حاج ماجد: رحلتي مع البحث عن العلاج (1)
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
سأحكي في هذا المنشور وربما منشور لاحق رحلتي في البحث عن العلاج ، والتي تعكس جزء بسيط من معاناة المرضى في بلادي بعد حرب المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية و داعميها في الداخل و الخارج التي بدأت في 15 أبريل من العام الماضي عندما قامت بمحاولة الإستيلاء على السلطة بالقوة ، ثم ما لبثت أن تحولت إلى حرب مدمرة إستهدفت كل شيئ حيث لم يسلم منها و من آثارها بيت في السودان !!
حرب تعتبر الأبشع و الأقذر حيث تفوقت في بشاعتها و قذارتها على حروب ( ا ل ك ي ا ن) في عصرنا الحديث و ماثلت حروب المغول و التتار في القرن الثالث عشر الميلادي !!
حرب راح ضحيتها عشرات آلاف المدنيين و مثلهم من المختطفين و المخفيين قسريا ، و مارست فيها المليشيا و مرتزقتها الإبادة الجماعية و التطهير العرقي حيث قتلت أكثر من 20000 من قبيلة المساليت في ولاية غرب دارفور بل و دفنت بعضهم أحياء ، قامت بالإغتصاب و الإستغلال الجنسي لمئات الحالات المثبتة و من بينهن قاصرات ، سرقت و نهبت الأموال من البنوك و المتاجر و المنازل ، إحتلت منازل المواطنين الذين أجبرتهم على الخروج منها و نهبت كل محتوياتها ، دمرت المصانع و المزارع و المعامل ، حطمت الجامعات و دور العلم و مراكز البحوث و الدراسات ، حرب قامت فيها المليشيا بتدمير المستشفيات و تخريب الأجهزة و المعدات و نهب الأدوية ثم حولت ما تبقى من مبانيها إلى ثكنات عسكرية و مخازن للسلاح و الذخائر و المحروقات ، حرب لم تسلم منها حتى دور إيواء المسنين و الأطفال فاقدي السند !!
حرب إستهدفت محو تأريخ و ذاكرة الوطن من خلال تدمير السجلات و الإرشيف و دار الوثائق المركزية و غيرها و غيرها ،، إنها ببساطة حرب تدمير الدولة السودانية بكل ما حوت : تأريخها ، حضارتها ، قيمها ، موروثاتها ، بنيتها التحتية و مؤسساتها الإقتصادية ، إنها حرب تدمير كل شيئ !!
حرب بهذا المستوى و الحجم بالتأكيد أثرت على حياة الناس في كل جوانبها بصورة مباشرة ، و بصفة خاصة كان التأثير الأكبر على قطاعات الخدمات التعليمية و الصحية و المياه و الكهرباء .
بدأت رحلتي في البحث عن العلاج عندما ذهبت لأحد مراكز العيون لإجراء كشف عادي للنظر بعد أن أصبح مستوى الرؤية في تراجع مستمر فكانت النتيجة أنني فشلت في كل الإختبارات فنصحني أختصاصي البصريات بضرورة مقابلة إختصاصي الشبكية خاصة بعد معرفته بأنني أعاني من مرض السكر منذ حوالي 27 سنة ، فقمت بالحجز للمقابلة و كانت أقرب فرصة بعد أسبوع ، و بالفعل تمت المقابلة و بعد الكشف و المراجعة كان قرار الطبيب أنني بحاجة لإجراء عملية للشبكية و قال لي إن هذه العملية لا يمكن إجراءها إلا في مستشفى مكة بمدني بعد أن قامت المليشيا بإحتلال كل المستشفيات و المراكز المتخصصة في ولاية الخرطوم ، و كان معظم كبار الإختصاصيين قد إنتقلوا إلى مدني التي توجد بها بنية و نظام صحي جيد و مستشفيات و مراكز مؤهلة .
بدأت الإستعداد للتوجه إلى مدني و تواصلت مع بعض الأهل و المعارف و الأصدقاء هناك للحجز و ترتيب السكن لي و للمرافق ، و قبل أن أتوجه إليها شاءت الأقدار أن تدخلها المليشيا و تكرر فيها نفس ما قامت به في الخرطوم .
أزاء ما حدث في مدني كان لا بد من البحث عن البديل فبدأت أنا و الأسرة و الأصدقاء في التواصل مع عدة مدن و مستشفيات و كانت مهمة صعبة و أخيراً وقع الإختيار على مستشفى الضمان في مروي (المستشفى الصيني) و تم الترتيب للرحلة إلى هناك .
أواصل بإذن الله
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
16 فبراير 2024
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: البحث عن
إقرأ أيضاً:
مخطط تدمير الوعى
الوعى هو إدراك الفرد لما يدور حوله متفاعلا مع بيئته المحيطه به، وقدرته على الشعور بالأشياء المحيطة به وفهمها بما يتلاءم مع تجاربه اليومية.
عذرًا.. لقد أصبحنا مجتمعًا معظمه هش فى بنيانه، يعانى أمراضا نفسية مزمنة، يتحكم فى مفاصل حياته مخطط مدمر من اللاوعى الجمعى المبنى على انحلال أخلاقى وفكرى، وأصبحنا أسرى مسلوبين الإرادة، سعداء بالعبودية المتحكمة فينا دون وعى، عبودية التحضر الشكلي، التى تجذرت بداخلنا حتى تمكنت من روابطنا الاجتماعية، جردتنا تقاليد وعادات متأصلة، واستبدلتها بسرطان مشوه ومدمر لأجيال قادمة ستعانى الأمرين.
من هنا.. ندق ناقوس الخطر، بل نحذر من تأصل اللاوعى.. يا أهل هذا الوطن.. توجسوا من غياب الوعى، فالشعوب المتأخرة تفتقد للوعى والإبداع، وتقدم الدول ونهضتها، يكون الوعى فيه لاعبًا محوريًا يبنى عليه تطور المجتمعات، التى تحقق الرخاء والاستقرار، ويتعزز لديهم الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، ما يؤدى إلى مزيد من المشاركة الفعالة فى القضايا العامة والتنمية، فالوعى لا يتعاظم إلا بتعاظم التعليم والثقافة وممارسة الحرية، وإعلام حر متطور دون قيود.
فهناك شبه إجماع على هناك تلاعب بالوعى الجمعى للمواطن لتشويه أفكاره، والإصرار على نشر معلومات مضللة أو حجب الحقائق حول قضايا معينة، بحيث يتم توجيه الرأى العام بما يتناسب مع مصالح معينة، وتغييب الوعى يرتبط طردياً بتقييد التعليم، وتتحقق كل خطوات تنفيذ اللاوعى، بالإعلام الموجه وذلك عن طريق استخدام وسائل إعلام تبرز جوانب معينة وإخفاء جوانب أخرى، يتم تشكيل عقلية المجتمع بصورة تخدم مصالح معينة وتبعده عن الوعى الكامل بقضاياه وحقوقه، ترويج الخرافات هى القاطرة الحقيقة لترسيخ العادات السلبية، التى من شأنها تعيق تطوير وعى حقيقى مبنى على العلم والمنطق، مع التركيز على الترفيه المفرط من خلال التشجيع والتركيز على البرامج الترفيهية والإستهلاكية التى تلهى الناس عن التفكير فى قضاياهم الأساسية أو تطوير أنفسهم.
فهذا التغييب المتعمد للوعى يؤدى فى النهاية إلى إضعاف قدرة الأفراد على العدالة المجتمعية أو مواجهة الفساد، ما يسهل السيطرة عليهم من قبل القوى المستفيدة.
مما لا شك فيه أن هناك غيابا نسبيا للوعى فى مصر، فالإعلام بوجه عام يواجه اتهامات بتغييب الوعى، بتقديم محتوى ترفيهى مدمر على حساب القضايا المهمة، ما يجعل الناس أقل اهتمامًا بالقضايا الجوهرية، ويحول اهتمامهم نحو البرامج السطحية بل المدمرة التى لا علاقة لها بالعادات والتقاليد التى هى تراث تاريخى شكل وبلور الشخصية المصرية التى تآكلت بشكل واضح منذ ١٩٥٢ وزاد فى ٢٠١١.
ما يحدث فى الإعلام يحدث تقزم هيكلى فكرياً وإنسانياً وثقافيًا واجتماعيًا وسياسيًا، نعم.. هناك مخطط مدمر.
وتوجه إعلامى لتوجيه الرأى العام بما يتوافق مع مصالح معينة، حيث يتم التركيز على جوانب معينة وتجاهل أخرى، بهدف إبعاد الناس عن الحقائق التى تؤدى إلى تكوين وعى مشوه أو ناقص بالقضايا الأساسية، ونقص التنوع فى الآراء، فعندما يقتصر الإعلام على وجهات نظر محددة ويهمّش الآراء المخالفة، يُعيق ذلك تكوين صورة شاملة ومتوازنة لدى الجمهور حول القضايا السياسية والاجتماعية، ويجعل المجتمع أقل قدرة على تحليل الأمور من زوايا مختلفة، التعمد الممنهج فى عدم الاهتمام بالنقاشات الثقافية والتوعوية، سببًا فى تنامى اللا وعى، فعدم تجاهل النقاشات الفكرية والثقافية، ترفع الوعى وتزيد من إدراك الناس للمشكلات الحقيقية وكيفية معالجتها، بدلًا من التركيز على قضايا ثانوية أو سطحية.
يعتقد بعض الباحثين والمحللين أن هناك محاولات مقصودة فى بعض الدول، بما فى ذلك مصر، لتغييب الوعى العام أو توجيهه بطريقة تخدم مصالح معينة، سواء من جانب جهات سياسية أو اقتصادية أو أجتماعية. ورغم أن هذا الأمر ليس دائمًا ظاهرًا بشكل واضح، إلا أن هناك بعض الأساليب التى يُعتقد أنها تُستخدم بشكل منهجى للتأثير على الوعى وإضعاف قدرة الأفراد على التحليل والنقد والمشاركة الفعّالة.
واختصارًا.. من المؤكد أن هناك مخططاً لتغييب الوعى المصرى والعربى، بالسيطرة على الإعلام وتوجيهه، والتركيز على الترفيه المدمر للعادات والتقاليد، بهدف إبعاد الناس عن التفكير المتزن بالقضايا الوجودية، وجعلهم أقل وعيًا بمحيطهم، تشجيع الخرافات، ليظل الجمهور منشغلًا بقضايا هامشية بدلًا من الاهتمام بتطوير فكر نقدى وعقلانى، مع تكثيف مخطط التضليل والإشاعات، التى تبنى تصورات مشوهة لدى الناس، وتنتشر الشائعات التى تقود إلى الخوف أو عدم الثقة وتبعدهم عن التفكير العقلانى، إهدار التعليم، ومحاولات تهميشه وتدميره كلياً.
[email protected]