قابلية الاستعمار
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
الطليعة الشحرية
ماذا يحدث في الشارع العربي؟ هدوء أشبه بالقبور، الكل مُتفرج والكل مُشاهِد في صمت، يرتكب الاحتلال الإسرائيلي 11 مذبحة ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 103 شهداء و145 إصابة في 24 ساعة يوم 14 فبراير، ولا نواح ولا بواكي؛ بل وتتسارع الإمدادات للكيان اللقيط المحتل عبر ممر العار وكأنه أمرٌ طبيعي!
هل الاستعمار وراء ما يحدث؟ فكما يقول ابن خلدون "أن المغلوب مولع باتباع الغالب"، وفصّلها المفكر الجزائري مالك بن نبي مُستقرئًا حال الأمة ومراحلها التاريخية في كتابة "شروط النهضة" وصولًا إلى مكمن الداء ألا وهي "القابلية للاستعمار".
يُعرَف الاستعمار على أنَّه سيطرة دولة قوية على دول ضعيفة، من خلال بسط نفوذها واستغلال خيراتها الاقتصادية، وثرواتها الطبيعية، والاجتماعية والثقافية، يرتكز الفكر الاستعماري على نهب الثروات وتحطيم كرامة شعوب، وتدمير إرثها الحضاري وتراثها الثقافي. يفرض المستعمر ثقافته على أنها الثقافة الحضارية الأمثل، وأن ثقافة المحتلُ قادرة على نقل البلاد المحتلةِ من حالة التخلف والجهل إلى مرحلة "التقدم الحضاري". وفي حالات كثيرة كانت تفرض الدول المُستعمِرة على سكان الدول المُحتَلَّة لغاتها وثقافتها الأجنبية، فنجد اليوم الكثير من شعوب الدول التي كانت تحت السيطرة الأجنبية يتحدثون لغات المستعمر ويتصرفون حسب ثقافاته.
من العرق الذي يُفكِّر؟
يتباهى الغرب بتقدُّمه العلمي ويُعزيه إلى عبقرية علمائه، ولا يمكن فصل مسيرة العلم الحديث عن تاريخ الغرب الاستعماري. فقد كان العلم جزءًا أساسيًا في تمكين وتوطيد الاستعمار، وساهم في تعميق النظرة العنصرية ضد الشعوب المستعمرة. واستُخدِم العلم في الدفاع عن الإمبريالية (الاستعمار)؛ باعتباره مُبررًا أخلاقيًا لحُسن النية الاستعمارية اتجاه الشعوب المستعمرة.
فالمشروع الإمبريالي- كما يدّعون- في أصله مشروع خيري يُعزز الصحة والنظافة العامة لدى الرعايا المستعمرين؛ فالاستعمار كان يُحمِّل الرجل الأبيض واجبًا أخلاقيا يُحتِّم عليه جلب الحداثة والحضارة للمستعمرات!! ولا نعلم لماذا توسع الاستعمار الإمبريالي إلى أفريقيا والهند والشرق الأوسط، ولم يشمل الجارة الفرنسية التي ضاقت أزقتها بالقاذورات دهرًا؟!
هل العلم مكرُمة غربية؟
تبرير التحريم بالتحرير، مُبرِّر يريح ضمير ساسة الاستعمار الإمبريالي؛ فالرجل الأبيض أكرم العالم الحديث بالعلوم ووضع نفسه موضع المحكم والمنظر، فلا علم يُقبَل ويعد علمًا حقيقيًا إلّا باعتراف غربي، ولا سياسية اقتصادية واستثمارية تكون صالحة سوى بمؤشر مؤسسات غربية. والبنك الدولي مسؤول عن تمويل البلدان بغرض التطوير وتقليل إنفاقه، إضافة إلى تشجيع وحماية الاستثمار العالمي.
وكلما اتحدت الشعوب أو فصائل تعود سياسة "اذبح البقرة" وهي سياسة مارستها بريطانيا إبان استعمارها للهند؛ فعند اتحاد الشعب الهندي، تلجأ بريطانيا إلى ذبح بقرة من الأبقار (المُقدسة) لدى طائفة الهندوس ووضعها أمام بيوت المسلمين لإلصاق تهمة الذبح بهم. الأسلوب ذاته الذي يستخدمه المنشقون بين مؤيد لحماس وبين من يتهمهم بموالاتهم لحزب وطائفة على أخرى.
وبالنظر إلى الإحصائيات الخاصة بالأبحاث على مستوى العالم لمعرفة كيف يستمر التسلسل الهرمي العلمي، نجد أن التصنيفات السنوية للجامعات في الغالب من قبل العالم الغربي، وهي دائمًا تميل لصالح مؤسساته، كما تُهيمن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية على المجلات الأكاديمية عبر فروع العلوم المختلفة. وما دامت الهيمنة الغربية على العلوم والمعرفة تُقاس حسب مؤشرات وتصنيفات غربية، سيظل طوق الاستعمار مُمتدًا.
العربي والاستعمار
اجتاح العالم العربي الإسلامي الاستعمار طوال القرنين الـ19 والـ20، طُبِعَ خلفه في العقل الجمعي للشعوب العربية المُستَعْمَرَة مرض "القابلية للاستعمار" (بحسب وصف مالك بن نبي)؛ وهو استسلام شبه طوعي للواقع أدى هذا الداء بالشعوب إلى قبول الخنوع والقبوع والوقوع فريسة سهلة المنال في يد جلادها.
فكما هو الحال في اعتبار المشروع الاستعماري "تحريري خيري" وذلك لإيجاد مُبرر مقبول تريح الضمير الغربي الإمبريالي وتعطي مصوغاً أخلاقيا مشروعاً للمحرمات والجرائم المرتبكة من قبل الإمبريالية الاستعمارية في النهاية فالمشروع الاستعماري تحريري خيري وإنساني.
شعوب هذا العالم تنقسم إلى فئتين؛ الأولى تُعاني من عقدة الذنب وصحوة الضمير، وهذه تنطبق على العالم الغربي، والفئة الثانية هي تلك المصابة بداء "قابلية الاستعمار" ويعاني من هذا المرض السواد الأعظم التي رزحت تحت الاستعمار. خلف الاستعمار أفراد يؤمنون بالمفاهيم الاستعمارية ويقبلون الحدود التي رسمها الغربي المستعمر للشخصية العربية؛ بل وقد يكافح وينافخ ويدافع عن الغربي المُستعمِر بشراسة؛ ودلالة ذلك تلك الكيانات الوظيفة التي ساهمت في دعم الكيان اللقيط المُحتل وإمداده بما يحتاج، وفي المقابل يموت عشرات الآلاف في غزة تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي، بينما يشاهد البقية المجازر والتطهير العرقي كمسلسل تلفزيوني معلومة نهايته.
الحرب الصفرية
مَرَّت بالبشرية أربعة أجيال لصناعة الحروب؛ وهي القتال بالسلاح الأبيض، ثم الأسلحة النارية، ومن ثم النووية، وأكثرها خطورة حرب الطابور الخامس تحت شعار "أترك عدوك يحارب نفسه بنفسه"! واختصرها روجيه غارودي الفيلسوف الفرنسي (الذي اعتنق الإسلام في مراحل متأخرة من حياته) بقوله: "يُقاتِل الغرب بالتكلفة الصفرية.. العدو يقتل نفسه.. العدو يدفع ثمن السلاح (للغرب) ثم يقتل نفسه به، ثم يطلبنا العد للتدخل لإنقاذه، فلا نقبل".
لا يمثل الشرق الأوسط والعرب إلّا أعداءً للغرب وإن أخفوا عداوتهم، ولا يمثل الغرب للعرب غير غالبين يتبعونه طواعية واستسلامًا، وذلك باستثمار فئات ظاهرها رفض المطلق للاستعمار، ولكن قلوبهم تطمح للريادة والزعامة، وعقولهم مُستعمَرة طواعية فتنقاد وتُطبِّق سياسيات وتحرك خلايا الساقطين من مشاهير وفنانين وعلماء وأدباء والذباب الإلكتروني لتحريف التوجه العام عن العدو الأول الأزلي والثابت في الذكرة التراكمية العربية والإسلامية بزرع الشقاق والفتن وتشتيت التوجه الثابت بعده توجهات حزبية وطائفية.
الإرهاب الرأس مالي
يتصارع العقل الجمعي الغربي مع ما أفرزته عقدة الذنب لدى الإمبريالي، وتصادمت مع ما أنتجته من معرفة وسُلطة إرهابية، يتزامن ذلك مع انتشار المظاهرات المناهضة للقمع والهيمنة الأمريكية وسياسيها المؤيدة واللا مشروطة للكيان المحتل. وهناك حدثان مهمان؛ أولها: انتشار رسالة ابن لادن للشعب الأمريكي، وثانيها المقابلة التاريخية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المذيع الأمريكي تاكر كارلسون والتي تخطت حاجر 200 مليون مشاهدة.
وتتلخص تلك المقابلة في أنها أسهمت في تفكيك وزعزعة الثقة في العقل الجمعي الغربي وانتشار واسع لفرضيات المؤامرة من هيمنة اللوبي الصهيوني والدولة العميقة. كل تلك ما هي إلّا مؤشرات على دخول العالم إلى حقبة جديدة ومُغايرة تتجاوز الحقبة الاستعمارية وما بعدها وما بعد الحداثة التي عانها أسلافنا.
سيتجاوز العالم النظام المعرفي الاستهلاكي القائم على مراكز البحوث ومعاهد الدراسات الأمريكية والأوروبية التي تخدم الإمبراطورية الرأسمالية، وعلينا كشعوب عربية التحرر من جلد الذات والاستسلام لمرض "القابلية الاستعمار".
"قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ"
كفار قريش لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وعلى الشعوب والأنظمة العربية المكتفية بالمشاهد بما يحدث في غزة ورفح من تطهير عرقي وزر لن يُمحى أما أن تنفض هذه الشعوب اتكاليتها وتقضي على داء استشرى واستوطن في جسدها طوال قرنين وإما أن تقبع في قالب من العار المتوارث عبر الأجيال.
لن يتحقق التغير بمؤسسات وإدارات وكيانات وظيفية يتطلب التغير اصلاح ذاتي فالإرادة الشعبية للبقاء تتطلب ثورة فكرية وتجديدا سلوكيا مغايرا بعيدًا عن الاستسلام والمسالمة الطوعية للاستكانة.
وأولى خطوات التحرير، تتمثل في الاعتراف بالداء والعمل على التخلص منه، وتصفية الفكر من "قابلية الاستعمار"، ولن يتحقق ذلك إلّا بإعادة النظر إلى منظومة التعليم ووضع مناهج تُحفِّز الاستنباط والتحليل والتركيب والاستنتاج والاستقراء، وخلق الدافعية للإبداع والتجديد في نفس المُتعَلِم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"الشائعات والحروب النفسية" ندوة بمجمع إعلام بنها
نفذ اليوم مجمع إعلام بنها بالتعاون مع مجلس مدينة شبين القناطر بالقليوبية برئاسة الدكتورة سلوى أبو العينين ندوة تثقيفية تحت عنوان “الشائعات والحروب النفسية.. السلاح الجديد لنشر الفوضى وهدم الدول” ضمن فاعليات الحملة الإعلامية “اتحقق.. قبل ماتصدق” التي أطلقها قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة العامة للاستعلامات من خلال مراكزه المنتشره بجميع محافظات الجمهورية في الفتره من 15 ديسمبر 2024 حتى نهايه شهر يناير 2025.
تحت إشراف الدكتور أحمد يحيى رئيس قطاع الإعلام الداخلي للتوعية بمخاطر الشائعات وضروره مواجهتها حيث تستهدف الإضرار بالدولة المصريةواستقرارها ومنجزاتها والمساس بوحدة الشعب وتماسكه وثقته في مؤسساته الوطنية.
حاضر في الندوة، الدكتور أحمد إبراهيم الشريف - رئيس مجلس أمناء مؤسسة القادة للعلوم الإدارية والتنمية، الشيخ أحمد فتوح فيفي - واعظ بالأزهر الشريف بالقليوبية، الشيخ محمد محمد صابر - واعظ بإدارة أوقاف شبين القناطر.
بدأ اللقاء بكلمة ريم حسين عبدالخالق، مدير مجمع إعلام بنها مؤكدة أن الشائعات تعتبر من أهم أسلحة وأدوات الحروب الحديثة التي يتم استخدامها في هزيمة العدو نفسيا ودفع الجمهور المستهدَف إلى الشعور بالعجز عن تحقيق الانتصار أو تحقيق إنجازات في مجال الاقتصاد أو السياسة أو العلم وهذا يؤدي إلى الارتباك والتوتر بين الشعوب وزيادة شعورها بالعجز وانهيار خططها.
كما تسهم في نشر حالة من الغموض والإضطراب من شأنها تفكيك النسيج الإجتماعي للشعوب وإثارة الحروب الأهلية وزيادة سخط الشعوب وغضبها على نظم الحكم وتصوير هذه النظم بعدم الكفاءة في مواجهة التحديات، أو الفشل في التوصل إلى حلول لمشكلات الشعوب.
مضيفة أن استخدام الشائعات في الحرب النفسية يؤدي إلى تضليل الشعوب وتزييف وعيها، وفي الكثير من الأحيان تعجز الشعوب عن التمييز بين الشائعة والخبر نتيجة خلط الحقائق بالأكاذيب ونقل أنصاف الحقائق واستخدام المعلومات التي تشجع على العنصرية والكراهية العرقية والدينية وهدم الثقة بمؤسسات الدولة الوطنية، في الوقت التي أصبحت تنتقل الشائعات فيه بسرعة البرق عبر الاتصال الشخصي ووسائل التواصل الإجتماعي ومواقع الإنترنت فإطلاق شائعة واحدة في توقيت معين يمكن أن يؤدي إلى إشعال نيران حرب حقيقية ويمكن أن يؤدي إلى أحداث غير متوقعة فالشائعات أكثر خطورة من القنابل النووية ويمكن أن تؤدي إلى إطلاق تلك القنابل.
مما بات من الضروري أن يتحلى الجميع بالوعي الكامل وإدراك المسؤولية الوطنية، فالمواطن المخلص يجب أن يكون خط الدفاع الأول ضد الشائعات، كما أن تماسك المصريين ووحدتهم هو العامل الأول والأهم في الحفاظ على الدولة المصرية واستقرارها فهو القادر على مواجهة وإفشال مخططات الفتنة وسط محاولات ضرب الثقة بين الدولة والمواطن وتشويه الإنجازات، حيث أصبح استهداف الجبهة الداخلية أحد أهم الأدوات التي تعتمد عليها مخططات الهدم والتخريب.
كما تحدث الدكتور أحمد الشريف مؤكدا أن الحرب النفسية هي "حرب العصر"، حيث أنها حرب تغيير السلوكيات والقناعات، وميدانها الشعوب والأفراد مدنيين كانوا أم عسكريين، وهي من أخطر الأسلحة لأنها تقوم على إضعاف معنويات الخصم وتحطيم إرادته وهنا مكمن قوتها، وتلك الحروب تعتمد على دراسة المناعة النفسية للشعوب، والتي تُبنى على الوعي الجمعي وآليات الدفاع النفسي، وهذه المناعة تتمثل في ردود فعل الأفراد والمجتمع تجاه الأزمات، كما أنّ المجتمع المصري يُستهدف بناءً على خطط ودراسات تستغل نقاط الضعف لمحاولة زعزعة استقراره وثقته في مؤسساته.
وتعتبر الحرب النفسية السلاح الأقوى في حروب الجيل الرابع والخامس وذلك من خلال الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي التي تستخدم فيها كل فنون الشائعات والتي لا يتم إطلاقها عشوائيًا، ولكنها تبنى على دراسة نفسية دقيقة، وخاصة لو كانت تستهدف أمرًا جللًا، مثل " إسقاط الدول " ولهذا فالشائعة المدروسة لا تبدأ بكذبة، ولكن بذرة من الحقيقة التي يسهل التأكد منها ثم يبنى عليها جبل من الأكاذيب.
وأشار إلى أن صنع الشائعات وترويجها سيظل جزء من حرب نفسية طويلة المدى، من أجل تضليل الشعوب وتزييف وعيها، وهو ما يتطلب تعزيز الوعي لتسليح المواطن المصري، وأن صناعة الوعي هو الحل الأمثل لمواجهة هذا الخطر والعمل علي نشر ثقافة الوعي والمعرفة الصحيحة، لتمكين المواطن من أن يكون على دراية بالمستجدات الحقيقية، وأن يمتلك القدرة على التمييز بين الأخبار الصادقة والمزيفة كما أن تعزيز الوعي يساعد المواطنين على أن يكونوا أكثر قدرة على مواجهة الأكاذيب وعدم الانجراف وراء المعلومات المغلوطة التي تروج لها جهات قد تسعى لتحقيق أجندات خاصة.
وأكد على أن مخططات هدم الدول قائم الآن، والدولة القوية هي التي تحمي مؤسساتها الوطنية وتحافظ عليها بتماسك ووحدة شعبها، كونه السبيل الوحيد للتصدى لسيناريوهات الفوضى التي يتم رسمها الآن، لافتًا إلى ضرورة النظر إلى ما يحدث في سوريا وانعكاساته على المنطقة العربية كلها وأخذه في عين الاعتبار، فالتكاتف الوطني أولوية للحفاظ على استقرار الدولة المصرية.
وفي سياق متصل استعرض أهم مشروعات وإنجازات الدولة المصرية خلال العقد الأخير وأبرز الشائعات التي تنال من هذه الإنجازات كمحاولة خبيثة لهدم وإسقاط الدولة المصرية باعتبارها الجائزة الكبرى بعد كل محاولات الهدم والتخريب التي نالت من منطقة الشرق الأوسط مؤكدا على أن الوطن خط أحمر ويجب أن يساهم الجميع في رفعته والإعلاء من شأنه.
كما تحدث فضيلة الشيخ أحمد فتوح مؤكدًا على أن كل النصوص الشرعية من الكتاب والسنة حرَّمت المشاركة فيما يعرف بترويج الشائعات وترويج الأكاذيب والأقاويل غير المحققة والظنون الكاذبة دون التأكد من صحتها بالرجوع إلى المختصين والخبراء بالأمور قبل نشرها ؛ لأنه يؤدي إلى انتشار الفتن والقلاقل بين الناس.
وأوضح أن مروجي الشائعات يهدفون إلى زعزعة استقرار الأوطان بالأخبار المساهمة في نشر الاضطراب والفوضى كما جاء في قوله تعالي: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 41].
فالإسلام يحرم إشاعة أسرار المسلمين وأمورهم الداخلية مما يمس أمنهم واستقرارهم، حتى لا يعلم الأعداء مواضع الضعف فيهم فيستغلوها، أو قوتهم فيتحصنوا منهم.
ولو تدبرنا ما قصه القرآن الكريم عن النبى محمد صلي الله عليه وسلم، لوجدنا أنَ المشركين والمنافقين قد حاولوا كثيرًا اتهامه بالإشاعات الكاذبة ، والتهم الزائفة، حتي ينفض الناس عنه وعن دعوته، التي تقوم علي وجوب إخلاص العبادة لله الواحد القهار وعلي التحلي بمكارم الأخلاق.
واختتم أن الشائعات تعتبر تهديدًا حقيقيًا للأمن الاجتماعي والسياسي، ويجب أن تتضافر جهود جميع فئات المجتمع لمواجهتها، من خلال التوعية والتثقيف وتعزيز الشفافية، ويمكن للمواطنين أن يصبحوا حصنًا منيعًا ضد هذه الظاهرة مما يسهم في بناء مجتمع أكثر استقرارًا وأمانًا.