من الممكن أن يحقق التطبيع الكامل للعلاقات بين مصر وتركيا منافع متبادلة للبلدين في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة، لكن لا تزال سياستهما الخارجية تجاه ليبيا تمثل تحديا أمام مستقبل علاقتهما رغم ذوبان جليد الخلافات بينهما، وفقا لخبراء في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد".

وبدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القاهرة في 14 فبراير/ شباط الجاري، بعد أكثر من عقد من الخلافات بين البلدين، منذ الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013.

وقالت رئيسة مركز الدراسات التركية التطبيقية هوركان أسلي أكسوي إن اجتماع أردوغان والسيسي "مهم؛ لأن الصراع بين إسرائيل وحركة حماس (منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، فضلا عن التحديات الاقتصادية المتصاعدة في المنطقة، تدفع هذين اللاعبين الرئيسيين إلى تعزيز تعاونهما في مجالات الأمن والاقتصاد والطاقة".

واستدركت: "لكن لا تزال هناك قضية واحدة مثيرة للجدل، وهي ليبيا. ففي حين أن مصالح تركيا طويلة المدى في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا ترتبط بسياستها في شرق البحر الأبيض المتوسط، خاصة فيما يتعلق بنزاعاتها البحرية مع اليونان وقبرص، فإن ليبيا (جارة مصر) تمثل قضية أمن قومي أساسية لمصر".

وثمة خلاف بين القاهرة وأنقرة بشأن سياستهما الخارجية تجاه ليبيا الغنية بالنفط. ومنذ مطلع عام 2022، تعاني ليبيا من انقسام بين حكومتين، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (شرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقرا لها.

اقرأ أيضاً

أردوغان: نعمل على زيادة التعاون مع القاهرة لوقف المذبحة الإسرائيلية في غزة

منافع متبادلة

"تمثل المنافع الاقتصادية المتبادلة أحد المحركات الرئيسية للتطبيع الأخير للعلاقات بين مصر وتركيا"، بحسب مليحة بنلي التونيشيك، وهي أستاذة بجامعة الشرق الأوسط التقنية.

ورأت أن "التطبيع الأخير فتح المزيد من الفرص لزيادة العلاقات الاقتصادية في التجارة والاستثمار. وتعد مصر الشريك الاقتصادي الأكثر أهمية لتركيا في أفريقيا، ويتوقع الجانبان أن تزداد التجارة الثنائية من 10 مليارات دولار إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة".

وأردفت: "وبينما تحتاج مصر إلى المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، ترغب الشركات التركية في الهروب من ارتفاع تكاليف الإنتاج في تركيا. وفي مواجهة الأزمات الاقتصادية الخاصة بهما، يأمل البلدان في الاستفادة من العلاقات الاقتصادية المتنامية".

فيما قال خليل العناني، باحث زائر في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة، إنه "يبدو أن قادة البلدين أدركوا أن التعاون، وليس الصراع، هو الذي قد يخدم مصالحهما الوطنية، والتي تشمل المجالات الاقتصادية والاستراتيجية والطاقة".

وقدَّر أنه توجد ثلاث فوائد لمصر من استئناف العلاقات مع تركيا، "أولا، تستطيع القاهرة تعزيز اقتصادها المتعثر الذي يواجه تحديات عديدة، فجذب الشركات التركية للاستثمار في السوق المصرية يمكن أن يساعد في تخفيف الأزمة الاقتصادية".

وزاد: "ثانيا، ستستفيد مصر من تطوير قدراتها العسكرية والدفاعية عبر التعاون مع أنقرة، التي تمتلك أسلحة وتكنولوجيا دفاعية متقدمة، وخاصة في الطائرات بدون طيار".

و"أخيرا، فإن التعاون مع تركيا في جهود إعادة الإعمار في ليبيا وغزة من شأنه أن يفيد الاقتصاد ويفتح الفرص أمام القوى العاملة المصرية. كما أن التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك الاستكشاف المشترك وتطوير موارد الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، يمكن أن يكون مفيدا للطرفين"، كما أردف العناني.

اقرأ أيضاً

زيارة أردوغان للقاهرة.. لهذا تنهي مصر وتركيا خلافات 10 سنوات

الحرب على غزة

وبحسب علي باكير، زميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي، فإن "زيارة أردوغان لمصر جاءت في وقت حرج بالنسبة للشرق الأوسط. ونظرا للدعم الغربي لإسرائيل، فإن توقع التأثير الفوري لاجتماعهما (السيسي وأردوغان) على حرب غزة يشكل تحديا".

واستدرك: "هذا لا يعني أن أيديهما مقيدة، ففي الواقع إذا اختارا العمل معا، فإن أفعالهما يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الديناميكيات الإقليمية بأكملها والحرب الإسرائيلية على غزة".

وتابع: "مع ذلك، فقد يختارا التركيز على القضايا المتعلقة بالوضع الإنساني، والعملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح (أقصى جنوبي قطاع غزة على الحدود مع مصر)، وخطط النزوح، ووقف إطلاق النار وجهود السلام لحل الصراع".

و"يمكن أن يساهم اجتماعهما في تشكيل الرأي العام في تركيا ومصر وخارجها، وقد يؤدي إلى معارضة اجتياح رفح والخطط الإسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتسريع الجهود لتحقيق وقف إطلاق النار، وحل الصراع"، كما ختم باكير.

اقرأ أيضاً

مصر وتركيا.. عقد من الخلافات ينتهي بلقاء أردوغان والسيسي في القاهرة (إطار)

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مصر تركيا أردوغان زيارة تطبيع ليبيا اقتصاد مصر وترکیا یمکن أن

إقرأ أيضاً:

طهران تستضيف اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا وإيران

طهران – استضافت العاصمة الإيرانية طهران، الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا وإيران، بمشاركة وزير التجارة التركي عمر بولاط، ووزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني فرزانه صادق.

وفي إطار الاجتماع الذي عُقد في أحد فنادق طهران، اجتمعت وفود من البلدين لبحث فرص التعاون في مجالات التجارة والنقل والجمارك والترانزيت والاستثمار والمصارف والكهرباء والطاقة والزراعة والثقافة والسياحة.

وعقب الاجتماع، تم توقيع عدة مذكرات تفاهم بين تركيا وإيران في هذه المجالات.

كما تم تنظيم منتدى الأعمال التركي الإيراني، بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين من البلدين، وبحضور الوزيرين.

وفي كلمة له خلال الاجتماع، أعرب بولاط، عن أمله في أن تكون مذكرات التفاهم الموقعة مفيدة للبلدين.

وأشار إلى أن تركيا وإيران دولتان صديقتان وجارتان تربطهما علاقات وثيقة.

وأضاف بولاط: “هناك إرادة لدى البلدين لرفع العلاقات الثنائية إلى أعلى المستويات. ونبذل جهودا كبيرة لرفع التجارة مع إيران إلى 30 مليار دولار”.

ولفت إلى أن اتفاقية التجارة التفضيلية الموقعة عام 2015 كانت علامة فارقة لتطوير التجارة الثنائية.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • تركيا ذكية ومفتاح سوريا بيدها.. كيف علق مغردون على تصريحات ترامب؟
  • أردوغان: تركيا لا يمكنها القبول ببقاء المنظمات الإرهابية في سوريا
  • أردوغان: تركيا كدولة في الناتو لا يمكنها القبول ببقاء المنظمات الارهابية في سوريا
  • تركيا وأزمات دولية.. وساطات ناجعة لدبلوماسية فعالة
  • ترامب: تركيا أرادت الاستيلاء على سوريا منذ آلاف السنين ومفتاح البلاد بيد أردوغان
  • بعد الأسد.. هل تمنع تركيا دوراً للأكراد في سوريا؟
  • تفاصيل اتفاق أمريكا وتركيا وإيران لإسقاط بشار الأسد.. تحذير من استخدام حقن التخسيس| أهم أخبار التوك شو
  • ترامب: تركيا الفائز الأكبر في سوريا.. وأردوغان رجل ذكي جدًا أسس جيشًا قويًا للغاية
  • رئيس البعثة الأوروبية: ليبيا بحاجة إلى ميزانية موحدة للتخفيف من المخاطر الاقتصادية
  • طهران تستضيف اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة بين تركيا وإيران