أكد مختصون أهمية التحصين الفكري للأسر لمواجهة تحديات العصر والتيارات الثقافية السلبية وتعزيز الجانب الاجتماعي والصحة النفسية والعلاقات الإيجابية الأسرية، وضرورة حماية الناشئة في مجابهة المؤثرات الخارجية التي تضرب الأسرة وأهدافها ومبادئها وتسهم في خلخلة النسيج الاجتماعي، داعين إلى المحافظة على الهوية الدينية والقيم والأخلاق وتعزيز التفاعل والوعي الثقافي المتبادل وحماية العقول من الغزو الفكري.

وللتعرف على دور التحصين الفكري في حماية الأسر ومقاومة التأثيرات، تحدثت خولة بنت خميس البهلاوية، أخصائية نفسية ومدربة استشارية، قائلة: تحصين الأسرة الفكري هو الحبل المتين في تقوية أفراد الأسرة وذلك لمواجهة التحديات العقلية والاجتماعية وتطوير مهارات التفكير والتواصل وتشجيع الوعي بالقيم والمبادئ والعلاقات الإيجابية داخل الأسرة.

وأوضحت البهلاوية أن التواصل الجيد يكون عبر الحوار المستمر بين أفراد الأسرة لما له من دور مهم في التحصين الفكري ويسهم في التكيف مع التغيرات ويقوي الصحة النفسية ويشجع أفراد الأسرة على تقدير الأشياء الصغيرة والتعبير عن الامتنان دائما.

وأكدت الأخصائية النفسية على أهمية التحصين الفكري للأسرة في مقاومة التأثيرات السلبية، قائلة: التحصين الفكري يعزز قوة الأسرة في التصدي للتحديات، ويعزز العلاقات الإيجابية ويحمي من التأثيرات السلبية، ويصنع بيئة صحية للسعادة والاستقرار.

وأضافت: يسهم التحصين الفكري في الحفاظ على هوية المجتمع، وحماية العقول بعدة طرق منها أنه يقوي ويغذي الهوية الدينية والقيمية بالإضافة إلى تشجيع التفاعل والوعي الثقافي والتفكير النقدي الذي يمكّن الأفراد من تحليل المعلومات وفحصها بشكل أفضل واتخاذ القرارات الصائبة المستنيرة.

إيجابية العلاقات

وفي السياق ذاته قالت أبرار بنت ناصر الحضرمية، أخصائية اجتماعية وباحثة في المجال التربوي والأسري وعضوة بجمعية الاجتماعيين العُمانية: التحصين الفكري من الأولويات التي ينبغي أن لا يزاحمها غيرها على الصدارة، حيث يؤدي التحصين الفكري للأسر دورا مهما في تحقيق الأمن الفكري والذي مع تحقيقه يتحقق تلقائيا الأمن والتحصين في الجوانب المختلفة الأخرى كالجانبين الاجتماعي والنفسي؛ وذلك لأن التحصين الفكري هو بمثابة الحاجز لحماية الأفراد والمجتمعات ضد الوقوع في الفوضى الفكرية غير المضبوطة بمبادئ العلم والحكمة وغير المستندة إلى عقيدة دينية سليمة. من جهة أخرى فإن التحصين الفكري للأسر يساعد في تحقيق الأمن الأخلاقي فكلما كان الفكر سليمًا كان ذلك مدعاة للتصرف بخلق عال والتخلي عن كل ما يعد مفسدة أو تجاوزًا على قيم المجتمع وعاداته، حيث تعي الأسرة حقوق الآخر وواجب احترامها وعدم التعدي عليها. كما ويؤدي دورا مهما في تعزيز العلاقات الاجتماعية لا سيما الأسرية وذلك لأن تحصين الأسرة فكريًّا يجعلها في حالة استقرار نفسي دائم مما ينعكس على علاقتها بأبنائها وبالمجتمع عامة، بحيث تصبح علاقات يسودها الإيجابية والتفاهم والتعاون لمواجهة أي تحديات أو تغيرات تطرأ على المجتمع. وعن الطرق الفاعلة لتعزيز التحصين الفكري للأسر، بيّنت الحضرمية قائلة: تعد عملية تعزيز التحصين الفكري للأسر من العمليات المهمة التي تتطلب تكاتف جميع الجهات والمؤسسات المعنية وذلك من خلال الاهتمام بالقيم وترسيخها؛ لأنها تمنح الأسرة حصانة، في مجابهة المؤثرات الخارجية التي تضرب الأسرة وأهدافها ومبادئها، وتسهم في خلخلة النسيج الاجتماعي. كما لا بد من إتاحة الفرصة للحوار الحر الرشيد داخل المجتمع الواحد واستخدام أسلوب الحجة والإقناع في التعامل مع الطرف الآخر وهذا الأسلوب يجب العمل به في كل المؤسسات خاصة المؤسسات التي تتعامل مع الأسرة، والاستفادة من وسائل الإعلام ، وتوظيفها في صنع المعرفة وإنارة الحقائق وإشاعة القيم النبيلة وتنشيط الحوار العقلاني البنّاء مع الأسر، إضافة إلى ضرورة تدريب المعلمين والأكاديميين والمربين على أفضل أساليب التعاون مع الأسرة وتبادل الاتصال والتنسيق بين المؤسسات التربوية وبين الأسرة، وذلك عبر التواصل المستمر، واللقاءات الدورية بهدف الرقي بمستوى الأسرة إلى أعلى مستويات النضج والحصانة الفكرية. وكما لا بد من تفعيل دور المرشد الاجتماعي والنفسي في كافة المؤسسات وذلك من خلال تنظيم لقاءات وندوات للآباء والأمهات تساعد على توعيتهم في الجوانب المختلفة، وتحقيق التماسك الأسري الذي يعد ركيزة أساسية لمواجهة التحديات والأخطار التي تتعرض لها في ظل المتغيرات السريعة المتلاحقة التي تشهدها المجتمعات.

الغزو الفكري

من جانبها قالت حليمة بنت عوض المعنية، باحثة اجتماعية وعضوة بجمعية الاجتماعيين العُمانية: تنبع أهمية التحصين الفكري للأسر العُمانية في معرفة وإدراك الخطورة العميقة للغزو الفكري -الذي نتعرض له بشكل يومي- والذي يعد بمثابة هجمات شرسة موجّهة من قبل ثقافات وأمم أخرى لمحاولة بسط نفوذها وسيطرتها والتحكم بثقافتنا وتوجيهها نحو طريق معين، فعلى سبيل المثال لا الحصر: الفكر الإلحادي، تمجيد اللغات الأجنبية وإضعاف اللغة العربية، والفكر النسوي، والعنصرية المذهبية والطائفية.... حيث يركز هذا الغزو الفكري الغربي على استهداف سلوكيات ومعتقدات الأفراد من خلال التعمق في دراسة تاريخ ثقافتهم وهويتهم، والتمعن في حاضرها؛ لاستغلال مواطن الضعف فيها وإضعاف مواطن القوة؛ بالاعتماد على عدة وسائل ممنهجة بشكل غير مباشر، وتبث سمومها من خلال حيل شتى كالتقنع بالأديان وصك بنود الاتفاقيات الدولية، وسطوة الإنترنت والجوالات والتطبيقات؛ حتى تحقق مبتغاها باستباحة كل ما هو محرم ومحظور، وتمجيد ما لا يستحق تمجيده.

وأضافت: هنالك العديد من الأفكار التي تصدّر إلى مجتمعاتنا وتصيب ثقافتنا بعاهات وتشوهات لا تستقيم إلا بوحدة الصف والكلمة في التصدي لها، ولا تجفّ منابعها النتنة إلا بالوعي المجتمعي الذي تقوم به «الأسرة» حيث إن الدور الرئيس للأسرة ليس فقط الإنجاب؛ بل يتعدى ذلك لما هو أسمى ألا وهو غرس القيم والارتقاء بالشخصية الإنسانية السوية حتى تخّرج -كل أسرة- أبناءً بقيمة مُضافة عالية لمجتمعها ووطنها وأمتها وإنسانيتها ولا يتأتى ذلك إلا بمضاعفة الجهود المجتمعية وتعزيز دور الأسرة لتكريس القيم، واتباع أساليب التنشئة الاجتماعية العلمية الصحيحة كالتوجيه، والتعليم بالقدوة، والتقويم والتصحيح، والأهم من ذلك الالتزام بتعاليم ديننا الحنيف؛ فلم تعد التنشئة الاجتماعية التقليدية بماهيتها -التي لا تتناسب وطبيعة متطلبات وتقلبات هذا العصر- قادرةً على تخطي وتجاوز العواصف الفكرية التي تعصف بالأسر والمجتمعات والأوطان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

مليون فرصة عمل.. السيسي يوجه رسالة للأسر المصرية بأهمية الذكاء الاصطناعي (فيديو)

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الأعمال المرتبط بالذكاء الاصطناعي، هي وظائف المستقبل، مشيرا إلى أن الدولة في حاجة إلى شباب بمستوى متطور، وأن يكون لديهم تعليم متقدم للعمل، خاصة أن فرص العمل لهم متواجدة ومن الخارج.

منها سيارات ذوي الإعاقة.. السيسي يؤكد أهمية مواجهة السلوكيات غير القانونية (فيديو) السيسي: لدينا دورا إيجابيا في إنهاء أزمات المنطقة وليس تصعيدها (فيديو)

وقال الرئيس السيسي، خلال كلمته التي ألقاها، خلال لقائه بطلاب الأكاديمية العسكرية المصرية، أنه على الأسر أن تنتبه وأن تعمل على تعليم أبنائها نظم الحاسبات والمعلومات والذكاء الإصطناعي، خاصة  أن فرص العمل بهذا المجال تخلق عائد مادي كبير.

مليون فرصة عمل جديدة في مجال الرقمنة 

وتابع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن المواطن في عدد من الدول نتيجة العمل في الذكاء الإصطناعي،  يحصل على ما يقرب من 4 الاف دولار شهريا، وفي عدد من الدول الأخرى يحصل من بين 30 ألف دولار، حتى 50 الف دولار، نتيجة مستوى التعليم والتأهيل والإجادة

وأشار الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى أن هناك مليون فرصة عمل جديدة في مجال الرقمنة وهذا الأمر في غاية الأهمية، مشيرا إلى أن فرص من يلتحق بهذا المجال ليس كثيرا. 

التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح اليوم الاثنين، مع عدد من طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية، الذين أنهوا دراستهم بها.

جاء ذلك بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وعدد من كبار قادة القوات المسلحة، وقادة الأكاديمية العسكرية المصرية.

ودار حوار مفتوح أجاب فيه الرئيس على استفسارات الطلاب بشأن مختلف الأوضاع المحلية والدولية، وفي هذا السياق أوضح الرئيس، أن حماية الأمن القومي عملية مستمرة بلا كلل أو ملل، مؤكدا أن تماسك ووحدة الشعب المصري هما محور الارتكاز والحماية الاستراتيجي للدولة المصرية، والضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن.

وأوضح المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، أن الرئيس أشار إلى أن الأعوام العشر الماضية برهنت على وعي الشعب المصري وتماسكه في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، فكان الشعب هو حائط الصد ضد محاولات زعزعة الاستقرار والنيل من المؤسسات الدستورية تجنبا للعواقب السلبية لعدم الاستقرار.

وفيما يتعلق بالظروف الإقليمية، أوضح الرئيس أن التطورات على مدار العقود الماضية أدت بالمنطقة إلى مفترق طرق تاريخي، يتطلب من الجميع الحذر والتأني والدراسة المتعمقة قبل اتخاذ أي قرار، مؤكدا في هذا السياق أن ثوابت السياسة المصرية تقوم على التوازن والاعتدال والإيجابية لإنهاء الأزمات وليس تصعيدها، تحسباً من الانزلاق إلى مخاطر حقيقية تهدد الأمن الإقليمي بأكمله.

وأضاف الرئيس أن دول المنطقة لها مصالحها التي يجب ألا تتعارض مع بعضها، منوها في هذا السياق إلى أهمية إجراء حوار استراتيجي بينها بهدف البناء والتنمية وتعظيم الاستفادة من مقدرات شعوبها.

وردا على عدد من الاستفسارات المتعددة من الطلاب، أكد الرئيس السيسي أن الدولة تعمل على مسار إصلاحي على مدار العشر سنوات الماضية، من أجل إعداد أجيال قادرة على حمل المسئولية في القطاعات كافة.

كما أوضح الرئيس أهمية مواجهة السلوكيات غير القانونية التي تسعى لاستغلال المميزات التي تكفلها الدولة لفئات محددة كالسيارات المخصصة لذوي الإعاقة على سبيل المثال.

نوه الرئيس إلى أهمية التوجه المجتمعي نحو دراسة علوم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات لبناء كوادر مصرية متميزة في هذه المجالات الحيوية، بالإضافة إلى فتح ميادين عمل جديدة وغير تقليدية وأكثر ربحية للشباب المصري.

يأتي ذلك في إطار استعدادات الأكاديمية العسكرية المصرية لتخريج دفعات جديدة من طلابها لعام 2024، وفي ضوء حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي، على المتابعة المستمرة لمستويات التأهيل الفكري والثقافي للطلاب.

مقالات مشابهة

  • الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: الأزهر هو المكون الفكري الذي يسير على منهاج الوسطية
  • لمواصلة توفير الإمدادات والخدمات للأسر اللبنانية... اليونيسف تناشد المجتمع الدولي
  • احترس من القسوة في تربية أبنائك... قد تقودهم للتطرف الفكري
  • اللواء بسام عطية: "الأمن الفكري" يعزز وعي الفرد بدوره في حماية وطنه
  • مليون فرصة عمل.. السيسي يوجه رسالة للأسر المصرية بأهمية الذكاء الاصطناعي (فيديو)
  • سلطنة عمان تؤكد للعالم ضرورة وضع حد للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل
  • التضامن الاجتماعى بالفيوم: تسليم 833 كشك للأسر الأولى بالرعاية
  • الأوقاف توزع 60 طنًّا من السلع الغذائية للأسر الأولى بالرعاية في 13 محافظة
  • بعد واقعة مؤمن زكريا.. دعاء التحصين من العين والحسد والسحر
  • وزير الإعلام اللبناني يؤكد على ضرورة وحدة اللبنانيين في هذه اللحظات التي يمر بها البلاد