسية في إسلام آباد خالد رحمن إن الانتخابات الأخيرة والتي سبقتها لم تكن معركة دينية أو بين قوى إسلامية وأخرى غير إسلامية، أي لم يكن الإسلام وسط المعركة.

وأضاف رحمن في حديثه للجزيرة نت "لا يوجد أي حزب من الأحزاب الرئيسية الكبرى يحارب الإسلام والثقافة الإسلامية في باكستان، بل العكس في كثير من القضايا التي تمس الإسلام نجد جميع الأحزاب على الصفحة نفسها".

وضرب رحمن مثالا بانتخابات 2002، حيث كانت المعركة بين الإسلام أو العداء لأميركا التي كانت قد بدأت غزوها لأفغانستان وبين الجهات التي تعاونت مع الغزو الأميركي لأفغانستان، ولذلك حققت الأحزاب الإسلامية تقدما كبيرا في الانتخابات.

من جهته، يقول عبد الوهاب الديروي الباحث السياسي وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية إن بعض الأسباب تتعلق بتدخلات خارجية وداخلية لمحاربة تلك الجماعات الدينية بحجة أو بأخرى.

ويرى الديروي أنه في الانتخابات الأخيرة تم إقصاء هذه الأحزاب لأنها دعمت بشكل ملحوظ حكومة طالبان الأفغانية سياسيا وشعبيا حين حاول زعيم جمعية علماء الإسلام مولانا فضل الرحمن إصلاح العلاقة بين باكستان وحكومة طالبان، وهو ما أظهر استياء بعض الدول التي لا تريد أن تكون العلاقات بين باكستان وأفغانستان متماسكة، بالإضافة إلى دعم الأحزاب الإسلامية للمقاومة الفلسطينية المتمثلة بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وأضاف الديروي في حديثه للجزيرة نت أن ثمة أسبابا داخلية أيضا لعبت دورا محوريا في تراجع الأحزاب الإسلامية، وهو أن الشعب الباكستاني في الوقت الحالي يطالب بتحسين الاقتصاد والأوضاع المعيشية، ولذلك فإنه يدعم الأحزاب التي تركز على تحسين الوضع الاقتصادي في برنامجها الانتخابي.

مؤتمر في باكستان دعما لغزة بحضور القيادي في حماس خالد القدومي (الجزيرة) ما علاقة عمران خان؟

ويقول خالد رحمن إن المعركة في الانتخابات الحالية كانت بين أنصار عمران خان وحزب إنصاف من جهة وخصومه من جهة أخرى، مضيفا "يمكن القول إن المعركة بين خصوم الدولة العميقة وأنصارها".

ويعتقد رحمن أن الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد على مدار العامين الماضيين وإسقاط حزب إنصاف من السلطة خلقا حالة من الاحتقان السياسي في الساحة الباكستانية جعل عمران خان محور الصراع إلى حد ما.

من جهته، يقول عبد الكريم شاه المحلل السياسي ومدير مركز إسلام آباد للدراسات السياسية في حديث للجزيرة نت إن التظلم لعمران خان طغى بشكل كبير على المشهد الانتخابي.

وأضاف شاه أن الأحزاب الإسلامية تحظى بشعبية كبيرة -على سبيل المثال- في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب البلاد، لكن الإقليم كله غاضب ولذلك جاءت النتائج ساحقة جدا للجميع، لأن أغلب تلك الأحزاب وقفت ضد "العدل" ومع "الفساد"، على حد وصفه.

وتابع "مولانا مهما كانت مكانته إلا أنه وقف لإنقاذ الفاسدين (نواز وزرداري) اللذين لا أحد يشك في فسادهما، وكل من يقف إلى جانبهما -سواء كان إسلاميا أو غير ذلك- فهو مرفوض من قبل الشعب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإسلامیة فی باکستان الجماعة الإسلامیة فی الانتخابات فی انتخابات

إقرأ أيضاً:

نشاط تنسيقية شباب الأحزاب في أسبوع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عدداً من الفعاليات والأنشطة المكثفة خلال الأسبوع الماضي، والتقى وفد التنسيقية وفدا من دائرة العلاقات الخارجية بالحزب الشيوعي الصيني أثناء زيارته للقاهرة، وذلك بالسفارة الصينية بالقاهرة، بناءً على دعوة من السفارة في إطار تعزيز العلاقات بين التنسيقية والحزب الصيني.

وعقدت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ضمن جهودها لتعزيز الوعي السياسي وتحليل التطورات الدولية جلسة حوارية بحضور د. أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية، لمناقشة آخر التطورات على الساحة العالمية عقب إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية لفترة ثانية.

وخلال الأسبوع، أدانت التنسيقية و استنكرت قرار الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وإغلاق المعابر المستخدمة في الإغاثة الإنسانية، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تنص على ضرورة تأمين وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في مناطق النزاع.

وأكدت أن هذا القرار التعسفي يُفاقم من الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يواجه المدنيون، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن، أوضاعًا مأساوية من نقص الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية، في ظل استمرار العمليات العسكرية والتصعيد غير المبرر.
وأكدت التنسيقية أن منع دخول المساعدات الإنسانية يُعد جريمة ضد الإنسانية تستوجب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي، كما تدعو الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والدولية إلى تحمل مسؤولياتها والضغط على إسرائيل لإعادة فتح المعابر فورًا، وضمان التدفق الآمن للمساعدات الإنسانية إلى غزة، وفقًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

وشددت التنسيقية على موقفها الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وعلى أهمية التزام كافة الأطراف بتنفيذ جميع مراحل وبنود وقف إطلاق النار، كما تؤكد أن وقف المساعدات الإغاثية كمحاولة جديدة للضغط على سكان القطاع نحو التهجير أمر بالغ الخطورة، يضر بأطر السلام في المنطقة.

ودعت التنسيقية جميع القوى الفاعلة دوليًا وإقليميًا إلى التحرك العاجل لوقف هذا الانتهاك، وتوفير الحماية الإنسانية للشعب الفلسطيني، ورفع الحصار المفروض على غزة، تمهيدًا لحل سياسي شامل وعادل يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.


وخلال الأسبوع استضافت التنسيقية الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة،وذلك لمناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالشباب والرياضة، استعرض الوزير خطط وبرامج الوزارة لدعم الشباب في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه القطاع الرياضي في مصر.

واستضافت التنسيقية ، د.مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، وذلك لمناقشة عدد من القضايا المتعلقة بالحماية والرعاية الاجتماعية.

كما ثمنت التنسيقية الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة المصرية لتعزيز الحماية الاجتماعية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، بما ينعكس إيجابيًا على المواطن المصري، لا سيما الفئات الأولى بالرعاية.

وتأتي حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي لرئيس مجلس الوزراء، كخطوة مهمة في مسار تعزيز العدالة الاجتماعية، من خلال دعم الأسر الأكثر احتياجًا، وزيادة الأجور والمعاشات، وتوفير برامج حماية للعمالة غير المنتظمة، ودعم الفلاحين، إلى جانب ضخ استثمارات إضافية في قطاعي الصحة والتعليم.

وأكدت التنسيقية دعمها الكامل لهذه الجهود، فإنها تشيد بالتوجه نحو التوسع في برامج الدعم النقدي المشروط، مثل "تكافل وكرامة"، وإجراءات تحسين الأوضاع المعيشية لمحدودي الدخل، وهو ما يعكس حرص الدولة على تقديم حلول مستدامة تستهدف التمكين الاقتصادي بجانب الدعم المباشر.

كما ثمنت التنسيقية القرارات المتعلقة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 7000 جنيه، وزيادة علاوة غلاء المعيشة إلى 1000 جنيه، وتحسين أوضاع المعلمين وأعضاء هيئة التدريس، ودعم العمالة غير المنتظمة بمنح مالية، وزيادة مخصصات التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، مما يعزز شبكة الأمان الاجتماعي ويدعم الفئات الأكثر احتياجًا.

وأكدت التنسيقية أن هذه الخطوات تؤكد أن الدولة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المواطنين، وتحقق الاستقرار والنمو في آنٍ واحد.

كما دعت التنسيقية إلى مواصلة تلك الجهود لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، بما يعزز من جهود الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة لكل المصريين.

وخلال الأسبوع استضافت التنسيقية وفد من نقابة المحامين يضم الدكتور عبد الحليم علام، نقيب المحامين و عيسي ابو عيسي، حسام سعيد، وذلك في إطار السعي لتعزيز العلاقات وتفعيل التعاون المشترك بين مختلف الجهات ذات الصلة.

وخلال الأسبوع قام مركز بناء الكوادر بالتنسيقية بالتعاون مع لجنة التواصل الحزبي، باستكمال برنامج "بناء قدرات شباب الأحزاب" من خلال تقديم برنامج تدريبي لأعضاء حزب الغد، وذلك تنفيذاً لإستراتيجية تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين لتعزيز قدرات وتنمية مهارات الكوادر الشبابية من مختلف الأحزاب.

كما استضافت جامعة الفيوم، ثالث فعاليات مبادرة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين "ابني وعيك" لبناء وعي الشباب المصري.

وخلال الأسبوع وقعت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين مذكرة تفاهم مع محافظة أسوان وذلك استكمالاً للجهود المبذولة لتحقيق التعاون المثمر والبناء بين التنسيقية وأسوان، وذلك تعزيزاً للتعاون المشترك وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين.
 

مقالات مشابهة

  • "سيخسر".. ماسك يسخر من زيلينسكي بـ"منشور الانتخابات"
  • لماذا أخفقت منظومة يرى ويطلق في صد هجوم 7 أكتوبر؟
  • تحقيق .. هكذا أخفقت إسرائيل بالكشف عن هجوم 7 أكتوبر
  • نائب يعلق على امكانية مشاركة الفاسدين في الانتخابات المقبلة
  • نائب يعلق على امكانية مشاركة الفاسدين في الانتخابات المقبلة - عاجل
  • جمال عبد الرحيم: القضاء الإداري يرفض 7 دعاوى لوقف الانتخابات
  • الأحزاب السياسية تستعد لمعركة 2026 بتشكيل لجان الإنتخابات
  • تعزيز وعي المواطنين لضمان مشاركتهم في «انتخابات المجالس البلدية»
  • نشاط تنسيقية شباب الأحزاب في أسبوع
  • أعداء السامية الإسلامية لا سامية اليهود